بالتزامن مع اقتراب مراجعة مجلس الدولة المصري لمسودة التعديلات التشريعية المنظمة للعملية الانتخابية، وظهور بشائر لانطلاق العملية الانتخابية خلال مدى زمني منظور ، شهدت ساحة العمل الحزبي (خاصة بين قواه الفاعلة على الأرض) تراشقات لفظية ومساجلات قضائية على أرضية التباينات الأيديولوجية التي تنطلق منها الأحزاب الأطراف. كما شهدت الفترة ذاتها تواصلا للنشاط الميداني لعدد من الأحزاب التي بدأت خلال لأسابيع الماضية استعادة اهتمامها بالشارع والتواصل مع الناخبين. وفي متابعة لنشاط الأحزاب خلال الفترة الماضية وقرب بدء ماراثون الانتخابات قدم مرصد الانتخابات البرلمانية مصر 2015 التابع ل«البعثة الدولية المحلية المشتركة»، تقريرا شاملا بنشاط القوى السياسية على الأرض واستعداداتها للانتخابات البرلمانية، فضلا عن مواقفها من النظم التشريعية والإجرائية المتعلقة بالعملية الانتخابية، والاتجاهات العامة للنشاط الميداني للقوي السياسية. وفي هذا الاطار تم رصد لقاءات تثقيفية وسياسية عقدتها بعض الأحزاب وورش عمل وندوات في بعض المحافظات حول مجموعة من الموضوعات تركز أغلبها على رفع قدرات الكوادر الحزبية. وعلى رأس ما رصده التقرير ما نظمه حزب الوفد من لقاءات جماهيرية بغرض عرض رؤية الحزب وأنشطته خلال المرحلة القادمة فى إطار حملة الانتشار الميدانى التى يتبعها الحزب لتعزيز تواجده بالشارع مع التركيز على حضور أعضاء الهيئة العليا للحزب وفى مقدمتهم رئيس الحزب. ورصد التقرير الحقوقي استمرار حزب النور المحسوب على التيار الإسلامي فى تنظيم مجموعة من الأنشطة التدريبية لكوادر الحزب وضم كوادر جديدة مع التركيز فى التدريبات على مهارات التفاعل الميداني والتعامل مع الجمهور بالإضافة الى سلسلة من الندوات الخاصة بالتوعية ويستخدمها الحزب للترويج لنفسه ميدانيا وشرح رؤية الحزب لمختلف القضايا والملفات التى تشغل الشارع وذلك فى أغلب محافظات الجمهورية. كما قام حزب مستقبل وطن الذي يتشكل قوامه الرئيسي من شباب داعمين لثورة 30 يونيه بتكثيف عمله الميدانى حيث اختتم الدورة الأولى للكوادر الحزبية بمحافظاتالجيزة ودمياط على ان تستمر الفعاليات فى باقى محافظات الجمهورية فى إطار حملة التوعية والترويج للحزب مع استمرار تنفيذ سلسلة من الندوات التوعوية فى بعض المحافظات منها (بورسعيد – الاسماعيلية – الغربية – الدقهلية). وكثف حزب حماة الوطن (أحد الأحزاب التى تأسست بعد 30 يونيه 2013) عمله فى رفع قدرات الكوادر الحزبية النسائية بالحزب حيث نظم أربع دورات تدريبية للمرأة فى محافظات (الجيزة – القليوبية - البحيرة - الفيوم). ونظم حزب المصريين الاحرار (الذي تأسس عقب ثورة يناير 2011) 12 فعالية تثقيفية تنوعت ما بين دورات تدريبية وندوات ومؤتمرات لمرشحى الحزب فى محافظات (القاهرة – الجيزة - القليوبية – السويس) بالإضافة الى أنشطة مرشحى الحزب اليومية فى أغلب المحافظات. كما نظم حزب المؤتمر (تأسس عقب ثورة يناير 2011) مؤتمراً جماهيرياً بمنطقة التبين بالقاهرة فى إطار حملة الحزب للترويج لنفسه وضم كوادر جديدة وبناء قواعد جماهيرية. ورصد التقرير قيام حزب الحركة الوطنية (الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق) بتنظيم مؤتمرات جماهيرية يقوم من خلالها بمناقشة رؤية الحزب فى القضايا التى تشغل الرأى العام فى إطار خطة علم الحزب للدعاية الانتخابية والترويج للحزب فى الشارع. كما عقد حزب الإصلاح والنهضة دورة تدريبية لشباب الحزب لرفع القدرات الخاصة بهم بعنوان (الشباب والممارسات الديمقراطية). الخدمات الجماهيرية وقدمت مجموعة من الأحزاب بعض الخدمات الجماهيرية في إطار دعايتها لنفسها لكسب ثقة المواطن في الحزب ومرشحيه وقائمته الانتخابية في ظل ترقب صدور التعديلات التشريعية على قانون الانتخابات البرلمانية 2015 وتركزت هذه الخدمات فى القوافل الطبية ومعارض السلع الغذائية ورصد التقرير تنظيم حزب النور قوافل الطبية على مستوى محافظات الجمهورية بشكل ملحوظ وركز انشطته الخدمية فى محافظات الاسكندرية – البحيرة - كفر الشيخ – الغربية – قنا – سوهاج . كما استمر حزب النور فى زيادة عدد معارض السلع الغذائية بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان بأغلب محافظات الجمهورية والتركيز على المناطق الأكثر فقرا مع التواجد المستمر لقيادات الحزب بتلك الفعاليات. تراشقات حزبية وتابع مرصد الانتخابات البرلمانية التابع للبعثة المحلية الدولية المشتركة السجالات السياسية والقضائية القائمة بين حزب النور من جهة وبعض الأحزاب اليسارية والعلمانية الأخري. فقد شهدت الساحة السياسية صراعاً انتخابياً خرج من دائرة المنافسة الانتخابية إلى ساحات المحاكم ما بين حزبى المصريين الاحرار ذي المرجعية العلمانية وحزب النور السلفى ذي المرجعية الإسلامية حيث يعتبر الحزبان الأكبر من حيث الموارد المالية، وتبلور الصراع مابين الحزبين منذ اندلاع ثورة 30 يونيه واشتدت ذروته بين كل من الدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار والدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور أثناء لقاء رؤساء الأحزاب مع الرئيس السيسى على إثر الاتهامات التى تم توجيهها لحزب النور بأنه حزب دينى، حيث ان كلا الحزبين دخل اللقاء متحفزاً للأخر على إثر الدعوات القضائية التى أقامها حزب المصريين الأحرار لحل حزب النور، مستندا إلى مواد الدستور فى منع قيام الأحزاب السياسية على أساس دينى. وأشار المرصد إلى انه على مستوى التصريحات ساد التراشق اللفظى ما بين الحزبين على مدار الفترة الماضية فى صفحات الصحف وشاشات التلفاز حيث يشن قادة حزب المصريين الأحرار حرباً كلامية شرسة على حزب النور ويقوم حزب النور بالرد بهجوم اعنف على تصريحات حزب المصريين الأحرار ومازالت الحرب الكلامية مستمرة. وعلى مستوى الدعاوى القضائية أكد التقرير أن الصراع بين الحزبين لم ينته على الحرب الكلامية. حيث شهدت ساحات المحاكم المصرية جولات كثيرة لهذه الحرب انتهى منها البعض لصالح حزب النور برفض دعوى حل الحزب لقيامه على اساس دينى ومنها مازال منظورا امام دوائر القضاء ولم يحسم ويعلق على ذلك حزب النور بشكل مستمر بأن القضاء قد أنصفه اكثر من مرة فى دعاوى الحل المقامة ضده. وعلى مستوى القواعد الشعبية والعمل الميداني يمثل القاعدة الشعبية لحزب النور كتلة صلبة فى الخريطة الانتخابية لا يقاسمه فيها أى حزب آخر حيث يلتف حوله من ينتمون إلى التيار الدينى بينما يمثل القاعدة الشعبية لحزب المصريين الأحرار قاعدة جماهيرية من الليبراليين والعلمانيين يقاسمه فيها بعض الأحزاب الاخرى المشتركة معه فى الايديولوجيا، بالإضافة الى تركيز حزب النور على الأعمال الخدمية والاجتماعية التى يقوم بها فى أغلب محافظات الجمهورية ويكثف تلك الأنشطة فى المناطق العشوائية والأكثر فقرا وينافسه فى ذلك حزب المصريين الأحرار حيث يقوم حزب المصريين الأحرار بتوفير الأنشطة الخدمية بنفس المناطق ويظهر معها كوادره لكسب التأييد الشعبى والدعم الانتخابى لهم . بالتوازي مع ذلك قام المستشار أحمد الفضالى الشخصية الأبرز بتيار الاستقلال برفع دعوى قضائية تطالب بحل حزب النور وهو ما وصفه حزب النور باتحاد الخصوم نتيجة شعور الأحزاب بتزايد شعبية حزب النور ما يهدد فرصتهم فى الانتخابات القادمة وأنه لم يكن هناك اى خلاف بين حزب النور وتيار الاستقلال بل انهم تشاركوا كثيرا فى وفود الدبلوماسية الشعبية وكان دائما حزب النور ممثلا فى الوفود التى يشكلها تيار الاستقلال فى زياراته الدولية. وقال التقرير ان الدكتور رفعت السعيد من الهيئة الاستشارية لحزب التجمع (اليساري) أعلن فى احدى القنوات الفضائية انه سيقوم برفع دعوى لحل حزب النور وسوف يطالب بمحاسبته على دعمه للإخوان والذى مازال مستمرا حتى الآن - كما وصفه- وإنهم وفقا لتصريحات رفعت السعيد وجه آخر للإخوان يحاول التسلل مرة اخرى إلى ساحة العمل السياسى من جديد . وأضاف التقرير أن حزب التجمع أيضا تعرض خلال فترة شهر يونيه، إلى الكثير من الهجوم والنقد على اثر المسابقة الفنية التى نظمها الحزب وظهرت بها عروض فنية وصفها البعض بأنها لا أخلاقية، وقد أوضح الحزب ان هذه المسابقة تنفذ سنويا ويحق للجميع المشاركة بها وان حزب التجمع غير مسئول عن المحتوى الفنى الذى يقدمه المتنافسون وانه من ركائز الحزب عدم الإقصاء حتى إن كان لا يتفق مع ما يقدمونه وقد أثار هذا الرد للحزب الغضب أكثر من جانب المنتقدين ما جعل الحزب يعلن انه أغلق هذا الملف ولن يعلق عليه مطلقا. وفى نهاية التقرير أشارت الوقائع التى تم رصدها إلى حالة من الحراك في ساحة العمل الحزبي المصري ، والتباين الشديد في المواقف الأيديولوجية للأحزاب لدرجة وصلت إلى مطالبات بحل بعض الأحزاب، وتوجيه اتهامات تشكك في «نوايا» وتوجهات بعضها. وترى البعثة الدولية المحلية المشتركة أن هذا الأمر يبدو طبيعياً في ظل الديمقراطية التنافسية التي تقتضيها ضرورات الانتقال الديمقراطي، وتفرضها التعددية الحزبية وحرية العمل الحزبي المكفولة بنص الدستور المصري، والتى تعد أحد أهم مكتسبات ثورة المصريين في 25 يناير و30 يونيه، إلا أن التحديات التى تواجهها الدولة المصرية وخطر الإرهاب يجب أن يدفع الفرقاء السياسيين إلى التخفيف من حدة خصومتهم، والعودة إلى إطار التوافق الذي لا يقضي على المنافسة الانتخابية المشروعة وفي نفس الوقت لا يدفع بها إلى نقطة الصراع. وأضاف التقرير ان البرلمان المصري القادم ينتظر منه إنجاز مهام تشريعية كبيرة لترجمة دستور 2014 إلى قوانين ملزمة ومنظمة وقادرة على تلبية المطالب التى رفعها المصريون في ثورتيهم، لذا فإن كافة ألوان الطيف السياسي يجب أن تمثل فيه بنسبة تعبر عن حجمها الحقيقي في الشارع، وهو ما يفرض على الجميع ضرورة تعلم العمل معا في إطار تشاركي.