نهر النيل في رشيد رجل عجوز تظهر عليه أعراض جميع الأمراض بسبب التعديات التي يشهدها، حيث الأقفاص السمكية التي تلوثه أو إلقاء مخلفات الصرف، والمباني العشوائية التي تم بناؤها أثناء أحداث ثورة 25 يناير علي جانبيه، وورش غسيل السيارات التي تلقي بالزيوت والشحوم في مياه النهر وسط غياب تام من الأجهزة المحلية في الرحمانية وشبراخيت والمحمودية ورشيد، التي يمر النيل من خلالها. «الوفد» تدق ناقوس الخطر لإنقاذ نهر النيل. كانت بداية التعديات علي النيل بتشجيع من الحكومة عام 1998 عندما قررت لجنة تراخيص النيل إنشاء أقفاص سمكية في المياه المالحة خلف قناطر إدفينا برشيد، بحجة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك وتوفير فرص عمل للشباب علي أن تكون مطابقة للمواصفات وخاضعة للرقابة المستمرة، ولكن دوام الحال من المحال، فقد استغل البعض تقاعس الأجهزة المحلية واختفاء الرقابة في إنشاء الآلاف من الأقفاص السمكية دون تراخيص والتي قاربت علي تغطية مياه النهر لأنها تحقق أرباحاً خيالية دون الاهتمام بتطبيق المواصفات، حتي تحولت هذه الأقفاص إلي كارثة بيئية، إلا أنه تتم تغذية الأسماك من مخلفات الحظائر وبقايا محلات بيع الطيور بخلاف الأدوية البيطرية والهرمونات التي تعمل علي زيادة حجم الأسماك التي تسبب العديد من الأمراض لمستهلكي هذه الأسماك، ومنها الأورام السرطانية والفشل الكلوي وأمراض الكبد. ولم يقتصر الأمر علي الأسماك فقط، بل وصل إلي مياه النهر التي تقوم بتغذية محطات مياه الشرب التي أصبح لها روائح كريهة وتغير لونها، وتضطر محطات المياه لمعالجة ذلك بزيادة نسبة الكلور لمعالجة ارتفاع نسبة الأمونيا، وشهدت مدينتا المحمودية ورشيد العديد من الوقفات احتجاجاً علي عدم صلاحية مياه الشرب، وتقاعس الأجهزة المحلية عن تطبيق القانون رقم 48 لسنة 1982 والخاص بحماية نهر النيل والمجاري المائية، وهو الأمر الذي شجع علي انتشار هذه الأقفاص بصورة خطيرة تهدد بوقوع كارثة حال استمرارها. ورغم قيام حملات متباعدة لإزالة هذه الأقفاص، حيث يتم إبلاغ أصحابها بموعد الإزالات، والذين يقومون بنقل الأسماك من داخل الأقفاص وإخفاء الهياكل تحت سطح الماء حتي تنتهي الحملات وتعود الأقفاص مرة أخري في تحد للحكومة. وتتواجد علي شاطئ النيل المئات من فتحات الصرف الصحي التي أنشأها الأهالي بالقري بالجهود الذاتية، وتلقي بالصرف الصحي في مياه النيل دون حسيب أو رقيب.. بل يوجد في نطاق المحافظة 145 مصنعاً للطوب مقامة علي شاطئ النيل، التي تعتبر مصدراً رئيسياً في التلوث، فضلاً عن استهلاكها كميات كبيرة من المياه، بالإضافة إلي الأضرار البالغة التي تسببها للأراضي الزراعية المجاورة لها وانخفاض خصوبتها. وانتشر العديد من المباني بقري الرحمانية، بعد قيام الأهالي بالبناء في أملاك الدولة علي شاطئ النهر وسط غياب تام للأجهزة المحلية، التي تقاعست عن متابعة هذه التعديات وإزالتها علي الفور، ما شجع الآخرين علي الاستيلاء علي أجزاء كبيرة من شاطئ النهر والبناء فوقه سواء منازل أو إحاطتها بأسوار، تمهيداً للبناء فوقها مما يحجب رؤية النهر عن باقي الأهالي ويتسبب في ضياع أراضي أملاك الدولة. وفي رشيد تنتشر ورش صناعة المراكب علي شاطئ النهر بدءاً من مدينة رشيد حتي ساحل البحر المتوسط التي تلقي مخلفاتها في مياه النهر دون حسيب أو رقيب من الأجهزة المحلية وكأن الأمر لا يعنيهم.