رئيس جهاز مدينة دمياط الجديدة يزور جامعة المحافظة لبحث سبل التعاون التنموي والتعليمي    محافظ الإسماعيلية يتابع الموقف التنفيذي لنسب الإنجاز بملفات التقنين والمتغيرات المكانية (صور)    مالطا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية    شهادة من الداخل.. رجل أعمال إسرائيلي يكشف خداع تل أبيب لواشنطن بشأن مساعدات غزة    دمشق تتعهد لواشنطن بالمساعدة في البحث عن أمريكيين مفقودين في سوريا    كريستال بالاس يتقدم على ليفربول 1-0 بعد مرور 30 دقيقة    خبير لوائح: أتوقع أن تخصم المحكمة الرياضية 6 نقاط كاملة من الأهلي    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول نحو 13 ألف حاج من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة    السعودية تدعو لتحري هلال ذى الحجة الثلاثاء وتكلف صالح بن حميد بخطبة عرفة    موعد صلاة عيد الأضحي 2025 في القاهرة والمحافظات.. تعرفوا عليه    وزير الأوقاف في ماسبيرو لتسجيل حلقات برنامج حديث الروح في دورته الجديدة    وزير الأوقاف في ماسبيرو لتسجيل حلقات برنامج حديث الروح في دورته الجديدة    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تستضيف انعقاد "المجلس الأعلى" للجامعات الخاصة والأهلية برئاسة د. أيمن عاشور    مدبولي: حريصون على جعل مصر مركزًا إقليميًا لصناعة الحديد    تامر حسني وأبطال "ريستارت" يحتفلون اليوم بالعرض الخاص للفيلم    إنجاز على صعيد العمل.. توقعات برج القوس في الأسبوع الأخير من مايو 2025    موعد وقفة عرفات 2025 وكيف تستغل هذا اليوم المبارك    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    ختام الموسم.. ماذا يحدث في 10 مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز؟ (مُحدث)    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا الاثنين 26-5-2025    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    إيتو: مستوى الفرق بكأس العالم للأندية متقارب.. وأثق في أنديتنا الأفريقية    عمر مرموش يقود تشكيل مانشستر سيتي ضد فولهام في الدوري الإنجليزي الممتاز    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    الأهلي يحتفي بذكرى تتويجه بلقب دوري أبطال أفريقيا للمرة ال 12    تقارير: الهلال السعودي يحدد موعد سفره إلى أمريكا.. ويترك القائمة للمدرب الجديد    لجنة تصوير الأفلام تضع مصر على خريطة السينما العالمية    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    الهيئة العربية للاستثمار توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لدعم التحول الرقمي في الزراعة    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    المئات يشيعون جثمان القارئ السيد سعيد بمسقط رأسه في الدقهلية    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    ضبط سائق سيارة نقل بتهمة السير عكس الاتجاه بالقاهرة    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    «بني سويف الأهلية» تناقش مشروعات طلاب المحاسبة والتمويل الدولي.. والجامعة: نُعد كوادر قادرة على المنافسة العالمية    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    وزير الإعلام الكويتى يؤكد حرص بلاده على دعم وحدة الصف الخليجي    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    انتظام كنترول تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    «ليلة التتويج».. موعد مباراة ليفربول وكريستال بالاس والتشكيل المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوفد" تحاور أقدم سجين سياسي في العالم
نشر في الوفد يوم 04 - 09 - 2011


السيد أحمد الزبير
حاوره في ليبيا: رامي المنشاوي
الأحد , 04 سيبتمبر 2011 19:12
الاسم: السيد أحمد الزبير.
المهنة: ضابط بالقوات المسلحة الليبية سابقاً وخريج الكلية الحربية ببغداد.
محل الميلاد: محافظة مرسي مطروح – مصر.
التهمة: تنظيم الأبيار ومحاولة الانقلاب العسكري على شخص العقيد في بداية السبعينيات.
سنوات العقوبة: 35 عاماً بسجن بوسليم الكائن تحت الأرض بالعاصمة الليبية طرابلس.
تاريخ الاعتقال: 30 أغسطس 1970.
5 سنوات تحت طائلة التعذيب والحبس الانفرادي ومنها إلى محاكمة عسكرية صورية لم تطلع على الأوراق أو مستندات الدفاع فأصدرت حكمها بالاعدام رمياً بالرصاص, إلا أن شخص العقيد أصر على ضياع عمرى سجيناً تحت الأرض كمن يدفن حياً, تستطيع أن تتخيل أبشع أنواع التعذيب من كهرباء وجلد وصعق وكي بالزيت, وكان أكثر ما يؤلمني هو أن من يقوم بالفعل أناس يحملون الهوية الليبية ويتلذذون بالتعذيب الآدمي فكأنما خلقوا لينفوا عن أنفسهم صفة البشر, وبعد 18 عاما قررت إدارة السجن السماح لي بالزيارة وليتها ما سمحت, استطيع أن اقف على هذه اللحظات كأنى أراها للتو, أخى الاكبر وقد تغيرت ملامحه يحمل في يده كيساً بلاستيكياً به بقايا من طعام وضعت فيه مئات الايدي للتفتيش فصار اشبه بأطعمة العلف الحيواني, لم اتبينه بعد 18 سنة من الغياب, واندهشت لمجيئه بمفرده سألته عن امي وزوجتي فأخبرني أنهما ماتتا حزناً وكمداً على الفراق، لحظتها عدت بقدمي إلي السجان مرة اخرى اطلب منه أن يعاودني بقيودي إلى الزنزانة, وقلت لأخي جملة واحدة: «أنا مت يا ابن أمي فلا تأت هنا ثانية».
وحمل السجين السياسي طيلة ثلاثة عقود ونصف من الزمن رقم 1601 بالزنزانة 13 بسجن بوسليم أشهر معتقلات القذافي, لكنه خرج على موعد ليكون وزيرا لداخلية الوطن الليبي بحكومة المجلس الانتقالي وكأنها لعبة قدرية او مقايضة, تحاوره «الوفد» لتعرف منه من الرابح جراء مقايضة الزمن؟!
من السجين رقم 1601 إلى وزير الداخلية بحكومة المجلس الانتقالي, ومن الزنزانة التي مكثت فيها 35 عاماً من عمرك إلى جناح فاخر بفندق الفضيل ارقي الفنادق بليبيا, جراء المشهدين وتلك الخبرة الحياتية ماذا يريد أن يقول لنا الوزير الحالى والسجين السابق؟
- باختصار الإجابة واضحة وشديدة الايجاز مفادها إن الدوام لله والملك لله, وأن كل مظاهر الالم والترف إلى فناء, كان وجودي في الزنزانة قصراً وأكن له بالغ الأثر والالم في تجربتي الحياتية والشخصية يكفي أن أقول لك إنك وقفت أمام سجان ينهب منك اكثر من نصف عمرك كله, لكن يشهد الله أن الامل لم يفارقني طيلة هذه الاعوام كنت دائما مصرا على أن الله سيجعل لنا مخرجا, دخلت إلى السجن بسبب غيرتي على هذا الوطن وإيماني بقول الحق وحتي لو كان الثمن عمري, لكن لا أخفيك سرا أن الضريبة كانت فادحة بشكل لا يتخيله بشر.
دعنا نسترجع معا اهم المواقف التى تبقي بذاكرة السجين وتأبي أن تفارقه, اريد أن اتوقف عند اهم محطة في تاريخ السجن لا تزال تلح عليك.. المشهد الاكثر تأثيرا وحضورا بعد كل هذه السنوات؟
- لعل اكثر ما كان يؤلمني هو مشهد الحراس الليبيين أثناء حفلة التعذيب, هل تصدقني انني كنت اتأمل ملامح وجوههم واتألم الما عظيما حين اراهم يبتسمون لصراخنا وتأوهتنا, كان الاخوة يفقدون الوعي فنجدهم يتباهون انهم اسقطوا منا عددا وكانت مباراة بينهم بهدف الخروج بلقب الاكثر بشاعة في تعذيب السجناء والأشرس الذي أفقد الكثير الوعي, للاسف كانوا ليبيين وكان هذا يقتطع من قلبي, لكن يبقي المشهد الذي يظل يتكرر أمام عيني مشهد اخي ورفيق عمري العقيد عبدالحميد الماجري والمعتقل معي بنفس الاتهام, كان الماجري ملقي بوسط ساحة السجن وكانوا يأمرون المساجين بعمل دائرة والمرور على بطن أخي الشهيد الماجري, كانت دائرة بينما الحرس يقفون لحراسة الدائرة وفي يدهم الكرابيج, يأتيك الأمر بأن تدوس على بطن أخيك الماجري لو ترددت لوجدت الكرباج على ظهرك, كلنا شاهدنا الأخ الماجري وهو يلفظ انفاسه ببطء وكان المشهد الابشع هو خروج امعائه من جسده نتيجة الضغط بالقدم على بطنه «حسبي الله ونعم الوكيل».. لكن يكفي أن أقول لك إن الشخص الذي كان يأمر العسكر بفعل ذلك طليق بليبيا.
كيف يفعل كل هذه الجرائم ويكون طليقا بأرض ليبيا؟
- عندما تم اختياري لمنصب وزير الداخلية بالحكومة الانتقالية, توقفت أمام هذا الرجل ووجدت نفسي اقتدي بمشهد الإمام على, فأخشي أن اصيبه بأذي فأكون قد انتقصت من نفسي, لقد جربت الظلم ولم اتحمل أن اكون متورطا بهذا الفعل, لعلني أقول مثلما يقول الاشقاء المصريون «يا بخت من بات مظلوم ولم يبت ظالماً».
لك الحق أن تتنازل فيما يخصك, لكن ليس لك أي حق في التنازل عن حقوق مئات السجناء الذين لاقوا أبشع ألوان العذاب, ثم أين حق صديقك الذي وافته المنية أمام عينيك جراء التعذيب؟
- بالطبع حقهم ليس لي أدني حق في التدخل فيه, لكن دعنا نقول اننا نسعي لتدشين دولة مؤسسات, حقهم سيعود اليهم بالقانون, وبالعدل, هناك قضايا سيتم رفعها وفي حالة إصدار الاحكام لن اتهاون في تنفيذ العقوبة, ما اخبرتك به وما اردت توصيله هو انني استحيت من الله أن امارس سلطاتي وأقوم بالقبض عليه او احتجازه لم افعل ذلك رغم أن كثيرين طلبوا هذا لكني أفضل أن يأخذ كل فرد حقه بالعدل.
دولة المؤسسات التى تحدثت عنها, طبيعي أن تكون هناك خصوصية للشعب الليبي, خصوصية المجتمع وعادات القبائل والاعراف والمنطقة الشرقية بثوابتها والمنطقة الغربية بطبيعتها الخاصة, كل هذا الثراء البشري والاختلاف يمكن أن يكون دولة قائمة على فكر المؤسسات والمجتمع المدني؟
- سأضرب لك مثالا تاريخيا, فمثلا في عهد الملك كانت ليبيا اقرب ما يكون إلى دولة المؤسسات, هناك امور غائبة عمن هم خارج ليبيا, فمثلا فكرة النعرة القبلية ليست وليدة المجتمع الليبي إنما أذكاها ونفخ فيها النظام الليبي البائد بسفاحيه ومرتزقته ومثقفيه, كان القذافي يستخدم المثل الشيطاني «فرق تسد» لم يكن من مصلحته أن تدوم المودة بين القبائل فكان يبعث رجاله لإثارة النزعات بين القبائل وتفضيله لقبيلة عن اخرى, وعبر الأربعين عاما الماضية تحولت ليبيا إلى نعرات قبلية خطيرة, لكننا أمام ثورة اعتقد انها غسلت الليبين وعمدتهم بدماء شهدائها.. إن دولة المؤسسات والقانون هي غاية ما نسعي اليه داخل المجتمع الليبي, لدينا عقول تكنوقراط لكنها كانت فارة من محرقة القذافي وتتسول رزقها في الدول الأوروبية والامريكية, حان الوقت لعودة هذه العقول لامها ولوطنها, الليبيون عندهم الاستعداد للتطهر من اعوام البطش والتنكيل.. لكن هناك مشكلة اخطر في الثورة الليبية لم يتداركها الآخرون وتضع الثورة الليبية في خطر شديد.
وما هذه المشكلة التى تضع الثورة الليبية في خطر؟
- المشكلة هي أن السلاح اصبح في يد جميع ابناء الشعب الليبي, الصغير والكبير اصبح لديه سلاح, أقل صبي يمتلك كلاشنكوف, مخازن الاسلحة تم فتحها للثوار ولابناء الشعب الليبي, وبالتالي لا يمكن حصر من معهم السلاح, على عكس مصر, فالمجلس العسكري كان يتتبع الذين يمتلكون السلاح واعطاهم المهلة لتسليم الاسلحة أما في ليبيا فالشعب معظمه مسلح وهذه خطورة بالغة.
إذن تستطيعون الاقتداء بالتجربة المصرية لمحاولة جمع السلاح من الشعب الليبي؟
- هذه أيضا بها اشكالية, أولا ليبيا لم يكن لديها جيش لحماية الوطن وإنما كانت قائمة على جهاز استخباراتي عال هدفه الأول تأمين الحكم للعقيد وأولاده, ثانيا نحن نتوازي مع التجربة المصرية في فكرة العداء بين الشرطة والشعب, فلطالما جنت الشرطة على حقوق الشعب وكانت تتعمد التنكيل بهم وإهدار كرامة المواطن الليبي.
هل وضعت الثورة الليبية اوزارها, بمعني هل يمكن أن نقول إن المجتمع الليبي في مرحلة ما بعد الثورة والإعداد لدولة ليبية جديدة؟
- من يقول ذلك يصبح مغالطا للحقيقة, إن بقاء القذافي بليبيا يشكل تهديدا كبيرا على الدولة الليبية وأناسها, ناهيك أن هناك محاولات لدخول المدن الثلاث دون إراقة قطرة دم واحدة لانهم في النهاية إخوتنا ويحملون همومنا, فمثلا سرت معقل قبيلة القذاذفة لا يمكن معاقبتها بسبب انتماء فرد لها, علينا أن نغلب العقل والعدل, فكل نفس بما كسبت رهينة.
لعلني انتقل إلى نقطة مهمة وبالغة الحساسية داخل المجتمع الليبي وهي فكرة تبني نظرية المؤامرة وفكرة الخيانة والعمالة للقذافي, لقد لاحظت التوجس الدائم بين أبناء الشعب الليبي, وتبنيهم لنظرية المؤامرة والعمالة لكل من يختلف معهم, كيف يمكن أن ننقل الشعب الليبي من هذا المنحدر؟
- لعلك تكون قد أصبت بالألم الذي تعاني منه الثورة الليبية, لا اخفيك سرا إن هذا وجع شديد, لكن الحقيقة أن هذا الوجع له منبته طيلة اربعين عاما من الوشاية وحكم البصاصين والخونة, لقد مر على ليبيا وقت يخشي الأخ فيه أن يختلف مع أخيه حتي لا يشي به إلى اجهزة الأمن الداخلي ويتهمه بأنه يتحدث في شخص القذافي, في عهد الملك كنا صبية وكنا نرى محلات الذهب مفتوحة وأصحابها يؤدون الصلاة، بينما في عهد القذافي اختفت القيم من داخل المجتمع الليبي وحلت محلها قيم أخري وافدة لم نعهدها من قبل.. حقيقة هناك نسبة مرتفعة من الخونة لا يمكن إنكار وجودهم والدليل على ذلك الكتيبة التى تم القبض عليها بمدينة بنغازي وكانت تستعد للإجهاز على الثورة, لكن فكرة التخلص من التوجس وتبني نظرية المؤامرة بحاجة إلى الوقت.. أضيف أيضا موضوع الاشاعة الذي يشكل خطورة شديدة على الثورة وعلى المجتمع الليبي, الشائعات التى باتت تمثل حرباً بين أبناء الشعب بسبب انتشارها بشكل سريع جدا دون التأكد من صحتها.
وما الخطوات التى اتبعتها وزارة الداخلية تجاه هؤلاء الوشاة الذين يهددون الثورة والمواطن الليبي؟
- شرعنا في عمل ما يسمي بجهاز الأمن الوقائي, هدفه قائم على تصيد أعداء الثورة والذين لهم علاقة بالنظام القديم.
لكن أخشي أن يتحول جهاز الامن الوقائي إلى جهاز مشابه لما صنعه القذافي هدفه الأول تصفية المعارضين بحجة الحفاظ على الثورة مثلما حدث في مصر عقب ثورة يوليو 1952؟
- ضع في اعتبارك أن الظرف الزمني تغير وأن آليات التواصل والمعرفة تغيرت وأن هناك رقابة غير مرئية ممثلة في قنوات التليفزيون ووسائل الاتصال الافتراضي كالفيس بوك والمدونات, هناك رقابة أنت لم ترها وبالتالي ستجبرك هذه الرقابة على احترام الرأي الشعبي والتراجع في حالة الخطأ.
هل تسمح لي أن انقل لك وجهة نظر بعض الليبيين كما سمعتها منهم ونقلتها عنهم؟
- تفضل.
البعض يري أن روح الثورة الليبية تلاشت في مدن المنطقة الشرقية وقد تحول طابعها إلى النمط الاستهلاكي في حين أن مدينة كمصراتة لا تزال تنتظر مقاتليها على جبهة القتال، وهذا يمثل أنانية مفرطة كون بنغازي تقيم الاحتفالات بينما مصراتة تتدثر بالحزن والترقب؟
- هذا مدخل لو لم نراع النظر اليه وعالجناه بأقصي سرعة لاصبح قشة يمكن قسم ظهورنا بها.. أنا اقدر ما يشعر به اهالينا في مصراتة من أسي وألم ووجع, مصراتة لا يختلف فرد في انها دفعت الكثير لأجل هذه الثورة وأنها قدمت ابناءها قربانا لثورة الليبيين مثلما فعل اشقاؤهم في المدن الشرقية.. لكن هذه الايام هي أيام عيد الفطر المبارك, الناس بطبيعتها تشتهي الفرحة بعد سنوات طويلة من الألم والوجع والحزن والدمار, أقول لاهالى مصراتة من هذا المنبر إن الوجع واحد والجرح واحد وبالتالي فإن الفرح واحد.
أود أن أطرح سؤالا شريطة أن تبتعد في الجواب عن لغة الدبلوماسية المرنة وتكون أكثر مباشرة سؤالي «كيف تري الموقف الموقف المصري تجاه ثورة ليبيا»؟
- أقول لك إن المصريين لم يتأخروا على اشقائهم فتبرعوا بالدواء والغذاء, كان الموقف المصري رائعا ونكن الجميل للمجلس العسكري بعدم تسكيره وإغلاقه الحدود المصرية, إلا أن الشعب الليبي متبرم من تأخر الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي, هم يرون أن مصر كان يجب أن تكون سباقة في الاعتراف بمجلس الليبيين الذي يعبر عنهم.. أيضا الليبيون غاضبون من ترك أحمد قذاف الدم بمصر يبعثر أموال الشعب الليبي مقابل شراء أعوان جدد للقذافي, لذا فإننا نطالب المجلس العسكري المصري بحماية الأرصدة الليبية المجمدة وتمكين الحكومة الانتقالية من التصرف فيها.
ولكن تأخر الاعتراف الرسمي كان بديلا عنه الاعتراف الشعبي وعدم إغلاق الحدود.. أنت تعلم أن ابناءنا المصريين في طرابلس كانوا محتجزين تحت رحمة القذافي وكانت الحكومة المصرية بين مطرقة الاعتراف وسندان الدم المصري في طرابلس؟
- الليبيون يرون المصريين نجدة لهم وكانوا يتعشمون بلغة أهل مصر في مزيد من الكرم, لقد كانت ثورتنا وقودها دماء ابنائنا وفلذة أكبادنا فلا تلم على الليبيين إذا طلبوا من مصر أكثر.. كنا نتمني أن يتعاون المجلس العسكري في حماية حدودنا الغربية وتوقيف أعوان القذافي الذين جاهدوا في تجنيد رجالات من مصر لإجهاض الثورة الليبية.
لكنك بهذا تتناسي ما فعله بعض الشباب الليبي بمدينة مطروح, الشباب الليبي الذي نزل مصر يقوم بأفعال مشينة وعلى الرغم من ذلك تعاملت معهم الداخلية المصرية بمنتهي اللطف وتستطيع أن تسال من كانوا بمصر؟
- هؤلاء الشباب هم من أتباع القذافي وليسوا من أبناء الثورة الليبية.
هل تناسيت أيضا دماء ابنائنا المصريين على جبهة القتال الليبية, ابناؤنا الذين وقفوا إلى جوار أشقائهم حيث لا فارق بين الدم المصري والليبي؟
- لن اخلتف معك فيما قدمه المصريون قلت لك في بادئ الأمر إنني مصري النشأة ليبي الجنسية, لكني أقول لك رأي الشارع الليبي, أنت أمام موقف صعب بالمقارنة بالموقف الفرنسي والقطري والإماراتي, فجيرانك دائما تطمح منهم في تقديم ما هو أكثر كما اننا لن ننسي موقف حزب الوفد في اعترافه بالمجلس الانتقالي.
إذن أعاود سؤالي بصيغة مختلفة, ماذا ترجو من الحكومة المصرية والمجلس العسكري الآن؟
- أرجو من إخوتي رجال مصر البواسل وخير أجناد الأرض أن يتعاونوا معنا كشعب وليد خرج لتوه من رحم الدمار والتحطيم, أن يكون هناك تعاون جدي بين الأخ وأخيه نستلهم معا روح الثورة المصرية والليبية ونضع نصب أعيننا أن الدوام لله وأن التاريخ سيقف شاهدا على افعالنا, نطالب اخوتنا في الحكومة المصرية والدكتور عصام شرف بحماية الاصول المالية والتمييز في التعامل بين الليبيين الشرفاء والآخرين الذين يمثلون تهديدا لأمن مصر وليبيا, كما أطالب وزير الداخلية المصري بتنقية أسماء الكشوف التى وضعها القذافي وتحمل اسماء علماء ليبيين طلب منعهم من دخول الاراضي المصرية.
معالى وزير الداخلية ما الدستور الذي تحفظه بين صدرك وتود أن تسير عليه طيلة قيادتك لوزارة الداخلية الليبية؟
- لن أرضي بالظلم, وأقول لكل الليبيين إن ما مر من العمر اقل بكثير مما هو آت, وأن السلطة إلى زوال وأن مصير الإنسان داخل حفرة بعدها يتحول إلى تراب, سأسعي خلال اعوامي المتبقية في الحياة أن اكون عادلا محتذيا بالخلفاء ونماذج بشرية مختلفة اجتهدت في تطبيق العدل الإنساني.
دعني اختم حواري معكم سيدي الوزير بسؤال حول الموقف الذي أبكاك من القلب وكلما ذكرته فاضت عيناك بالبكاء؟
- موقف الشهيد أحمد السرسي, كان يقف إلى جواري ونحن معصوبي الأعين, وقد قام ضابط من حرس السجن بإطلاق الرصاص عليه وهو يجاورني, فتشبث بي, واستمسكت يده الشريفة بجسدي وهو يطلب مني أن أصون ابناءه وأرعي أسرته, لكنني كنت اتقطع من داخلى لأني لم أنفذ وصيته لأنني باختصار كنت سجينا, ولما خرجت سألت عن أسرته لكنني اكتشفت أنهم جميعا قد غادروا ليبيا, لكني على إيمان بأن ابنه سيحذو حذو أبيه رحمه الله في الآخرة ورحمنا في الدنيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.