- لم يعد خافياً أن العملية الإرهابية التى وقعت فى شمال سيناء فى الأول من يوليو الجارى كانت فى إطار مخططات قوى إقليمية ودولية كبرى تعمل للنيل من استقرار مصر وسلخ سيناء كلها بدءاً بسلخ جزء من شمالها عن باقى سيناء، وضمه إلى قطاع غزة كخطوة أولى لإنشاء غزة كبرى التى تضم قطاع غزة و750 كم2 من شمال سيناء، فيما يعرف بخطة (جيورا آيلاند)، وهى خطة إسرائيلية - أمريكية - حمساوية تسعى لتصفية قضية الصراع العربى الإسرائيلى، تتبعها خطوة أخرى تقضى الخطة بضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية، وخطة أخرى تعرف باسم (حقل الأشواك) وهى خطة إسرائيلية قديمة تبنتها أمريكا لحل المشكلة الفلسطينية على حساب مصر، وتوطين الفلسطينيين فى شمال سيناء، وذلك فى إطار المخطط الأكبر لقيام الشرق الأوسط الكبير، القائم على فكرة تقسيم وتفتيت الدول العربية إلى عدة دويلات على أسس عرقية وطائفية ومذهبية، لتكون بمثابة دويلات صغيرة وضعيفة ومنهكة بما يحدث فيها من حروب أهلية، تدور فى فلك إسرائيل الكبرى باعتبارها القوة الإقليمية العظمى فى المنطقة. وقد كانت خطة ضم شمال سيناء إلى قطاع غزة على وشك التنفيذ أثناء فترة حكم الإخوان المسلمين الذين اتفق زعيماها (محمد مرسى وخيرت الشاطر) على التنازل عن مساحة 750 كم2 مقابل 8 مليارات دولار، وبدء ذلك بتجنيس 50.000 فلسطينى بالجنسية المصرية وإعطائهم حق تملك الأراضى فى سيناء، وهو ما وقف الجيش المصرى فى مواجهته وحال دون تنفيذه. - كما لا يمكن قراءة أهداف منظمة بيت المقدس، وتوقع عملياته فى مصر حاليا ومستقبلا إلا من خلال الاستراتيجية الأكبر للتنظيم الأم (داعش). فمنذ إعلان تنظيم بيت المقدس بيعته لداعش فى عام 2014 أصبح أحد التروس المحركة لعجلة ما يسمى بدولة الخلافة الكبرى ذات الامتدادات فى العراق والشام وشمال إفريقيا والجزيرة العربية، لذلك جاء احتفال داعش بالعيد الأول لتأسيسها بتنفيذ عدة هجمات إرهابية متزامنة فى تونس والكويت والسعودية وفرنسا، وتوجتها بهجوم الشيخ زويد. وهى عمليات دعا إليها أبومحمد العدنانى، المتحدث باسم التنظيم فى تسجيل صوتى إيذاناً بمشروع داعش فى تنفيذ المرحلة الثانية من توسع ونمو دولته بالتوجه إلى مصر والخليج، والتى سبق أن أشار إليها زعيم داعش أبوبكر البغداد فى تسجيل صوتى له؛ بهدف تدعيم الأراضى التى تسيطر عليها دولته فى سورياوالعراق بتحزيم طرق المواصلات الخاصة بقناة السويس وباب المندب فى اليمن بهدف التأمين والحيلولة دون وصول أى إمدادات دولية تهدف إلى ضرب داعش مستقبلاً، مع محاولة السيطرة على بعض دول الخليج لضمان تمويل إضافى. ويكشف عبدالله محمد، الاستراتيجية الكبرى لداعش فى مصر، وهو أحد أهم منظرى التنظيم فى كتابه «استراتيجية خاصة بالصراع العالمى ومكان التيار الجهادى منه» متحدثاً بوضوح ودون مواربة عن حلم التنظيم بالسيطرة على قناة السويس، حيث قال: «إن هذا الإجراء يأتى بالدرجة الأولى لضمان انتقال الجيوش الإسلامية من الشام إلى مصر وبالعكس وبالسرعة المطلوبة، ولتفويت الفرصة على الحملات العسكرية للأعداء من الإفادة بهذا الممر المائى الاستراتيجى، وبذلك تجد أى حملة بحرية عسكرية نفسها مرغمة على الدوران حول قارة أفريقيا والالتفاف من رأس الرجاء الصالح والصعود مرة أخرى للوصول إلى البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب وهو الذى سنعمل على تضييقه، بحيث لا يسمح بمرور حاملات الطائرات والبوارج من خلاله، ونضعه فى نفس الوقت تحت التهديد المباشر للسلاح»، وهذه هى الخطة التى أعلنت داعش البدء فيها بالفعل لضرب المسجد الشيعى فى اليمن ثم بعد ذلك فى السعودية، دلالة على وضع قدم لها بالفعل بالقرب من باب المندب. - يتضح لنا مما سبق، ومن حادث اغتيال النائب العام المصرى المستشار هشام بركات قبل معركة الشيخ زويد، أن الهدف هو إسقاط مصر، الدولة المصرية، وإرهاق قواتها المسلحة وتشتيت جهودها وإضعاف معنوياتها وإفقاد ثقة الشعب فيها، واتهامها بعدم القدرة على هزيمة الإرهاب والدفاع والحفاظ على سيناء، وأن يتفكك عقد الوحدة المصرية فى مواجهة الإرهاب. من هنا كان حرص الإرهابيين فى عمليتهم أول يوليو أن ينتشروا فى جميع أنحاء منطقة الشيخ زويد رافعين أعلامهم السوداء فوق سياراتهم التى كانت تجوب المنطقة لإظهار قدرتهم على السيطرة على المنطقة، ولو لعدة ساعات يتم تصويرهم بواسطة كاميراتهم وإرسالها إلى وكالات الأنباء والفضائيات بسرعة لإظهار قدرتهم على تحقيق هذا الهدف، ومن ثم فإن الهدف المعنوى عندهم كان هو الهدف الأكبر، لأنهم يعرفون أن الهزيمة المعنوية أخطر وأهم من الهزيمة العسكرية، إلا أنهم صُدموا عندما وجدوا المواقع المصرية مستعدة لملاقاتهم، وأحدثت فيهم خسائر بشرية ومادية جسيمة أتت بنتائج عكسية فيما كانوا يتوقعون ويستهدفون، كما باء حلمهم الآخر بإجبار الدولة المصرية على الجلوس مع الإخوان للمصالحة تحت وطأة الخسائر البشرية أيضا بالفشل، حيث زاد تصميم الجيش والشعب المصرى على إبادة هؤلاء الحشرات وتطهير ليس فقط سيناء من الإرهابيين، ولكن كل مصر من بقاياهم. - وهنا يبرز سؤال مهم لماذا الشيخ زويد وليست رفح التى تم استهدافها براية داعش السوداء؟.. وقد تكون الإجابة أنه لو نجحت خطتهم لتم عزل مدينتى رفح والشيخ زويد عن العريش، وعزل قوة الجيش بها وبما يسهل تدميرها بما يأتى من دعم من حماس، وبعمليات إنزال بحرى شمال الشيخ زويد بواسطة ما يسمى (الحسكات)، وهى زوارق صغيرة وسريعة تصل خلال دقائق من مياه غزة لتقديم الدعم. وبذلك تقع المنطقة من الحدود وغرباً بما يشمل رفح والشيخ زويد رهينة إرهاب تنظيم بيت المقدس وحماس لقطاع غزة، ويؤدى بعدها إلى الإعلان الرسمى عن ميلاد ولاية شمال سيناء، بعد أن يُفتح الباب والطريق أمام كتائب القسام التابعة لحماس للدخول إلى سيناء، لتشكل حائط صد جنبا إلى جنب تنظيم بيت المقدس فى مواجهة الجيش المصرى. لذلك فتحت الأبواب لتسلل العناصر الأجنبية عبر الأنفاق وسواحل المتوسط وبإشراف مباشر من كتائب القسام، ولم يبق سوى التسلل إلى الأراضى المصرية. وهو مخطط يشبه إلى حد ما مخططات استيلاء داعش على مدن فى الأنبار بالعراق والرقة بسوريا، متغافلين فى ذلك عن حقيقة مهمة وهى الاختلاف الجوهرى بين الجيش المصرى المتماسك ذي الهوية الوطنية التى تذوب فيها كل الاختلافات العرقية والمذهبية والطائفية، على عكس جيوش أخرى مزقتها هذه الاختلافات. وهذا هو الخطأ الأكبر الذى وقعت فيه القيادة الدولية للمؤامرة على مصر، والمنظمات الإرهابية كلها بما فيها جماعة الإخوان، عندما تصورت أنها ستجد جيشاً فى سيناء مثل الذى تعاملت معه فى العراقوسوريا، فكانت النتيجة فشلاً ذريعاً وهزيمة منكرة لهم مع خيبة أمل كبيرة فى تحقيق أى من أهدافهم. - وفى الخلاصة فإن نوعية الهجمات وحجمها - سواء التى وقعت فى سيناء أو داخل باقى المحافظات المصرية - من اغتيالات وعمليات هجومية وتخريبية، توحى بأن هناك جماعات وقوى متحالفة مع جماعة الإخوان تستهدف تغيير النظام الحالى، وتظن أنها قادرة على إسقاطه بإحداث أكبر قدر من الفوضى، وأن الاضطرابات ستدفع الناس إلى الشارع طالبة التغيير، إلا أنهم فوجئوا بأن فى مصر مؤسسات قديمة وقوية أبرزها المؤسسة العسكرية، ولا يمكن أن يسيطر على الشارع المصرى سوى الجيش الذى ثبت أنه يحظى بأكبر دعم شعبى فى تاريخ مصر، يضاف إلى ذلك أنه لا توجد فى مصر قوى انفصالية أو مناطقية أو طائفية كما يحدث فى العراقوسوريا وليبيا واليمن والسودان. ذلك أن مصر عبر التاريخ، ظلت دولة واحدة تقوم على ضفتى نهر النيل، وتدار من المركز بالقاهرة، وأن وحدة النسيج الاجتماعى وثبات المؤسسة العسكرية يجعلان المراهنة على التغيير فى مصر مشروعاً فاشلاً. لذلك لن نفاجأ إذا ما نحت الحكومة المصرية إلى الصرامة فى التعامل مع القوى الإرهابية وحلفائها فى الداخل بشكل عام، لأن هناك شعوراً عاماً فى مصر بأن ما يحدث ليس مجرد أعمال إرهابية من جانب جماعات مختلة عقلياً، بل إن هناك قوى إقليمية ودولية تحركها تستهدف إسقاط النظام السياسى القائم فى مصر والاستيلاء على الحكم، وهو ما لن تسمح به قوى الدولة والشعب أبداً ذلك لأن المعركة بين قوى الدولة والشعب والقوى الأخرى المعادية لها، هى معركة وجود وحياة بأن نكون ونحافظ على ما نحن فيه من استقرار وأمن، أو لا نكون ونتحول إلى دولة أخرى فاشلة ممزقة مثل سوريا وليبيا والعراق واليمن. الإعداد للعملية: - لابد أن نشير فى البداية إلى أن العملية الإرهابية التى تمت أخيراً فى الشيخ زويد تندرج تحت اسم العمليات «متعددة الجنسيات»، وقد بدأت بأول تفجير لخط الغاز تحت إشراف خبير من إيران وصل سيناء بدليل من السودان، ونفذ المهمة مجموعة من مصر وفلسطين، وتكرر تعدد الجنسيات فى اقتحام السجون وقتل الجنود المصريين.. لنصل إلى ما حدث مؤخراً فى الشيخ زويد بهدف إعلان ما يسمى «الإمارة الإسلامية فى سيناء». وقد نفذت العملية بعد 36 ساعة من اغتيال النائب العام. ولابد من التفرقة بين العمليات الإرهابية فى سيناء والعمليات الإرهابية فى الوادى.. ذلك أن العمليات التى تجرى فى محافظات الوادى تستهدف زعزعة الاستقرار وتعطيل التنمية بما يهدد النظام وإن صعب إسقاطه. ولكن فى سيناء نجد أنفسنا أمام مؤامرة تشارك فيها دول وتتابعها أجهزة مخابرات دولية وتمول بمليارات الدولارات وتستخدم أسلحة متطورة قادمة من وراء الحدود، فضلا عن مرتزقة من جنسيات مختلفة مدربين ومحترفين فى استخدام تكتيكات حرب العصابات التى ربما لا تجيدها الجيوش النظامية، إلا بعد فترة زمنية من التأقلم فيها واستيعاب خبراتها ودروسها، وكان أبرز هذه الدروس أن الإرهابيين يستهدفون فى المقام الأول بث الرعب فى الجنود ليفروا من الخدمة كما حدث فى الجيوش الأمريكية فى فيتنام، وحديثا مع الجيوش العراقية والسورية، لذلك تعمدت أنصار بيت المقدس نشر فيديوهات الذبح والحرب لمزيد من التأثير فى الحالة النفسية ولكنها فشلت. - كان بديهياً أن يسبق تنفيذ هذه العملية الإرهابية إعداد لها مواكبة لعمليات التخطيط وتحديد الأهداف، وتمثل هذا الإعداد فى استطلاع الأهداف التى سيتم ضربها، وطرق الاقتراب إليها، والأماكن التى سيتم تفخيخها بالألغام والعبوات المتفجرة لعرقلة تقدم أى قوات أو عربات إسعاف من العمق، وتحديد مواقع الأسلحة فى مواقعنا التى سيعطى لها أولوية فى التدمير والإسكات، وتقسيم الإرهابيين المشتركين فى العملية (300 فرد) تقريباً إلى مجموعات ذات مهام مختلفة وتشكيل كل مجموعة من 1-2 عربة مفخخة، وحوالى 5 أفراد انتحاريين مسلحين بأحزمة ناسفة، و10-15 فرداً لتنفيذ عمليات الهجوم بالمواجهة بالقواذف المضادة للدبابات والرشاشات، ومثلهم كنسق ثان للقيام بعمليات الالتفاف حول الموقع واقتحامه من الخلف، وعناصر مخصصة لاستخدام الصواريخ المضادة للدبابات لتدمير الدبابات والعربات المدرعة المتواجدة بالموقع، وعناصر أخرى للاشتباك بالصواريخ «سام-7» والرشاشات 14.5 بوصة للاشتباك مع المروحيات أباتشى، مع تحديد قائد ونائب له لكل مجموعة اقتحام، وفرد من عناصر للاتصالات للاتصال بالقيادات الخلفية، وعناصر أخرى لوجستية للإمداد بالاحتياجات الإدارية، خاصة الوقود، ناهيك عن مجموعة تخصصت فى تصوير المعارك التى تدور على الأرض وتسجيلها، وإرسالها عبر الأقمار الصناعية لبثها عبر الفضائيات فى نفس توقيت حدوث العمليات، خاصة مرحلة رفع أعلام داعش السوداء فوق المواقع المصرية. ومن البديهى أن كل هذا الإعداد والتجهيز يستغرق زمناً لا يقل أبداً عن 7-10 أيام، فضلاً عن تدريب كل عنصر على المهام التى سينفذها، وهو ما يستغرق وقتاً إضافياً فى الإعداد لمثل هذه العمليات، أما فى ليلة الهجوم فإنه يتم رفع الأغطية عن السيارات التى ستشترك فى العملية وعددها لا يقل عن 30 سيارة، وتزويدها بالوقود وتركيب الأسلحة عليها، وارتداء الأفراد لمهماتهم وأسلحتهم وأحزمتهم الناسفة استعداداً للتحرك كل مجموعة نحو هدفها، فى السادسة صباح يوم العملية، وهنا يبرز سؤال مهم وهو: فى وسط مدينة صغيرة مثل الشيخ زويد لا يتعدى سكانها 50.000 فرد، وطوال أسبوع أو عشرة أيام من الإعداد والتجهيز، كان من المفروض والبديهى أن يلتفت أنظار سكان هذه المنطقة، وأن تقوم العيون التابعة لأجهزة المخابرات والأمن المتواجدة فى هذه القرى، المعلوم جيداً أنها تؤوى معظم العناصر الإرهابية، بالتبليغ عن أى أنشطة غير عادية إلى المسئولين المباشرين فى أجهزة الأمن والمخابرات لتحذيرهم من قرب وقوع عمليات إرهابية انطلاقًّا من هذه المناطق، وبما يُمكِّن قواتنا من توجيه ضربات جوية وبرية استباقية ضد المواقع الإرهابية، إلا أن مثل هذا التحذير للأسف لم يصدر من هذه العيون مما عطَّل تنفيذ أى ضربات استباقية، ومفاجأة قواتنا بالهجمات، صباح يوم أول يوليو، حيث كانت البداية من نصيب الإرهابيين الأمر الذى أطال من زمن المعركة لحوالى عشر ساعات، وهو الدرس الأهم الذى ينبغى استيعابه من هذه العملية. - وفى هذا الصدد ينبغى أن نشير إلى عناصر خاصة ضمن تشكيل مجموعة الإرهابيين التى تقوم بالهجوم، يطلق على الفرد منهم (الانغماسى)، وقد دخل هذا المصطلح قاموس المنظمات الإرهابية على يد تنظيم القاعدة، وأعادت التنظيمات الإرهابية التى ظهرت مؤخراً - ومنها بيت المقدس - استخدامه والانغماسى مقاتل ذو كفاءة عالية يرتدى حزاماً ناسفاً ومزود بأسلحة خفيفة إذ يقاتل حتى تنفد ذخيرته ثم يفجر نفسه إذا لزم الأمر. ويتم تأهيله عقائدياً وبما يترسخ فى عقله وقلبه أن بتفجير نفسه إنما يعد شهيداً، بل ويسبق غيره من الشهداء فى دخول الجنة تزفه إليها الحور العين، وبما يغريه على الإسراع بالتضحية بنفسه. «الانغماسيون» يُعتبرون فى نظر التنظيمات الإرهابية صفوة هذه التنظيمات، ويُعرِّف تنظيم القاعدة «الانغماسى» بأنه «من يغمس نفسه فى صفوف العدو أثناء المعركة». والانغماسيون يرتدون ملابس مماثلة لملابس العدو، ويحاولون التطابق معهم فى المظهر، فيحلقون اللحى والشعر إذا لزم الأمر، ثم يتسللون للمواقع المهاجمة بالتزامن مع الاقتحام، ويستغلون الفوضى التى يحدثها لعمل الخدعة فى النهاية إما بالهرب أو تفجير أنفسهم حسب المقتضيات. - وتشبه العملية الإرهابية فى الأول من يوليو إلى حد كبير عملية (كرم القواديس)، مع فارق فى الأعداد الكبيرة من الإرهابيين (300 فرد) والعربات المفخخة والأسلحة الثقيلة والعبوات الناسفة، لذلك جاءت تحركات الجماعات الإرهابية فى هذه العملية أشبه بتحركات الجيوش وليس جماعات الإرهاب.. بدءاً من دفع عناصر الاستطلاع، ثم مجموعات إرباك مواقع قواتنا عبر السيارات المفخخة، والقصف بالهاون عن بعد، ثم دفع عناصر الاشتباك والتعامل والالتفاف والقنص وتدمير الدبابات والعربات المدرعة، بالتزامن مع قطع الطرق بالألغام والعبوات المتفجرة، ثم وجود نسق ثانٍ من الإرهابيين يُشكِّل احتياطياً مستعداً للدفع فى أى اتجاه لتعويض الخسائر والنجدة، أو تعزيز النجاح برفع أعلام داعش السوداء فوق المواقع التى تقع تحت سيطرتهم. مغزى التوقيت: - إن اختيار الأول من يوليو لتنفيذ العملية جاء ضمن عملية تمدد تنظيم داعش فى المنطقة، واستكمالاً لما فعله التنظيم فى مدينتى الموصل والرمادى فى العراق، أو سرت فى غرب ليبيا، ليكن يوم أول يوليو هو يوم احتلال الشيخ زويد وإعلان ميلاد ما يسمى «ولاية شمال سيناء» التى تتبع داعش، بمباركة ودعم من حركة حماس، ناهيك بالطبع عن توافق هذا اليوم مع ذكرى ثورة 30 يونية وطرد الإخوان من السلطة وتولي نظام سياسى جديد برئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا بشكل مؤقت وتحت حماية القوات المسلحة والجيش حتى تم وضع الدستور والموافقة عليه من خلال الاستفتاء الشعبى، ثم انتخابات الرئاسة التى فاز فيها الرئيس «السيسى» فى منتصف عام 2014. - وللأسف كان الطابور الخامس التابع للإخوان داخل مصر ضالعًا فى مخطط العملية الإرهابية التى جرت يوم أول يوليو، وملماً بتوقيتها، بل وخدموا على هذا المخطط. فمنهم من تحدث عن أيام قليلة وسيضطر نظام الرئيس السيسى للجرى وراء الإخوان ليطلب منهم المصالحة بعد أن تنجح داعش فى إنشاء ما يسمى «ولاية» له فى سيناء، بل إن منهم من طالب بتدخل دولى فى سيناء، ناهيك عن الدعوات لتضامن كل القوى والعناصر التى تستهدف الوطن، الأمر الذى يؤكد أننا كنا أمام مخطط لإدخالنا فى أوضاع تشبه ما تتعرض له العراقوسوريا وليبيا حاليًّا. - أما من حيث اختيار الإرهابيين للساعة السادسة صباحاً لبدء العملية، فهو لاستغلال وضع حظر التجول مساءً ليكون موعداً لتنفيذ التحضيرات النهائية للعملية طوال الليل، ثم بدء الهجوم قبل توقيت انتهاء الحظر بنصف ساعة، لافتراضهم وجود حالة من التراخى والطمأنينة لدى الجنود بعد سهر ليلة من الحذر والتوقع لأى هجمات إرهابية ليلاً. غداً.. الحلقة الثالثة