عقب ثورة 25 يناير 2011 تعرضت مدينة الإسكندرية، لهجمة مسعورة من قبل «ديناصورات البناء المخالف» الذين استغلوا الرشوة والفساد في الجهاز الحكومي والإنفلات الأمنى وانهيار مؤسسات الدولة ونشطوا بمعاولهم لهدم «كنوز التراث الأثرى و المعماري والشعبي» للمدينة وبناء الأبراج المخالف على أطلال تاريخ الثغر في كل شارع وحارة بأحياء المدينة، تحت سمع وبصر ما تبقى من الجهاز التنفيذى وعلي رأسهم محافظ الإسكندرية هاني المسيري والجهات الرقابية. وكان لمنطقة «كوم الدكة» مسقط رأس فنان شعب سيد درويش «نصيب كبير من عمليات التدمير والتخريب للتراث الشعبى والأثرى لحى «البسطاء من الحرفيين والعمال», حيث تتعرض حتى الآن حارات كوم الدكة الضيقة لجرائم هدم وبناء لبيوتها الصغيرة والعتيقة، بدون ترخيص، تلك البيوت ودكاكينها التي تحمل «عبق التراث الشعبي للفنان الخالد سيد درويش... وذلك لبناء أبراج سكنية شاهقة مخالفة للوائح وقوانين البناء، وذلك بمباركة الإدارة الهندسية لحى وسط!!.. كل هذا رغم التحذيرات الشديدة من قبل خبراء الآثار بعدم الهدم أو البناء بالمنطقة التى تعد من أهم المناطق التراثية والأثرية بالثغر وقد ذهبت نداءاتها واستغاثاتها أدراج الرياح. «كوم الدكة منطقة أثرية» يعد حى كوم الدكة بالإسكندرية بؤرة المناطق الأثرية بالمدينة ولا يزال حتى اليوم مليئا بالحفريات والآثار ويقال ان من أخطرها «مقبرة الاسكندر الأكبر» وقد استخدم القدماء المنطقة كمقبرة فى ثلاثة عصور مختلفة هى اليونانية والرومانية وعصر المماليك وتقوم المنطقة على أعمدة أثرية وصهاريج... وفى عهد محمد على تم تخطيط المدينة وأصبح الحي الدكة فى مركز الدائرة وتقود شوارعه الضيقة إلى مختلف أنحاء المحافظة... وفى زمن الاحتلال كان يخشون الاقتراب من حى كوم الدكة فكان الداخل إليه مفقودا. وكوم الدكة حي يقع على تل مرتفع عن منسوب البحر بحوالى 11 متراً. «سيد درويش فنان الشعب» ولد الفنان سيد درويش فى 17 مارس عام 1892 بحى كوم الدكة قسم العطارين بالإسكندرية لأسرة متواضعة... التحق سيد وهو فى الخامسة من عمره بأحد الكتاتيب ليتلقى العلم ويحفظ القرآن ثم توفى والده وهو فى السابعة من عمره، وقامت والدته بإلحاقه، بإحدى المدارس وبدأ وعيه بالموسيقى والغناء منذ ان كان صغيرا وبدات تتضح تلك الموهبة من خلال مدرسته وحصة الموسيقى حيث كان يقوم بحفظ الأناشيد وتفوق فى هذا على زملائه ثم تزوج درويش وهو فى السادسة عشرة من عمره. حيث عشق الموسيقى والغناء والألحان فانخرط فى العالم منذ الصغر، فكان يقوم بحفظ الحان وأناشيد الشيخ سلامة حجازى بالإضافة للتواشيح التى كان يسمعها من كل من الشيخ أحمد ندا وحسن الأزهرى ويقوم بترديدها على أصحابه كما كان منصتا جيدا لأناشيد السيرة النبوية. التحق سيد درويش بالمعهد الدينى الذى قام الخديوى عباس بانشائه ولكنه لم يستمر بالدراسة به كثيرا حيث قضى به عامين فقط ذاعت شهرته نتيجة للحفلات التى كان يقوم بإحيائها وكان دائما يميل إلى الاستماع للموسيقى وسماع كبار الموسيقين مثل ابراهيم القياتى وداود حسنى وحفظ أدوارهم الشهيرة. أحمد عبد القادر متولي... مرشح حزب الوفد عن دائرة العطارين واللبان: يقول إن كارثة البناء المخالف... لها تاريخ سيئ في مدينة الجمال، تلك المدينة التي كانت تتباهى على مدار تاريخها بابنيتها ذات الطابع المعماري النادر والتي شيد البعض منها على أيدى عمالقة العمارة في تاريخ دول أوربا ومصر. في عهد الملكية... ولكن تبدل الحال في العشرين عاما الماضية، حيث ظهرت مافيا البناء بدون ترخيص في بعض رجال الأعمال والنفوذ يعاونهم مسئولين ضعاف النفوس من الفاسدين والمرتشين بالأحياء وغيرها. وبدأت تلك الظاهرة الخطيرة والتي كانت تداعياتها، انهيار أبراج سكنية بأكملها على رأس قاطنيها وراح ضحيتها الكثير من أرواح المواطنين الأبرياء، ناهيك عن المصابين والخسائر المادية، وكان أشهرها عمارة الموت في منطقة لوران وعمارة المعمورة البلد ومصنع منطقة الحضرة الذي انهار على رأس العمال الأبرياء. نتيجة للفساد والإهمال في منظومة البناء والصيانة للعقارات. تلك الكوارث الدامية تفاقمت بعد ثورة 25 يناير 2011 حيث الفوضي المصاحبة لسقوط مؤسسات الدولة التي استغلها مافيا الفساد والبناء المخالف وكان لمنطقة «كوم الدكة نصيب كبير من ذلك الفساد المستمر حتى الآن تحت سمع وبصر هاني المسيري محافظ الإسكندرية «الأمريكاني» ورئيس حي وسط والإدارة الهندسية بالحي. والحل في يد المحافظ إن رغب في الإصلاح بان يطلب من الأجهزة الرقابية تكثيف جهودها للقضاء على مافيا البناء المخالف والموظفين المرتشين والفاسدين في الجهاز التنفيذي وخاصة في الإحياء. كما أطالب مثقفي الإسكندرية بالتكاتف للتصدي لعمليات تدمير التراث الشعبي لحى كوم الدكة.