رئيس الوزراء يناقش مقترحات تعديل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان    محافظ الأقصر يبحث مع وفد الصحة رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية بالمحافظة    وزير البترول: مشروع مجمع البحر الأحمر للبتروكيماويات واحداً من أهم المشروعات الداعمة للاقتصاد    وول ستريت جورنال: الجيش الأمريكي يجهز قوات في واشنطن بعد تهديدات ترامب    خسارة شابات الطائرة أمام إيطاليا فى بطولة العالم    تقارير: إيفرتون يقترب من حسم إعارة جريليش    ضبط عيادة وهمية للتخسيس تديرها منتحلة صفة طبيب بالمنوفية    إحالة "مستريح" وشقيقه للمحاكمة في التجمع الخامس بتهمة النصب على أجانب    تحليل المخدرات شرطا للترشح لعضوية أو رئاسة مجالس إدارات الأندية ومراكز الشباب    أمير كرارة يتصدر شباك تذاكر السينما السعودية    قناة الحياة تحتفي بذكرى وفاة الفنان نور الشريف    برعاية وزارة الشباب والرياضة.. تكريم شيري عادل في مهرجان إبداع بدورته الخامسة    مفتي لبنان: نقدر حرص مصر على سلامة وأمن بلدنا وشعبنا    "الصحفيين الفلسطينيين": استهداف الصحفيين في غزة جريمة ممنهجة لطمس الحقيقة    ما حكم تأخير الإنجاب فى أول الزواج بسبب الشغل؟ .. عضو بمركز الأزهر تجيب    صحة مطروح: استصدار 3720 قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة 11 مليون جنيه    إزالة 155 حالة تعدٍّ ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال27 ببني سويف    «يلوم نفسه».. كيف يتعامل برج العذراء عند تعرضه للتجاهل؟    روسيا تعزز قاعدتها وتزيد عدد قواتها في القامشلي شمال شرقي سوريا    إسرائيل تنفذ تفجيرا بالخيام وطيرانه يكثف تحليقه بالبقاع اللبناني    «لمحبي الشاي».. 5 أخطاء شائعة عند تحضيره تحوله لمشروب يضر بصحتك    "مركز الأرصاد" يرفع درجة التنبيه إلى "الإنذار الأحمر" على منطقة جازان    شوبير: كوبري وسام أبو علي؟ عقده مستمر مع الأهلي حتى 2029    بدء تداول أسهم شركتي «أرابيا إنفستمنتس» في البورصة المصرية    شيخ الأزهر يستقبل مفتي بوروندي لبحث سُبُل تعزيز الدعم العلمي والدعوي والتَّدريب الديني    صراع إيطالي للتعاقد مع نجم مانشستر يونايتد    السقا: التعادل أمام الأهلي بطعم الفوز.. ولا أعلم سبب اعتذار حسام حسن فهو ليس كمتعب    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    فيبا تضع مباراتي مصر ضمن أبرز 10 مواجهات في مجموعات الأفروباسكت    أوسكار يراجع تقييم الأداء في الدوري مع 4 حكام بعد الجولة الأولى    الفجر في القاهرة 4.46.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة بالمحافظات غداً الثلاثاء 12 أغسطس 2025    كامل الوزير يستقبل وزير خارجية كوت ديفوار لبحث التعاون فى مجالى الصناعة والنقل    "اليوم" يعرض تقريرا عن الفنان الراحل نور الشريف فى ذكرى وفاته    كارولين عزمي ب"فستان جريء" أمام البحر والجمهور يغازلها (صور)    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف 2025 مكتوبة وجاهزة    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية خلية العجوزة    إجراء 15 عملية قلب مفتوح وقسطرة علاجية في الفيوم بالمجان    ترامب يتعهد بإخلاء واشنطن من المشردين..و"إف بي آي" يشارك في دوريات ليلية    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    مصرع 4 أشخاص وإصابة 3 في حادث تصادم بطريق "رأس سدر"    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    شعبة الجمارك: تسويق الخدمات الجمركية مفتاح جذب الاستثمار وزيادة الصادرات    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    في سابقة تاريخية.. بوتين يزور ولاية ألاسكا الأمريكية    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    إسلام عفيفي يكتب: إعلام الوطن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    الذهب يتراجع مع انحسار التوترات الجيوسياسية وترقّب بيانات التضخم الأمريكية    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوصياء الدين سيذهبون بالناس والبلد إلى "ألف داهية"
د. مبروك عطية العالم الأزهرى ل "الوفد":
نشر في الوفد يوم 04 - 09 - 2015

عندما طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى بتجديد الخطاب الدينى كان يهدف إلى إصلاح الناس والمجتمع الذى زادت فيه حالات التطرف والانقسام والتشرذم وأصبحت الأمة الإسلامية فى حالة يرثى لها بسب خطاب دينى لا يلبى احتياجات المسلمين.
الدكتور مبروك عطية أحد علماء الأزهر البارزين ومن الذين اشتهروا بالجرأة فى الحق، أكد فى حواره أن كثيراً من العلماء يحتاجون إلى تجديد فكرهم قبل أن نطالبهم بتجديد الدين للناس، لأنهم ساقوا الناس إلى الكسل والتواكل وخربوا الدين بعدما خلطوه بالعادات والتقاليد.. مؤكداً أن تجديد الخطاب الدينى يحتاج إلى جهد كبير حتى يؤتى ثماره، مشيراً إلى أن الخطاب الحالى يقدم السنة على الفريضة ويهمل العقل وأفسد الاعتقاد، محذراً من أوصياء الدين الذين سيذهبون بالناس والبلد فى ألف داهية.
قلت ما نتيجة دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الدينى على أرض الواقع؟
- أجابنى: دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الدينى تمت الاستجابة لها دون شك ولكن النسبة الفعلية الجيدة لتحقيقها لم تتم ولن تكون مرضية ما بين عشية أو ضحاها، لأن الرئيس إذا طلب شيئاً مادياً كان الناس أحضروه من هنا أو هناك، ولكنه طلب شيئاً يحتاج إلى جهد عظيم جداً حتى يؤتى ثماره، وطالما أردنا ثورة دينية أو خطاباً دينياً مستنيراً، لابد أن نستأصل ما استقر فى قلوب وعقول ووجدان الناس منذ مئات السنين لأن ثلاثة أرباع الدين الذى يفهمه الناس إما أن يكون رقائق بلا سند أو عادات وتقاليد ما أنزل الله بها فى سلطان.
بمعنى؟
- سأضرب مثلاً لهذا، فقد وقر فى وجدانهم وعقولهم أن كل من يشترى سيارة جديدة أو منزلاً أو شقة لابد له أن يذبح ذبيحة اعتقاداً أنه من الدين، وهذا ما أنزل الله به من سلطان، وكل ما نحن فيه أننا نحتاج أن نعبر عنه بعزم الأمور، أى الأركان التى يبتغيها الإسلام والتى تحقق وتعلم الناس كيف يكون الصبر، ولا صبر إلا على شىء ليس للإنسان يد فيه، ولكن لو نظرنا إلى صبرنا سنجده كله صبراً مزوراً وزائفاً، فالإنسان يعمى عينيه بيديه، ويقول له الناس اصبر، والزوجة تضيع وقتها فى الصباح ولا تعد الطعام لزوجها مع أنها تعرف موعد رجوعه من العمل، وتقول: اصبر أنا لست أقوى من النار، مع إن المطالبة بالصبر هنا دجل وليس للدين علاقة به، ولابد أن نعلم الناس عزم الأمور بطريقة صحيحة.
وما الذى قدمته مؤسسات الدولة لهذه الدعوة فى التجديد؟
- أنا لست مؤسسة من مؤسسات الدولة، ولكن الذى أعلمه ويرتاح إليه ضميرى أن الأزهر لا يألو جهداً أبداً، وأنا من أعضائه وعلمائه وأدعو ليل نهار ولى برنامج تليفزيونى وآخر إذاعى وأسعى فى تحقيق هذا من قبل أن تكون تلك الدعوة ضرورية، ولكى تنجح لابد أن يعقدلها الرئيس بنفسه لجنة تقوم على هذا الأمر من التجديد.
البلطجة والتحرش
وما الهدف المرجو من دعوة التجديد؟
- بالطبع الهدف هو إصلاح أحوال الناس وجميعنا نرى أن الشارع لا يأمن فيه المارة ويختلط فيه الحابل بالنابل وملىء بالسرقات والبلطجة والتحرش وأصبحنا فى حاجة إلى ضمائر نقية ونظيفة بدلاً عن الضمائر الحالية التى تكاد تكون «مرقعة»، ويكفى أن نرى الأمة الإسلامية التى أصبحت فى ذيل الأمم وانتشر فى أعضائها الكسل والخمول والتواكل، ولهذا لابد أن الخطاب الدينى فاشل، وعشرات الموضوعات نحن فى حاجة إلى إصلاحها لكى نسترد مكانتنا الصحيحة ونكون خير أمة أخرجت إلى الناس.
وما أدوات تجديد الخطاب الدينى؟
- العلماء هم أدوات التجديد، فلابد أن يكون عالم الدين لديه فكر، وأنا الآن كلى خوف لأن لدينا علماء يخاطبون الناس بالخطاب الدينى الحالى، ثم فجأة تقول لهؤلاء العلماء أنفسهم هيا غيروا خطابكم وجددوه!! بعد أن ساقوا الناس إلى الكسل والنوم والتواكل، وشغلوهم بالدخول أو التحرك أولاً بالرجل اليمين، ويقدمون فى المشىء أو الأكل أو السلام كل من هو على الجانب الأيمن، مع أن اليمين ليست بيمين الجارحة، إنما يمين المذهب والاعتقاد والعمل أولئك أصحاب الميمنة، فماذا نفعل فى عالم ظل (40) عاماً يقول للناس قدموا اليمين على الشمال؟ فهؤلاء يحتاجون إلى معلم قبل أن يعلموا ويحتاجون إلى أن نجدد لهم فكرهم قبل أن يجددوا الدين.
إذن ليس كل العلماء يصلحون لتجديد الخطاب الدينى حالياً؟
- نعم.. فكيف نستطيع أن نقنعهم أن ما يقولونه جدلاً؟ ومن الذى كان ضاغطاً عليهم، ولهذا ليس كل عالم يصلح أن يجدد الخطاب الدينى أو أن يخاطب الناس، ونحن لا نأخذ الحديث الأضمن يكون معروفاً بالصدق وسلامة العقل، ولهذا لا نأتى بعلماء خربوا الدين ثم نقول لهم اعدلوه وجددوه، وإلا كانوا عدلوه من الأول، وهل من يجدد سيتوب إلى الله ويندم على ما قدمت يداه طوال عشرات السنين أفسدوا فيها الناس وأدخلوهم على رقائق الدين وخلطوا الدين بالعادات والتقاليد.
الخطاب المنفر
إذن الآلية فى التناول تختلف عن السابق؟
- نعم. الآلية اليوم أصبحت شاشة وهواء ووقت وإضاءة وإخراج عبقرى، وأنا لست ضد هذا، فلابدأن يكون العمل جميلاً لأن هذا هو الأصل فى الإسلام، والنبى «صلى الله عليه وسلم» لم يره أحد إلا جميلاً فى هيئته ومشيته وملبسه ومشربه ومأكله وجلسته ولهذا لابد أن تكون الآلية جميلة، ولابد أن الشاشة تجذب الأنظار وما يقدم من خطاب دينى يجذب العقول والقلوب، وليس من المعقول أن تقدم برامج الرقص فى أجمل صورة وبرامج الدين تكون غير جيدة، والله يريدنا أن نبدع فى أعمالنا وحينها ندع الإسلام أن يتحدث عن نفسه، دون أن نقول نحن المسلمين بهذا الخطاب المنفر بل بخطاب إسلامى بالفعل وليس بالقول.
وما الصعوبات التى تواجه عمليات تجديد الخطاب الدينى؟
- أخطر شىء يواجه تجديدالخطاب الدينى هو كيفية استئصال الموروث الخاطئ وهذا صعب، والله يقول: و«من يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى» إذن لابد أن يكفر بالطاغوت أولاً وكل شىء فيه فساد ويؤمن بالله بعد أن يخرج الفاسد ويدخل منه السليم والصحيح.. وحينما يقولون للناس استقيموا سيقف ضدهم المستفيدون من الدجل إخوانا بتوع الذبائح والبركة والعلاج بالقرآن، ولا يوجد شىء اسمه علاج بالقرآن، إنما القرآن كتاب هداية، ولكن هؤلاء المستفيدين من الخطاب الدينى الخاطئ والتواكلى، وبركاتك يا مولانا، واسمح لى أبوس الجزمة، فهل يوجد دين يقر بناء مسجد بتكلفة (40) مليون جنيه أى ثمن بناء مئات الشقق والناس لا تجد السكن، إلا بسبب الخطاب الدينى الخاطئ.
هل هذا الخطاب الدينى الحالى يلبى احتياجات المسلمين المجتمعية؟
- الخطاب الدينى يلبى الاحتياجات الهدى والنور ولكن الخطاب الدينى الذى يقدم السنة على الفريضة وفيه دعوة إلى إهمال العقل والتكاسل والتواكل والتقزم وفساد الاعتقاد بأن الله قادر على كل شىء فلا نعمل، وأن الله يجيب الدعاء فلندعو ولا نعمل، والله لا يعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء فثقوا فى الله ولا تعملوا وكل هذه الدعاوى تلبس ثوب الحق أحياناً وتخلعه أحياناً أخرى، فهذا خطاب لا يلبى أى شىء إلا أمراً واحداً وهو «خد من عبدالله واتكل على الله» وليس فى الإسلام مثل هذا و«ابن عربى» يقول: أشد ما يعانيه الإسلام هو استنساخ دين محمد ووضع دين جديد، وهذا ما نفعله حالياً لأننا نضع ديناً جديداً قائم على شكلية العبادة، وعدم الربط بين العبادة وبين الهدف.
لا معنى ولا تدبر
تقصدالتركيز على الشكل بعيداً عن الجوهر؟
- نعم.. فهذا استنساخ فى الشكل كما نرى اللحية وتقصير الجلباب والنقاب ودين المعلقات فى المنازل والسيارات، ودين الأسماء المجردة من معانيها مثل «تسنيم» و«بسملة» وهذه محاولة الالتصاق بالدين بطريقة لا صلة لها أو دين العبوس اعتقاداً أن التكشيرة من الجد والدين، ودين كتلة الألفاظ ولكنها مجردة من معانيها مثل ما شاء الله، تبارك الله، جزاك الله خيراً، فهذه كتلة من الكلمات ليس وراءها من فقه ولا معنى ولا تدبر.
يوجداتهام للأزهر أنه لم يقدم خطاباً دينياً فى الفقه والتفسير والحديث وعلم العقيدة يقنع به أهل العصر؟
- هذا ظلم للأزهر الذى يقدم التراث، وبه أقسام تدرس الحديث وعلوم الشريعة والفقه، وأصول الفقه وعلوم القرآن، ثم نرى أحدهم لا يفهم شيئاً ولم يدخل جامعة، ويتهم الأزهر بهذا الاتهام، دون أن يعرف أن الأزهر به (66) كلية ومعاهد أزهرية و(100) ألف طالب والأزهر يحتاج قناة فضائية مواكبة للعصر وللسوق، لأن الفضائيات تقدم البعض بأسلوبهم الجميل المودرن لكن المحقق يعلم تماماً أنهم لا صلة لهم بالعلم وإن تحدثوا فى الله والرسول، لأن العلم أمر آخر.
البعض يتهم الكثيرين بالتمسك بالتراث بأنهم يحاولون الرجوع إلى الماضى؟
- وما أجمل الرجوع إليه، فهل سيعودون إلى ماضى التخلف والأصنام، لا بل الرجوع إلى ماضى المجد والرحمة وفتح البلاد، و«ابن رشد» و«أبوبكر الرازى» وكنا نعلم أوروبا واليوم أصبحنا عالة عليها، والتراث له رجاله، والفقه الإسلامى يقول: جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم، وهم بالطبع لا يدركون ما يفعلون، والتراث مثل المسجد المفترض أن نبعد عنه الصبيان والمجانين ومدعى الثقافة، لأن الهجوم على التراث نعانى منه وسنعانى منه.
إذن كيف نقدم خطاباً دينياً يتصل بالثوابت والعصر ويجمع بين الأصالة والمعاصرة؟
- لابد فيمن يتعرض لهذا الأمر يكون عالم دين فذاً يستطيع أن يقرأ التراث ويفهمه ويشرحه مبسطاً للناس مثل كتاب «البخارى» الذى له مفاتيح فى فهمه تصعب على أى إنسان عادى أن يقرأه ولن يفهمه لأنه يحتاج شرح، و«البخارى» يكرر الحديث الواحد أكثر من مرة فى أكثر من باب، والأحاديث أكثر من (8) آلاف حديث غير المكرر وبالتكرار بلغت الأحاديث إلى أكثر من (12٫600) حديث إذن «البخارى» كرر أكثر من (4) آلاف حديث فى كتابه.
إذن التكرار للشرح والتبسيط؟
- نعم.. ومثال ذلك أن «البخارى» يذكر أن امرأة طلقها زوجها 3 مرات فبت طلاقها وتزوجت من بعده رجلاً آخر، ثم رغبت فى العودة إلى زوجها الأول، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حتى يذوق عسيلتك وتتروقى عسيلته أى أنه لابد أن يدخل بها الزوج الجديد والرسول صلى الله عليه وسلم سمى الجماع بين الزوجين ب«عسيلة» لأن المفترض أن هذه العملية الجنسية بينهما تكون مثل العسل.. فقالت للنبى إنه غير قادر على مجامعتها.. وبعد 40 صفحة يأتى الحديث نفسه بأن امرأة رفاعة هنا عرفنا اسم زوجها طلقها زوجها 3 مرات ويستمر الحديث إلى أن قالت يا رسول الله تزوجت فلاناً وإن ما معه مثل هدية الثوب أى أنه مريض بالارتخاء، وبعد 180 صفحة تكرر نفس الحديث لكن ذكر به اسم الزوج الجديد وجاء الرجل ليدافع عن نفسه أمام الرسول صلى الله عليه وسلم ويبين السبب الذى اتهم به هذه التهمة الشنعاء وأحضر ابنه معه لينفى عنه هذه التهمة، وقال يا رسول الله إنى أفركها فركاً، ولكنها تحب رفاعة فأوضح سبب اتهامه.. وفى الرواية الخامسة بعد 200 صفحة ذكر الحديث وجاء فيه أنه جاء بولده وسأله الرسول: هذا ولدك، فقال: نعم يا رسول اله، فقال لزوجته اتقى الله إن ولده أشد شبهاً به من الغراب بابنه، وهنا عرفنا بداية الحديث ونهايته، ولهذا من يكتفى بالحديث الأول قد يتهم البخارى بأنه مقصر.
لماذا إذن الهجوم على كتاب «صحيح البخارى»؟
- هؤلاء الذين يهاجمون البخارى غير المتخصصين فى العلم، ولا الفاهمين له.. وابن حجر أعد كتاب فتح البارى لصحيح البخارى وأيضاً بدرالدين محمد العينى كان من علماء مصر ألف كتاب عمدة القارى فى شرح صحيح البخارى أكثر من عشرين مجلداً وابن أبى جبر له كتاب بهجة النفوس شرح فيه 300 حديث، ويوجد أكثر من ألف عالم شرحوا كتاب البخارى وأقسم بالله جميعهم أجمعوا على أن كتاب البخارى لا نظير له فى منهجه وأن هذا الرجل قدم للإسلام عملاً يتقرب به إلى الله، ويكفى أنه فى أول كتابه قال: عن عمر بن الخطاب عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إنما الأعمال بالنيات، ولم يكتب خطبة على نحو ما يذكر المؤلفون اكتفاء واقتناعاً بكلام الله «لا تقدموا بين يدى الله ورسوله»، فكيف يكتب مقدمة وهو مقبل على كلام رسول الله، فهذا الرجل مُلئ علماً وأقول البخارى كشخص ليس معصوماً لأنه إنسان ولكنه فى العلم والعمل فلا لأنه حينها يقدم علماً فيصبح منهجاً ونقلاً كتابه عن رواة وأفراد جميعهم رأوا بعض وصولاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن لا يفهم الحديث؛ عليه أن يذهب إلى العلماء ليشرحوه له ولكنهم يقولون ويدلسون على الناس صارخين ياعالم هل البخارى معصوم يا ناس.. والبسطاء يصدقونهم ويقولون صحيح البخارى ليس معصوماً إذن هؤلاء ضالون وأضلوا الناس، لأنه ليس معصوماً فى تعاملاته كبشر، ولكنه عالم جليل فى عمله وعلمه ومنهجه.
جنوح وشذوذ
إلى أى مدى أساءت الجماعات الدينية إلى الدين والمجتمع؟
- هذا ما يجيب عنه الباحثون المتتبعون لتاريخهم ويحللون مناهجهم ومواقفهم ويقولون رأيهم.. أما أنا أرى أنه لا يوجد ما يسمى بجماعات إسلامية، وما ينبغى أن توجد لأن الجماعة الإسلامية هى أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالكامل، والله قال عنها هذا فى القرآن، وهذه أمتكم أمة واحدة ومن العيب ما يفعله البعض فكل جزء من المسلمين يشكل جماعة، فهذه خيبة أمل ركبة جمل ودلدلت رجليها، لأن الإسلام يطالبنا بأن نكون أمة واحدة ولكن السياسة فرقت المسلمين إلى جماعات وأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، وعليهم أن يتكاتفوا لنصرة هذا الدين وسوف يحاسبهم الله على ما كان منهم من جنوح وشذوذ وتقسيم، وأطالبهم بأن يتذكروا واصل بن عطاء الذى كان أستاذ أساتذة المعتزلة الذى خطب خطبة تاريخية وصفها العلماء بأنها أفضل خطبة فى التاريخ الإسلامى لأن صاحبها متعصب لفكر المعتزلة، ولكنه لم يذكرهم فى خطبه ولم يمتدحهم لأنه يقدمها للناس جميعاً وأوصاهم بتقوى الله، وبين لهم أن التقوى نور فى الوجه، والصراحة نور فى الدنيا والآخرة، وكان يتلعثم فى حرف الراء فجاء بالخطبة كلها خالية من حرف الراء حتى لا يشينه ذلك وهو يلقيها، وقد جاهد فى الله حق جهاده، لأنه أتعب نفسه حتى لا يتعامل بحرف الراء ويتعب الناس فأين قادة هذه الجماعات اليوم من مثل هذا الرجل، ولهذا أقولهم بلا جماعة بلا ولاعة!!
كيفية التعامل مع الذين ينصبون أنفسهم أوصياء على الدين؟
- هؤلاء يتعامل معهم الحكومة والشرطة والقانون ولابد للجمهور ألا يستجيب إلى أى جماعة تدعوهم لأفكارهم والانضمام إليها لأنكم تابعون لجماعة محمد صلى الله عليه وسلم فلا تستمعوا إليهم ولا إلى أفكارهم لأنهم ليسوا علماء وسيذهبون بك وبجماعتهم إلى 60 داهية وسيذهبون ببلدك إلى ألف داهية، فلديكم الأزهر استمعوا إلى علمائه وتعلموا ما تريدون منهم واسألوا ما تشاءون فستجدون العلم الصحيح الذى ليس له مآرب أو هدف وتعلموا القرآن والحديث فى الأزهر، ومصر ليست فى حاجة إلى جماعات، بل هى فى حاجة إلى جماعة واحدة وهى جماعة المسلمين وإن اختلفت المشارب والمآرب.
وهذا ينطبق على المتطفلين على الخطاب الدينى؟
- نعم.. 100٪ وما أكثرهم، فما الذى يحشر هؤلاء المتطفلين على الدين؟! إلا أنهم يريدون أن يكونوا نجوماً أو أن لهم أهدافاً أخرى ثم أن كل فرد فى الأمة الإسلامية هو داعية فى حدود ما يعلم، والله قال: «كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر» لكن الأهم هو الابتعاد عن الإفتاء، ولا ينصب الإنسان نفسه مفتياً.
طائلة القانون
هل يوجد خطورة من تحويل الدين إلى مهنة؟
- لا مانع فى هذا لأنه لابد أن يكون مهنة يتفرغ لها العالم، ولا يكون له أمر غيره، وفى الفقه الإسلامى نجد العالم إما أن يكون عالماً خصص وقته للعلم، أو أن يكون مثل أبى حنيفة النعمان تاجر أقمشة وجهاز عرائس، ومفتى للأمة، وعالم علماء الأمة، إذن العالم فى الفقه والدين إما أن يكون له حرفة أو مهنة يتعايش منها ويكون العلم تطوعاً لكن بعد دراسة وشهادة وإجازة، وليس تطوعاً من تلقاء نفسه بأن يجمع الناس حوله ويخاطبهم فى الدين لأن هذا دجل، لأن المهنة تعنى أستاذ فى علوم الدين، وليس جاهلاً به لأن هذا إجرام، وهل من الممكن لأى فرد يقرر فجأة أن يكون طبيباً؟! بالطبع لا إلا بعد دراسة وحصوله على شهادة وانضمامه لنقابة الأطباء وإلا سيقع تحت طائلة القانون، إذن المهنة ضرورية لوجود متخصصين متفرغين لا هم لهم ولا شىء عندهم إلا تحصيل العلم ونشره.
كيفية العمل على تفكيك المصطلحات والفتاوى الخاطئة المتعلقة بالتكفير؟
- أولاً..لا يستطيع أحد أن يكفر أحداً والنبى نهانا عن ذلك، وقال من قال لأخيه يا كافر فباء بهما أحدهما، لأن الكفر والإيمان محلهما القلب الذى لا يطلع عليه أحد إلا الله.
ما أخطر الأفكار المغلوطة على المجتمع وشبابنا؟
- أخطر شىء هو أساسيات الدين غير المعروفة، وهذا أخطر ما يواجه الشباب والمجتمع لأنها أبجديات الدين فنجد مسلماً يسأل أنه أفطر فى رمضان بعض الأيام فكم يدفع كفارة هذا الإفطار، مع أنه ليس عليه دفع بل عليه عدة من أيام أخر يقضيها بالصيام، وهكذا.
للأسف الشديد الكثيرون لا يعرفون أبجديات دينهم بسبب الخطاب الدينى الذى أوصل المسلمين إلى ما هم عليه الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.