فى لقائه مع أعضاء الجالية المصرية بألمانيا خلال زيارته لها أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أنه سيتم استحداث وزارتين جديدتين، الأولى خاصة بالمصريين فى الخارج، والثانية للمشروعات الصغيرة، هذا القرار استقبله الكثيرون بالبشر والترحاب، مؤكدين أنه جاء تحقيقاً لرغبات المصريين فى الخارج الذين يصل عددهم إلى 8 ملايين مصرى، وإنقاذاً للمشروعات الصغيرة التى تمثل 60% من الاقتصاد المصرى، ولكن هناك إجراءات وخطوات أهم يجب أن تتبعها هاتان الوزارتان للقيام بعملهما، وتحقيق الأهداف المرجوة منهما بدلاً من أن تصبحا عبئاً جديداً على الدولة لا يستفيد المصريون منه شيئاً. وزارة المصريين فى الخارج.. حلم طال انتظاره المغتربون يعانون من مشكلات قانونية ونقص الإمكانيات يعوق دور الخارجية الجاليات المصرية ترحب بالفكرة والتنفيذ قريباً منذ سنوات طويلة والمصريون فى الخارج يحلمون بوجود وزارة تمثلهم، تتبنى مطالبهم، تكون حلقة وصل بينهم وبين الوطن الأم، ورغم إنشاء هذه الوزارة فى التسعينيات من القرن الماضى، إلا أن هذه التجربة فشلت فى القيام بدور حقيقى يخدم المغتربين وحل مشاكلهم، فتم إلغاؤها فى عهد حكومة الدكتور الجنزورى الأولى عام 1996، وتم إسناد مهمة رعاية المصريين فى الخارج لوزارتى الخارجية والقوى العاملة، التى أصبح اسمها وزارة القوى العاملة والهجرة، إلا أن هاتين الوزارتين لم تقوما أيضاً بدورهما المطلوب فى التواصل مع المصريين بالخارج، ومن ثم تفاقمت مشكلاتهم فى الخارج، وزادت الفجوة بينهم وبين الداخل، ولما كان معظمهم غير مسجل بالسفارات المصرية فقد أصبحوا غرباء عن أوطانهم ولا توجد أى جهة ترعاهم، ومن يفكر منهم فى استثمار أمواله فى الداخل يجد إقلالاً من المعوقات تحول دون ذلك، ولا يجد المغترب أمامه سوى أحد أمرين، إما الرجوع من حيث أتى، أو توجيه استثماراته إلى دولة أخرى غير مصر، وتصبح مصر هى الخاسر الوحيد، هذا بالإضافة إلى مشكلات العائدين من الخارج والذين قد يقررون البقاء فى مصر، حيث يصطدمون بمشكلات التعليم والمدارس والتجنيد، وغالباً ما يفشل معظمهم فى التعاطى مع هذه المشكلات فلا يجدون بدا من العودة للغربة مرة أخرى، ومن ثم أصبح لابد من وجود شباك واحد يتعامل معه أبناء الوطن فى الخارج لحل جميع مشكلاتهم حتى يتم ربطهم بالوطن الأم، وهذا الشباك يتمثل فى وزارة معنية بكل أمور المصريين خارج الحدود. يقول أحمد عبدالرحيم، أحد المصريين المغتربين إن حياة المصريين فى الخارج ليست كلها سعادة، فهم لا ينعمون كثيراً بالبعد عن أوطانهم، مشاكل الداخل تلاحقهم فى الخارج، الروتين الحكومى فى السفارات والقنصليات المصرية يبعدهم فعلياً ومعنوياً عن أوطانهم، من يقع منهم فى مشكلة لا يجد تدخلاً فعلياً من السفارة المصرية لإنقاذه. ويتابع المصرى المقيم بدولة أوروبية ل«الوفد»: من يحاول العودة يصطدم بعشرات المشكلات، من يسعى للاستثمار فيها يجد مئات المعوقات، ومن ثم يفضل الكثيرون منهم البقاء فى الخارج على العودة إلى وطن يواجهون فيه صعوبات فى كل شيء، ومن يفكر فى الهجرة أو السفر بحثاً عن فرصة عمل لا يجد عوناً من وزارة القوى العاملة والهجرة، لذلك نجد الكثيرين إما يقعون فريسة لشركات الحاق العمالة الوهمية، أو يلجأون للهجرة غير الشرعية، فمنهم من يتعرض للموت غرقاً، ومن ينجو يدخل بلاد الغربة متخفياً هارباً من السلطات المحلية، والقليل منهم ينجح فى توفيق أوضاعه، وفى كل الحالات تكون علاقته بالوطن الأم سيئة، لا يدخل السفارة أو القنصلية الموجودة فى البلد التى يعيش فيها إلا للضرورة القصوى، ونتيجة لكل هذا زادت الفجوة بين المصريين فى الخارج والوطن الأم، وزادت شكاوى المصريين فى الخارج من أداء هذه الجهات لدورها. ومن كل ما سبق سرده على لسان المصرى المغترب جاء قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بإنشاء وزارة للمصريين فى الخارج ترعى شئونهم وتذلل العقبات التى تقف فى طريقهم سواء فى الداخل أو الخارج، وهو ما رحب به المصريون فى الخارج مشيرين إلى أن هذا الإجراء حلم طال انتظاره، وإذا كان الرئيس قد أوضح فى كلمته للجاليات المصرية فى ألمانيا أن المصريين فى الخارج باتوا فى حاجة ماسة إلى وزارة ترعى شئونهم وتقدم كامل الدعم لهم، وتربطهم بوطنهم الأم، لذا استقر الأمر على إنشاء الوزارة الجديدة، ورحب عمر حشيش منسق الجبهة الوطنية للمصريين فى الخارج بفرنسا بهذه الفكرة، موضحاً أن هذه الوزارة كانت بمثابة حلم للمصريين فى الخارج، طالبنا به مراراً وجاء اليوم الذى يتحقق فيه هذا الحلم، فالمصريون فى الخارج يعانون من مشاكل عديدة لم تستطيع السفارات والقنصليات حلها، خاصة أن أعدادهم تتراوح بين 10 و 13 مليون مصرى، يمثلوا قوام دولة كاملة، منهم العلماء والمفكرون والعمالة الفنية وأصحاب رؤوس الأموال التى يمكن أن تدعم الاقتصاد المصرى، لذلك لابد من تمثيلهم من خلال وزارة تهتم بشئونهم، وتعمل على حل مشكلاتهم، كما أن لدينا جيلاً ثانياً وثالثاً من المصريين فى الخارج وهؤلاء يجب أن يتم ربطهم بالوطن، كذلك فمن يفكر من المصريين فى الخارج فى عمل أى مشروع فى مصر لا يجد جهة واحدة يتعامل معها، ومن ثم يجد نفسه حائراً بين عدة جهات حكومية، وفى النهاية تجعله البيروقراطية لا يستطيع إكمال مشروعه، لذلك كان لابد من وجود وزارة تهتم بشئون المصريين فى الخارج وتذلل العقبات التى تقف فى طريق قيامهم بواجبهم نحو وطنهم. من ناحية أخرى رحب الاتحاد العام للجاليات المصرية فى الخارج بهذا القرار، مشيراً إلى أنه يعكس اهتمام الدولة بالمصريين فى الخارج، ويمثل خطوة إيجابية للملايين من الجاليات المصرية الذين كانوا يعانون من التجاهل على مدار العقود الماضية، وأشار الاتحاد فى بياناته إلى أن المصريين فى الخارج يعدون أحد أهم مصادر العملة الأجنبية للاقتصاد المصرى بتحويلاتهم، وأكد البيان أن الاتحاد سيضع كل إمكاناته وخبراته فى خدمة الوزارة الجديدة وفى خدمة مصر، موضحاً أن الجاليات المصرية فى الخارج تسعى إلى إقامة العديد من المشروعات الكبرى والمساهمة فى المشروعات القومية، بالاضافة إلى المشروعات المتوسطة لخدمة الاقتصاد المصرى، والوزارة الجديدة ستساعد على اتمام هذه المشروعات. فيما يقول السفير محمد منيسى، مساعد وزير الخارجية لشئون المصريين فى الخارج سابقاً، ل«الوفد»: إن فكرة إنشاء وزارة للمصريين فى الخارج فكرة قديمة، تم تطبيقها من قبل بإنشاء وزارة الدولة للهجرة، وفشلت ومن ثم تم إلغاؤها، فالمصريون فى الخارج يحتاجون لرعاية مباشرة وهذه تتمثل فى الرعاية التى تقدمها لهم القنصليات المصرية فى الخارج، حيث تحل القنصليات محل أجهزة الدولة المختلفة من استخراج جوازات السفر وشهادات الميلاد والتوكيلات وغيرها من الأوراق وهذا النوع من الرعاية تقوم به القنصليات دون أى مشاكل، أما النوع الثانى من الرعاية فيتمثل فى مساعدة المصريين فى الخارج فى مواجهة المشكلات التى تواجههم مثل مشاكل العمل أو الخلافات التى تقع بينهم وبين غيرهم، أو تلك التى تواجههم مع سلطات الدولة التى يقيمون فيها، وهذا الدور أيضاً تقوم به السفارات ولكنه يحتاج إلى تكاليف مالية كبيرة، وبالفعل أقامت الخارجية قطاعاً لمساعدة المصريين فى هذا الأمر، ولكن التكاليف تقوم دون القيام بدوره على أكمل وجه، ومن ثم اقترحنا تحصيل مبلغ بسيط لا يمثل عبئاً على المواطن، يتراوح بين 3 و 5 دولارات على كل خدمة تقدمها السفارات أو القنصليات، بالإضافة إلى ما تخصصه الدولة من موارد لهذا البند، وإذا كانت السفارات والقنصليات تقدم ما بين 2 و 2.5 مليون عملية قنصلية فى العام، فهذا سيوفر مبالغ جيدة يمكن تخصيصه لمساعدة المصريين الذين يقعون فى مشكلات فى الخارج، وبذلك ندعم الخارجية فى القيام بدورها على أكمل وجه، دون تحميل الدولة عبأ إنشاء وزارة جديدة، حيث إن إنشاء وزارة جديدة بكوادرها ومكاتبها أمر مكلف جداً، فى حين أن دورها تقوم به الخارجية دون تكلفة، أما باقى المشكلات الأخرى فيمكن تذليلها من خلال قيام الوزارات الأخرى بعملها، بشرط إعادة النظر فى القوانين والقواعد التى تطبق فى التعامل مع الموضوعات التى تهم المصريين فى الخارج، وطالب السفير المنيسى بضرورة دراسة الفكرة دراسة جيدة قبل الشروع فى تنفيذها، على أن نستفيد من تجربة وزارة الدولة للهجرة التى تم تطبيقها فى التسعينات، خاصة أن لدينا قطاعاً فى الخارجية للهجرة والمصريين فى الخارج، على أن تتولى وزارة القوى العاملة مسئولية التدريب وإعداد المصريين للعمل فى الخارج بدلاً من الازدواجية التى لن تعود على المصريين بالنفع.