محمد جابر، الشاب الذى ولد كفيفاً لأم وأب من فاقدى البصر، عاش حلماً بسيطاً أعطاه كل ما يملك من قدرة على التحدى.. تعلم ونال شهادة جامعية وحصل على ليسانس الألسن وما أن شرع فى التفكير فى أبسط حقوقه «شقة ووظيفة» حتى اصطدم بحائط الظلم.. كان يعتقد أن المشروع القومى للإسكان سينصفه وبعد عام من الانتظار.. وبعد أن منحه المسئولون الأمل وانطباق الشروط عليه.. ضاع الحلم ب«جرة قلم»!! محمد جابر مسعود عمره «21 سنة» هو أخ لشقيقتين كفيفتين مثله أمه الحاجة الصلاة على النبى أيضاً تعانى من ضعف شديد فى البصر، تزوجت موظفاً بسيطاً كفيفاً أيضاً لكنه انفصل عن الأم والأبناء بعد فصول من المعاناة والخلافات.. اضطرت الأم لأن تعمل وأعانتها شهادة «الثانوية العامة» التى كافحت لتنالها كأنها كانت تشعر بأنها ستحتاج إلى سلاح قوى يعينها على تحمل مسئولية ثلاثة أبناء من المكفوفين، محمد وشقيقتيه.. استطاعت بكفاحها ومساعدة شقيقها أن تزوجها، البطلة هنا هى الأم التى حرصت على تعليم أبنائها فألحقت محمد الابن الأكبر بالمدرسة الثانوية النموذجية للمكفوفين، وكان محمد على قدر المسئولية والحلم فذاكر وحصل على شهادة الثانوية العامة بجموع 93٪ أهله للالتحاق بكلية الألسن.. أربع سنوات من الصبر والمعاناة لكن الأمل كان نوراً يضىء أمامه الطريق هو وأمه. حصل محمد على الليسانس وأصبح عمره الآن 21 عاماً. بإحساسه شعر أن الوقت قد حان للرد الجميل للأم المكافحة التى تحملت مسئولية الأسرة بعد أن ابتعد الأب وتخلى عن الجميع.. محمد بحث عن حقه فى العمل وكله يتعين أنه قادر على العطاء وشهادة التأهيل التى منحتها لها الدولة تؤكد ذلك أيضاً حيث تنص على قدرته على العمل المناسب لإعاقته ومؤهله الدراسى.. لكن الواقع لا يعترف بهذا الحق، وبات العمل والحصول على وظيفة حلماً صعب المنال يضاف إلى أحلامه الضائعة. يقول محمد إنه سمع عن مشروع الإسكان فى التليفزيون وهو يعلم أن الشروط تنطبق عليه. تبكى الأم بدموع غالية تخنق الكلمات فى حلقها: أعيش مع أولادى فى شقة إيجار جديد ب450 جنيهاً شهرياً وأحصل على معاش 400 جنيه وأخى يساعدنى فى تدبير احتياجاتى واحتياجات أبنائى.. وكان كل أملنا أن نحصل على شقة مدعمة وأعطانى أخى مبلغ ال5 آلاف ومائة جنيه وقدمت لابنى فى مكتب بريد السلام حيث إننا نتبع بنك الإسكان والتعمير بالعبور كان ذلك فى 20 أكتوبر من العام الماضى فى المرحلة الأولى.. وعشت أنا وابنى على أمل الحصول على شقة فى مدينة السلام وأرفقت كافة الأوراق المطلوبة بعدها سألت فى بنك الإسكان والتعمير فى مدينة العبور وفى كل مرة يقولون لى إن ابنى «مستوفى» وسيحصل على شقة. حدث هذا خمس مرات وأخبرونى أن مندوباً سيأتى إلينا فى خلال أيام.. ولم يحدث فذهبت لأسأل مرة أخرى لأفاجأ بهم يخبرونى أن ورق ابنى ناقص «وصل نور».. رغم أننى أرفقت بأوراقه صورة من عقد التليفون.. وطلب منى المسئول أن أذهب لموظف ببنك الإسكان فرع الهرم.. وتحملت الصعوبات والمشقة وذهبنا إلى الموظف الذى عاملنا بشكل سيىء جداً كأن المعاق ليس من حقه أن يعيش أصلاً.. رغم أن الدولة ورئيس الجمهورية نفسه يهتم جداً بذوى الاحتياجات ودائماً يعطى توجيهاته للتيسير عليهم إلا أن هناك من الموظفين ما لا يعترفون بأى حق من حقوق المعاقين بدليل أن هذا الموظف عاملنى أنا وابنى بهذا السوء وقال لى: «ورقك ناقص روحى اسحبى فلوسك».. رغم أنهم أعطونى من قبل ورقاً بأن ابنى مستوفى كل الشروط.. تبكى الأم بحرقة وهى تلملم أوراق محمد الذى كان قد تقدم لخطبة زميلة له «موحدة» على أمل أن يحصل على الشقة ويتزوج وتعيش أمه معه وأسرته كلها بعيداً عن مأساة الإيجار الجديد.. قالت الأم بحرقة وألم: لقد كان أملى كبيراً، أما الشاب المكافح فيمسح دموع أمه فى حنان ويتساءل لماذا استكثروا علينا شقة تسترنى أنا وأمى وإخوتى وقد رضيت أن نعيش جميعاً فى شقة واحدة وأتزوج فيها ورضيت خطيبتى بذلك لأنها تحب أمى وتعاملها كأمها، إن هذه المشاريع تقوم بها الدولة من أجل الشباب وأعتقد أننى أقوم بواجبى وأنتظر أن أحصل على حقى وأن يرفعوا عنى هذا الظلم. تقول الأم: يعلم الله أنه لم يقصر.. وأنا أيضاً حملت هموم أبنائى على كتفى كالرجال وصممت أن أصل بهم إلى بر الأمان.. رضينا بقضاء الله وأن نكون جميعاً من ذوى الاحتياجات الخاصة لأن هذا قضاء الله وقدره لنا وأبيت الليل أصلى وأدعو أن يحفظ أبنائى ويحقق حلم محمد فى الحصول على شقة تؤوينا.. خاصة أننا لم نسحب ال5 آلاف جنيه على أمل أن يرفع عنا الظلم ونحصل على حقنا فى شقة تؤوينا وتريحنا من عناء سنين طويلة من الشقاء.. محمد أيضاً يحلم بوظيفة ليعيننى ويريحنى بعد أن أفنيت عمرى فى تربيتهم وتعليمهم.