تطور نوعي في مسلك الجماعات الإرهابية المتشددة، بمن فيهم أعضاء جماعة الإخوان وهو استهداف المدنيين، هكذا رأى الخبراء الأمنيون حادث اغتيال 3 قضاة وسائق بالعريش، وحذروا من تكراره، مطالبين بتوفير الحماية الأمنية للقضاة خاصة الذين يحكمون فى قضايا للتنظيمات الإرهابية. قال اللواء محمد نور الدين، الخبير الأمنى ان حادث اغتيال القضاة يعيد إلى الأذهان فترة منتصف عقد الأربعينيات مِن القرن الماضي، والتى شهدت سلسلة اغتيالات بمصر، طالت كبار رجال الدَّولة، منهم أحمد ماهر رئيس الوزراء، سنة 1945 الذى اغتيل في قاعة البرلمان، ثم المستشار والقاضي أحمد الخازندار 1948، وبعده بشهور لقي رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النُّقراشي مصرعه، عند ديوان وزارة الدَّاخلية. وأشار اللواء نور الدين إلى أن هذا الحادث الغادر هو نفس حادث اغتيال «الخازندار» فكانت هناك قضية كبرى ينظرها القاضي أحمد الخازندار تخص تورط جماعة الإخوان المسلمين في تفجير دار سينما مترو، وفى صباح 22 مارس 1948 اغتيل المستشار أحمد الخازندار أمام منزله فى حلوان، فيما كان متجها إلى عمله، على أيدى شابين من الإخوان هما: محمود زينهم وحسن عبدالحافظ سكرتير حسن البنا، على خلفية مواقف الخازندار فى قضايا سابقة أدان فيها بعض شباب الإخوان. قال نور الدين إن تصعيد الإخوان أعمالهم الإرهابية بهذا الشكل الوحشى، يأتي اعتقادا منهم أنهم سيرهبون الآخرين، فبدأو اغتيالاتهم باستهداف رجال الشرطة والجيش ثم الأقباط، وعندما لم تؤثر اغتيالاتهم على ردع رجال الشرطة وإثنائهم عن دورهم، قاموا باستهداف أماكن ومؤسسات حيوية مثل أبراج الكهرباء ومدينة الإنتاج الإعلامى، والآن جاء الدور على رجال القضاء، لكنهم سيصمدون ولن ترهبهم تلك الاغتيالات، فالكل يحمل روحه على يديه ولا يخشى فى الحق والعدل لومة لائم. وأوضح الخبير الأمنى أن هذا الحادث تم الإعداد له منذ فترة، من خلال مراقبة هؤلاء القضاة ورصد تحركاتهم، ليتم تنفيذه حال صدور أحكام مشددة على عناصر الإخوان مثلما حدث، مضيفا أن هناك علامات استفهام كثيرة وغموضا يحيط بحادث الاغتيال، وهناك عناصر خونة ساهمت فى حدوث هذا الحادث، لافتا إلى أنه سيتم الكشف عن تلك الملابسات وإيضاحها للرأى العام فى الفترة المقبلة مشيرا إلى أن هناك معلومات تؤكد غياب الحراسة الأمنية التي كانت ترافقهم من بعد خروج سيارة القضاة من الإسماعيلية حتى دخولهم مدينة العريش، رغم توتر الوضع في شمال سيناء والحرب ضد التنظيمات الإرهابية. وعبر نور الدين عن دهشته من غياب ما يسمى «بالخدمة اللصيقة» التى تصاحب القاضى خصوصا فى حالة تنقل القضاة بشكل جماعى، مشيرا إلى أن الشرطة توفر الحد الأدنى من الحماية للقضاة لكن توفير الحماية لأكثر من 13 ألف قاض أمر بالغ الصعوبة والإرهاق على رجال الشرطة خاصة فى ظل تنامى الجريمة وحوادث السرقة. ويحمل اللواء أحمد الفولى، مساعد وزير الداخلية الأسبق الأشخاص المستهدفين من الجماعات الإرهابية، مسئولية حماية أنفسهم، لأن الخدمة الأمنية التى توفر للقاضى تكون فى محل عمله وأمام منزله، أما التحركات غير الرسمية كزيارة الأهل والأقارب وحضور المناسبات، فتكون بدون تأمين. وأردف «الاغتيال من أسهل الجرائم ولكن معظم من يتم استهدافهم يكونون من صغار القضاة ووكلاء النيابة الشباب، بسبب عدم خبرتهم الكافية فى فنون تضليل الجماعات الإرهابية التى تطارد كل من يحاربهم، منتقدا ما يحدث ممن بعض الضباط من وضع شارات على سياراتهم أو على منزله ليعلم الجميع عن مكانه». وطالب الخبير الأمنى بالبعد عن الأمور غير الأمنية التى تساعد المعتدى على الاعتداء على هدفه كافة القضاة والمستشارين باتخاذ الحيطة والتدابير الأمنية اللازمة، بحيث لا يتم الذهاب إلى العمل فى ميعاد محدد أو السير إلى العمل فى شارع معين، وعليه أن يسلك أكثر من طريق، ويكون شديد الحيطة والحذر من مراقبة أى سيارات غريبة له. وفى نفس السياق قال أحمد عز العرب، نائب رئيس حزب الوفد، إن حادث اغتيال القضاة صورة طبق الأصل لحادث اغتيال القاضى الخازندار، مشيرا إلى أن عناصر جماعة الإخوان المسلمين يعيدون التاريخ ويكررون نفس الجريمة واهمين أنهم بذلك سيرهبون القضاة، لكن مخططهم سيفشل، وسينقلب عليهم تلك الجرائم الوحشية بشكل يزيد من تغليظ العقوبة عليهم. وأكد عز العرب أن الجماعة صعدت أكثر ما تستطيع لهز أركان الدولة لكنها فشلت، مشددا على ضرورة عدم التهاون أو التراخى فى عقوبات الإعدام بحجة الضغوط الخارجية. وانتقد عضو الهيئة العليا التدخل الأمريكى فى هذا الشأن وتعليقها على أحكام القضاء المصرى، مشيرا إلى أن أمريكا التى تتشدق بالحقوق والحريات، تطبق عقوبة الإعدام على 32 ولاية من أصل 51 ولاية. إلى ذلك قال شريف الهلالى الناشط الحقوقي إن اغتيال 3 قضاة بالعريش يعد تطوراً نوعياً في مسلك الجماعات الإرهابية المتشددة بما فيها أعضاء جماعة الإخوان باستهداف المدنيين بمدينة العريش، ومنهم أعضاء الهيئة القضائية كما يعد انعكاسا للحملة التي يقودها أنصار جماعة الإخوان الارهابية ضد القضاة، ومحاولات أعضائها إرهاب رجال القضاء خاصة بعد الأحكام القضائية الصادرة، بحقهم وحق قياداتهم. وأشار الهلالى إلى أن هذه المحاولة لا تعد الأخيرة من جانب تنظيم الإخوان أو التنظيمات المرتبطة به ضد رجال القضاء، حيث سبق ان تمت عدة محاولات سابقة بزرع متفجرات بدائية الصنع امام منازل عدد من القضاة خاصة الذين يتولون القضايا الخاصة بجماعة الإخوان مثل ما تم زرعه من قنابل أمام منزل المستشار معتز مصطفى خفاجي رئيس محكمة جنايات الجيزة، بمنطقة وادي حوف بحلوان، واسفر الانفجار عن إصابة 3 أشخاص وتهشم واجهة العقار الذي يقطن به رئيس المحكمة. ودعا الهلالى إلى توفير حماية أمنية وعسكرية لرجال القضاء في محافظة شمال سيناء خاصة القضاة الذين يتولون قضايا قيادات وأعضاء جماعة الإخوان الإرهابية.