بسم الله الرحمن الرحيم (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ). جاءت هذه الآيات على لسان سارة زوجة سيدنا إبراهيم وهي جدة يوسف عليه السلام، وقد خلقها الله تعالى في أحسن صورة لا تنافسها امرأة بجمالها، فكانت أجمل امرأة في هذا العالم. وخرجتْ سارة مهاجرة من أرض حران (قرية شمال العراق) مع زوجها إبراهيم وابن أخيه لوط - عليهما السلام - إلى فلسطين. ولما اشتد الجفاف في فلسطين هاجرت مع زوجها مرة أخرى إلى مصر. وسرعان ما انتشر خبرهما عند فرعون مصر الذي كان يأمر حراسه بأن يخبروه بأي امرأة جميلة تدخل مصر ليضمها إلى جواريه. وذات يوم، أخبره الجنود أن امرأة جميلة حضرتْ إلى مصر، فلما علم إبراهيم بالأمر قال لها: «إنه لو علم أنك زوجتي يغلبني عليكِ (أي يقتلني ليفوز بك)، فإن سألك فأخبريه بأنك أختي، وأنت أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في هذه الأرض مسلمًا غيرك وغيري». وطلب فرعون من جنوده أن يحضروا هذه المرأة، ولما وصلت إلى قصر فرعون دعت اللَّه ألا يخذلها، وأن يحيطها بعنايته، وأن يحفظها من شره. وذهبت تتوضأ وتصلي وتقول: «اللهم إن كنتَ تعلم أني آمنتُ بك وبرسولك، وأحصنتُ فرجي إلا على زوجي فلا تسلّط عليّ هذا الكافر». فاستجاب اللَّه دعاء عابدته المؤمنة فشَلّ يده عنها حين أراد أن يمدها إليها بسوء. فقال لها: «ادعي ربك أن يطلق يدي ولا أضرك». فدعت سارة ربها؛ فاستجاب الله دعاءها، فعادت يده كما كانت، ولكنه بعد أن أطلق اللَّه يده أراد أن يمدها إليها مرة ثانية وثالثة وكل مرة تدعو سارة ربها أن يحفظها فتشلّ يده، ولما فشل وأيقن أنه لا فائدة تركها تهاجر من أرضه بسلام وأمر لها بجارية، وهي «هاجر» رضي الله عنها. ورجع إبراهيم وزوجته إلى فلسطين مرة أخرى، وذات مرة جاءت هاجر لتقدم الماء لها، فأدامت النظر إليها، فوجدتها صالحة لأن تهبها إبراهيم، وظلت مترددة لفترة إلى أن حسم حبها لسيدنا ابراهيم وثقتها فيه وفي أخلاقه وعدله ترددها واقترحت فكرة الزواج. وتزوَّج إبراهيم من «هاجر»، وبدأ شيء من الغيرة يتحرك في نفس سارة، بعد أن ظهرت علامات الحمل على هاجر، فلمّا وضعت هاجر طفلها إسماعيل طلبت سارة من إبراهيم أن يبعدها وابنها، ولأمر أراده اللَّه أخذ إبراهيم هاجر وابنها الرضيع إلى وادٍ غير ذي زرع من أرض مكة عند بيت الله الحرام، فوضعهما هناك في رعاية اللَّه. لكن آيات الله لا تنفد، فأراد أن يظهر آية أخرى معها. وذات يوم، جاء نفرٌ لزيارة إبراهيم عليه السلام، وبشروه بغلام من زوجته سارة، ولما سمعت سارة كلامهم، لم تستطع أن تصبر على هول المفاجأة، فعبَّرت عن فرحتها، ودهشتها، وقالت كما قال الله تعالى: (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ).