صدر حديثًا عن القومي للترجمة، النسخة العربية من كتاب «فلسطين تاريخ شخصى» من تأليف كارل صباغ، ومن ترجمة محمد سعد الدين زيدان، ومراجعة محمد شاهين. يسعى الكتاب من خلال حكايات المؤلف إلى ايضاح أن تأسيس دولة إسرائيل ألحق ظلماً فادحاً بالفلسطينيين، وما كان له أن يقع إلا بنشر سلسلة من الأكاذيب الرسمية إلى بقية العالم وهى عملية لم تنقطع إلى الآن. يحكى المؤلف، كارل صباغ - وهو ابن عيسى خليل صباغ الذى غادر فلسطين للدراسة في بريطانيا وصار أشهر المذيعين العرب في الإذاعة البريطانية أثناء الحرب العالمية الثانية- قصة عائلة صباغ ذات التاريخ الطويل في فلسطين فيركز المؤلف على تاريخ 400 سنة خلت، وهى مدة فيها من الأدلة الموثقة ما يثبت الوجود المتواصل للفلسطينيين، ومنهم أفراد عائلة صباغ، ويؤكد مما لا يدع مجالاً للشك أنهم الغالبية العظمى على أرض فلسطين. بحسب المؤلف، فإن هذا الكتاب يُظهر كيف أن فلسطين والفلسطينيين موجودون على مر القرون، حيث إن العرب الفلسطينيون يشكلون أغلبية ساحقة منذ الوقت الذى بدأ فيه التعداد السكانى الموثق في تلك المنطقة حتى العام 1948، أما اليهود الذين كانوا يطالبون بحكم فلسطين في القرن العشرين فلم يكن يربطهم بالمنطقة شىء، سوى ديانة حَكَمَ اتباعها جزءاً من المنطقة قبل حوالى 2000 أو 3000 سنة، أما العداوة التى نشأت بين العرب واليهود في فلسطين اليوم، فهى وليدة أحداث تمثلت في إجلاء القوات اليهودية للعديد من العائلات الفلسطينية العربية على مغادرة بيوتهم عام 1947 و1948، ولا تكف إسرائيل حتى هذه اللحظة على أن تختلق الروايات التاريخية كي تخفى الظلم الذى وقع على الفلسطينيين. كما يؤكد المؤلف في خاتمة الكتاب، أن الفلسطينيين لم يفعلوا شيئًا ليستحقوا هذا المصير؛ حيث يتساءل، أَهُم من قتلوا أنفسهم وخرجوا من ديارهم؟ أهم من أرغموا يهود أوروبا على أن يأتوا بأفواجهم إلى فلسطين؟ وأن يشتروا منهم أراضيهم عنوة؟ ثم يستطرد، أن الحقيقة هى أن كل شخص عاقل ينتفض ويثور إذا سمع شخصًا يحاول تحويل اللوم إلى ألمانيا النازية عندما أبادت ستة ملايين يهودى. لكن ألمانيا الحديثة، قد بذلت جهودًا جادة، وقدمت تعويضات مالية كبيرة في اعتراف منها بالمسئولية. وقد حان الوقت لكى تقوم دولة إسرائيل بمثل ذلك مع العرب والفلسطينيين، وأن تؤوب إلى تفعيل الحوار الملتزم بالصدق وتبنى العقلية المنفتحة لرؤية السبيل نحو إنهاء هذا الظلم الصارخ الذى لا تمحوه الأيام.