اليوم الخميس موعد السيدة سوزان مبارك، قرينة رئيس الجمهورية مع الاحتفالية الكبرى التى تقيمها جامعة القاهرة احتفاء بمنحها درجة الدكتوراه الفخرية فى علم الاجتماع، تقديرا «لعطائها فى مجال التنمية الاجتماعية عبر العقود الثلاثة الماضية» كما ذكر المانحون. القرار الذى أكد د.أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع والعميد السابق لكلية الآداب، أنه جاء بإجماع كل من مجلس القسم، ومجلس الكلية، ومجلس الجامعة، أثار استياء عدد من أساتذة الجامعات المصرية، الذين أصدروا قبل أيام بيانا، استنكروا فيه استخدام «اسم الجامعة المصرية العريقة، فى غايات شخصية» موضحين أنهم تلقوا هذا الخبر بمزيج من الشعور بالإهانة والألم والغضب. الأساتذة الذين ينتمى أغلبهم لحركة (9 مارس)، والمعروفون بالمشاركة فى الحياة العامة، قالوا إنهم لا يتصورون أن يكون منح الدكتوراه الفخرية للسيدة سوزان مبارك قد تم إلا لأغراض تخص المسئولين فى الجامعة، وفى قسم الاجتماع بكلية الآداب ممن دفعوا بهذا الاقتراح، واصفين إياهم بمحترفى النفاق وعبدة المناصب. واستنكر الموقعون على البيان عدم وجود من يرفض، و«يفضح» هذا القرار الذى وصفوه بالنفاق السياسى، والرخيص داخل جامعة القاهرة. نزاع غير شخصى يبدو أن شخص السيدة سوزان مبارك لم يكن محل النزاع، وإنما درجة صلتها برئيس السلطة السياسية فى مصر، فقد أكد البيان عدم جواز منح التكريم الجامعى ل«أصحاب السلطة»، وضرورة أن ينتظر الراغبون فى تكريم هؤلاء لحين ابتعادهم عن السلطة، بشرط أن يكون هناك مبرر حقيقى للتكريم. الرأى كان للناقد الكبير د.صلاح فضل، الذى قال ل«الشروق» إن السيدة مبارك قدمت للحياة الثقافية المصرية والعربية، أيادى بيضاء تستحق عليها مثل هذا التكريم، أهمها فى رأيه مشروع مكتبة الإسكندرية الذى تفخر به مصر، ورد الحياة لرمز بالغ الأهمية فى الحضارة المصرية بأكملها، ومشروع القراءة للجميع الذى أتاح الفرصة لتثقيف أجيال من الشباب بإمكانات بسيطة، إلى جانب عشرات المبادرات الأخرى التى يمكن أن تحسب لها فى رأيه، وهذا من الناحية الموضوعية. تحفظات لكن من ناحية أخرى، أورد فضل ثلاثة تحفظات على منح الجامعة هذه الدرجة العلمية لقرينة الرئيس، أولها أن فى ذلك مظنة النفاق السياسى، على اعتبار أن الجامعة تتبع الوزارة، والوزارة تتبع رئيس الدولة، وهى حرم رئيس الدولة، وبذلك تبدو الدولة وكأنها تكرم ذاتها، لافتا أنه كان الأفضل لهذا التقدير أن يأتى من جامعات أخرى غير مصرية لتفادى شبهة النفاق السياسى. «جامعاتنا كلها صامت منذ عشرات السنين عن تقدير كبار العلماء، والمفكرين، والمبدعين، العرب والأجانب، وعندما تفطر تقع فى هذا المأزق السياسى، باختيارها لشخصية تقع تحت سلطته!». هذا هو التحفظ الثانى لفضل على القرار، معتبرا أن هذه الجامعات فقدت قدرتها على التمييز، وفقدت كذلك رغبتها فى تكريم كبار المستحقين من غير الشخصيات السياسية، فضلا عن فقدان هيبتها الدولية، لأنها، والكلام لايزال لفضل، تقع فى منطقة الأصفار فى التصنيفات الدولية المعترف بها. حساسية السلطة أما التحفظ الأخير الذى أورده الناقد، فهو تعريض قرينة الرئيس، التى وصفها بأنها شخص عزيز على المصريين ككل، لهذا النوع من الاختبار العلنى، وهو ما اعتبره الناقد أمرا غير لائق، لأن منح الثقة للسيدة سوزان مبارك من عدمه يأتى فى الوقت الذى تتباطأ هذه السلطة التى تعد هى أحد رموزها فى منح المصريين فرصة تحقيق أحلامهم فى التحول الديمقراطى الصحيح. «الجامعيون والمثقفون فى معظمهم خاب أملهم فى هذه السلطة، التى تنكر عليهم حق التطور الطبيعى للمجتمع، وتحرمهم من حكم أنفسهم بأنفسهم ديمقراطيا، على النطاقين الجامعى والمجتمعى، ولا تبدد خوفهم من تحول الجمهورية إلى ملكية، يتم توريث السلطة فيها»، يشير فضل موضحا أنه فى هذا المناخ لم يكن مناسبا أبدا طرح اسم السيدة سوزان مبارك، التى أكد أنها جديرة بكل تقدير، وأن النزاع ليس على شخصها، وإنما على المؤسسة الرئاسية التى تنتمى إليها. فى هذه النقطة الأخيرة اختلف معه د.أحمد زايد أحد المصوتين على قرار منح الدكتوراه الفخرية لقرينة الرئيس، حيث هون زايد من حساسية الصفة السياسية للسيدة وتأثيرها على موضوعية التكريم، موضحا أنها مواطنة مصرية، بل مواطنة فاعلة. وقال زايد إن هذه مسألة تحدث فى كل العالم، ومصر منحت الكثير من هذه التكريمات، للعديد من رؤساء الدول وزوجاتهم، ومثقفين من جميع أنحاء العالم فلماذا لا تمنحها لأبنائها؟. وأضاف أنه على المستوى الأكاديمى، فإن السيدة مستوفية للشروط، لأنها حاصلة على درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية، فى التخصص نفسه الذى منحت عنه درجة الدكتوراه الفخرية وهو علم الاجتماع. وفى السياق عدد زايد ما وصفه بالإسهامات المتميزة لسوزان مبارك فى مجال التنمية الاجتماعية، مشيرا إلى أن لها باعا طويلا وعريضا فى مجالات متعددة، أولها التنمية الحضرية وتطوير العشوائيات، بالإضافة إلى الاهتمام بأحوال المرأة المصرية، خاصة المرأة الفقيرة والمعيلة، والمتسربة من التعليم، وكذلك التمكين السياسى للمرأة من خلال قيادتها للمجلس القومى للمرأة، فضلا عن مشروع القراءة للجميع، الذى أسهم على مدى عشرين عاما، فى غرس قيم إيجابية وتنويرية فى المجتمع. معارضة هينة زايد الذى أكد أن قرينة الرئيس، تستحق تكريما أكثر، هون من شأن البيان الرافض لاقتراح وقرار القسم والكلية اللذين سبق وترأسهما، معتبرا أن رأى 50 أستاذا جامعيا من بين 16 ألف أستاذ تضمهم جامعة القاهرة، لا يمثل نسبة كافية للتأثير على هذا القرار، موضحا أن الاقتراح الذى تبناه قسمه كان ملتزما بالشرط الذى يفترض فى الشخص المرشح للتكريم أن يكون صاحب إنجاز، وقطع فى مسيرته شوطا يجعل إسهاماته واضحة وملموسة، وهو ما تمثل فى الإجماع الذى حظى به فى المستويات الأكاديمية المختلفة، بدءا بمجلس القسم، مرورا بمجلس الكلية، وانتهاء بمجلس الجامعة. الأمر نفسه لفت إليه د.مصطفى الفقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، مؤكدا أن مجمل إجراءات الجائزة من مستوى القسم، إلى مستوى الكلية فمستوى الجامعة، تمت كلها وفقا لقانون ولوائح الجامعة. كما لفت الفقى إلى ما وصفه بالعطاء المعروف لسوزان مبارك فى مجال الأمومة والطفولة، وتنظيم الأسرة ورعاية العشوائيات، ومهرجان القراءة للجميع ومكتبة الأسرة، فضلا عن حصولها على تكريمات دولية، على مستويات مختلفة، تضيف لمكانتها المحلية بعدا دوليا مرموقا. تكريم دولى من هذه النقطة الأخيرة وهى التكريم الدولى بدأ د.زاهى حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار حديثه، مطوفا على عدد كبير من الجوائز والتكريمات التى نالتها السيدة سوزان مبارك وغير معروفة فى مصر. حواس الذى بدأ مداخلته بالتأكيد على العبارة الدارجة «لا كرامة لنبى فى وطنه» قال إن السيدة سوزان مبارك حظيت منذ عام 1989 بجائزة التكريم الكبرى لمنظمة اليونيسيف، من أجل اهتمامها وتكريس حياتها لقضايا الطفولة، كما نالت فى نفس العام جائزة التكريم الكبرى، من المركز القومى لإعادة التأهيل، من أجل خدماتها للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى الجائزة الفخرية «للفولبرايت»، لجهودها فى قضايا الطفل والتعليم، فضلا عن الجائزة الدولية للسلام من مؤسسة «معا من أجل السلام» عام 1992 لدورها فى حماية الطفولة ضد الكوارث الطبيعية. وأضاف أن سوزان مبارك رئيس فخرى لأندية الروتارى العالمية منذ عام 1992، لنفس الأسباب السابقة، وأنه تم تكريمها من منظمة الصحة العالمية عام 1991، لدورها فى تحسين الأوضاع الصحية للطفل المصرى. وأشار حواس إلى أن قرينة الرئيس سبق أن نالت عددا من الدرجات الأكاديمية الرفيعة، فنالت درجة الدكتوراه الفخرية من «وست منستر كوليدج»، ونالت عام 1999 درجة الأستاذية من جامعة شنغهاى، ونالت فى العام نفسه الدكتوراه الفخرية من جامعة «أيوا» بكوريا الجنوبية، وذلك لجهودها فى مجال التعليم وخدمة المجتمع، كما نالت الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بمصر فى فبراير 2000، ودكتوراه فخرية أخرى من الجامعة الأمريكية فى إسبانيا فى نفس العام، وفى عام 2009، والكلام لا يزال للأمين العام للآثار، نالت السيدة سوزان مبارك درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة أذربيجان. «كل هذا التكريم وغيره فى العديد من الدول والمحافل الدولية يعكس الدور الكبير للسيدة سوزان مبارك فى قضايا المرأة والطفولة وخدمة المجتمع» يوضح حواس، لافتا إلى أنها بدأت هذا النشاط التطوعى قبل أن تصبح سيدة مصر الأولى، وزوجة رئيس الجمهورية، مدللا على ذلك بتأسيسها عام 1977 لجمعية الرعاية المتكاملة، التى تعنى بتقديم خدمات ثقافية واجتماعية للطفل. ويضيف أنها على المستوى التعليمى حصلت على بكالوريوس العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية عام 1977، قبل أن تتبعه بالماجستير فى علم الاجتماع من الجامعة الأمريكية أيضا. ويردف أن كل هذه الأعمال التى يضاف إليها ترأسها للمركز القومى للطفولة والأمومة، واللجنة القومية للمرأة المصرية، والمؤتمر القومى للمرأة، وجمعية الهلال الأحمر المصرى، فضلا عن رعايتها لمشروع مكتبة الأسرة، كل هذا جعلها تلقب فى العديد من المحافل والجمعيات ب«ماما سوزان».