المثل بيقول: «خبطتين فى الراس توجع»، فما بالك والسياحة تتعرض لخبطات عديدة من تراجع أعداد السائحين وتدني الأسعار وزيادة أسعار الكهرباء والمياه والطاقة وأخيراً الضريبة العقارية. الأمر الذى أصاب القطاع السياحى والفندقى بشكل خاص بحالة من القلق والترقب الشديد بسبب إصرار وزارة المالية على سريان تطبيقها على الفنادق والقرى السياحية والمشروعات السياحية التى تمتلك عقارات خاصة بها ولا سيما أنه من المعروف للجميع أن هذا القطاع يعيش حالة من الإفلاس بعد أكثر من أربع سنوات عجاف غابت فيها السياحة عن مصر بشكل كبير وأصبح الباقى القليل من السياحة التي مازالت تأتي إلى البلاد تدفع أقل الأسعار التى لا تكاد تكفى سداد المصاريف الأساسية لأى مشروع سياحى أو فندقى. وفي ظل هذه الظروف تصر الحكومة على محاسبة تلك المشروعات محاسبة عشوائية لا تراعى هذا الواقع المرير، بل إنها لا تراعى أساسيات المحاسبة الضريبية التي كفلتها القوانين المعنية بالعدالة الضريبية، والنماذج الدالة على ذلك كثيرة جداً وأهمها مغالاة الحكومة فى نسبة الضريبة المقررة على المشروعات الفندقية بالذات، بالإضافة إلى قيامها باحتساب مساحات المشروعات بطريقة غير عادلة تشمل فرض الضريبة على المساحات التى لا تدر دخلاً ولا ربحاً على تلك الفنادق، كالحدائق وأماكن الانتظار وأماكن الورش والصيانة وغيرها، وبالرغم من أن الذي يحدد مساحة المبانى ومساحة الفضاء في جميع المشروعات السياحية هى الدولة، فكيف تمنع مستثمراً من البناء على 80٪ من أرض القرية السياحية مثلاً ثم تطالبه بضريبة عقارية عليها. كل ذلك يؤدى إلى ضرورة عقد سلسلة من الاجتماعات العاجلة بين وزارة المالية والقطاع السياحى لمراجعة قانون الضريبة العقارية ولائحته التنفيذية، فيما يتعلق بتطبيقه على المشروعات السياحية والفندقية تحقيقاً للعدالة الضريبية وتشجيعاً للاستثمار السياحي الأجنبى والعربى والمحلى الذى أصبح متشككاً إلى أقصى درجة بدليل انخفاض الاستثمارات السياحية في البلاد إلى أقل درجة لها منذ أكثر من 30 عاماً. لقد كانت للحكومة من الشجاعة الأدبية بوقف تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على أرباح الأسهم والسندات فى البورصة المصرية بعد أن تأكدت من انسحاب معظم المستثمرين الجادين من البورصة المصرية بحيث لم يعد يستثمر بها إلا المضاربون وراغبو الثراء السريع الذين أوصلوا سعر الدولار إلى أكثر من ثمانية جنيهات. وقد كان للخطوة الصحيحة بإلغاء تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية أثر إيجابي وفوري بحيث ربحت البورصة المصرية أكثر من 20 مليار جنيه فى يوم واحد. إن المطلوب هو أن تتخذ الحكومة خطوة جريئة مماثلة في شأن تطبيق الضريبة العقارية على المشروعات السياحية والفندقية حتي تمنح الاستثمار السياحى روحاً جديدة بعد أن سرقتها الحياة منذ عدة سنوات. استمعنا إلى رؤى الخبراء والمستثمرين السياحيين من أصحاب الفنادق والقرى السياحية حول تطبيق الضريبة العقارية، وقال الخبير السياحى أحمد الخادم - وزير السياحة في حكومة الوفد الموازية - تطبيق الضريبة العقارية بصفة عامة سواء على القطاع السياحي أو أى قطاع آخر فى الجمهورية أو على الأشخاص يجب أن يتم تأجيله فوراً لحين إجراء انتخابات مجلس النواب ومناقشة هذا القانون في مجلس النواب باعتباره قانوناً خطيراً يمس الثروة العقارية المصرية وشريحة كبيرة من المواطنين المصريين، كما أن له آثاره الخطيرة على الاستثمار العقارى في مصر بأنواعه سواء من قطاع الإسكان أو القطاع الصناعى أو القطاع السياحى. إن هذا القانون صدر دون مناقشته في البرلمان المصرى وهو أمر يعيبه ويجب عدم الاسترسال في محاولة تطبيقه دون الغطاء البرلمانى اللازم له، هذا بصفة عامة، وبصفة خاصة بالنسبة للقطاع السياحى فرأى حزب الوفد أنه على وزارة السياحة المصرية أن توجه كل ما تستطيع من أموال لديها من إيرادات صندوق السياحة لمساندة المشروعات السياحية والفندقية القائمة وتتحمل الأعباء الضريبية وأعباء المرافق العامة كالكهرباء ومياه الشرب وغيرها لحين عودة الحركة السياحية إلى معدلات تسمح لتلك المشروعات بتحمل تلك الأعباء عن نفسها، فقد رأينا الدولة تدعم المواطن المصرى دعماً مباشراً في مواد الغذاء ورأينا الدولة تدعم الفلاح المصرى في تكلفة مياه الرى والأسمدة وعناصر الإنتاج، ورأينا الدولة تدعم القطاع الصناعي دعماً مباشراً بتكلفة الطاقة ودعمها بنسبة 70٪ في بعض الحالات، فأين وقفة الدولة مع القطاع السياحى. لم نرها حتى الآن وكل ما رأيناه هو تأجيل سداد بعض الالتزامات، بينما أن المطلوب هو إما الإعفاء منها تماماً أو قيام وزارة السياحة بتحمل السداد عن القطاع. ويقول الخبير السياحي كامل أبوعلى: تطبيق الضريبة العقارية كارثة على السياحة وكفانا أربع سنوات توقف واحتضار، لذلك الوقت غير مناسب وأقول لصاحب القرار نحن نريد أن نبنى بلدنا ونتقدم للأمام لا نعود للخلف، لأن حالة تطبيقها ستغلق معظم الفنادق وهذه مصيبة وكارثة على السياحة والاستثمار السياحى فى مصر. وأكد الخبير السياحي المهندس أحمد بلبع، عضو مجلس إدارة ورئيس لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن القطاع السياحى لا يمتنع عن سداد الضرائب المستحقة عليه للدولة ولكن يطالب بمنحه مهلة حتي تستقر الأوضاع ويتعافى النشاط السياحي مرة أخرى، موضحاً أن تعافى القطاع السياحي سيحل مشاكل كثيرة منها البطالة، كما سيوفر المزيد من العملات الأجنبية، فتطبيق الضريبة العقارية في ظل المعاناة التي يعيشها القطاع ستكون بمثابة الكارثة، ولكن والمطلوب تأجيلها لحين استعادة القطاع السياحى عافيته مرة أخرى. ويؤكد الخبير السياحي سامح حويدق أنتطبيق الضريبة العقارية خراب بيوت ودمار للسياحة والاستثمار السياحي، والكارثة الكبرى أن يتم تطبيقها بأثر رجعى وفي هذه الحالة سيتم إغلاق جميع الفنادق وخاصة الفنادق الموجودة جنوبالغردقة بالقصيم ومرسي علم وقد أغلق عدد كبير منها قبل تطبيق الضريبة العقارية فما بالك حال تطبيقها سيغلق الباقى. وأكد «حويدق»: نحن لسنا ضد تطبيق الضريبة العقارية ولكن يتم ذلك فى حالة انتعاش السياحة على أن ترتبط الضريبة بالإيرادات خاصة أن قانون الضريبة العقارية ينص على أن تطبق على القيمة الإيجارية أحد عوامل التقييم وليس الأرض والمبانى. وفي نفس السياق أكد الخبير السياحى محمد الجافى، نائب رئيس جمعية مستثمرى شرم الشيخ، أن الوقت غير مناسب لفرض أية أعباء جديدة علي القطاع الذي عانى أربع سنوات توقف بسبب ضعف الإشغالات وانهيار الأسعار وكان علي الدولة مساندة القطاع ولا تحمله أعباء، خاصة أن أسعار الكهرباء والوقود والخامات سواء المأكولات والمشروبات زادت بنسبة كبيرة، فأضافت أعباء جديدة الأمر الذي أدى إلي إغلاق بعض الفنادق وتأثرت العمالة وزادت البطالة لأن القطاع السياحي قطاع كثيف العمالة. ويرى «الجافى» ضرورة تأجيل الضريبة العقارية، مشيراً إلى أنه علم أنه سيتم تطبيقها بشكل جزافى وبطريقة فيها مغالاة في ظل الظروف الحالية، فالمطلوب تأجيلها لحين استعادة القطاع السياحى عافيته. وتساءل الدكتور عادل راضى، الرئيس الأسبق لهيئة التنمية السياحية، قائلاً: بأى حق يتم تطبيق الضريبة العقارية علي مرسى علم التي لم تقدم لها الدولة أية خدمات من كهرباء ومياه وغيرها، فهي منطقة نائية جنوب سفاجا وخط الشبكة الموحد آخره سفاجا، ومدينة مرسي علم قائمة على مجهودات القطاع الخاص فبأى حق يطالبون بتطبيق الضريبة العقارية ونحن لا نستفيد من خدمات الدولة، وسبق أن تحدثنا عن ذلك مع وزير المالية وهناك مذكرة سنقدمها لرئيس الوزراء بحجم المشاكل التي تواجهنا لأن حالة تطبيقها علي فنادق مرسى علم سيتم إغلاق باقي الفنادق وهذه كارثة كبيرة. وتقول الخبيرة السياحية الدكتورة نادية الراهب: أى شيء يفرض على السياحة يؤثر بشكل كبير علي الفنادق وفي الظروف الحالية سيؤدى إلى إغلاقها وعلي الدولة أن تنتظر أو تؤجل ذلك حتي تعود السياحة إلي معدلاتها السابقة ولا أقصد معدلات أعداد السياح ولكن الإيرادات في البنوك، نطبقها عندما تصل إلى 15 مليار دولار، لأنه من غير المنطقى أن تطبق في ظل تراجع الإشغالات وتدني الأسعار، إضافة إلى الديون المتراكمة طوال أربع سنوات. ويتفق فى الرأى الخبير السياحي جلال الصفتى مؤكداً: الضريبة العقارية تطبيقها بأى طريقة تراها الدولة لها تأثير علي القطاع السياحي الذي عانى ومازال يعاني، فطوال أربع سنوات والقطاع يعاني الأمرين، فكيف يتم فرض ضريبة علي قطاع منها، والعديد من الفنادق مغلقة بسبب عدم قدرتها على سداد التزاماتها، الأمر يتطلب التفكير بعقل حتي لا ندمر القطاع ونحن لسنا ضد تطبيق الضريبة ولكن ليس قبل ثلاث سنوات وعودة الاستقرار للبلاد ويعود القطاع الفندقي إلي معدلات عام 2008، ولكن فرض أعباء في ظل الزيادة فى الكهرباء والمياه والسولار والمواد الغذائية التي زادت 30٪ إضافة إلى سداد مرتبات العاملين التي زادت وتسددها الفنادق بالكامل بعد أن كان جزء من المرتبات يدفع نسبة ال12٪، الآن كلها أعباء علي المالك، فالوقت لا يسمح بفرض أعباء جديدة تأثيرها سلبى جداً على الفنادق والاستثمار السياحى. ويؤكد أسامة فتح الله، مدير أحد فنادق شرم الشيخ، أن تطبيق الضريبة العقارية له تأثير سلبى علي السياحة والاستثمار السياحي في مصر، خاصة أن تطبيقها يتم بشكل عشوائى ويتم حسابها حسب تقديرات الضرائب، فكيف يتساوى في عامل الإهلاك فندق عمره عشر سنوات مع فندق عمره عشرة شهور. الضريبة يجب أن تكون دستورية وعادلة والغريب كيف يتم تقسيم وحدة نشاط ترخيصها فندق ومكوناته من غرف ومحلات ومطاعم، فتقيد كل مكونات وحدة النشاط وحدة بذاتها على أساس أنها وحدة نشاط مستقلة فكيف يتم ذلك وهي تحت مظلة فندق واحد.. هذه الضريبة طاردة للاستثمار السياحي سواء للمصريين أو الأجانب والعرب.. إنه حتى الآن الرؤى غير واضحة لأصحاب الفنادق والمستثمرين والكارثة الكبرى أن يتم تطبيقها بأثر رجعى ولسنا ضد تطبيقها ولكن تطبق على جدولة وكل مستثمر تكون له الرؤية الواضحة ليعرف جدوى الاستثمار من عدمه.