يعد أمر التقسيم الزمني للمسجد الأقصى بالقدس مخططا، بل بات أمرا واقعا تعمل السلطات الإسرائيلية على تطبيقه بالقوة، وفقا لما تؤكد مؤسسات فلسطينية. فالاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى في القدس، تعد تطورا غير مسبوق نحو تقسيم المسجد زمانيا ومكانيا. ويعني التقسيم الزماني، تخصيص أوقات معينة للصلاة في المسجد الأقصى للمصلين اليهود والمسلمين، بينما يعني التقسيم المكاني تخصيص أماكن بعينها لكل منهما.واندلعت المواجهات، عندما تصدى المصلون لزيارة «استفزازية» قام بها مستوطنون للمسجد، عشية احتفال رأس السنة العبرية. وتتيح إسرائيل للزوار من غير المسلمين زيارة المسجد من الساعة السابعة صباحا حتى الحادية عشرة صباحا، وهو الأمر الذي تستخدمه «كغطاء» لاقتحامات المستوطنين للمسجد، في حين تضيق الخناق على المصلين المسلمين، وتمنع فئات منهم من دخول المسجد. ويشارك مسئولون إسرائيليون بالاقتحامات التي تجري في المسجد، بينهم وزراء وأعضاء في حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتانياهو، وهو الأمر الذي يشير إلى دعم حكومي كبير للجماعات المتطرفة التي تقتحم الأقصى. وقالت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» إن هناك جماعاً صهيونياً لاستهداف المسجد الأقصى المبارك، ومن ضمنه طرح مخطط التقسيم الزماني والمكاني للأقصى، وتقنين صلوات يهودية فيه، فيما أكدت المؤسسة أن تكثيف التواجد اليومي والباكر في المسجد الأقصى يشكل درعاً بشريا يحمي الاقصى، لكنها في نفس الوقت طالبت الأمة الاسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني بضرورة التنبه الى المخاطر المتصاعدة بحق المسجد الأقصى، الأمر الذي يستدعي تحركاً عاجلا وجاداً ينقذ المسجد الأقصى. وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلت اليوم خبرا عن مسودة اقتراح قانون لإقامة صلوات يهودية في المسجد الأقصى، تقدمت به عضو الكنيست «ميري ريجب» من حزب الليكود وعضو الكنيست «فحاليق بار» من حزب العمل – والذي صرح بأنه فخور بتقديم مثل هذا القانون»، وقد سبقه تصريح «إيلي بن دهان» نائب وزير الاديان – حزب البيت اليهودي- أنه أنهى وضع لوائح وترتيبات وتشريعات لصلوات يهودية في المسجد الأقصى، وهي بانتظار مصادقة «نتانياهو» فقط، الأمر الذي يشير الى أن هناك إجماعاً صهيونياً حول هذا طرح هذا الملف. وبحسب «يديعوت» فإن «ميري ريجب»- التي عملت خلال السنة الأخيرة بصفتها رئيسة لجنة الداخلية، على عقد اجتماعات متكررة لطرح مقترحات لصلوات يهودية في الأقصى- تهدد بأنها ستعمل على إغلاق المسجد الأقصى المبارك أمام المسلمين، في حالة تصديهم لمثل هذه الصلوات او الاقتحامات للمسجد الأقصى، بل وقالت إنها ستمضي قدما بالعمل على تحقيق إقامة صلوات يهودية رسمية وعلنية في «جبل الهيكل»- المسمى الاحتلال الباطل للمسجد الأقصى»- يتضمن اللباس والشعارات والممارسة «التعبدية» الرسمية، وانه في حال لم يوافق «نتانياهو» على هذا المقترح فإنها ستتوجه الى المحكمة العليا الإسرائيلية. وأشارت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» إلي أن اقتراح «ريجب» يقضي بمنع أي مظاهر للمنع أو التصدي لاقتحامات اليهود أو صلواتهم في المسجد الأقصى، كما يقضي بمعاقبة كل من يحاول ذلك، ولو برفع الصوت، بفرض غرامة أو عقوبة من المحكمة قد يصل مبلغها إلى 50 ألف شيكل، تدفع للمتضرر اليهودي الذي قد يمنع من اقتحام الأقصى أو أداء الصلوات اليهودية فيه، ويشير اقتراح القانون إلي أنه قانون ثابت وأساسي ولا يجوز إبطاله بمقتضى قوانين الطوارئ. ومن يتابع الشأن المقدسي والتصعيدات التي يقودها الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى منذ منتصف أغسطس الماضي، لا بد أنه قد لاحظ بدء التقسيم الزماني فعلياً للمسجد بين المسلمين والمستوطنين، بحكم الأمر الواقع، إلى جانب اتخاذ جملة من الإجراءات، وإطلاق تصريحات وتلميحات تشير إلى احتمال وارد لبداية نسج غطاء قانوني لتقسيمه. وهنا تطرح التساؤلات هل ستتحوّل إجراءات التضييق المستمرة منذ أكثر من شهر إلى قوانين تفرض على الفلسطينيين وتمنعهم من دخول المسجد، أو تسمح لهم بذلك وفقاً لشروط الاحتلال التي من المؤكد ستهدف لضمان عدم حصول مواجهات بين المصلّين والمرابطين وبين شرطة الاحتلال والمستوطنين. ومن المؤشرات الدالة على نيّة الاحتلال الإسرائيلي تغيير الوضع القانوني القائم في المسجد الأقصى هو التصريح الأخير لوزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، ففي تعليقه على مجريات الأحداث وصف الأحداث بأنها «خطيرة وتستدعي إعادة النظر في الترتيبات المتبعة في المسجد»، وأضاف أنه «لا يمكن السماح لمشاغبين مسلمين (في إشارة إلى الشبان والمرابطين والمصلين) بأن يحوّلوا المكان المقدس لمسرح قتال». وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن تصريح وزير الأمن الداخلي يحمل دلالات خطيرة، فبوصف أردان المرابطين والمصلين بال«مشاغبين المسلمين»، يعطي شرعية لعقابهم بحسب القانون، واعتباره أنهم حوّلوا المسجد «لساحة قتال» هي لهجة جديدة تحمل بين رموزها نيّة «لوقف القتال» بإجراءات قانونية صارمة. وعليه، من المتوقع أن تستهدف حزمة قوانين الاحتلال القادمة المرابطين من جهة وحراس المسجد الأقصى والزوّار، إلى جانب الشبان المشاركين في المواجهات والتصدي لاقتحامات المستوطنين. فبحسب ما اطّلع عليه «الخليج أونلاين» بصحيفة «هآرتس» العبرية، فإن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، دعا لاجتماع طارئ من أجل مناقشة تسريع سن قانون «راشقي الحجارة» وتحديد التشريعات المناسبة لفرضه. ويأتي هذا التسريع في الإجراءات بعد مرور عام تقريباً على اقتراح القانون من قبل الكنيست الإسرائيلي، والذي تبعه نقاشات بين محكمة الاحتلال العليا والنيابة العامة، هدفت لتحديد حد أدنى لعقوبة رشق الحجارة، التي غالباً ما ستشمل عقوبتها السجن الفعلي من 10- 20 عاماً، والاعتقال الإداري بحسب ما ورد في إذاعة «صوت إسرائيل». حظر الرباط وإلى جانب فرض عقوبة رادعة للشبان المشاركين في المواجهات، سوف يسعى الاحتلال لتفريغ المسجد الأقصى من المرابطين، وذلك باعتبارهم «تنظيماً محظوراً»، ومنعهم من دخوله أو تحديد فترة بقائهم بداخله. فبحسب ما ورد في تقرير سابق ل«الخليج أونلاين» خلال الشهر الماضي منع عشرات المرابطين والمرابطات من دخول المسجد، واستخرجت أوامر إبعاد طويلة الأمد بحق آخرين. التضييق على الزيارة كما يحصل منذ شهر وأكثر، من المتوقع استمرار التضييق على زيارة المسجد الأقصى أو حتى منع دخوله على الإطلاق قبل ساعات الظهيرة أو حتى في أوقات الأعياد اليهودية. لكن من المحتمل أن يعمل الاحتلال تدريجياً على سن قانون يفرض على الزوّار والمصلّين رهن بطاقة الهوية مقابل الدخول للمسجد لفترة زمنية محدودة. ومثلما يعلم كل مطّلع على حال أهل القدس، فإن موضوع بطاقة الهوية يعتبر حساساً للغاية بالنسبة لهم، فهي البطاقة الوحيدة التي تضمن إقامتهم في مدينتهم، وفقدانها أو سحبها يعني الترحيل للضفة الغربية أو خارج البلاد. وعليه، فإن فرض تسليم الهوية للشرطة قبل الدخول يهدف لترهيب المصلّين والزوار وثني الشباب عن المشاركة بالمواجهات خوفاً من طردهم من المدينة. وكشف مخطط صهيوني عن هدف تنفيذ فصل المسجد الأقصى المبارك قبل نهاية العام الحالي، أسوة بالحرم الإبراهيمي الشريف، وذلك من خلال تقسيمه مكانياً بين المسلمين والصهاينة، بعدما تمكن الاحتلال من تقسيمه زمانياً، بحسب صحيفة «هآرتس» العبرية الصهيونية. وأفاد المخطط، الذي جرى الإفصاح عنه خلال اجتماع الحكومة الصهيونية مؤخراً، بأن الاحتلال «يجد في ظروف المنطقة فرصة مناسبة لحسم التقسيم المكاني للأقصى وتنفيذ مشروعه، الذي شرع به فعلياً، وصولاً إلى الهدف الاستراتيجي المتمثل في السيطرة على كامل المسجد وبناء «الهيكل»، المزعوم، مكانه». وبحسب الصحيفة العبرية، فإن «ما يجري هذه الأيام تحديداً يعدّ تنفيذاً حرفياً للمشروع، حيث يتم الاستيلاء على الحصة الزمنية المخصصة للمسلمين في المسجد، لأداء صلواتهم وعباداتهم، مقابل إضافتها إلى التوقيت المحدد للمستوطنين «اليهود». وزعمت أن «ذلك من شأنه أن يسهل مخطط الفصل المكاني بين المسلمين واليهود في المسجد، بعد الاستيلاء على المساحة الأكبر منه لصالح المستوطنين «اليهود»، وتمديد حصتهم الزمنية المخصصة لأداء طقوسهم، على حساب تواجد المسلمين».