كم من قصائد الشعر التي قيلت في الاسكندرية، وكم من صوت فتن بالمدينة التي احتلت فيما مضى موقعاً متقدماً بين المدن الأجمل عالمياً قبل أن تتحول المدنية الى مقلب زبالة كبير في السنوات الأخيرة من زمن الديكتاتور المخلوع مبارك وبعد حلول شمس ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي راهن عليها أهل الاسكندرية لتعيد بهاء المدينة المفقود بعد أن أصبحت شديدة الشبه بالمدن الخارجة لتوها من الحروب، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان فقد ازداد وضع عروس المتوسط بؤساً وتضاعف حجم المعاناة التي يتعرض لها الأهالي.. غير أن الفقراء الذين يقطنون المدينة نالوا النصيب الأكبر من الشقاء والمعاناة بعد أن تعامل من تولوا مقعد المحافظ مع المدينة باعتبارها أداة لجمع الضرائب ومصدراً لفرض الاتاوات، فكل خطوة تخطوها بمقابل ومجرد التفكير في أن تقترب من الكورنيش غير مأمونة العواقب بعد أن صادرت المحافظة معظم الشواطئ وجعلتها حكراً للقادرين على الدفع فيما تحول الفقراء لعبء على المحافظ ومن معه الذين باتوا يتعاملون مع محدودي الدخل كقوة احتلال تسحق الضعفاء لصالح الاثرياء.. وفي الوقت الذي كانت المحافظة قبل عقود تمثل عامل جذب للمصطافين تحول الأمر سريعاً للنقيض خاصة بعد الاهمال الذي تتعرض له عروس البحر والذي يتمثل في غياب الخدمات خاصة تلك التي تشوه شكل المحافظة وتدفع للتفكير في الرحيل عنها بعد أن كانت اداة جذب وحلماً بالنسبة للملايين للانتقال إليها. تعانى الإسكندرية منذ سنوات من مشكلة القمامة، تلك المعضلة التي استشرت في كل حارة وشارع بشرق وغرب المدينة، طالت المناطق الراقية قبل الفقيرة، بل زحفت إلى رمال الشواطئ ومياه البحر !! حرب القمامة.. كما - وصفها هاني المسيرى محافظ الإسكندرية والتي رفع فيها «الراية البيضاء» أمام تلال القمامة التي ناطحت عقارات ومباني ببعض المناطق، ناهيك عن التلوث والإمراض التي تهدد المواطنين نتيجة.. لتراكم القمامة بالشوارع مع الارتفاع الخطير بدرجات الحرارة في شهر أغسطس الملتهب. فلم يعد غريباً في الإسكندرية أن ترى صندوق القمامة مكتظاً ويمتد لنصف شارع أو قد تجد قمامة بلا صندوق من الأساس والمفارقة إن كلاهما تبعث روائح كريهة وتؤدى إلي انتشار الأمراض، ومحافظة الاسكندرية رغم الوعود إلا أنها غائبة عن الحلول. «الوفد» رصدت.. بؤراً جديدة.. للتلوث تشوه من شكل وسمعة عروس المتوسط مما يؤثر على مستقبل السياحة التي تعد من مصادر دخل المحافظة بعد أن حاصرت القمامة العديد من الشواطئ والموانئ وأبرزها «الميناء الشرقي» أقدم مواني العالم والمسجل بمجلد الإسكندرية واليونسكو، تلك المنطقة التي عرج إليها الأسر الفقيرة في محاولة منها لاستنشاق نسمة هواء وسط تلال القمامة ومخلفات البناء التي زحفت للصخور ومياه البحر، بعد إن «خصخصت» محافظة الإسكندرية على مدار عقدين «الماء والهواء على شط الإسكندرية» عن طريق قرارات تخصيص شواطئ لفنادق ورجال إعمال بطول كورنيش الإسكندرية من أبوقير حتى رأس التين، ماعدا شاطئ مجاني بمنطقة جليم، تلك الشواطئ الخاصة التى وصل رسوم دخولها في اليوم إلى 450 جنيها وشواطئ أخرى مؤجرة تفرض على مرتاديها مشروبات إجبارية بها لاتقل أسعارها عن 200 جنيه لأسرة مكونة من خمس أفراد، حتى ممشى التنزه بالكورنيش قامت محافظة الإسكندرية بتأجيره بمناطق كليوباترا وسبورتنج، لم نجد شاطئاً يسمح بدخول الأسر الفقيرة إلا شواطئ مواجهة لميدان مسجد أبو العباس والتى تغطى رمالها وصخورها القمامة ومخلفات البناء والتي زحفت لمياه البحر وتلك الشواطئ يسيطر عليها أشخاص وشواطئ ينتشر عليها «تدخين الشيشة» وبجوار تلك الشواطئ، شاطئ مستأجر لأحد الأشخاص «نادي غطس» منذ سنوات قبل الثورة، يطوق الشاطئ بأسوار من الأخشاب المطلية باللون الأسود وتحجب البحر والرؤية وبجواره مطعم للأسماك شهير مكون من طابقين وشاطئ آخر مخصص للرياضيات المائية وآخر للغطس وكل منهما ضرب سياجاً من الحديد وألواحاً تحجب الرؤية تحت سمع وبصر المسئولين بمحافظة الإسكندرية، ناهيك عن مخلفات الصرف الصحي التي تصرف نفاياتها عبر تلك الشواطئ والمطاعم على البحر مباشرة!! والغريب أن احد الشواطئ المستأجرة بالمنطقة، قام مستأجرها بتغطية رمال الشاطئ ببلاط «السيراميك والاسمنت» وقامت بالتعدي على سور الميناء الشرقي بشق فتحات لدخول زبائن الشاطئ. المسيرى يعترف بعد تفاقم أزمة القمامة والتي وصلت إلى ذروتها في الآونة الأخيرة سعى هاني المسيرى محافظ الإسكندرية لمواجهة الغضب الجماهيري عبر بيان اعترف خلاله بأن شركة (نهضة مصر) المسئولة عن جمع القمامة، تعتمد على مقاولين من الباطن وهم يمثلون معظم طاقتها، وهذا نظرا للتزايد المطرد بكم المخلفات، إلا أنها تدين لمقاولي الباطن بالملايين لم يتم سدادها، ولذا تعمل المحافظة على صرف بعض المبالغ إلا أن غرامات الرصد البيئي الموقعة على الشركة تعوق دون صرفها، ويتم التفاوض حاليا للوصول إلى حلول حتى ينتظم المقاولون في عملهم في رفع المخلفات. ونوّه «المسيرى» بأنه عندما تولى منصبه، كانت مديونية المحافظة للشركة آنذاك 80 مليون جنيه تقريباً فسعى لسد المديونية للدفع بعجلة العمل وتدعيم الشركة لرفع كفاءتها لينعكس على الشارع السكندري، إلا أن حجم المخلفات الناتج يوميا تزايد بشكل يفوق قدرة الشركة والمقاولين والأيدي العاملة، حيت تنتج الإسكندرية حوالي 4000 طن قمامة يوميا بالشتاء، ويصل الناتج إلى 5500 طن أو أكثر يومياً خلال الصيف. كما انتقد «المسيرى» انتشار «النباشين»، الذين يقومون بإخراج أكياس القمامة من الصناديق وفرزها في الطريق للاستفادة من بيع المخلفات الصلبة مثل البلاستيك والصفيح والكرتون ثم يتركون المكان بعد الفرز بعد أن امتلأ الطريق العام بالمخلفات، وهي الظاهرة التي تتفاقم في الأحياء الراقية بسبب الكميات الضخمة من المخلفات الصلبة القابلة للبيع وإعادة التدوير. وأكد «المسيري» أن عدم الالتزام بنظام آمن للتخلص من المخلفات، أصبح من أهم أسباب تفاقم أزمة القمامة، خاصة في ظل عدم اكتراث معظم المواطنين برمي القمامة في المواعيد المخصصة في المناطق التي بها مواعيد محددة، فتكون النتيجة أن يلجأ أغلبية السكان للتخلص من القمامة في أي وقت مناسب لهم خلال اليوم. كما أشار إلى عدم توافر أماكن كافية لنقل القمامة إليها، حيث تسلمت شركة نهضة مصر المواقع من شركة فيوليا وهى متكدسة، وكانت قد تعرضت المحطات للنهب والسرقة في فترة الثورة مما أدى إلى غلق محطة أم زغيو حتى الآن. المحافظ يتهم البدو أما عن مشكلة المدافن الصحية، فقد أوضح «المسيري» أن البدو بمنطقة برج العرب يحولون دون قيام الشركة باستخدام المدفن الصحي بالمنطقة، مما اضطرها إلى استخدام المدفن الصحي بمدينة الحمام (الكيلو 52)، وبالتالي تتضاعف تكلفة النقل بسبب بعد المسافة مما يحمل الشركة ما يعادل 5 ملايين جنيه شهريا تكلفة إضافية، كما تواجه المحافظة أعباء اضافية نظرا لازدياد القرى السياحية بالساحل الشمالي، حيث قام بالفعل بعض أصحاب هذه القرى السياحية بإرسال استغاثة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لوضع حلول للتغلب على التلوث الناجم عن المدفن القريب من تلك القرى مما يفسد على المصطافين حياتهم. واعترف المحافظ بحجم المشكلات الناجمة عن تلك الأزمة، مؤكداً سعي المحافظة بكافة السبل للوصول الى حلول لها داعياً الجمهور لتفهم حجم المشكلة والوقت اللازم لحلها وناشد كل مواطن عدم إلقاء القمامة في غير المواعيد المحددة، والتخلص منها فقط في الأماكن المخصصة لها للحد من ظاهرة النباشين». مخالفات النظافة بالملايين كشف تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات خاص بمحافظة الإسكندرية.. عن مخالفات مالية بالملايين خلال العامين الماضيين، في عمليات نظافة أحياء المدينة، حيث تبين صرف 3 ملايين و586 ألفاً و221 جنيه، لإدارة شركة نهضة مصر للخدمات البيئية، وذلك عن إنشاء وتجهيز وتشغيل المدفن الصحي بالحمام، والذي «تم إنشاؤه على نفقة محافظة الإسكندرية منذ سنوات! كما كشف التقرير أن أعمال شركة النظافة.. بالمدفن عبارة عن نقل و دفن المخلفات فقط. كما تبين أن الأعمال الخاصة بمدفن برج العرب متوقفة عقب أحداث ثورة 25 يناير، طالب الجهاز المسئولين بمحافظة الإسكندرية بسرعة محاسبة الشركة على ما يتم تنفيذه من أعمال بالمدفن الصحي بالحمام، كما كشف التقرير أن محافظة الإسكندرية قد أعفت شركة النظافة من تطبيق الغرامات والاستقطاعات والخصومات الخاصة بالطبي والصناعي وجميع الغرامات الخاصة بشهر مايو وفقا لما تقرر بمحضر الاجتماع السابع للجنة العليا لمتابعة أعمال النظافة على الرغم من عدم قيام الحاضرين بالتوقيع على محضر الاجتماع حيث تم الاكتفاء بتوقيع محافظ الإسكندرية ونائبه على آخر ورقة في محضر الاجتماع، وأضاف التقرير بأن على الرغم من أن إعفاء شركة النظافة من الغرامات المستحقة عليها يعد مخالفة لأحكام قانون المناقصات و المزايدات رقم 89 لسنة 1998 والذي ينص المادة (23) منه على توقيع الغرامة بمجرد حصول التأخير دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أى إجراء آخر، ويعفى المتعاقد من الغرامة بعد اخذ رأى إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة وإذا اثبت أن التأخير لأسباب خارجة عن ارادته وللسلطة المختصة، عدا تلك الحالة، بعد أخذ رأى الإدارة المشار إليها إعفاء المتعاقدين من الغرامة إذا لم ينتج عن التأخير ضرر. كما كشف تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، عن قيام المسئولين بمحافظة الإسكندرية بصرف مبلغ «مليون جنيه» زيادة على المستخلص الشهري لشركة النظافة التابعة لشركة المقاولون العرب، دون سند قانوني وبالمخالفة لشروط التعاقد. أوضح التقرير.. إن محافظة الإسكندرية قامت بصرف 12 مليوناً و 107 آلاف و583 جنيهاً لشركة النظافة قيمة أعمال النظافة عن شهر مايو الماضي بالمستندات 12021 وذلك في 25 يونيه الماضي منها 7 ملايين و410 آلاف و318 جنيهاً من مخصصات الديوان العام لاستنفاد حصيلة صندوق النظافة في الصرف في غير الأغراض المخصصة. وقال الجهاز المركزي في تقريره: بعد فحص مستندات المحافظة تبين، تحمل الموازنة العامة للدولة، بمبلغ 7 ملايين و410 آلاف و318 جنيه وتحمل صندوق النظافة بمبلغ 4 ملايين و697 ألفاً و264 جنيه، وذلك بالمستند 12021 تمثل قيمة المستخلص لخدمة النظافة، بمحافظة الإسكندرية لشركة المقاولون العرب والتي كان يتعين خصم كامل القيمة على اعتماد صندوق النظافة وفقا لأحكام القانون 10 لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1967 في شأن النظافة العامة، حيث يتم استنفاد حصيلة صندوق النظافة في الصرف شهريا في غير الأغراض، بعدما كان رصيد الصندوق في 30 يونيه 2012 يبلغ 9 ملايين و218 ألفاً و870 جنيهاً، كما تبين حرمان الموازنة العامة للدولة من بعض مواردها نتيجة عدم خصم قيمة الأعمال التي لم يتم تنفيذها، وكذلك الغرامات المستحقة على الشركة طبقا «لتقارير إدارة الرصد البيئي» المشرف على تنفيذ أعمال خدمة النظافة بالمحافظة والبالغة «مليوناً و396 ألفاً و300 جنيه»، فضلا عن توقيع المسئولين بإدارة الرصد البيئي على الأعمال الواردة بالمستخلص، بما يفيد الاعتماد أو تمام تنفيذ كافة تلك العمال. وكذلك لم يتم تحديد و خصم القدر غير المسترد من استثمارات شركة «أونيكس» السابقة في المشروع وفقا لقيمتها وقت التعاقد مع شركة المقاولون العرب، كما لم يتم سداد ضريبة المبيعات على جميع الأعمال المنفذة في 4 أكتوبر 2011 حتى تاريخ صدور تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وآخرها مبلغ «مليون و110 آلاف و758 جنيهاً بالمستخلص عن شهر مايو»، طالب الجهاز المركزي للمحاسبات في تقريره المسئولين بمحافظة الإسكندرية بحصر قيمة الأعمال غير المنفذة من واقع تقارير «إدارة الرصد البيئي» وخصم قيمتها والغرامات المستحقة عليها من مستحقات الشركة وإضافتها لحساب الإيرادات حفاظا على المال العام، كما طالب جهاز المحاسبات بعدم صرف قيمة أعمال المدفن الصحي بالحمام للشركة المنفذة، إلا على الأعمال المنقذة على الطبيعة أولا بأول وليس بأقساط، وكذلك وجوب اعتماد وتوقيع المسئولين بإدارة الرصد البيئي على الأعمال المنفذة بالمستخلص الشهري، وكذلك حصر وخصم القدر المسترد من استثمارات شركة النظافة السابقة «اونيكس» مع عدم صرفها لشركة المقاولون العرب وموافاة الجهاز المركزي بالمستندات، وحصر وخصم المبالغ السابق صرفها بالزيادة على قيمة المستخلص الشهري دون سند بالمخالفة لشروط التعاقد، وتقديم المستندات للجهاز المركزي للمحاسبات.