فور إعلان الإفراج عنه دارت الأحاديث حول إمكانية إجراء مصالحة بين الدولة والجماعة.. لاسيما أنه قاد صولات وجولات في ذلك الشأن قبيل القبض عليه، فضلًا عن أنه أحد القيادات التي تمسكت بالوسطية ودعت للبعد عن النهج الإخواني المتشدد، وكان ذلك سببًا في انشقاقه عنها عام 1989. هو "أبو العلا ماضي" القيادي المنشق عن جماعة الإخوان والذي تم الإفراج عنه مساء أمس، بعدما قررت محكمة مصرية إخلاء سبيله في قضية أحداث منطقة "بين السرايات" والتي وقعت فيها اشتباكات بين أنصار الرئيس المعزول "محمد مرسي" وأهالي تلك المنطقة عام 2013. جاء انشقاقه عن الجماعة في أعقاب عام 1989، وأثار خروجه عن نهج التنظيم جدلًا واسعًا، بعدما قضى فيها أكثر من 30 عامًا، وكانت فكرة إنشاء حزب وسطي هي المسيطرة عليه في ذلك الوقت، الأمر الذي رفضته الجماعة، فآثر تقديم استقالته منها. ولكنه استطاع تدشين حزب الوسط عقب ثورة 25 يناير، ثم جاءت ثورة 30 يونيو وأطاحت بالجماعة، وألقت قوات الشرطة القبض عليه، وتم توجيه إليه تهم التحريض على العنف وإهانة هيئة قضائية، وجاء أمس ليكون يوم الإفراج عنه. ليدور الحديث حول تأثير خروجه على جماعة الإخوان وإمكانية إحداث مصالحة يكون فيها هو الوسيط، الأمر الذي اختلف عليه خبراء الشأن الإسلامي، مؤكدين أنه شخصية سياسية قوية وله علاقات دولية بمعظم أقطار العالم. "سامح عيد" الباحث في الشؤون الإسلامية، وعضو الهيئة العليا لحزب المحافظين، رأى أن فكر جماعة الإخوان يختلف كثيرًا عن حزب الوسط وأتباعه، ورغم ذلك فإن الإفراج عنه يقوده إلى إعادة ترتيب أوراقه أو تدشين بداية مصالحة، أو دخول العمل السياسي بشكل أو بآخر. وأوضح، أن "ماضي" انشق عن تحالف دعم الشرعية منذ العام الماضي، لذلك أي مبادرات ستخرج منه ستكون رسالة يعبر عنها بشكل جاد، لأنه سيجري محاولات للتفاوض بسبب علاقته الممتدة مع بعض الشخصيات داخل الجماعة مثل يوسف القرضاوي المقيم فى قطر، وراشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسى، وربما تلك العلاقات تقوده لمحاولات تهدئة. ولفت، إلى أن "ماضي" لم تستطع أي جهة أن تثبت عليه شيئا، أو تصريحات تحرض على العنف، ولم يقف على منصة رابعة مثل "عصام سلطان" لإطلاق التهديدات، ولم يثبت عليه أي شيء في قضية بين السرايات، وتم الإفراج عنه لأنه لم يكن متورطا بشكل حقيقي. وشدد على رغم كونه خارج التنظيم منذ عام 1989 إلا أنه كان عاملا مؤثرا بها، ولعب دورا قويا في عهد الرئيس المعزول "محمد مرسي" وكان وكيل لجنة الدستور، ويُعرف بعلاقاته الوثيقة بالعديد من الأطراف. وتوقع "عيد" أن يحاول "ماضي" العمل على تهدئة الأزمة في الجماعة؛ لأنها منقسمة على نفسها، والشباب يلفظ أي حديث من خلاله مصالحة، وأي تصريحات تخرج في ذلك الإطار تزيد الشباب كراهية للدولة. واستبعد أن يكون حدث نوع من التفاوض بين الدولة المصرية و"ماضي" لاسيما مع تزامن الذكرى الثانية لفض اعتصام رابعة، لأن القضاء المصري ليس مسيسا، ولا توجد أي بوادر أو دلالات للتفاوض مع الدولة. وقال "هشام النجار" الباحث في الشؤون الإسلامية، أن هناك احتمالات كثيرة يحملها قرار الإفراج عن "ماضي" وله أبعاد سياسية كثيرة؛ لأنه مؤهل لقيادة دور إيجابي والإسهام في المشهد السياسي، بتقديم مقترحات أو مبادرات جديدة للمصالحة بين الدولة والإخوان. وأوضح، أن قرار الإفراج سيكون له تأثير إيجابي على الجماعة؛ لأنها تبحث عن خطوات تمهيدية، لحل الأزمة الراهنة بها، والتي لن تنتهي بين يوم وليلة، بل تزداد كل يوم ضخامة، بين صراعات على القيادة وانشقاقات حول ضرورة المصالحة. ولفت إلى أن الإفراج عن "ماضي" في ذلك الوقت له دلالات عديدة، أولها لكي يلعب دورا في تهيئة أمر المصالحة للشعب المصري، بسبب قربه من الجماعة فرغم انشقاقه عنها إلا أنه يعد محسوبًا على التيار الإصلاحي المعتدل، الذي تحاول الجماعة اتخاذه. وتابع، أن خروجه جاء بالتزامن مع الحوار الذي أجراه "سليم العوا" مع إحدى المواقع المغربية، والذي يحمل نفس القناعات السياسية والتيارات الوسطية، التي تأتي على يمين الإخوان، فهي محاولات ممن يقودن ذلك التيار سواء "العوا أو ماضي" للتصالح الذي سيكون مرفوضا من قبل الدولة والجماعة. وشدد على أن الجماعة سترفض المصالحة؛ لأنهم لن يسمحوا لأي شخص خارج التنظيم أن يقوم بعملية المصالحة، ولن يسمحوا له بأن يتولى المفاوضات والمصالح السياسية الخاصة بهم شخص خارجهم. وأشار إلى أن الدولة المصرية لن تختار يومًا التصالح مع الجماعة، وإن أمامها قيادات الإخوان الفعليين يمكن أن تتفاوض معهم مباشرة. واتفق معه "خالد الزعفراني" الباحث في الشؤون الإسلامية، مؤكدًا أن الإخوان لن يسمحوا لأي شخص خارجهم أن يقوم بعملية المصالحة، فضلًا عن أنه لا يمتلك أي ثقة عند الطرفين، كما أن التصالح سيكون مرفوضا ومستبعدا.