لا صوت يعلو الآن فوق صوت قناة السويس الجديدة , تلك الملحمة المصرية التي تستحوذ على اهتمام مراكز البحث الدولية بشتى تخصصاتها السياسية والاقتصادية والجغرافية انطلاقا من الأهمية الجيوسياسية والجيوستراتيجية والجيو اقتصادية لقناة السويس بصفة عامة والجديدة بصفة خاصة, وتبارت مراكز الدراسات والمتخصصون فى تحليل هذه الجوانب التى تخص مصر بعد قرار حفر قناة السويس الجديدة وجاءت هذه التحليلات كالتالى: القيت محاضرة هامة فى المجلس البحرى الدولى بجزر البلطيق»BIMCO خصصت مادتها العلمية عن قناة السويس فى مصر ، وأوضحت المحاضرة أن القناة هى أهم أقصر طريق ملاحى مقارنة بالطرق الملاحية الأخرى على مستوى العالم، بالإضافة إلى أن مستوى البحرين المتوسط والأحمر اللذين تربط بينهما فى نفس المستوى ولا تحتاج إلى إغلاق من أية ناحية، فيوجد استقرار فى المستوى الملاحى ، فضلا عن تمتعها بوجود عدة بحيرات فيها مثل التمساح و البحيرات المرة . وتقول المحاضرة ان قناة السويس تختصر المسافات بين أوروبا وأسيا، حيث تقطع السفينة البخارية المسافة بين لندن و بومباى فى الهند فى 4500 ميل فقط، ووصفت المحاضرة القناة بأنها «نعمة هائلة» أو عظيمة فى تقديم هذا الطريق القصير الذى يلف العالم مقارنة بباق الطرق الملاحية المزدحمة شرقا وغربا، وأكدت المحاضرة أن قناة السويس صاحبة أكبر حصة فى نقل البضائع المتجهة شمالا، وانها ذات أهمية اقتصادية وإستراتيجية لدول الخليج العربى، حيث يتم نقل البترول ومشتقاته فى السفن الضخمة عبرها من الخليج إلى اوروبا، كما ان صناع السفن يضعون مقاييس وأبعاد وأعماق قناة السويس فى الحسبان عند بنائهم للسفن، وأشادت المحاضرة بدور الهيئة العامة لقناة السويس التى تعمل دائما على زيادة الغاطس والعمق للقناة الذى وصل إلى عمق 72 قدماً فى 2010و الجوانب، حتى تستوعب الموديلات الجديدة من السفن حتى وصلت إلى حمولة 240 ألف طن، وبالتالى تستطيع أن ترسو في القناة 99% من سفن العالم بمختلف الأحجام لعمل الترانسيت المطلوب لاستكمال رحلتها. وتستكمل المحاضرة : بفضل قناة السويس فى نقل الكميات الهائلة من الغاز الطبيعى المكتشف فى بلاد وسط أسيا والذى كان الإقبال عليه من دول أوروبا وأستراليا، وبالتالى سارت السفن من آسيا إلى أوروبا تحمل الغاز السائل بمنتهى الأمان عبر القناة، فضلا عن فضلها فى نقل البضائع الجافة أيضا. أما موقع «جلوبال سيكيوريتى» الأنى المخابراتى تحدث تفصيلا عن الأهمية الإستراتيجية التجارية لقناة السويس بمناسبة الاعلان عن افتتاح القناة الجديدة، وقارن الموقع بينها وبين قناة بنما التى يوجد بها العديد من النقاط الملاحية المغلقة بسبب اختلاف ارتفاعات البحار التى تصل بينها، والتى تزيد مدة انتظار لدى أية سفينة عابرة خلالها، وبذلك تتفوق قناة السويس عن مثيلتها، بالإضافة إلى الزيادة التى تحققت فى الارتفاع المسموح فى السفن العابرة بعد إتمام بناء الكبارى الحالية، حتى وصل العمق إلى 72 قدما و230 قدماً للعرض. وذكر الموقع أن الحروب والصراعات التى خاضتها مصر مع الدول الطامعة فى هذا المجرى الملاحى الهام منذ الاحتلال البريطانى 1882 حتى حرب 73 ضد إسرائيل، وعن أهمية القناة بالنسبة لنقل الغاز الطبيعى فيقول الموقع أن القناة لا يقطعها أى خط غاز مثل بعض الطرق الملاحية الأخرى وهو ما يسهل طريق السفن المباشر من وإلى الهدف، وذكر الموقع أن القناة هى الخط الملاحى الوحيد الذى يدور حول إفريقيا بدون قطعه من أية خطوط سواء ملاحية أو غاز طبيعى عبره،حيث تستقبل بريطانياوإيطاليا نصف كمية الغاز الطبيعى القادم من أسيا عبر القناة، كما تستقبل بلجيكا 90% من الكمية التى تحتاجها لتوليد الطاقة المطلوبة. وأكد التقرير الخاص بقناة السويس أن الاضطرابات الأمنية التى شهدتها مصر فى الأربع سنوات الماضية، كان لها الأثر المباشر فى رفع أسعار البترول نظرا لاعتماد العالم على قناة السويس فى نقل مصدر الطاقة الرئيسى إلى العالم أجمع. وفى معهد دراسات الشرق الأوسط أكدت الباحثة ماريا جوليا على الأهمية الجيوستراتيجية واقتصادية لقناة السويس الجديدة لمصر ، حيث قالت إن القناة تعطى ثقلا سياسيا وإستراتيجيا لمصر بين دول العالم، وليست فقط ذات اهمية اقتصادية على المستوى الوطنى بأنها تدر عائدا مضمونا كل شهر لخزينة الدولة، ولكنها أيضا قصرت الطريق بين أوروبا وآسيا إلى 9 آلاف كيلو منتر فقط، مما يوفر فى تكاليف نقل البضائع بين بلدان القارتين بالإضافة إلى قارة إفريقيا. وذكرت ماريا جوليا فى بحثها قيام المكتب الاستشارى «دار الهندسة»البحرينى بتخطيط ووضع تصور لمحور التنمية لقناة السويس بصفة عامة فى نظير 1٫8 مليون جنيه ليشمل: المنطقة الممتدة على جانبى القناة،ميناءى غرب و شرق بورسعيد،العريش، العين السخنة ،الأدبية ،الطور،الإسماعيلية ، وإنشاء قرية تكنولوجية أسوة بالقرية الذكية فى القاهرة. ويقول يحىي زكى ممثل المشروع فى دار الهندسة فى نفس المقال، أن المشروع سيشمل البنية التحتية والفوقية لهذه المناطق، بالإضافة إلى إعداد مشاريع للقوانين اللازمة للمستثمرين وتنفيذ فرص الاستثمار الواعد فى المنطقة الجديدة. وتستكمل الباحثة «جاليو» حديثها عن الأهمية الاقتصادية للقناة فى أنها ذات رؤية بعيدة تصل إلى عشرين عاما، يمكننا رؤية إقليم القناة الذى يشمل أعمال المكتب الاستشارى الهندسىالبحرينى كما حددها، بالإضافة إلى خلق مليون فرصة عمل كما تتوقع الباحثة، وستصبح مدن القناة هى الجاذبة للعمالة والعاطلين القادمين من المحافظات بدلا من القاهرة والإسكندرية. وفى مجلة «إنترناشيونال بيزنس تايمز» اهتمت الكاتبة داريا سولوفيفا بالدور الهام الذى يقوم به الجيش المصرى فى عملية التنمية الاقتصادية، وعلى رأسها ما قام به من إنجاز فى حفر قناة السويس فى سنة واحدة، وقالت إن الجيش يدفع بقاطرة الاقتصاد المصرى فى كل مناحى الحياة، كما اهتمت سولوفيفا بشرح مشروع تنمية محور قناة السويس للقراء الأجانب والذى سيتكلف 8،6 بليون دولار، وباتت تذكر أن هناك مطاراً ومنطقة صناعية جديدة، كما سيكون هناك تنمية لمحور العين السخنة كما هو الحال فى ميناء دبى العالمى والذى من المتوقع ان تدير ميناء السخنة، والتى ستصل تكاليف الاستثمارات فيها إلى 600 مليون دولار،كما ستتضمن مساحة تصل إلى 500 الف متر مربع لتخزين صناديق و حاويات السفن بتكلفة 200 مليون دولار. واستكمالا للإشادة بدور الجيش المصرى أشارت الكاتبة داريا سولوفيفا فى مقالها بصحيفة إنترناشيونال بيزنس تايمز أن اللواء محمد رفعت رئيس منطقة شمال غرب خليج السويس و المسئول عن المحور الاقتصادى فيها، قام بتوقيع عقدا مع شركة «تيدا» الصينية والتى ستقوم بتنمية 6 كيلو مترات فى ميناء العين السخنة، وهى شركة كانت أقامت مصانع للملابس والسيارات والبيتروكيماويات فى السويس. وإهتم المجلس الملاحى العالمى بالاحتفال بمرور 100 سنة على شق قناة السويس، واهتم بالتصنيف العالمى لميناء شرق بورسعيد بين الموانئ الأكثر أهمية فى العالم، مع عرض لفيلم تسجيلى للميناء وإمكانات الأرصفة واماكن انتظار السفن والحاويات لحين استكمالها لطريقها إلى الشمال فى أوروبا وشرق الولايات المتحدة. وخصص موقع الكاتب والمؤرخ «يوان كول» فى جامعة ميتشيجن بحثا عن 10 أسباب يمثلون أهمية مصر بالنسبة للأمن القومى الأمريكى، من بينهم ثلاثة أسباب يتعلقون بقناة السويس وهى: أن قناة السويس يمر خلالها 12% من بين بضائع وتجارة العالم، مما يؤثر على أسعار السلع نسبة 10% بصفة عامة فى الولايات المتحدة فى حالة إغلاقها. تأثير قناة السويس على أسعار الهواتف الذكية والتابلتس، حيث إن السفن التى تحمل حاوياتها هذه السلع تصل نسبتها إلى 22% من مجموع التى تعبر عبر الممرات الملاحية الأخرى وعلى رأسها قناة بنما، التى تفضل عنها قناة السويس نظرا لاستيعابها سفن أكبر وأضخم وأقل فى رسوم المرور، وبالتالى سترتفع أسعار مثل هذه السلع المصنعة والقادمة من أسيا إلى الولايات المتحدة إن تم إغلاق القناة. مرور أكثر كل إنتاج البترول من دول الخليج ومصر وشمال إفريقيا عبر القناة التى تحمل أكثر من 2 مليون برميل يوميا إلى الولايات المتحدة فقط، دون باق البلدان الأوروبية التى تعتمد على القناة فى نقل الغاز الطبيعى بشكل أساسى، ومن ثم فإن توقف الملاحة فى القناة يؤثر على أسعار النفط العالمية ب 20 سنتا للبرميل فى اليوم الواحد. وذكر الباحث كارل نيلور فى بحثه اللعبة العالمية الكبرى والجغرافيا السياسية فى معركة الاستيلاء على الموارد فى القرن 21، أن مصر تمتلك ممرا ملاحيا ذو أكبر أهمية استراتيجية على مستوى العالم وهى قناة السويس، التى جعلتها مطمع للدول الكبرى عبر تاريخها، وأكد نيلور الباحث فى معهد بحوث الأزمات فى جامعة أكسفورد، أن هيئة الطاقة الأمريكية شديدة الحرص على إصدار التقارير الدورية الخاصة بحالة قناة السويس الأمنية ، نظرا لأهميتها الاسترايجية والملاحية فى نقل الغاز الطبيعى منذ إكتشافه فى دول أسيا وشمال إفريقيا 2009 وما بعدها فى بعض دول الخليج، وأصبحت القناة تنقل ثلث كمية الغاز التى تذهب إلى تركيا فرنسا والولايات المتحدة، بينما 80% من احتياج إيطاليا للطاقة.