بخطى ثابتة.. وقلب جرىء غير مكترث بحالة الكر والفر بين عناصر جماعة الإخوان المسلمين ، ورجال الشرطة، كان المحامى محمود فتحى محمود إمام، يسير أمام مول سيتى ستارز بمدينة نصر، يوم الجمعة 22-11-2014، ويتفقد بعض المحلات لشراء بدلة زفافه، فلم يتبق - وقتها - سوى أيام قليلة على دخوله عش الزوجية.. ولايعلم أن القدر سيزفه خلف الأسوار. فالخوف لم يعرف طريق قلبه الممتلئ بمشاعر حب وإخلاص لوطنه، لدرجه جعلته لايخشى النزول من منزله فى هذا الوقت، وثقته ويقينه أن حالة عشقه لبلده أمر غير قابل للجدل، ويحسده عليه الكثيرون فقد تعرض فى السابق لتهديدات إبان قيامه بجمع توقيعات لحملة تمرد لإنهاء نظام حكم الإخوان وتصدر الصفوف الأولى لثورة 30 يونية، ودعم وأيد قرارات المشير عبد الفتاح السيسى حتى الاستثنائية منها.. لكنه لم يفكر يوما قط أنه سيكون أحد ضحايا الإجراءات الاستثنائية، وأن نهايته ستكون خلف القضبان ليتساوى مع من خانوا وباعوا الوطن. بدموع وحسرة على ما تعرض له من ظلم سطر محمود فتحى المحامى، وعضو حزب الوفد بالقاهرة أحد ضحايا الإجراءات الاستثنائية التى أعقبت ثورة 30 من يونية رسالة إلى المشير عبدالفتاح السيسى، يسرد فيها ما تعرض له من ظلم ويطلب منه تحقيق وعده بالإفراج عن شباب الثورة القابعين خلف السجون فى ذكرى ثورة 25 يناير، والذين لم يتورطوا فى جرائم جنائية. بدأ محمود رسالته قائلا: «سيادة الرئيس.. أكتب رسالتى هذه من واقع مأساتى ومن مكان لم أكن أتوقع يوما فى حياتى أن أكون فيه لولا مشيئة الله فى قدرى.. فأنا أحد ضحايا الإجراءات الاستثنائية وتجاوزات الشرطة التى أعقبت ثورة 30 يونية وما شاب تلك الفترة من قبض عشوائى على المواطنين دون أدنى درجات التحقق والاستبيان، وما تلى ذلك من أحكام قضائية جائرة. وتابع قائلا: «أنا على يقين ياسيادة الرئيس ان الدافع الوحيد وراء تطبيق هذه الإجراءات هو الحفاظ بقوة على مصالح الوطن العليا وكان ذلك عزائى الوحيد، رغم ماتعرضت له من ظلم وإجحاف لاسيما وأننى أحد أعضاء حزب الوفد العريق الفاعلين، والذى لعب دورا كبيرا فى ثوره 30 يونية وكان دائما منذرا لحجم المخاطر الجسيمة والمدمرة التى كان سيتعرض لها الوطن الحبيب. واستطرد: «سيادة الرئيس.. لقد صرحتم أكثر من مرة وفى أكثر من مناسبة ومعرفتكم بأن هناك تجاوزات وأبرياء فى السجون أمام وسائل الإعلام المحلية وفى مؤتمرات فى الداخل والخارج وما تبع ذلك من وعد رئاسى من سيادتكم شخصيا بخروج الأبرياء من السجون وهو ما أحيا الأمل فى نفسى.. وها هو ذا أنا من المنتظرين لعدالة السماء على أيديكم لكى أنعم بالحرية التى حرمت منها ظلما وإجحافا. وأكمل المحامى المظلوم رسالته قائلا: «سيادة الرئيس.. أكثر من 16 شهراً وأنا قابع فى غياهب السجون المظلمة الموحشة.. أعاقب على جرم لم ارتكبه وأحاسب على ذنب لم أقترفه، ضاعت أحلامى وتبددت أمالى.. وسيادتكم بعد الله الملاذ الأخير لى ولأسرتى التى ذاقت معى الأمرين من مرارة الظلم والأمة ومرارة السجن وعزلته وما ترتب عليه من أثار نفسية بالغة السوء وأعباء مادية تفوق احتمال البشر فإلى الآن أذوق الظلم حبيس الجدران أليما، ومن أجرم حر طليق ينعم بالحياة، سيادة الرئيس كن لى شعاع النور فى غياهب السجن الموحشة المظلمة، وكن لى مصدر السعادة فى مكان لم تعرف له السعادة طريقاً.. كن لى باعثاً بالحياة والأمل داخل مقبرة الأحياء وطى ذاكرة البشر. وأردف محمود فى رسالته البائسة قائلا: «أناشدك سيدى الرئيس بأن تربأ بى أن أكون فريسة للظلم الذى ينهش أوصال الرحمة بداخلى ويبدد أواصر موطنى ويطيح بميزان العدل عن ثوابته..» فإن أصبحت للظلم فريسة.. وبددت الأواصر.. وأطيح بالميزان، فلا أوطان، كن على يقين يا سيادة الرئيس بأن إنصافى على أيديكم سيضيف للوطن مواطنا صالحا سيبذل قصارى جهده بالعمل الجاد ليعوض أسرته عما لاقته معه من معاناه وشقاء وألم وسأكون مواطنا سيبذل قصارى جهده فى مشاركة حزبه السياسى - الوفد – فى فعاليات خوض الانتخابات البرلمانية القادمة حتى تتمكن الدولة من الاستحقاق الدستورى الثالث والأخير، لتكتمل خارطة الطريق، لنعبر بمصرنا الغالية تلك المرحلة الحرجة نحو الاستقرار والتقدم المنشود، لكى أشارك زملائى فى الحزب احتفالنا بعرس الديمقراطية والدولة المصرية الحديثة. وأشار محمود فى رسالته إلى أنه أرفق مع رسالته الدفوع الموضوعية والقانونية الدالة بوضوح على براءته، فتقرير الأمن الوطن - والكلام له - أثبت خلو تحريات الأمن الوطنى ومحضره المسطر بتاريخ 28-12-2013، من أى دليل ضدى ولم يذكر فى محضره إلا البيانات الشخصية ولم يورد بشأني ما يفيد انتمائي لأى حزب أو جماعة على أساس دينى بل غفل التقرير ذكر أنني عضو بحزب الوفد وكوني من عائلة وفدية عريقة وهذا فى حد ذاته يعد قصورا فى تحريات الأمن الوطنى. وأرفق محمود ورقة بها الدفوع الموضوعية والقانونية المتعلقة ببطلان حكم أول درجه وجاء فى الدفوع الموضوعية: أولا: انعدام الدليل من قبل المتهم وذلك يتضح من خلو تحريات الأمن الوطنى من اى دليل من قبل المتهم ومن أى معلومات أو تحريات بشأنه إذ إن محضر التحريات لم يذكر سوى البيانات الشخصية فقط ولم يورد أى معلومات عن ميوله أو انتمائه لأى جماعة أو حتى صلة قرابة بينه وبين أى من المتهمين، بل إنه أغفل عن ذكر أن المتهم عضو بحزب الوفد ومن أسرة وفدية عريقة وذلك يعد تقصيرا لتحريات الأمن الوطنى وكذلك خلو التسجيلات المرئية من أى دليل على وجود أو مشاركة المتهم فى الأحداث. ثانيا: لم يستجب لطلب المتهم ودفاعه لسماع شهادة شهود النفى «سائق التاكسى، عامل بمول سيتى ستارز» اللذان أكدا أن المتهم كان فى المول أثناء الأحداث وأنه لم يكن حتى فى الشارع ساعتها ولم يستجب لطلب الدفاع أو المتهم سواء من كان فى النيابة أو المحكمة لطلبهما لسماع الشهادة، مما يعد إخلالا بحق الدفاع وقصورا فى التحقيقات وهاتين الشهادتان موثقتان فى الشهر العقارى بأقوال الشاهدين وتم تقديمهما فى المحكمة. ثالثا: انتفاء حالة التلبس حال تلازم الجريمة بأشخاص مرتكبيها، ولم يوضح محضر الضبط الحالة التى تم ضبط المتهم عليها، كما أن التحقيقات كانت قاصرة لأنه لم يتم مواجهة المتهم بالأدلة الأخرى ولم تحقق دفاعه بشأنها. رابعا: انتفاء رابطة السببية، إذ جاءت أسباب الحكم خالية من بيان الأفعال التى استندت للمتهم وخلا محضر الشرطة من ذلك، وصله ذلك بالأضرار الذى حدثت، وأن هناك شيوعاً فى الاتهام حيث أن الثابت بمحضر الشرطة وتحقيقات النيابة وبالحكم هو أن المتهم وآخرين من المقبوض عليهم والهاربين ارتكبوا الجرائم الواردة بقرار الإحالة ولم يوضح دور كل منهم والأفعال التى ارتكبها وهو ما يتعذر معه تحديد وإسناد هذه الجرائم إلى كل منهم وهو ما يعد شيوعا فى الاتهام، وكذلك هناك تجهيل للواقعة وتجهيل ساعة ومكان الضبط إذ لم يورد محضر الضبط المكان الذى كان المتهم فيه ولا ظروفه ولا ساعة الضبط ولا الحالة التى كان عليها على الرغم من ذكر محضر الضبط أماكن كثيرة فى دوائر أقسام مختلفة، مما يعنى أن القبض على المتهم كان عشوائيا. وذكرت ورقة الدفوع أن هناك تناقضاً فى الحكم يبين أسبابه، بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر أقوال ضباط المباحث وضباط الأمن الوطنى هذا على عكس حقيقة أن أقوال الضباط فى محاضر الشرطة والأمن الوطنى بأنهم ألقوا القبض على المتهم وآخرين، وأن المتهم محمود فتحى لم يكن يحوز أى سلاح ولم يحرز له أى أداة أو سلاحاً نارياً أو غير ذلك. واختتم محمود ورقه الدفوع قائلا: «سيدى الرئيس رغم تقديمى لهذه الدفوع وغيرها مما يطول سرده وهى دفوع موضوعية وقانونية إلا أنه صدر الحكم على فى أول درجة، وأيدته محكمة الاستئناف، ومن أجل ذلك ألتمس من معاليكم إعادة النظر فى أوراق القضية فى أسرع وقت ليتحقق العدل فى أيديكم البيضاء. انتهت رسالة محمود.. لكن أماله وأحلامه ويقينه بعدالة الرئيس «السيسى» لم تنته وليس لها حدود.. خاصة أن الرئيس أصدر قراراً بالعفو عن المسجونين إبان ذكرى ثورة 25 يناير.