نقيب المحامين يشارك الطائفة الإنجيلية الاحتفال بعيد القيامة    أسقف نجع حمادي يترأس قداس عيد القيامة بكنيسة ماريوحنا    غدا وبعد غد.. تفاصيل حصول الموظفين على أجر مضاعف وفقا للقانون    بث مباشر| البابا تواضروس يترأس قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    81 مليار جنيه زيادة في مخصصات الأجور بالموازنة الجديدة 2024-2025    اتحاد الغرف التجارية يكشف مفاجأة بشأن انخفاض أسعار الأسماك (فيديو)    نائب رئيس هيئة المجتمعات يتفقد أحياء الشروق ومنطقة الرابية    «القومى للأجور» يحدد ضمانات تطبيق الحد الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص    رئيس النواب الأمريكي يقترح سحب تأشيرات الطلاب الأجانب المشاركين بالتظاهرات    حريات الصحفيين تثمّن تكريم «اليونسكو» للإعلاميين الفلسطينيين وتدين جرائم الاحتلال    سفير فلسطين في تونس: مصر تقوم بدبلوماسية فاعلة تجاه القضية الفلسطينية    سوبر هاتريك ل هالاند، مانشستر سيتي يكتسح وولفرهامبتون بخماسية في الدوري الإنجليزي    «ريناد ورهف» ابنتا المنوفية تحققان نجاحات في الجمباز.. صداقة وبطولات (فيديو)    التصريح بدفن جثة سيدة التف حولها سير ماكينة حصاد القمح بالغربية    مصرع شاب صعقاً بالكهرباء في كفر بركات بالعياط    تعرف علي موعد عيد الأضحي ووقفة عرفات 2024.. وعدد أيام الإجازة    تامر حسني يعلن إنضمام "ميكا" لفريق فيلمه الجديد ري ستارت    الكاتبة الصحفية علا الشافعي: نجيب محفوظ فتح لي مكتبه في بداية حياتي المهنية    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أحمد كريمة يعلن مفاجأة بشأن وثيقة التأمين على مخاطر الطلاق    مستشار الرئيس عن مضاعفات استرازينيكا: الوضع في مصر مستقر    4 نصائح لشراء الفسيخ والرنجة الصالحة «لونها يميل للذهبي» ..قبل عيد شم النسيم    «صحة الفيوم»: قافلة طبية مجانية لمدة يومين بمركز طامية.. صرف الأدوية مجانا    خبير تغذية: السلطة بالثوم تقي من الجلطات والالتهابات    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    بالصور.. محافظ الشرقية من مطرانية فاقوس: مصر منارة للإخاء والمحبة    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    أمريكا والسفاح !    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    رسميا .. مصر تشارك بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024    قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة عامل دليفري المطرية |تفاصيل    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    قرار جديد من التعليم بشأن " زي طلاب المدارس " على مستوى الجمهورية    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    ما حكم تلوين البيض في عيد شم النسيم؟.. "الإفتاء" تُجيب    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    السكة الحديد تستعد لعيد الأضحى ب30 رحلة إضافية تعمل بداية من 10 يونيو    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات بمدينة شرم الشيخ.. اليوم    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتهاك الدستور وكشف المستور
نشر في الوفد يوم 31 - 05 - 2015

فى الثامن من أغسطس عام 1974 أُجبر الرئيس الأمريكى، ريتشارد نيكسون، على الاستقالة قبل أن يكمل فترة ولايته الثانية، وذلك بعد أن كشفت التحقيقات أن عدداً من الأفعال التى يجرمها القانون قد ارتكبها نيكسون، تتمثل فى وضع أجهزة للتنصت على الحزب الديمقراطى المنافس
لسماع ما يدور داخله، ولم يشفع للرئيس نيكسون الإنجازات التى حققها للولايات المتحدة على صعيد السياسة الخارجية، من خلال إنهاء التورط فى حرب فيتنام، وتطوير العلاقات مع الصين الشعبية والاتحاد السوفيتى، فضلاً عن نجاحه بإسهام خاص من وزير خارجيته، هنرى كيسنجر، فى التوصل إلى اتفاقيات الفصل بين القوات المصرية والسورية من جهة والقوات الإسرائيلية من جهة أخرى بعد حرب أكتوبر، وغير ذلك من الإنجازات على المستوى الداخلى للولايات المتحدة، نقول لم تشفع له هذه الإنجازات فى أن تمنع الكونجرس الأمريكى فى الشروع فى اتهامه رسمياً تمهيداً لإقالته من منصبه لمجرد أنه وضع أجهزة للتنصت على الحزب المنافس، ولم تشر أو لم تظهر التحقيقات إلى نوعية هذه التسجيلات أو فحواها، ولم يحدث أن أُذيعت هذه التسجيلات أو تم استغلالها لفضح الحزب المنافس، فكان مجرد التنصت والتسجيل للغير- دون إذن من القضاء- كفيل بالإطاحة بأكبر رئيس دولة فى العالم.
ما سبق كان مقدمة لازمة لموضوع هذا المقال بمناسبة ما نسمعه من تسجيلات تليفونية، بأحد البرامج على محطة فضائية خاصة، لسياسيين وشخصيات عامة ورؤساء أحزاب ورجال أعمال، دون أن نرى أى رد فعل من المسئولين القائمين على شئون الحكم فى مصر، وكأن هذه التسجيلات لا تخص المصريين فى وطنهم، أو أنها تذاع من قنوات خارج مصر، وكأن هذه التسجيلات لا تنتهك الدستور والقانون.
ولا شك أن أخطر ما يتعرض له إنسان هو الاعتداء على حرمة حياته الخاصة، وأسرارها، سواء كان بالتنصت على المكالمات التليفونية أو تسجيلها أو إذاعتها، ويعد ذلك عصفاً بنص دستورى يصون ويحمى الحياة الخاصة لكل إنسان.
فقد نصت المادة 57 من الدستور- الذى أقسم كل مسئول فى هذا البلد على احترامه- على أن: «للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمته وسريتها مكفولة، ولا تجوز مشاهدتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، والمدة محددة وفى الأحوال التى يبينها القانون...».
كما نصت المادة 99 من الدستور على أن: «كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم...».
ومفاد ما تقدم واضح بوضوح النص الدستورى الملزم لكل سلطات الدولة ولا تقبل الاجتهاد أو التأويل أو الالتفاف.
فماذا عن القانون؟
جرم القانون الجنائى المصرى هذا الفعل بمقتضى المادة 309 مكرر، و309 مكرر أ من قانون العقوبات، إذ نصت على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجنى عليه، أ- استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة، أيا كان نوعه، محادثات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون».
ونصت المادة 309 مكرر أ- على أن يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة واستعمل ولو فى غير علانية تسجيلاً أو مستندات متحصلاً عليها بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة، أو كان ذلك بغير رضاء صاحب الشأن.. ويعاقب بالحبس الموظف العام الذى يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته...».
ونص قانون الإجراءات الجنائية فى المادة 15/2 منه على أن الدعوى الناشئة عن الجريمتين المنصوص عليهما فى المادتين 309 مكرر و309 مكرر أ لا تنقضى بمضى المدة.
ولا شك أن ما يذاع علينا بانتظام من تسجيلات تمت بالطبع دون رضاء أصحابها، ودون علمهم، هو جريمة مكتملة الأركان وأتصور أن نص المادة 57 من الدستور، ونص قانون الإجراءات المشار إليه، كانت الغاية الأساسية منها هى حماية المواطن من عدوان رجال السلطة العامة، والراجح أن من قام بهذه التسجيلات هو موظف عام، فمن غير المتصور أن يكون مقدم البرنامج هو من قام بالتسجيل لمصر كلها، أو أن فريق الإعداد قد قام بذلك.
والمستور الذى انكشف من هذه التسجيلات ليس طبعاً ما ورد فيها، ولكنها كشفت يقيناً أن هذا الاعتداء الصارخ على الدستور والقانون وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، لا يمكن أن يكون من فرد عادى ضد من سجلت أحاديثهم وأُذيعت، وإنما حدثت من ممثل للسلطة العامة اعتماداً على وظيفته وعلى ما تحت يديه من إمكانيات وفرها له الشعب المصرى من أمواله لحمايته فاستغلها لأغراض لا تخدم الوطن أو الشعب، إذ ماذا عاد علينا لبناء الوطن من هذه التسجيلات؟ وإن كانت هذه التسجيلات تمثل جريمة، وكانت مشروعة وبأمر القضاء، فلماذا لم يقدمها من قام بها للنيابة، وكيف خان ما أؤتمن عليه فى أن يؤدى مهام وظيفته بما يخدم الصالح العام، وهل قام بتسليم هذه التسجيلات مجاناً ولوجه الله؟ أم بمقابل؟
ومن الجدير بالذكر أن النائب العام الذى عينه الرئيس المعزول- بأمر الشعب- طلعت عبدالله قد أحيل للصلاحية، وأنهيت خدمته لأنه وضع فى مكتبه أجهزة تسجيل خِلسة، وقام بارتكاب هذه الجريمة.
والغريب واللافت للنظر أن التسجيلات المذاعة كلها جرت بعد ثورة 25 يناير، فأين تسجيلات رجال مبارك ونظامه؟ لم نسمع تسجيلاً واحداً لصفوت الشريف أو أحمد عز مثلاً، بالرغم من ثراء هذه الفترة من فضائح أكثر إثارة تثبت فساد هذا العهد، فهل بدأت التسجيلات بعد ثورة 25 يناير فقط، ولم تكن هناك تسجيلات قبلها؟ أم أن هناك اتجاهاً منظماً لتشويه ما بعد 25 يناير لأغراض لم تعد خافية على أحد؟
وهل ينتظر المسئولون الذين أقسموا جميعاً على احترام الدستور والقانون حتى نهاية الحلقات، وكأننا أمام مسلسل تليفزيونى مثير نتشوق لمعرفة نهايته ثم بعد ذلك نتحرك؟
وهل تظل أجهزة الدولة صامتة على هذه الجرائم المستمرة، والتى أظهرت للعالم كله أن مصر بجلالها وهيبتها عاجزة عن تطبيق أبسط قواعد الدستور والقانون، بل والأخلاق أيضاً؟ وأصبحت دولة «سداح مداح» على رأى كاتبنا الراحل العظيم أحمد بهاء الدين فى وصفه للانفتاح، وبماذا كان يصف الحال الذى وصلنا إليه هذه الأيام؟
والغريب أن أجهزة الدولة قد تحركت بسرعة وفاعلية وقرأنا عن قوات من قيادات الشرطة توجهت للقبض على بطلة كليب «سيب إيدى» وقدمتها للنيابة التى أمرت بحبسها أربعة أيام وإحالتها إلى المحاكمة العاجلة، فأين هذه الهمة والهيبة للدولة مما يجرى علناً من سقوط أخلاقى وليس دستوريا وقانونيا فقط؟
وأخيراً أُذكر أن الأيام دول، ومن يتفرج ويستمتع بخصوصيات الناس الآن سيستمتع الناس بتسجيلاته غداً إذا ظل الحال على ما نحن فيه.
نحن ننتظر الكشف عن كل خيوط اللعبة وأغراضها، فمن غير المقبول أن تقف مصر بأجهزتها ورجالها عاجزة عن كشف المستور وراء هذا العبث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.