السيد القصير: الكثافة السكانية زادت من التحديات المحلية أمام قطاع الزراعة    البرلمان العربي يطالب مجلس الأمن بإلزام الاحتلال بتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية    نائب المستشار الألماني منتقدا التصرف الإسرائيلي: إسرائيل تجاوزت الحدود في غزة    مران الزمالك.. تدريبات بدينة وتأهيلية استعدادا للاتحاد    وكيل التعليم في الأقصر يتفقد لجان امتحانات الدبلومات الفنية    السودان يجدد تمسكه بمبدأ الصين الواحدة    وزير التعليم العالي يشيد بإدراج 28 جامعة مصرية بتصنيف التايمز العالمي    بعد إشارة الرئيس السيسي له.. ماذا تعرف عن نبات جوجوبا؟    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات.. ومواعيد الإجازات الرسمية المتبقية للعام 2024    الرئيس السيسي: خلط الذرة مع القمح يوفر للدولة 600 مليون دولار    الرئيس السيسي: أرجو أن تكون الجلسة المقبلة للاحتفال بمشروعات الزراعة في سيناء    إعلام إسرائيلي: مباحثات باريس ناجحة وهناك توافق على تحريك صفقة التبادل    عاجل.. تشكيل يوفنتوس الرسمي أمام مونزا في الدوري الإيطالي    شريف مختار يقدم نصائح للوقاية من أمراض القلب في الصيف    «فوبيا» فى شوارع القاهرة    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    نائب رئيس جامعة عين شمس تستقبل وفداً من جامعة قوانغدونغ للدراسات الأجنبية في الصين    نتيجة الصف الرابع الابتدائى التيرم الثانى 2024 فى مطروح (حكومى وتجريبى وخاصة)    أبرزهم إعلامي مصري.. أخطاء جهاز الشاباك في صور قادة حماس    «المصريين بالخارج» يطلق مبادرة مخاطر الهجرة غير الشرعية    طُلاب إعلام المنيا يُنفذون مشروع تخرج استثنائي بعنوان: "صنع في مصر"    محافظ أسيوط يكلف رؤساء المراكز والأحياء بتفقد مشروعات "حياة كريمة"    رئيس جامعة أسيوط يوجه بتوفير كافة سبل الراحة للطلاب المغتربين خلال الامتحانات    أجندة قصور الثقافة.. انطلاق أول معرض كتاب بالشلاتين واستمرار نوادي المسرح    5 أبراج محظوظة ب«الحب» خلال الفترة المقبلة.. هل أنت منهم؟    تفاصيل مالية مثيرة.. وموعد الإعلان الرسمي عن تولي كومباني تدريب بايرن ميونخ    الأزهر يشارك في اجتماع اللجنة الوطنية للصحة النفسية للأطفال والمراهقين    ضبط عامل استدرج طفلة وتعدى عليها جنسيا فى الدقهلية    خاص.. وفاء عامر في عيد ميلادها: «ادعولي أنا مكسورة وقاعدة في البيت»    الأعمال المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. الصوم والصلاة    «أشد من كورونا».. «البيطريين» تُحذر من مرض مشترك بين الإنسان والحيوان    بث مباشر.. أسئلة لن يخرج عنها امتحان الجغرافيا للثانوية العامة    ضبط تشكيل عصابي تخصص في الاتجار بالمواد المخدرة فى المنوفية    مزايا تمنحها بطاقة نسك لحامليها فى موسم الحج.. اعرف التفاصيل    شريف إكرامي: الشناوى لم يتجاوز فى حق أى طرف حتى يعتذر    شاهد نهائي دوري الأبطال مجانا.. خريطة إذاعة مباراة الأهلي والترجي في 83 مركزا وناديا بالقليوبية    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    العين الاماراتي ضد يوكوهاما.. تشكيل الزعيم المتوقع فى نهائي أبطال آسيا    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    وفد برلماني بلجنة الصحة بالنواب يزور جنوب سيناء ويتفقد بعض وحدات طب الأسرة    كيف تعالج الهبوط والدوخة في الحر؟.. نصائح آمنة وفعالة    مفاجآت جديدة في قضية «سفاح التجمع الخامس»: جثث الضحايا ال3 «مخنوقات» وآثار تعذيب    أكاديمية الشرطة تنظيم ورشة عمل عن كيفية مواجهة مخططات إسقاط الدول    باحثة بالمركز المصري للفكر: القاهرة الأكثر اهتماما بالجانب الإنساني في غزة    المفتي: لا يجب إثارة البلبلة في أمورٍ دينيةٍ ثبتت صحتها بالقرآن والسنة والإجماع    لأول مرة.. وزير المالية: إطلاق مشروع تطوير وميكنة منظومة الضرائب العقارية    ضبط 14 طن قطن مجهول المصدر في محلجين بدون ترخيص بالقليوبية    وزارة التجارة: لا صحة لوقف الإفراج عن السيارات الواردة للاستعمال الشخصي    وزير الري: مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يخدم الدول الإفريقية    "كولر بيحب الجمهور".. مدرب المنتخب السابق يكشف أسلوب لعب الترجي أمام الأهلي    إنبي يكشف حقيقة انتقال أمين أوفا للزمالك    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    نهائي دوري أبطال إفريقيا.. الملايين تنتظر الأهلي والترجي    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    عيد الأضحى 2024 الأحد أم الاثنين؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    مباحثات عسكرية مرتقبة بين الولايات المتحدة والصين على وقع أزمة تايوان    فصيل عراقى يعلن استهداف عدة مواقع فى إيلات ب"مسيرات"    "كان يرتعش قبل دخوله المسرح".. محمد الصاوي يكشف شخصية فؤاد المهندس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتب هندي: النبي محمد حذر من تنظيم «داعش» وأئمة الضلال
في مقال رصده اللواء أ. ح حسام سويلم: (1)
نشر في الوفد يوم 27 - 07 - 2015

في مقال بتاريخ 2 يوليو الماضي نشره الكاتب الهندي المسلم المشار إليه في موقعه تحت هذا العنوان كشف عن حقائق مهمة عن تنظيم داعش وأهدافه وخصائصه، وأسباب تجذر الفكر المتطرف في المجتمعات الإسلامية، وكيف تنبأ سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بهذه الفتنة، بل إن سيدنا علي بن أبي طالب- رضي الله عنه - وصف زعيم هذا التنظيم وصفاً دقيقاً، ومسئولية علماء الدين عن تغلغل مرضي التطرف في جسد المجتمعات الإسلامية وفي البداية سنعرض ترجمة نص المقال، ثم سنعلق عليه.
يقول الكاتب ما نصه:
«قام إرهابيو تنظيم الدولة الإسلامية في الأسبوع الماضي بهجمات منفصلة تسببت في مقتل 39 سائحاً في منتجع ساحلي في تونس، ومقتل 30 شيعياً كانوا يصلون في أحد مساجد الشيعة بالكويت. وقد تم تنفيذ هذين الهجومين الوحشيين بعد فترة وجيزة من إصدار داعش أوامرها لميليشياتها الجهادية بتوسيع عملياتهم في شهر رمضان. وقد أثبتت داعش عزمها وإصرارها علي قتل أي شخص يجرؤ علي الاختلاف معها. وينعكس ذلك علي قيام أعضاء التنظيم بذبح الكثير من اليزيديين والمسيحيين، بل إن الأغلبية العظمي من ضحايا هذا التنظيم كانوا من المسلمين الذين يقاومونهم ويرفضون الاعتراف بسلطتهم ونفوذهم. حتي أنهم أعدموا شيوخاً سُنيين رفضوا الولاء لهم ومبايعة زعيمهم خليفة علي المسلمين، وكذا إعدام النساء المسلمات الذين رفضوا الانصياع لمعتقداتهم وتعليماتهم. وسمة القتل هذه يشارك فيها كل الجماعات الإرهابية التي تعمل تحت اسم الإسلام، فعلي سبيل المثال.. فان الأغلبية العظمي من الضحايا كانوا من طالبان، وهم أيضا مسلمون، وكما أن مئات من المسلمين الشيعة قُتلوا أيضاً في السنوات القليلة الماضية، ولقد فقدت شخصيا كثيرا من أصدقائي المقربين في هجمات مماثلة ضد المسلمين الأحمديين في باكستان وأندونيسيا وبنجلاديش وأفغانستان.. عندما يصر بعض النقاد المناهضين للإسلام علي ربط إيماننا كمسلمين بأعمال الإرهابيين المنتسبين للإسلام، وسبب معاناة المسلمين، فإنهم بهذا الإصرار يكونون متبلدي المشاعر وغير حريصين علي الحقيقة.
وأنا لا أختلف علي أن جزءاً من دوافع التطرف الديني ترجع جذوره إلي التأويل الخاطئ، وتحريف معاني آيات القرآن بواسطة المتطرفين الراديكاليين. وعلي أي حال فإنه ليس من الأمانة أن نطلق علي كل المسلمين أنهم غير مؤمنين ومسلمون بالاسم فقط.
إن دراسة نزيهة للقرآن تظهر أن جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تعمل بطريقة مخالفة تماما للشريعة الإسلامية.. فالقرآن - علي سبيل المثال - يقول إنه من قتل نفساً واحدة بغير حق، فكأنما قتل الناس جميعا، كما يعتبر القرآن أن إثارة الفتنة والفوضي في الأرض من أبشع الجرائم. حيث يحثنا القرآن علي السلام والعدل ومراعاة حقوق الإنسان، كما يعلي القرآن من قيم مراعاة الضمير، وعدم الاعتداء علي المرتدين والكفرة.
وتكشف لنا دراسة عن سُنَّة سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه صلي الله عليه وسلم حذَّرنا من ظهور التطرف الديني في هذا العصر، بل وبكل وضوح وتفاصيل مذهلة. فمنذ 1400 عام تنبأ الرسول بأنه سوف يأتي زمن علي الناس «لا يبقي فيه من الإسلام إلا اسمه، ولا يبقي فيه من القرآن إلا رسمه، وأن مساجدهم ستكون عامرة ولكنها خراب من الهدي».. (مصابيح المشكاة). ثم يضيف المصطفي بما معناه أنه في هذه السنوات الأخيرة، سيفقد الإسلام جوهره الحقيقي، وسيقتصر الدين في معظم ممارساته علي ظاهر العبادات فقط. كما تنبأ أيضا أن السبب في ذلك يرجع إلي فساد رجال الدين، وأنهم سيكونون مصدر الشقاق خلال هذه الأيام، وهو ما يكشف عنه ويؤكده باقي الحديث الشريف في قول الرسول مبينا سبب هذه الكارثة «علماؤهم شر من تحت أديم السماء، منهم تخرج الفتنة وفيهم تعود».
أليست هذه حقيقة الشيوخ المتطرفين في أنحاء من العالم الإسلامي الذين يسيئون استخدام منابر الوعظ والإرشاد ليثيروا الانقسامات والكراهية بين المسلمين؟
كما تطرق سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الحديث عن الجماعات الإرهابية - مثل تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» - وأنهم سيحاولون اختطاف إيمان المسلمين، وأنه في هذا الزمن الذي ستسوده الفتن، ستظهر مجموعة من صغار السن يتسمون بالسفاهة والحماقة، وسيتحدثون بكلمات جميلة، ولكنهم يرتكبون أبشع الجرائم. وإن كانوا سيكثرون من الصلاة والصيام بما يفوق عبادة المسلم العادي. كما سيدعون الناس إلي القرآن، ولكنهم في الحقيقة لا يطبقون شيئا من تعاليمه. وأن القرآن لن يتعدي حناجرهم، وبما يعني أنهم لن يفهموا جوهره أبداً، مُردِّدين آيات منتقة يحرفون معانيها بما يخدم أهدافهم ويبرر ممارساتهم الدموية، ونص هذا الحديث الشريف: «يخرج فيكم حداث الأسنان سفهاء الأحلام، يحقرون صلاتكم لصلاتهم، وصيامكم لصيامهم، يقرأون القرآن ولا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية». وفي رواية أخري «تنظر في النصل فلا تري شيئا، و تنظر في القدح فلا تري شيئاً، وتنظر في الريش فلا تري شيئاً»، ولذلك وصف رسول الله صلي الله عليه وسلم هؤلاء الناس بأنهم «أسوأ الخلق».
ولدينا تراث آخر يزيد حديث سيدنا رسول الله إيضاحاً، أخبرنا به الخليفة الرابع سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه - وذلك في كتابه (كتاب الفتن) وصف فيه سيدنا علي هؤلاء بأن شعورهم طويلة، ويحملون أعلاماً سوداً وأن قلوبهم صلبة مثل الحديد، ويريدون أن يكونوا «أصحاب الدولة». ومن المثير للاهتمام أن تنظيم الدولة الإسلامية داعش ISIS يهتمون بأن يشيروا إلي تنظيمهم بأنه «الدولة الإسلامية». كما يشير «كتاب الفتن» أيضا إلي أن هؤلاء الناس خونة يخرقون عهودهم، وكاذبون لا يتكلمون بالحقيقة، ويطلقون علي أنفسهم أسماء تشير إلي بلدانهم.. كما هو الحال مع الخليفة الداعش «أبو بكر البغدادي».
وقد وصف رسول الله صلي الله عليه وسلم - وهو غاضب ومتألم - هؤلاء بأنهم أشرار، وحث المسلمين علي أن يكونوا علي حذر من شرورهم، والتصدي لهؤلاء الإرهابيين ومحاربتهم، وذلك في قول حضرته «من لقيهم فليقتلهم، فإن لمن يقتلهم أجراً عند الله».
فكرّوا مليا في هذه النقطة الحساسة، فعندما تقتل داعش الأبرياء باسم الإسلام، وتزعم بأنها تتبع القرآن، أو تستغل شهر رمضان المبارك لنشر الفوضي عبر العالم، اعلموا جيدا أن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قد سبق أن حذَّرنا بوضوح من هؤلاء الدجَّالين المحتالين، وكلفنا باقتلاع جذورهم نهائيا. إن من يرفض من الناس التمعن والتفكر في هذه النقطة، هم داعشيون مثلهم، ومن المتعاطفين مع الداعشيين، والمتطرفين المعادين للإسلام. والذين يريدون من العالم أن يعتقد بشرعية تنظيم الدولة الإسلامية «داعش». في نفس الوقت نري العاقلين من المسلمين الذين يؤمنون بحكمة سيدنا رسول الله يظلون متحدين وقوة واحدة ضد كل من ينشر الجهل والتطرف. (انتهت ترجمة نص المقال).
التعليق
أولاً: الرسول وعلمه بالغيب
بداية يتعين علينا أن نعلق علي عنوان المقال: «هل حذَّرنا النبي محمد من داعش؟». وهو عنوان في صيغة سؤال قد يحمل هواجس لدي البعض بما يحمله العنوان من سؤال آخر في طياته عن علم الرسول بالغيب؟ باعتبار ما هو معلوم من أن الغيب في علم الله وحده. ولرفع وإزالة مثل هذا الهاجس ينبغي أن نرجع لآيات القرآن ومنها قوله تعالي: «عالم الغيب فلا يُظهر علي غيبه أحداً، إلا من ارتضي من رسولٍ فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا، ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصي كل شيء عددا» (الجن: 28) حيث تؤكد هذه الآية أن الله تعالي يُظهر لرسله ما يشاء من علم الغيب، بل أيضا من يرتضيه الرسول لتبليغ رسالات ربهم.
- كما ورد في أحاديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم الكثير عن الغيب .. منها علي سبيل المثال ما يشير إلي علامات الساعة، بل منها أيضا ما تحدثنا عن واقعنا الذي نحياه، وما نعيشه من فتن حذّرنا حضرته منها.. قوله: «أري فتناً يتلو بعضها بعضا كقطع الليل البهيم». وها نحن نعيش زمن الفتن.. فلا نكاد نخرج من فتنة الإخوان المسلمين، حتي نقع في فتنة التكفير والهجرة، ثم فتنة الجماعة الإسلامية، ومن بعدها فتنة تنظيم القاعدة، وأخيراً وليس بآخر فتنة داعش.. وغيرها من منظمات وجماعات تستحل حرمات المسلمين من أرواح ودماء وممتلكات، وما يواكب ذلك من إثارة العنف والفوضي والصراعات الدموية بين الفرق والأحزاب والجماعات من أجل الاستيلاء علي السلطة والحكم، وتنبأ حضرته أيضاً بهذا الواقع في حديثه الشريف «تفترق أمتي إلي بضع وستين - أو سبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة، هي ما أنا عليه وأصحابي».
ثانياً: الرسول يحذرنا من أئمة الضلال
- كما أنبأنا رسول الله أيضا، وحذَّرنا من أئمة الضلال الموجودين بيننا.. وذلك في حديثه الشريف: «يكون دعاة علي أبواب جهنم، من أجابهم قذفوه فيها» فسأله أحد الصحابة عن وصفهم، فأجاب: «هم قوم من جلدتنا يتكلمون بألستنا». وكانت وصية حضرته لكل مسلم يعاصر هذه الفتن».. فألزم جماعة المسلمين وإمامهم، فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها ولو تعض بأصل شجرة حتي يدركك الموت وأنت كذلك» وهذا بالضبط ما فعله الصحابة عندما داهمتهم فتنة الخوارج في زمن سيدنا عثمان وسيدنا علي، فاعتزلوا الجميع تنفيذاً لوصية حضرته.
- كذلك حذَّرنا رسول الله من أئمة الضلال الذين سيظهرون في مستقبل الأمة الإسلامية - أمثال يوسف القرضاوي، وعمر عبدالرحمن، وعبدالرحمن البر.. وغيرهم من أصحاب الفتاوي المثيرة للفتنة وتدعو لتخريب المجتمعات الإسلامية، ويخعلون علي أنفسهم لقب (كبار العلماء)، وذلك في حديث حضرته «أجرأكم علي الفتيا أجراكم علي النار».
لذلك كان حقا أن يصفهم حضرته في الحديث المشار إليه آنفا بأنهم «شر من تحت أديم السماء، منهم تخرج الفتنة وفيهم تعود». ولقد أثبتت الأيام والأحداث أن هؤلاء الذين ينسبون أنفسهم كذباً وباطلاً إلي علماء الأمة الإسلامية، هم أبرز مصادر الفتن التي وقعت فيها الأمة بما يصدر علي ألسنتهم من فتاوي باطلة ومدمرة ومُخربة أبعد ما تكون عن شريعة الإسلام، حيث يصدقهم أناس فمن ألغوا عقولهم فوقعوا في أتون الفتنة، لذلك وصفهم حضرته أنهم «شر من تحت أديم السماء» أي أشر من المشركين والكافرون، بل وأكثر شراً من الوحوش والثعابين والحشرات.. وكل من تحت أديم السماء من كائنات. إلا أن هناك كثيرا من أفاضل علماء المسلمين الذين تصدوا بالعلم والفقه وبالشجاعة لهذه الفتن، وأظهروا حقيقة حكم الدين فيما ينشره دعاة الفتنة من فتاوي باطلة.. أمثال الشيخ محمد عبده في كتابه (الأعمال الكاملة) والشيخ علي عبدالرازق في كتابه (الإسلام وأصول الحكم) والشيخ الدكتور طه حسين في كتابه (في الشعر الجاهلي)، وأيضاً الشيخ محمد أبوزهرة.. وغيرهم.
ثالثاً: أحاديث الرسول تتعدي الزمان والمكان
- ولأن رسول الله صلي الله عليه وسلم، كما وصف نفسه «أوتيت جوامع الكلم» فان بصر حضرته يمتد عبر القرون ولا يحده زمان ولا مكان، فنجده ينبؤنا أيضا عن هذه الفتن ويحذرنا منها في حديثه الشريف «إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، فكسِّروا عَصِّيكُم، وقطعِّوا أوتاركم، واضربوا بسيوفكم الحجارة»، حيث يحذرنا حضرته في هذا الحديث الشريف من السعي في هذه الفتن وتجنب كل صور الانخراط فيها، كما ينهانا عن كل صور وأشكال الاقتتال بين المسلمين، يؤكد ذلك حديث آخر لحضرته يقول فيه «من حمل علينا السلاح فليس منا» حيث ينفي حضرته في هذا الحديث صفة الإيمان عن كل مسلم يحمل السلاح في وجه أخيه المسلم، وهو ما يصدق مع قول الله تعالي: «من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها، وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما» (النساء: 93). - وفي حديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم «الفتنة نائمة لعن الله من يوقظها» تحذير خطير للمسلمين من استدعاء ذاكرتهم لأحداث مضت تسببت في فتن بين المسلمين، يمكن باستعادة الحديث فيها أن تتجدد المآسي مرة أخري - مثل الفتنة الكبري في عهد سيدنا علي بن أبي طالب، ومقتل الإمام الحسين. ولذلك قال حضرته «إذا ذُكر أصحابي فامسكوا» حتي لا تتجدد الفتن مرة أخري. ولكن للأسف خالفنا حديث حضرته، وخضنا ولانزال حتي اليوم نخوض في سيرة صحابة رسول الله، ونفرق بينهم. نؤيد فريقا منهم ونعارض فريقا آخر، الأمر الذي يجدد النزاع والخلاف بين طوائف الأمة، الذي وصل إلي الصراعات المسلحة .. كما يحدث اليوم في سوريا والعراق واليمن، مما أدي إلي سقوط الضحايا وإسالة الدماء وحرق وتخريب المساجد والمقامات بين الشيعة والسنة.
رابعاً: تطابق تماما مع آيات القرآن
- وتنطبق أحاديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم مع الكثير من الآيات القرآنية التي تحذر من الوقوع في براثن الفتنة وتُنبه إلي خطورتها. منها قوله تعالي: «الفتنة أشد من القتل» (البقرة: 191) وحذَّرت أيضاً من مصير مُشعلي الفتنة في قوله تعالي: «إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا، فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق» (البروج: 85). بل إن المولي عز وجل أمرنا بقتال الساعين لإشعال الفتنة في قوله تعالي: «وقاتلوهم حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله» (الانفال: 39). والأساس في القتال - خاصة في الظروف الحالية - القتال بالحجة، وكشف زيف الدعاوي الباطلة من واقع القرآن والسنة الصحيحة. كما أظهرت الآيات أن خطورة الفتنة لا تقتصر فقط علي المتورطين فيها، بل قد تصيب المجتمع بأكمله، وذلك في قوله تعالي: «واتقوا فتنة لا تصيبين الذين ظلموا منكم خاصة، واعلموا أن الله شديد العقاب» (الانفال: 25). وكذلك حذَّرت الآيات من آن مخالفة أوامر رسول الله يوقع المسلمين في الفتنة، وذلك في قوله تعالي: «فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم» (النور: 63) كما حثت الآيات المسلمين أيضا أن يتبيَّنوا ويتثبَّتوا من كل قول أو حدث يُعرض عليهم، وقد يكون القصد منه إثارة الفتنة.. منها قوله تعالي: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيَّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين» (الحجرات: 49) وهذا التطابق بين آيات القرآن وأحاديث حضرته بديهية لأن كليهما وحي من الله تعالي مصداقا لقوله تعالي: «وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي».
خامساً: داعش ترفض مقاتلة إسرائيل لأن مهمتها إقامة الخلافة
- ويكمن الخطر في أن انخراط المسلمين في التناحر والتصارع والاقتتال فيما بينهم، سيصرفهم عن التحسب لأعداء الأمة الإسلامية، بل ويخدم أهدافهم في استنزاف قوة المسلمين عما يجب عليهم الالتفات إليه والذود عن دينهم والدفاع عن بلادهم وحرمات المسلمين. ومقدساتهم.. وأبرزها استنقاذ المسجد الأقصي من براثن اليهود المتحكمين فيه منذ 48 سنة. بل لقد بلغ الأمر أكثر من ذلك من انحياز بعض المسلمين إلي أعداء الأمة والاستقواء بهم علي غيرهم من المسلمين. وأبرز دليل علي ذلك رد أحد زعماء داعش علي سؤال بديهي طرحه عليه أحد الصحفيين عن سبب عدم قتالهم الإسرائيليين، وانصرافهم فقط لقتال المسلمين، فكانت اجابته: «إن اليهود لم يقاتلونا، ولكنا نقاتل المسلمين لإقامة دولة الخلافة أولا، وهذه هي مهمتنا الأولي». ولا تختلف إجابة هذا الزعيم الداعش عن إجابة شكري مصطفي زعيم جماعة التكفير والهجرة التي قتلت وزير الأوقاف الشيخ حسين الدهبي عام 1977 عندما سُئل عن موقف جماعته إذا ما دخل اليهود مصر.. فأجاب «إن قتال العدو الداخلي أولي من قتال العدو الخارجي» باعتبار أن النظام الحاكم في مصر هو عدوهم القريب، مضيفا: سنهاجر من شاهق إلي شاهق (أي إلي الجبال والكهوف)، وعندما سُئل عما سيفعل المجندون في الجيش التابعون لجماعته .. أجاب «سنفسد أسلحتنا» إلي هذا الحد وصلت كراهية هؤلاء المتطرفين لأوطانهم وانحيازهم لأعداء الأمة، حيث لا تطمع إسرائيل منهم في أكثر من ذلك، خاصة بعد أن فتح الإرهابيون علي الجيش المصري جبهات جديدة في الشرق الأوسط والغرب والجنوب والشمال، بل وداخل 27 محافظة، كانت كلها جبهات مغلقة في حروب الصراع العربي الإسرائيلي باستثناء سيناء وفلسطين.
سادساً: الرسول يحذرنا من الدجالين وخوارج العصر
في حديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن خوارج هذا العصر، والسابق الإشارة إليه «يخرج فيكم حداث الأسنان، سفهاء الأحلام». إلي آخر الحديث، وصف دقيق لسلوك هؤلاء الخوارج بداية أنهم من صغار السن، أمثال كوادر جماعة الإخوان، والجماعة الإسلامية، والقاعدة، وداعش، وأنصار بيت المقدس.. وغيرهم من تنظيمات وجماعات خرجت كلها من عباءة الإخوان. وعندما قال حضرته «يخرج فيكم» أي أنهم من الخوارج المتواجدين علي الدوام والاستمرار وفي كل العصور وعبر القرون. أما لماذا وصفهم حضرته بالخوارج فذلك لأنهم خارجون عن الحق، ساعون بالباطل، مُكفِّرون لغيرهم دون وجه حق، مُكرهون غيرهم علي ما يعتقدون، ومُستحلون للحرمات.
- وإذا رجعنا إلي حديث آخر لحضرته ينبئنا فيه عن المستقبل، يقول فيه «يكون في أمتي دجال ومبير»، أي أنه سيكون هناك في الأمة الإسلامية علي الدوام والاستمرار (الدجَّال) الذي يتاجر بالدين ويتخذ من شعاراته البراقة.. مثل: عودة الخلافة، والحكم بما أنزل الله، وتطبيق الشريعة، وإقامة الحدود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من كلمات حق يراد بها باطل، وسيلة لخداع وتضليل السذج من المسلمين ليوقعهم في حبائله، وليستعين بهم في الوصول إلي السلطة والقفز إلي الحكم والسيطرة علي المسلمين بالقوة والعنف باسم الدين. أما (المُبيِّر) فهو الحاكم الظالم. حيث يحمل هذا الحديث الشريف تحذيراً للمسلمين من الدجالين المتاجرين بالدين في كل زمان ووقت، حتي لا ينخدع بهم المسلمون فيسيروا في ركابهم ويقعون ضحية ما يرفعونه من شعارات دينية براقة.. هي كلمات حق يُراد بها باطل، والتي تجد بطبيعة الحال آذاناً صاغية بين الكثير من الشباب، حيث تستميل قلوبهم وينخدعون فيهم، فيسقطون ضحية لهم.. بل ويشاركون في إشعال الفتنة ويتحولون بدورهم إلي معاول هدم وتخريب في مجتمعاتهم، «وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.