فى المسرح "لازم نضحك".. و"غيبوبة" تناشد الضمير الغائب دور المتلون فى "أستاذ ورئيس قسم" من وحى الواقع غياب الدولة عن الإنتاج كارثة.. و"فتوح أحمد" مجتهد عندما يستطيع الفنان أن يرسم البسمة علي وجوه حائرة، تبحث عن الضحكة في الزمن الصعب، فهو بالتأكيد فنان بدرجة مبدع، وعندما يستطيع المبدع أن يحرك عقولاً ساكنة وتائهة ومغيبة ويوقظ ضميراً غاب عن الوعي يجب أن ننحني له تقديراً وإعجاباً. الفنان الكبير أحمد بدير، هو أحد فروع شجرة الكوميديا في مصر، وأحد رواد مدرسة التميز في الضحك، ونجح «بدير» في أن يجعل من الكوميديا رسالة تسخر من الأفكار المغلوطة والضلال المسيطر علي بعض العقول عملاً بقاعدة «شر البلية ما يضحك»، واستطاع أيضاً أن يصل لدرجة الإبداع في الكوميديا والدراما فهو «الزيني بركات»، والمتلون في «أستاذ ورئيس قسم»، والإرهابي في «دنيا جديدة». «بدير» الذي اتخذ من المسرح وسيلة لإيقاظ وتنبيه العقول من خلال مسرحية «غيبوبة» قرر أن يتجول بها في محافظات مصر، وفور عودته من الإسكندرية ذهب لأسوان والأقصر، متحدياً الحر ليقول كلمة في حب مصر. ما الدوافع لذهابك «الأقصر وأسوان» لعرض مسرحية «غيبوبة»؟ - أنا مستعد لأن أذهب إلي «حلايب وشلاتين» من أجل أن أقول كلمة صادقة للشعب المصري في ظل هذه الظروف، فهي دوافع فنية وتنويرية وثقافية ليس من بينها الربح، فأنا ليست ذاهباً لإضحاك أقاربي في هذه المحافظات، بل هدفي أذكرهم بالحدث والواقع الذي نعيشه واستخدم كل أدواتي وطاقاتي الفنية لكي يستوعبوه ولأسقط من خلال الكلمة والضحكة الساخرة أقنعة كثيرين ضحكوا علينا في 25 يناير ولبسوا أكثر من وجه ما بين عملاء للإخوان ومتأسلمين وعملاء 6 أبريل وإعلاميين باعوا وطنهم بالفلوس، ذاهب لإيقاظ ضمائر دخلت في غيبوبة وماتت «إكلينيكياً» من خلال الكلمة الساحرة المغلفة في قالب من الضحك، لكن بداخلها معني كبير نريد توصيله حتي يسترجع الشعب ذاكرته وضميره ويعيد تفكيره فيما فعله، وما سيفعله من أجل الوطن. هل تري أن الكوميديا قادرة بمفردها علي توصيل الرسالة؟ - بالتأكيد الكوميديا أكثر تأثيراً في الوجدان والمشاعر من التراجيديا والميلودراما والبكائيات، فهي تجعل الإنسان يضحك ويسخر من نفسه ومما فعله وتشفي آلاماً لا تزيدها وتجعل الإنسان يراجع نفسه، وهذه مهمة الفن والإبداع الحقيقي وهذه رسالته الهادفة والصادقة في هذه الظروف، وهو دور مهم للفنان الذي يبحث عن قيمة وواجب لهذا الوطن.. وأضاف: في مسرحية «غيبوبة» نرصد نماذج من «الخونة» والعملاء الذين باعوا البلد في 25 يناير مثل المتأسلمين و6 أبريل وإعلاميين وغيرهم عملوا لهدم البلد وعادوا بوجوه أخري يبحثون عن دور ومكسب، نحن نسخر من هذه النماذج ونصحي الناس وننبههم بأنهم مازالوا موجودين في وجوه مختلفة، نحن نسخر منهم ونسخر من الذين صدقوهم لكي يفيق الشعب من الغيبوبة التي يعيش فيها. وهل مسرح الدولة قادر علي القيام بهذا الدور؟ - بالتأكيد.. خاصة بعدما تأثر المسرح الخاص بظروف محيطة مثل الأمن وارتفاع التكلفة وأسعار التذاكر وهروب المنتج الحقيقي من المسرح الخاص باستثناء «آل الإبياري»، وبالنظر لمسرح الدولة - والكلام لبدير - فإن فتوح أحمد نجح بأمانة شديدة في أن يعيد البريق والنشاط لهذا المسرح بعد أن كدنا نفقد الأمل وأعاد يافطة «كامل العدد» ونجح في إعادة النجم يحيي الفخراني وسامح حسين، و«باب الفتوح» و«غيبوبة»، وفي الطريق عملان آخران لأنوشكا وفاروق الفيشاوي، من خلال مشروع مسرح «صيف بلدنا» ونجح في إخراج هذه الأعمال خارج القاهرة ليستمتع بها أهالينا في الصعيد والأقاليم الذين لا يقدرون علي الذهاب للقاهرة، ومستعدون للعرض لهم مجاناً لنشاركهم أفكارهم، وننبههم لما يحدث في هذا الوطن وكيف يدافعون عنه. البعض يري أن مدرسة «الضحك» والكوميديا في مصر تتواري.. ما تعليقك؟ - مصر مليئة بالمواهب والكفاءات والمبدعين فهي مثل نهر النيل إبداع متدفق لا ينضب أبداً حتي لو تأثر المسرح الخاص لظروفه، لكن الأزمة في الكوميديا.. في النص الجيد الذي يحمل أفكاراً مهمة لأنه من السهل كتابة «مجرد هلس» وإفيهات هذا سهل لأي مونولوجست يقدمه.. لكن الأهم تقديم دراما كوميدية وشخصيات حية تضحك المشاهد علي المتناقضات وسوء الفهم الحادث في المجتمع وتسخر من الواقع وتنبه لخطورة الموقف ولا تضحك عليه لمجرد أنه إفيهات. وأضاف: الكتابة الكوميدية من أصعب الكتابات لذلك قليل منها ما ينجح رغم وجود جيل من المبدعين القادرين علي توصيل المعني بضحكة حقيقية مثل هنيدي ومحمد سعد وهاني رمزي وآدم، حتي كريم والسقا، بجانب الأساتذة الكبار عادل إمام ومحمد صبحي، لأن مصر ستظل رائدة كل الفنون والإبداعات. قدمت دور السياسي المتلون في «أستاذ ورئيس قسم» بأستاذية.. كيف تعايشت مع هذه الشخصية؟ - عندما تقدم عملاً مع الزعيم ونصاً ليوسف معاطي كتب الشخصية بعبقرية لابد أن تطلق «عنان إبداعك» لأنك في عمل عبقري. وأضاف: هذا النموذج رأيته وعايشته في كل مشهد قدمته فهو جمع كل المتناقضات في شخص يرتدي مائة قناع، من أجل مصلحته، فهو نموذج كان ومازال للأسف. قدمت المتأسلم الإرهابي في «دنيا جديدة» أيهما كان أكثر صعوبة؟ - في «دنيا جديدة» شعرت أن رسالة العمل مباشرة ومهمة، حيث كنا ومازلنا نعاني من الجماعات المغيبة المضحوك عليها، وتربت علي السمع والطاعة، وأنا للأسف لمستهم في الواقع.. وكان يهمني المباشرة بعض الشيء في «دنيا جديدة» خاصة أنه يؤكد أهمية ودور الإسلام الوسطي في مقاومة الإرهاب والقتل، شعرت بأن رسالته حققت الهدف، خاصة عندما ضحي هذا المتأسلم الذي لعبت دوره بابنه من أجل أن ينفذ فكره التحرري. وأضاف: تلقيت اتصالات كثيرة من الجمهور وأشاد بالمعني والفكرة ويا رب يكون في ميزان حسناتي، وفي «أستاذ ورئيس قسم» جعلت الناس تسخر بشكل كوميدي من دور المتلون والوصولي وهما عملان أضافا لرصيدي واسمي مع جمهوري. لكن معظم مسلسلات رمضان كانت سيئة في هذه الظروف الصعبة؟ - رغم أنها قد تكون أفضل حالاً من أعمال رمضان الماضي لكني اعترف بأن بعضها جاء بأفكار لا تصلح وتهد ولا تبني، وهذا يجعلنا نستشعر خطورة غياب الدولة عن صناعة الدراما، ولابد أن تعود وتحاول لأن دراما الدولة تعيد التوازن الفكري في المجتمع، خاصة بعد غياب العمل الديني والتاريخي والكوميدي وأصبحت المسلسلات التجارية بأفكارها هي المسيطرة وعلي الدولة - كما يقول بدير - أن تتدخل بقوة وتحاول كما أنتجت «دنيا جديدة» وأنارت مسرح الدولة بعشرة عروض مهمة أن تعود للدراما. هل اكتفيت بالدراما والمسرح علي حساب السينما؟ - الضحك في السينما صعب بعض الشيء، وآخر عمل أتذكره لي في السينما الكوميدية «فتحية والمرسيدس»، وبصراحة سينما الكوميديا وحشتني ولا تعجبني الكتابة بها عكس المسرح لأن الممثل يستخدم فيه كل أدواته ويعد النص علي نار هادئة لكن في السينما مجرد «كادرات» ويتم مونتاجها والضحك في السينما مش مطلوب زي المسرح، السينما يكفي أن تبتسم لكن في المسرح لازم تضحك من قلبك. وأضاف: منذ فترة تستهويني الأدوار الدرامية في السينما، وقدمته في «كباريه» مع السبكي، وهذا العام أعود مع فيلم «الليلة الكبيرة» أمام سمية الخشاب ووفاء عامر وياسر جلال ومحمد لطفي وصفية العمري و25 ممثلاً وممثلة في حدوتة إنسانية تدور في ليلة واحدة هي «الليلة الكبيرة» في أحد الموالد، وأقدم دور صاحب سيرك داخل المولد مع ابنته «سمية الخشاب»، وتدور الأحداث في قالب درامي تشويقي لكنه يحمل رسالة مهمة وفكرة تدعمه سينما السبكي. هل تؤمن بنظرية النجم الأوحد في المسرح مثل السينما والدراما؟ - بدأت هذه الظاهرة تتلاشي في المسرح، كما تلاشت أو بدأت في الدراما والسينما، وبدأت تظهر فرق جماعية مع بعض النجوم بداخلها نجوم جدد وسيتولون المهمة لاحقاً. وأضاف: أنا تعلمت من أستاذي نور الشريف، يرحمه الله، أن الممثل الذي يقف أمامي لو ضحك الناس لازم أكون سعيداً وبل أكثر سعادة من الجمهور وظهر معي كثيرون بدأوا بأدوار صغيرة، ثم يصبح بطلً.. ويكمل: في مسرحية «بكالوريوس في حكم الشعوب» مع الراحل نور الشريف، قلت جملة وكنت صغيراً وقتها فصفق الجمهور ولمحت «نور» يدير لي ظهره ويصفق بحرارة مع الجمهور، وأتاح لي الفرصة فتعلمت منه الدرس أن أعطي الفرصة للموهوبين، كما أتاحها لي نور الشريف. وأضاف: هذا الفنان ترك لنا مساحة كبيرة من الحزن برحيله، فكان فناناً وإنساناً بمعني الكلمة. الفنان أحمد بدير الذي أضحك الناس كثيراً.. متي يبكي؟ - خبر صغير عن حادث لإنسان أو سيدة جار عليها الزمان، أو طفل يتيم وإنسان مظلوم، لذلك أدعو الله أن يعطيني القدرة علي إسعاد وإضحاك الناس وتوعيتهم قبل كل شيء.. وبكيت بحرقة في السنة الكبيسة التي حكم فيها الإخوان مصر، وكنت أبكي عندما تأتي سيرة مصر وأقول يا رب نجينا.. والحمد لله نجانا علي يد زعيم مخلص ووطني محترم وتخلصنا من كابوس الإخوان، وهذه نعمة وفضل من الله أننا نجونا من عام كبيس وهذا يعود لعظمة الجيش وقائده والشعب الواعي. ومتي ضحكت من قلبك؟ - في 30 يونية ضحكت لأن المسار اتعدل، وفي 3 يوليو وقت عزل مرسي رقصت، وفي افتتاح قناة السويس الجديدة بكيت. وما المطلوب حتي لا يضحك علينا أحد؟ - ألا نضحك علي أنفسنا ونعمل يداً بيد خلف الرئيس لأنه لوحده لا يعمل المستحيل لأن الحمل ثقيل وأن نخلص لمصر وأن نقاوم كل مخرب مع الشرطة والجيش، وأن نصحو من الغيبوبة، لنكمل عبور النفق المظلم الذي خرجنا منه للنور. وما أمنياتك لمستقبل الوطن؟ - أن يجد كل شاب في مصر فرصة عمل وعيشة كريمة ومرتباً لا يخلص بعد 3 أيام، أنا متفائل لكن أعلم أن المسألة تحتاج لوقت، وآمل أن يعي الشعب من يختار لبرلمانه القادم وأن نقاوم قوي الظلام وأن يكون صوتنا أمانة، ثمنه بناء البلد وليس سكر وزيت، ونعم تدخل الجنة، ولا تذهب بنا للنار، لازم نصحي ونوقظ ضميرنا. هل فكرت في الترشح للبرلمان؟ - عرض عليّ ذلك كثيراً لكن أنا أؤمن بأن الفنان حزب مستقل اسمه حزب التنوير والثقافة والإبداع.