بدعوة كريمة من اللواء أسامة بدير، مساعد وزير الداخلية لأمن القاهرة، حضرت يوم الأربعاء الماضى الاحتفال بيوم الوفاء الذى تقيمه وزارة الداخلية سنوياً للاحتفاء بالضباط السابقين أصحاب الأداء المتميز والأثر البارز فى المنظومة الأمنية. وفى الحقيقة فإن هذا التقليد الذى تحرص عليه وزارة الداخلية هو من السمات الحميدة التى تميزها عن كثيرٍ من مؤسسات الدولة الأخرى، وهو تقليد لا يُعلى من القيم الإنسانية النبيلة التى يتصف بها المصريون فحسب، وإنما هو فى ذات الوقت تحفيزٌ لكل العاملين بجهاز الشرطة على بذل المزيد من الجهد والعطاء وهم يرون تكريم من سبقوهم تقديراً لدورهم واعترافاً بفضلهم. إن الوفاء وعدم نكران الجميل من أهم الخصال الأصيلة للشعب المصرى، ولكن جانباً مما نشهده على الساحة السياسية يتعارض مع تلك القيمة الإنسانية السامية، ذلك أن ما نلاحظه بكل أسف أن كثيراً من المسئولين وهم يتحدثون عن أعمالهم وإنجازاتهم يتناسون تماماً أى دور لمن سبقوهم فى موقع المسئولية، بل ويجحدون أحياناً أى فضل لغيرهم، وكأن حياة المؤسسات التى يرأسونها قد بدأت بهم، وتأتى تصريحاتهم الإعلامية المتوالية بأنهم وضعوا أيديهم على المشاكل التى يُعانى منها المواطنون والتى تجاهلها الآخرون، وأنهم وضعوا الحلول السحرية لها وأنهم ساهرون على تنفيذها بعد أن تفتق ذهنهم عن آليات مبتكرة كانت خافيةً عن سواهم ! إن الأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة، ولكن الأسوأ حينما تكون من كبار المسئولين بالدولة كالمحافظين والوزراء، فتسمع أحدهم وهو يتحدث عن مشكلة العشوائيات مردداً المقولة الدارجة بأن الأوان قد آن الآن للتصدى لهذه المشكلة، فى حين أنه يعلم أن هناك برنامجاً قومياً لتطوير العشوائيات بدأ منذ أكثر من عشرين عاماً وحقق إنجازاتٍ باهرةً خاصةً فى مدينة القاهرة، وأن كل ما يُقال فى هذا المجال هو مجرد محاكاة لما سبق شكلاً وموضوعاً، بل وبنفس مفردات الأحاديث الرسمية عن المشروع وأهدافه وآلياته منذ بدايته فى عقد التسعينات. ونفس الشىء حينما نسمع أحاديث السادة المسئولين عن مشاكل النظافة والكهرباء والتعليم وغيرها، فنجد تجاهلاً تاماً لكل الجهود التى سبقتهم والإنجازات التى تحققت على الأقل فى رصد ودراسة تلك المشاكل ووضع خطط وبرامج علاجها. إن ما يدعونى لطرح هذا الموضوع ليس دعوةً لتمجيد أحدٍ بعينه، ولكن إرساءً لقيم المجتمع المصرى الأصيلة التى يجب على كل المسئولين والرموز الوطنية المختلفة أن يتحلوا بها لأنهم بمثابة القدوة والدليل لهذا الشعب الطيب العظيم، وأدعوهم للاقتداء بالرئيس عبدالفتاح السيسى الذى ضرب المثل الأعلى فى الوفاء وتقدير أصحاب الفضل، فكان من ضمن لفتاته المحترمة دعوته للمشير طنطاوى والمستشار عدلى منصور لحضور العديد من الاحتفالات القومية، وهو ما لاقى قبولاً واستحساناً شعبياً من كل الاتجاهات. من ناحيةٍ أخرى فإن حديث المسئول -أى مسئول- عن إنجازات سلفه وما تحقق على طريق الإصلاح وحل مشاكل المواطنين، لا يُقلل من شأنه ولا ينتقص من قدرهِ إطلاقاً، بل يدل على ثقته فى نفسه وقدرته على العطاء ومصداقيته فى الإصلاح والبناء والارتقاء بما حققه سابقوه من أعمالٍ إيجابية، كما يؤكد على مؤسسية الدولة وهى الصفة التى تعتز وتفخر بها مصر وتميزها عن كثيرٍ من الدول الإقليمية والتى كانت الدعامة الرئيسية لعدم انهيار الدولة فى ظل الأحداث التى شهدتها بعد يناير 2011. تبقى كلمة أخيرة أناشد بها كل الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية، أن تقتدى بوزارة الداخلية وتُخصص يوماً فى العام لتكريم أبنائها من العاملين السابقين الذين اتسم أداؤهم بالتفانى والإخلاص وكان له أثر بارز فى الإبداع والتطوير، وألا يكون ذلك التكريم فى ثنايا الاحتفال بمناسبةٍ أخرى، وإنما يكون فى يومٍ محدد بذاته يُسمّى «يوم الوفاء». لواء بالمعاش E-Mail: