تواجه الدبلوماسية المصرية اليوم اختباراً صعباً، حيث تعقد الجمعية العامة للأم المتحدة جلستها الخاصة بالتصويت على اختيار الأعضاء الجدد غير دائمى العضوية بمجلس الأمن لعامى 2016، 2017. وتشير مؤشرات عديدة الى ارتفاع فرص مصر فى اقتناص مقعد بمجلس الأمن للمرة الخامسة فى تاريخها منذ مشاركتها فى تأسيس الأممالمتحدة عام 1945، حيث تحتاج الى الحصول على «129» صوتاً بما يعادل ثلثى الأعضاء البالغين «193» دولة عضو بالأممالمتحدة، قبل اعتماد القرار من مجلس الأمن، وهو الأمر الذى يحتاج لموافقة «9» أعضاء، شرط أن يكون من بينهم الدول الخمس دائمة العضوية. وتحظى مصر بفرصة كبيرة باعتبارها مرشحة الاتحاد الأفريقى مع السنغال عن قارة أفريقيا، وممثلة المجموعة العربية إضافة الى توافر دعم دولى من دول ذات تأثير كبير مثل روسيا والصين واليابان وفرنسا والمانيا وايطاليا، والعديد من دول آسيا وأمريكا اللاتينية التى أعلن بعضها عن تصويته لصالح مصر. المؤشرات الجيدة يقابلها بعض المخاوف، خاصة وأن هناك العديد من الدول تتناقض مصالحها مع و جود مصر كعضو فى مجلس الأمن مثل أمريكا وتركيا وايران وقطر، فضلاً عن دول لم تفصح عن موقفها بعد. وبذلت مصر جهوداً على مدار العام الماضى لحشد الأصوات اللازمة لدعمها فى الحصول على مقعد بمجلس الأمن بعد غياب «19» عاماً، قاده الرئيس «السيسى» حينما دعا أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال كلمته التى ألقاها بالدورة «69» الى دعم ترشيح مصر للمجلس، وكان ذلك كما أشارت وزارة الخارجية فى بيان لها فى إطار استراتيجية شاملة سواء من خلال زيارات الرئيس الخارجية، أو مشاركته فى الاجتماعات واللقاءات الدولية المهمة مثل قمة المناخ وقمة مكافحة الإرهاب وكذلك تنظيم منتدى «سيدى عبدالرحمن» بالعلمين فى أغسطس الماضى بحضور المندوبين الدائمين للدول الأعضاء بالأممالمتحدة. بالإضافة الى الزيارات التى قام بها سامح شكرى وزير الخارجية للدول ذات الثقل فى مختلف القارات، وإيفاد مبعوثين لرئيس الجمهورية لقادة ورؤساء «أغلب الدول». كما تم توزيع كتيب عن دور مصر ومشاركتها الفعالة فى كافة أنشطة الأممالمتحدة والفعاليات الإقليمية والدولية وسعيها لتعزيز العمل الدولى لتحقيق الأمن الجماعى، ودعم الاهداف الواردة فى أغراض ومبادئ الميثاق. وأشار الكتيب كذلك الى مشاركة مصر فى تأسيس المنظمة الدولية عام 1945 ضمن «51» دولة آنذاك بالاضافة لدورها فى تأسيس العديد من المنظمات الدولية ذات الصلة مثل جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الافريقية، منظمة المؤتمر الاسلامى وحركة عدم الانحياز. وأبرز الكتيب كذلك مساهمة مصر الفعالة فى عمليات حفظ السلام منذ عام 1960 وحتى الآن، حيث شاركت فى «37» بعثة حفظ سلام تتواجد فى «24» بلداً أفريقياً واسيا وامريكا، وتساهم حالياً ب«2569» مشاركاً. ونوه الكتيب كذلك بانتخاب د.بطرس غالى أميناً عاماً للأمم المتحدة فى يناير 1992 ولمدة خمس سنوات. وتتبنى مصر رؤية شاملة لإصلاح وضع الأممالمتحدة خاصة فيما يتعلق بتوسيع عضوية مجلس الأمن، بما يكفل زيادة تمثيل الدول النامية وتحقيق التمثيل الجغرافى العادل، وديمقراطية صنع القرار داخل المجلس، وكانت قد اقترحت تمثيل قارة إفريقيا بعضوين دائمى العضوية بالمجلس، وهو الأمر الذى تعارضه الولاياتالمتحدةالأمريكية بشدة. يذكر أن مجلس الأمن يعد أحد أهم الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة ويعمل على تحقيق أهدافها وأهمها حفظ السلم والأمن الدوليين، وفى هذا الإطار يملك المجلس وحده سلطة اتخاذ قرارات قانونية ملزمة للأعضاء، وله سلطات واسعة بدءاً من القيام بمهام التحقيق والوساطة، ومروراً بفرض العقوبات الاقتصادية والمالية وانتهاء بحق استخدام القوة العسكرية، طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة. ويتكون مجلس الأمن من «15» عضواً منهم «5» أعضاء دائمى العضوية لهم حق الفيتو أو الاعتراض وهم روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وأمريكا و«10» دول غير دائمى العضوية، يتم انتخابها من الجمعية العامة لمدة عامين شاملين «5» مقاعد لأفريقيا وآسيا على أن تكون من بينهم دولة عربية آسيوية وأفريقية بالتبادل، و«2» لدول أوروبا الغربية و«2» لدول أمريكا اللاتينية و«1» لدول أوروبا الشرقية. ويمثل حصول مصر على مقعد بمجلس الأمن إنجازاً مهماً للسياسة الخارجية المصرية خاصة وانها ستكون المرة الخامسة لها، بينما لم تشارك فى عضوية المجلس حوالى «60» دولة كما سيتيح ذلك لمصر فرصة للتأثير فى اتجاهات القرار الدولى فى ظل الظروف الإقليمية الصعبة التى تمر بها دول المنطقة سواء سوريا أو العراق أو اليمن بالإضافة إلى تصاعد الأحداث فى فلسطين وتنامى ظاهرة الإرهاب الدولى وسيمثل اعترافاً جديداً بمكانة مصر الاقليمية، ودعماً للتوجهات التى تبنتها فى أعقاب ثورة 30 يونية.