رئيس الوزراء القطرى: إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض على وقف إطلاق النار فى غزة    فلسطين.. 5 شهداء بقصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة    تقارير إعلامية: محتجون يصلون إلى مبنى رئاسة الوزراء بالعاصمة الليبية    ترامب لأمير قطر: سيكون هناك عرض جوى بمشاركة أحدث الطائرات    فى فيديو مؤثر.. حسام البدري يشكر الدولة على عودته الآمنة من ليبيا    مصرع لاعب كمال أجسام إثر حادث تصادم سيارتين فى التجمع    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    محافظ البحيرة توجه بركوب ذوي الهمم بالمجان في أتوبيسات النقل العام    حدث ليلًا| بيان للنقل بشأن محور بديل خزان أسوان وموعد أطول إجازة رسمية في 2025    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي 2025 بمحافظة الإسماعيلية (رسميًا)    كيف قضى قانون الجديد العمل على استغلال الأطفال وظيفيًا؟    عدد أيام إجازات المرأة وفقًا لقانون العمل الجديد    الجمعة والسبت.. خبير يُحذر من انفجارات شمسية تصل حرارتها للأرض    ترامب: لا أرغب في أن تأخذ المحادثات النووية مع إيران مسارًا عنيفًا    وزير الخارجية الأردني: نأمل أن تكون قمة بغداد فرصة لتعزيز التعاون العربي    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 15 مايو 2025    خبير لوائح: من حق الزمالك اللجوء ل الفيفا بسبب أزمة القمة    ريال مدريد يعطل تتويج برشلونة ويهزم مايوركا في الوقت القاتل    منتخب مصر يتصدر جدول ميداليات بطولة إفريقيا للمضمار ب30 ميدالية    قبل موعد اتحاد الكرة بيومين.. الرابطة تدعو الأندية لاجتماع من أجل مناقشة شكل الدوري    خالد بيبو: حمزة علاء تهرب من تجديد عقده مع الأهلي    وصول حسام البدري والفوج الأول من الرياضيين المصريين إلى القاهرة    موعد مباريات اليوم الخميس 15 مايو 2025| إنفوجراف    بعد انخفاضه رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 15 مايو 2025    حجز الحكم على قهوجى متهم بقتل شخص فى أوسيم إلى 13 يوليو    مصرع رجل وزوجته في حادث تصادم سيارتين أجرة ونقل على طريق طنطا- كفرالشيخ    إخماد حريق داخل مصنع فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    التزموا منازلكم، تشكيل غرفة عمليات بالخارجية لمتابعة التطورات في ليبيا    بسبب كاميرا مراقبة.. اعترافات المتهمين بالتشاجر داخل مسجد بالسلام    ارتفاع شحنات الهواتف الذكية لأمريكا 30% في مارس بسبب المخاوف الجمركية    تعرف على الفائزين في مسابقة "أفضل بحث لشباب الباحثين في مصر"    يضع سياج حول قلبه.. ماذا يخشى برج العقرب في العلاقات؟    العقرب «محامي شاطر» والجوزاء «علاقات عامة».. المهنة المناسبة لشخصيتك حسب برجك الفلكي    تبرعت بمنزلها لتحفيظ كتاب الله بالمجان.. وفاة الشيخة «محاسن» أقدم محفظة قرآن بالمنيا    "أول واحدة آمنت بيا".. محمد رمضان يكشف أهم مكالمة هاتفية في حياته    وفاة الفنان السوري أديب قدورة بطل فيلم "الفهد"    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن بعد آخر تراجع بمستهل تعاملات الخميس 15 مايو 2025    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    وكيل صحة الدقهلية يشيد بجهود الآطقم الطبية والإدارية في شربين    ضمن مبادرة الأمراض المزمنة .. "الصحة" تقدم نصائح لمرضى ضغط الدم لتجنب مضاعفاته    وكيل تموين الإسماعيلية تتفقد صوامع القمح بالقنطرة شرق    محافظ الدقهلية: لن أترك ملفا دون حل وأؤمن بأن الإعلام شريك أساسى فى خدمة المواطن    ريهام عبد الحكيم تأسر قلوب الحضور فى دار الأوبرا بروائع أم كلثوم    الخارجية الأمريكية: ترامب يريد تحسن الوضع الإنسانى المتفاقم فى قطاع غزة    «24 ساعة فاصلة».. بيان مهم بشأن حالة الطقس وتحذير من موجة شديدة الحرارة    القوات المسلحة تنظم زيارة للملحقين العسكريين إلى الأكاديمية وعدد من المشروعات القومية    الرئيس يتابع تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان    فرنسا: سنعترف بدولة فلسطين لأننا نؤمن بحل سياسي مستدام للمنطقة    أخبار × 24 ساعة.. مجلس الوزراء: رسوم عبور قناة السويس تُحصل بالعملات الأجنبية    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    «الرقابة الصحية» تشارك بالنسخة الأولى من المعرض العربي للاستدامة    أمين الفتوى يحذر من استخدام المياه في التحديات على السوشيال ميديا: إسراف وتبذير غير جائز شرعًا    هل من حقي أن أطلب من زوجي تعديل مظهره وهيئته؟.. أمين الفتوى: يجوز في هذه الحالة    موعد امتحانات الشهادة الإعدادية العامة الفصل الدراسي الثاني 2024-2025 في البحيرة    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوقود الحيوى» تجربة عالمية تحت الاختبار
نشر في الوفد يوم 16 - 08 - 2015

يعتبر الوقود الحيوى انطلاقة لإنقاذ العالم من النقص والعجز الذى يواجهه من مصادر الطاقة، خاصة تلك الدول التي لا تنتج البترول أو الغاز، أو حتى الدول المنتجة لمصادر الطاقة المستنفدة أو غير المتجددة وسيأتى عليها يوم تنضب فيه، ما لم يتم العثور على بدائل أخرى «أكثر استدامة» مثل طاقة الرياح، والطاقة المولدة من الوقود الحيوى، وتعد الطاقة الحيوية أملاً كبيراً وطموحاً للدول المتقدمة علي وجه الخصوص، من خلالها يتم التخلص من المخلفات الحيوانية والزراعية وإعادة تدويرها واستخدامها في إنتاج الطاقة، غير أن هذا المجال لا تزال تحيطه الشكوك وشبهات المخاوف من أى آثار بيئية قد تنجم عن استخدام هذا النوع من الطاقة، وبعد أن دخلت مصر هذا المجال حديثاً، لزم أن نخوض فى هذا الملف، لكشف ما له وما عليه والضوابط المطلوبة لاستخدامه حفاظاً على البيئة المصرية وحمايتها من مزيد من التلوث.. «الوفد» تفتح الملف.
منذ أن ظهرت السحابة السوداء في سماء القاهرة قبل 10 سنوات بدأت الدراسات تبحث في أسبابها وكشفت أن حرق قش الأرز أحد أسباب هذه الظاهرة، من ثم البحث عن وسائل آمنة ومفيدة للتخلص من المخلفات الزراعية بشكل عام، ومع تزايد أزمة الغاز بدأ التفكير في ضرورة الاستفادة من هذه المخلفات لإنتاج غاز حيوى آمن بيئياً، وبدأت التجربة في محافظة الشرقية الأولى في إنتاج الأرز، ومع نجاحها قررت الحكومة تعميم التجربة هذا العام في قري الريف المصرى من خلال شركة أهلية تشرف علي المشروع وبإشراف حكومى من وزارات البيئة والزراعة والتنمية المحلية والكهرباء والبترول، وأخيراً دخلت وزارة الطيران علي خط المنافسة لاستخدام الوقود الحيوى في الطائرات.
منذ أيام قليلة أعلن الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، عن موافقة المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء عن إنشاء مؤسسة أهلية لدعم مشروع إنتاج واستخدام البوتاجاز وفقاً لقانون الجمعيات الأهلية، لتصبح مؤسسة أهلية شبه حكومية من خلال مشروع الطاقة الحيوية للتنمية الريفية المستدامة، وتهدف المؤسسة إلى استخدام المخلفات من روث الماشية وغيرها في إنتاج الوقود الحيوى، ودعم الفلاحين بمختلف القرى والمحافظات بمصدر دائم للطاقة والسماد الحيوى الذي يعيد للأرض خصوبتها، بالإضافة إلى أهمية المشروع في الاستفادة من المخلفات بصورة آمنة وتوفير فرص عمل للشباب.
وهذا المشروع بدأ منذ عدة أعوام في محافظة الشرقية، وتبنته وزارة البيئة بالتعاون مع مرفق البيئة العالمي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى وبالتنسيق مع وزارات البترول والكهرباء والطاقة والزراعة والتنمية المحلية والتعاون الدولى والصندوق الاجتماعي للتنمية وهيئة تنمية الطاقة الجديدة في التوسع في تنفيذ المشروع، فانطلق في محافظتي الفيوم وأسيوط عام 2013، ونجح المشروع حتي تم تأسيس 20 شركة متخصصة في تقديم هذه الخدمة في 18 محافظة تتوافر بها الثروة الحيوانية، ونفذ المشروع 1000 وحدة بوتاجاز منزلية تخدم 6 آلاف مواطن، وتوفر حوالى 40 ألف أنبوبة بوتاجاز سنوياً، كما قام المشروع بتنفيذ أولى الوحدات التجارية التي تعتبر أكبر وحدة إنتاج بوتاجاز في مصر بأحد مزارعى المواشى بالفيوم وتنتج حوالى 50 متراً مكعباً من البوتاجاز يومياً، ومن المقرر أن يتم التوسع في المشروع لتوفير احتياجات القري من البوتاجاز بديلاً عن اسطوانات البوتاجاز التي تشهد أزمات موسمية، خاصة في الريف، كما يهدف المشروع إلي توفير 20 مليار جنيه سنوياً تخصص لاستيراد البوتاجاز من الخارج، بالإضافة إلي تكاليف نقل وتداول 36 مليون أنبوبة بوتاجاز شهرياً في محافظات مصر.
مؤسسة أهلية.. لماذا؟
ورغم أنه يعد من المشروعات التنموية المهمة، فإن إسناده إلي مؤسسة أهلية أثار التساؤلات حول ماهية هذه المؤسسة، ولماذا لا يظل تحت الإشراف الحكومي، خاصة أنه من المشروعات التي تنوي الحكومة تعميمها في كل المحافظات، إلا أن مصدراً مسئولاً بوزارة البيئة أكد لنا أن هذه المؤسسة الأهلية ما هي إلا نوع من التخفيف عن المواطنين العاملين في هذا المشروع، فالعمل سيتم من خلال جمعيات أهلية بيئية محلية لديها القدرة علي الوصول أسرع للمواطنين وتذليل العقبات التي تقف أمامهم، وهي معاون للوزارات المعنية في تنفيذ هذا المشروع الذي تضعه الدولة علي قائمة أولوياتها في المرحلة القادمة لتنمية قري الريف المصري.
ومن جانبه يري محمد ناجي، مدير مركز حابي للدراسات البيئية، ضرورة أن الدولة تتوسع في إنتاج هذا النوع من الوقود الآمن علي البيئة، ولا ضرر أن يتم هذا بالتعاون بين الدولة والجمعيات الأهلية أو من خلال مؤسسة أهلية بشرط ضرورة وجود رقابة حكومية ومتابعة دائمة، وألا يتحول هذا المشروع لمجرد دعاية، فالعالم كله يتوسع في إنتاج هذا النوع من الوقود، وبعض الدول العربية لديها مصانع أسمنت تعمل بالوقود الحيوي، ومن ثم كان علي المسئولين في الدولة التفكير في تشغيل مصانع الأسمنت به بدلاً من اللجوء إلي الفحم المعروف بتأثيراته الضارة علي البيئة، كما أن التوسع في استخدامه سيوفر علي الدولة مليارات الدولارات التي تخصص لاستيراد الغاز والوقود الأحفوري، كما أن مصادره متجددة، وموجودة دائماً في مصر.. وأضاف أن الوقود الحيوي يعد هو المستقبل وعلي الدولة أن توليه اهتماماً خاصاً وتتعاون معها الجمعيات الأهلية في ذلك.
يذكر أن 50 كيلو من المخلفات العضوية تنتج 6 أمتار غاز، ويمكن الاعتماد عليه في تشغيل البوتاجاز وتوفير الطاقة للمشروعات الصغيرة، كما يمكن الاعتماد عليه في إنتاج الكهرباء أيضاً، حيث إن المتر المكعب من الغاز يمكنه توليد طاقة كهربية تتراوح بين 1٫3 و1٫5 كيلو وات في الساعة، وهو ما دفع تركيا إلي إنشاء محطات توليد كهرباء صغيرة معتمدة علي الوقود الحيوي، وكشفت الدراسات أن مصر يمكنها توفير 30٪ من احتياجاتها من الكهرباء باستخدام البوتاجاز، وهو المشروع الذي أعده المركز القومي للبحوث، وتم تنفيذه بمحافظة الوادي الجديد، حيث تمت إنارة قريتين بها عن طريق الوقود الحيوي.
وكان المركز القومي للبحوث قد أجري دراسات عديدة للاستفادة من زيوت الطعام المستخدمة وتحويلها إلي سولار، وهو المشروع الذي أعلنت عنه وزارة التموين منذ فترة، ولم يخرج لحيز التنفيذ حتي الآن، كما أجري المركز عدة بحوث لاستخلاصه من النباتات غير الغذائية والطحالب والمخلفات الزراعية وورد النيل بعد خلطه بروث الماشية بنسبة 75٪ إلي 25٪، وبذلك يمكن الاستفادة من ورد النيل الذي يستهلك كمية كبيرة من المياه سنوياً، بالإضافة إلي عدد من المشروعات التي تنفذها وزارة البيئة بالتعاون مع إيطاليا لزراعة شجرة الجاتروفا في الأراضي الصحراوية والاستفادة منها في إنتاج الوقود الحيوي، ولكن هذه المشروعات لم يتم تعميمها بعد، في حين أعلنت وزارة الطيران المدني عن استخدام الوقود الحيوي في تشغيل طائراتها، ومازالت مصر تحبو بخطوات بطيئة نحو هذا المستقبل البيئي الواعد.
الإفراط فى استخدام الوقود التقليدى خطر
العالم بين نارين.. التلوث البيئى والجوع
مع تزايد التلوث الناتج عن استخدام الوقود التقليدى، ومع تزايد احتمالات نضوب البترول والفحم والغاز الطبيعى، اتجه العلماء إلى إنتاج أنواع الوقود النظيفة والمتجددة، وعلى رأسها الوقود الحيوى الذي أكدت الدراسات أنه يعد من أنقى أنواع الوقود وأقلها تلوثاً، ومع ذلك فقد ظهرت مخاوف من التوسع في استخدام هذا الوقود المعتمد على المحاصيل الزراعية مما ساعد على ارتفاع أسعارها بشكل كبير عام 2007، ما جعل البعض يؤكد أن التوسع في إنتاجه سيأتى علي حساب الشعوب الفقيرة التي ستزداد فقراً وجوعاً، ومن هنا أكد الخبراء أن التوسع في إنتاج هذا الوقود لابد أن يتم على حساب المخلفات الزراعية وليس على حساب المحاصيل نفسها حماية للإنسانية.
وكشفت الدراسات التي أجريت حول أهمية هذا الوقود ومميزاته أن مصادره متنوعة وبالتالى فهو غير قابل للنضوب، حيث يمكن تصنيعه من المحاصيل الزراعية مثل قصب السكر والذرة والأرز، كما يمكن تصنيعه من المخلفات الزراعية وبقايا الطعام وورد النيل وروث الماشية، كما أنه اقتصادى التكلفة إذا ما قورن بالوقود التقليدى، ولا يحتاج إلي تكنولوجيا عالية في إنتاجه أو احترافه، غير ملوث للبيئة، حيث إنه بعد احتراقه لا ينتج عنه سوى ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، كما كشفت الدراسات أن خلطه مع بنزين السيارات بنسبة 85٪ يؤدى إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى المنبعثة من عوادم السيارات بنسبة 91٪، كما أنه لا يستطيع أحد احتكاره مثل البترول لأنه يمكن أن ينتج في كل مكان وحتي داخل المنازل في القري الزراعية، يمكنه تنمية اقتصاديات الدول الفقيرة، ويمكن استخدامه في تنمية الصناعات الصغيرة، ونتيجة لهذه الفوائد والمميزات زاد اهتمام العالم به، حتي إن الاتحاد الأوروبى وضع خطة لاستبدال الوقود الحيوى مكان النفط بنسبة 5.75٪، بينما قررت الولايات المتحدة استبداله بنسبة 30٪ مكان البترول وذلك بسبب انعدام تأثيراته الضارة على البيئة، وبسبب ارتفاع أسعار البترول والمخاوف المتزايدة من نضوبه، مما أدى إلي ظهور مفهوم أمن الطاقة وانتشاره في الغرب، وهو ما دفع إلي زيادة الاعتماد على الوقود الحيوى، وكشفت الدكتورة دينا جلال المدرس بكلية التجارة جامعة بورسعيد في دراستها حول «إنتاج الوقود الحيوى في إطار الاقتصاد العالمي، مع إشارة للحالة المصرية».
إن الحكومات اتجهت للتوسع في إنتاج هذا الوقود لعدة أسباب منها تأمين مصادر الطاقة في ضوء التقلبات المستمرة في أسعار النفط، وتنمية المجتمعات الزراعية وزيادة دخول أفرادها ومنع الهجرة من الريف إلي المدن، بالإضافة إلى الدوافع البيئية المرتبطة بتخفيض الانبعاثات الضارة الناتجة عن استخدام الوقود الأحفورى، وباستخدام تقنيات غير مكلفة اقتصادياً، بالإضافة إلى الدوافع الاقتصادية مثل تنمية إنتاج محاصيل الطاقة وتصديرها، واستصلاح المزيد من الأراضى لزراعة محاصيل الطاقة، وتدعيم الميزان التجارى للدول المصدرة لهذا النوع من الطاقة، والتخلص من المخلفات الزراعية بتحويلها إلي غاز يمكن الاستفادة منه.
ويتفق الدكتور ناصر عبداللطيف، أستاذ تلوث الهواء بالمركز القومى للبحوث، مع الدراسات السابقة، مشيراً إلى أن الوقود الحيوى أفضل من الوقود الأحفورى من حيث كمية الانبعاثات الناتجة عن احتراقه، لأنه وقود طبيعى نقى، وبالتالى فمخرجاته ستكون مكونة من الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون وبخار الماء وكلها من المكونات الطبيعية للهواء، ونسبتها قليلة من نسبة العوادم الناتجة عن الوقود الأحفورى بشرط أن يتم استخدام المخلفات الزراعية بدون إضافة مواد كيماوية بنسب كبيرة حتي لا تسبب تلوثاً للبيئة.
مخاوف
ورغم كل هذه المميزات التي ذكرتها الدراسات والمتخصصين، فهناك مخاوف عالمية من التوسع في استخدام الوقود الحيوى اعتماداً علي المحاصيل الزراعية، وهو ما كان سبباً فى ارتفاع أسعارها بشكل كبير عام 2007 حتى إن خبراء الأمم المتحدة حذروا من التوسع في إنتاج هذا الوقود، مؤكدين أنه يعتبر جريمة ضد الإنسانية، وطالبت الأمم المتحدة وقتها بمنع إنتاج الوقود الحيوى من المحاصيل الزراعية مثل القمح والذرة والأرز والشعير لأنه انعكس علي الشعوب الفقيرة، حيث كشف تقرير لمنظمة الفاو أن التوسع في إنتاج الوقود الحيوى بنسبة 1٪ يؤدى إلي تجويع 61 مليون إنسان في العالم، ونتيجة لذلك لجأت بعض الدول إلى استبدال زراعة المحاصيل الزراعية بأشجار الجاتروفا والجوجوبا المنتجة للطاقة وهو ما من شأنه أن يؤدى إلى زيادة مشاكل الغذاء نتيجة لاستبدال المحاصيل الغذائية بمحاصيل الطاقة، ومن هنا يرى الدكتور خيرى العشماوى أستاذ الاقتصاد الزراعى بالمركز القومي للبحوث ورئيس وحدة تبسيط ونشر العلوم أنه نظراً للأضرار البيئية للوقود التقليدى، ومخاوف الدول من نضوبه، فلابد من التوسع في إنتاج الوقود الحيوى بشرط أن يتم ذلك اعتماداً علي المخلفات الزراعية، خاصة أن مصر تنتج حوالى 6.3 مليون طن من قش الأرز سنوياً، وحوالى 20 مليون طن من مخلفات القصب، بالإضافة إلى المخلفات الزراعية الأخرى، وهذه يمكن الاستفادة منها في إنتاج الوقود الحيوى، كما يمكن الاستفادة من مياه الصرف الزراعى والصحى في زراعة أشجار الجاتروفا ومحاصيل الطاقة في الأراضى المستصلحة لاستخدامها في إنتاج الوقود الحيوى، بالإضافة إلى استخدام الطحالب في إنتاجه.
ألمانيا الأولي في إنتاج البيوجاز والبرازيل صنعته من قصب السكر والصين علي الطريق
في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار منتجات النفط لمعدلات قياسية، وأصبح التلوث البيئي المتزايد بسبب التوسع في استخدام مصادر الطاقة التقليدية كارثة تهدد الحياة علي كوكب الأرض، أصبح العالم في حاجة ماسة للتوسع في استخدام الوقود الحيوي الذي تقدمت دول بسببه، وأصبحت اقتصادياتها من أقوي اقتصاديات العالم، فتجارب الدول التي خاضت غمار إنتاج هذا النوع من الوقود تؤكد أن مستقبل الدول ومستقبل كوكبنا نفسه مرهون بمدي الاعتماد علي هذا النوع من الوقود، الذي لا يحتاج إلي زراعة محاصيل بعينها أو الاعتماد علي المحاصيل الغذائية لتوليده، إنما يمكن الاعتماد فيه علي المخلفات الزراعية والحيوانية أيضاً.
دول عديدة بدأت منذ عقود طويلة في الاهتمام بالوقود الحيوي كأحد مصادر الطاقة البديلة، نجحت في هذا المجال حتي إنها أصبحت من أكبر الدول المصدرة لهذا النوع من الوقود، منها البرازيل التي بدأت في تجارب إنتاج الوقود الحيوي في ثلاثينيات القرن الماضي، وأصبحت صاحبة تجربة مميزة في مجال إنتاج هذا النوع من الوقود، فقد اعتمدت البرازيل علي كونها أكبر منتج لقصب السكر في العالم، حيث تنتج منه حوالي 425٫4 مليون طن سنوياً، ومن هنا بدأت تجربتها في إنتاج غاز الإيثانول الحيوي اعتماداً علي قصب السكر، حتي أصبحت من أكبر دول العالم المنتجة والمصدرة لهذا الغاز، حيث يوجد بها حوالي 325 مصنعاً لإنتاج الإيثانول، يبلغ إنتاجها 18 مليار لتر، يوجه 15 مليار لتر منها للاستهلاك المحلي، بينما يصدر الفائض للخارج، ما يدر دخلاً علي البلاد يقدر ب 1٫6 مليار دولار سنوياً، كما يوجد بها حوالي 147 مشروعاً جديداً لإنتاج الإيثانول تقدر استثماراتها ب 17 مليار دولار، وتستخدم 50٫6 من السيارات في البرازيل الوقود الحيوي، وتتميز البرازيل بانخفاض تكلفة إنتاج الإيثانول عن غيرها من الدول، حيث تقدر تكلفة إنتاج اللتر بها حوالي 0٫22 دولار، بينما تقدر قيمة إنتاج اللتر في الولايات المتحدة ب 0٫30 دولار، وتصل في الاتحاد الأوروبي إلي 0٫53 دولار للتر، هذا في الوقت الذي تتوسع فيه البرازيل الآن في إنتاج الديزل الحيوي حتي وصل إنتاجها منه 2٫5 مليار لتر سنوياً.
وفي الوقت الذي صعد فيه نجم البرازيل في مجال إنتاج الوقود الحيوي بدت المنافسة قوية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا في هذا المجال، بدأت هذه الدول تتنافس لإنتاج هذا النوع من الوقود باستخدام المحاصيل الزراعية مثل الذرة وقصب السكر وفول الصويا وغيرها من المحاصيل، حتي أصبح الوقود الحيوي يحتل المرتبة الثانية بنسبة 26٪ بين مصادر الطاقة المتجددة، ومن المتوقع أن يزداد الاعتماد عليه في المرحلة القادمة، خاصة مع زيادة اهتمام دول العالم بتصنيعه مثلما يحدث في الهند والصين وإندونيسيا والفلبين وماليزيا ومالي وكينيا، حيث يستخدم الوقود الحيوي بشقيه الإيثانول والديزل الحيوي في تشغيل محركات السيارات وإنتاج الطاقة، وتعتبر ألمانيا هي أول دول العالم في إنتاج الوقود الحيوي، ومازال علماؤها يسعون إلي ابتكار وسائل جديدة لإنتاج الوقود الحيوي، حيث توصل العالم الألماني تيمو بروكر الباحث بمعهد تقنيات التغذية إلي وسيلة لاستخراج الوقود الحيوي من بقايا الخبز والبيتزا بعد تخمرها، ومازال العلماء يسعون في كل دول العالم المتقدمة والنامية إلي استحداث وسائل للتوسع في إنتاج الوقود الحيوي، وهذا السباق العالمي في إنتاج الوقود الحيوي كان سبباً في ارتفاع أسعار السلع الغذائية عام 2008، مما كان سبباً في إقالة حكومات مثلما حدث في تاهيتي، لذلك توجه العلماء الآن إلي تصنيع هذا الوقود من المخلفات الزراعية والحيوانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.