الشمول المالى يحظى بأهمية متزايدة فى السنوات الأخيرة لدى مختلف دول العالم خاصة النامية، وتعول الدول على تحسين فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية بهدف تحسين فرص النمو والاستقرار الاقتصادى والمساهمة فى تحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر. خبراء البنوك أكدوا أن الشمول المالى يتنامى فى مصر، مطالبين بضرورة تضافر جهود الدولة لوضع استراتيجيات متكاملة للشمول المالى مؤكدين أن البحوث تشير إلى أن ارتفاع التحويلات المالية بنسبة 10% يحد من الفقر بنسبة 3.1%. أكد محمد بركات، رئيس اتحاد المصارف العربية، أن الشمول المالى سيأخذ خطوات أسرع فى مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تنامى استخدام الوسائل الإلكترونية، مشيراً إلى أن الحكومة والبنك المركزى والبنوك وغيرها من المؤسسات تدفع البنوك بقوة نحو الشمول المالى وأشار إلى أن تشجيع الأفراد على التعامل مع البنوك، وتنشيط التمويل العقارى، والتمويل متناهى الصغر، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقامت الحكومة بدفع الرواتب للعاملين بالدولة عن طريق الكروت وتقديم الدعم بأنواعه عن طريق الكروت كل هذا من شأنه أن يساهم فى الشمول المالى. ولفت إلى أن اتحاد المصارف العربية ينظم العديد من اللقاءات والمؤتمرات التى تلقى الضوء على الشمول المالى، وأهم المعوقات التى تواجهه، بهدف دفع الشمول المالى فى المنطقة العربية. وأوضح «بركات» أن الشمول المالى يسعى إلى وصول الخدمات المالية إلى أكبر شريحة من الأفراد والشركات، وجذب غير المتعاملين مع النظام المالى وذلك عن طريق تقديم منتجات جديدة أو عن طريق الخدمات المتاحة مثل القروض والتأمين والمعاشات، والودائع والتحويلات وغيرها من الخدمات المالية التى يحصل عليها المواطن من البنوك أو الدولة. وتشير الاحصائيات الدولية لعام 2014 إلى أن هناك مليارى نسمة من سكان العالم البالغين لا يحصلون على الخدمات المالية، ونسبة 70% من هؤلاء السكان بالدول النامية، بالإضافة إلى أن هناك نسبة 82% من سكان الدول العربية البالغين لا يتوافر لديهم فرص الوصول للخدمات المالية والتمويلية الرسمية وبما يمثل 184 مليون مواطن عربى. أما ما يتعلق بالمنشآت فهناك حوالى ما يتراوح بين 16 إلى 17 مليون من الشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر فى المنطقة العربية لا يتاح لهم فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية الرسمية، ورغم تحقيق بعض الدول العربية وضع أفضل نسبياً وفقاً لمؤشرات الشمول المالى، إلا أن هناك ضرورة لتحسين فرص الوصول للخدمات المالية لدى جميع الدول العربية وخاصة لدى الدول مرتفعة السكان منخفضة الدخل. قال الدكتور أحمد فؤاد خليل، نائب مدير عام بنك مصر، أن هناك العديد من الفرص المتاحة التى يمكنها أن تساهم فى تحسين وصول الخدمات المالية لعدد أكبر من الأفراد والمنشآت من خلال تعزيز الشمول المالى. وأوضح أن ذلك يتم على جانبين الأول فى عرض الخدمات المالية عن طريق التوسع فى الخدمات المالية المبتكرة وجذب المزيد من التحويلات المالية والتى تساهم فى تعزيز الشمول المالى، والجانب الثانى فى الطلب على الخدمات المالية من خلال تبنى استراتيجيات قومية للتثقيف المالى، وبما يحقق معالجة قضية نقص المعلومات وتذليل العديد من الصعوبات المترتبة على هذا النقص - وخاصة فيما يتعلق بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر - وما له من أثر إيجابى فى دمج القطاع غير الرسمى ضمن القطاع الرسمى وتيسير الحصول على التمويل. وطالب فؤاد فى دراستة تحت عنوان «آليات الشمول المالى نحو الوصول للخدمات المالية» بضرورة تضافر العديد من الجهود على مستوى الدولة ومؤسساتها المختلفة من خلال تبنى استراتيجيات متكاملة وفاعلة للشمول المالى ودعم عملية التثقيف والتعليم المالى، مع تهيئة البيئة المواتية لضمان حقوق مستهلكى الخدمات المالية بوضع الضوابط اللازمة لحماية المستهلك المالى، وبما يساهم فى تحسين فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية بهدف تحسين فرص النمو والاستقرار الاقتصادى والمساهمة فى تحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر. وأوضح أن الشمول المالى يحظى بأهمية متزايدة فى السنوات الأخيرة لدى مختلف دول العالم وتحديداً الدول النامية نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية، حيث تبنت مجموعة العشرين الشمول المالى كأحد المحاور الرئيسية فى أجندة التنمية الاقتصادية والمالية، وتبنت العديد من الدول استراتيجيات واتخذت خطوات فعالة نحو تحسين فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية بهدف تحسين فرص النمو والاستقرار الاقتصادى والمساهمة فى تحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر. وعن دور البنوك المركزى فى الشمول المالى أوضح الدكتور أحمد فؤاد أن البنوك المركزية تعلب دوراً رئيسياً فى دعم وتنسيق سياسات الشمول المالى، مشيرا الى أن تحليل للبنك الدولى شمل 56 دولة يفيد تولى البنوك المركزية دور القيادة فى استراتيجيات الشمول المالى فى 71% من تلك الدول. ومن خلال التجارب الدولية يمكن أن تقوم البنوك المركزية برعاية وتوجيه إعداد استراتيجية الشمول المالى وتشجيع إنشاء شركات متخصصة لتقديم الخدمات أو تمكين الشركات القائمة للتحول إلى مؤسسات خاضعة للتنظيم والسماح لها بتوسيع نطاق أعمالها بزيادة رأس المال أو تلقى الودائع بالنسبة لتلك المؤسسات التى تفى بمعايير تحوطية محددة والموافقة على قنوات توزيع بديلة للخدمات المالية مثل وكلاء الخدمات المصرفية باستخدام الهاتف المحمول أو بدون فروع بنكية وتحسين البنية الأساسية المالية من خلال إنشاء مكاتب ائتمانية وتوسيع نطاق انتشارها وتحسين أنظمة المدفوعات وتعزيز التثقيف والتعليم المالى. وقال «فؤاد» إن مجموعة المبادئ التسعة للشمول المالى الابتكارى التى أقرتها قادة مجموعة العشرين عام 2010 تهدف إلى تهيئة بيئة مواتية سياسياً وتنظيمياً لتحقيق الشمول المالى من خلال وسائل مبتكرة، ومن بين هذه المبادئ اتباع سياسات تعزز المنافسة وتقديم حوافز سوقية لتوفير سبل الحصول على التمويل المستدام واستخدام مجموعة واسعة من الخدمات ذات التكلفة المعقولة وتحقيق التنوع فى مقدمى الخدمات وتشجيع الابتكار التكنولوجى كوسيلة لتوسيع نطاق الوصول إلى النظام المالى واستخدامه بالإضافة إلى أهمية حماية المستهلك وتمكينه من الإلمام بالشأن المالى وبناء قدراته فى هذا المجال. وطالب فؤاد بضرورة تخفيض تكلفة أنظمة التحويلات وجعلها أكثر كفاءة وشفافية بما يساهم فى الحد من الفقر، مشيراً إلى أن البحوث أظهرت أن ارتفاع التحويلات المالية بنسبة 10% يحد من الفقر بنسبة 3.1%