انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    ترامب يعلن موعد اللقاء المرتقب مع زهران ممداني في البيت الأبيض    إسلام الكتاتني يكتب: المتحف العظيم.. ونظريات الإخوان المنحرفة    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أسامة العرابي: رواية شغف تبني ذاكرة نسائية وتستحضر إدراك الذات تاريخيًا    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    تضرب الوجه البحري حتى الصعيد، تحذير هام من ظاهرة تعكر 5 ساعات من صفو طقس اليوم    أول تعليق من الأمم المتحدة على زيارة نتنياهو للمنطقة العازلة في جنوب سوريا    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    الجبهة الوطنية: محمد سليم ليس مرشحًا للحزب في دائرة كوم أمبو ولا أمينًا لأسوان    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    حجز الإعلامية ميرفت سلامة بالعناية المركزة بعد تدهور حالتها الصحية    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    بينهم 5 أطفال.. حبس 9 متهمين بالتبول أمام شقة طليقة أحدهم 3 أيام وغرامة 5 آلاف جنيه في الإسكندرية    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    تراجع في أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق المصرية اليوم    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 داخل الأسواق المصرية    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    معتذرًا عن خوض الانتخابات.. محمد سليم يلحق ب كمال الدالي ويستقيل من الجبهة الوطنية في أسوان    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    الذكاء الاصطناعي يمنح أفريقيا فرصة تاريخية لبناء سيادة تكنولوجية واقتصاد قائم على الابتكار    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    علي الغمراوي: نعمل لضمان وصول دواء آمن وفعال للمواطنين    أسعار الأسهم الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا بالبورصة المصرية قبل ختام تعاملات الأسبوع    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر ل"الوفد":
د. سعد الدين: الخطاب الدينى هبط إلى الصفر جماعات الظلام والضلال تريد تحويل الدين إلى مهنة

جاءت دعوة الرئيس «عبدالفتاح السيسى» بتجديد الخطاب الدينى أشبه بالحجر الذى ألقى فى بحيرة راكدة فثارت حولها الدوائر لتشمل معظم فئات المجتمع، التى عانت من فكر الجماعات الإرهابية التى تتخفى فى رداء الدين. وعملت على تسطيح الخطاب الدينى وتصديره بأنه هو الدين وما يخالفه يخرج عن الأصول كأنهم أوصياء على دين الله وعلى عقول البشر.
الدكتور «سعد الدين الهلالى»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أكد فى حواره ل«الوفد» أن دين الله للبشر جميعاً وليس لمؤسسة ما أو لرجال العلم أو لأى مخلوق أو جماعات دينية تعمل على تسطيح الخطاب الدينى بغرض تحويله إلى مهنة ينسج أصولها قيادات هذه الجماعات، مؤكداً أن الخطاب الوصائى يزرع الكراهية ويزيد الفتن ويشعلها.. واصفًا جماعة الإخوان والسلفيين وأنصار السنة والجمعية الشرعية بأنهم أصحاب أجندات خاصة يلبسونها لباس الدين.. ولفت «الهلالى» إلى أن لوائح الجماعات الدينية ورسائل «حسن البنا» هى أكبر فضيحة لحقت بالخطاب الدينى لأنه أصبح يعبث بالعقول باسم الدين.
إلى أى مدى لاقت دعوة الرئيس الاستجابة بتجديد الخطاب الدينى؟
- ما سمعناه فى الإعلام أن الأزهر شكل لجاناً لتطوير المناهج التعليمية لتواكب العصر، وأن وزارة الأوقاف طالبت بما يعرف بالخطبة الموحدة وهذا أقصى ما سمعناه من استجابة.
وهل هذا يكفى؟
- يكفى من وجهة نظر القائمين به طالما يرون ذلك، ولكنى أرى أن الخطاب الدينى فى مصر والدول العربية نزل تحت خط الصفر درجات شديدة، ويحتاج أولاً أن نرتقى به إلى نقطة الصفر حتي تصلح هذه الوسائل التى قدمت تصلح بعد أن نكون وقفنا على أرض صحيحة لتجديد الخطاب الدينى الذى أفسدته جماعة الإخوان والسلفيون وأنصار السنة، والجمعية الشرعية فى قسم الدعوة لأن الجمعية الشرعية لها قسم خدمى جليل لا يصح أن نغض الطرف عنه في خدمة اليتامى والمساكين وأصحاب الحوائج.. أما جانب الدعوة فما شأن الجمعية الشرعية بها، وهل يحتاج المصريون خطاباً دينياً من الجمعية الشرعية التى لا نعرف مناهجها ولا أغراضها، ولا وضعها العلمى، وأتحدي أى إنسان في مصر أن يقول لنا ما هي المناهج للجمعية الشرعية ولجماعة الإخوان والسلفيين وأنصار السنة، وبأى طريقة يقدمون مناهجهم.
ولماذا وصل الخطاب الدينى إلى تحت الصفر؟
- لأن العقل الباطن للمواطن المصرى أصبح يفهم الدين خطأ وربما يكون دارساً جيداً أمثال المتخصصين من الأزهريين، ولا أشكك لحظة في علمهم السليم، لكن هؤلاء أيضاً عقلهم الباطن مدموغ بالخطاب الدينى الذي يروجه الإخوان والسلفيون وأعضاء الجمعية الشرعية.
كيف يؤثر هذا الخطاب فى العلماء والمثقفين؟
- سأضرب مثالاً بالمثقفين، لو سألنا أياً منهم السؤال التالى ستكون الإجابة صفر(!!) وهو هل الشريعة الإسلامية مطبقة فى مصر؟ سيقول الشريعة مطبقة لكن الحدود غير مطبقة، وهذا لعدم ثقافته بالحدود في الفقه الإسلامى.. والخطاب الدينى أوهمنا أن القانون المصرى به عوار في عدم تطبيق الحدود والإجابة مبنية علي خطاب ديني في المساجد والإعلام بأن مصر لا تطبق الحدود ويجب تطبيقها، ولكن لو قرأنا في الفقه الإسلامي سنجد أن الحدود كالعبادات مثل الصلاة والصوم، فهل يحق أن نصدر قانوناً يلزم الناس بالصلاة والصوم؟ والإجابة لا.. ولكن ما قيل مع أنه صحيح، إلا أنه رأى فقهى ويوجد رأى فقهى آخر وهو أن 60٪ من العلماء قالوا: إن الحدود لا يصح أن نلزم بها الغير ولا يجوز تطبيقها في حال الشبهات، ونحن نعيش في حالة الشبهات. إذن نحن مطبقون الشريعة، ولكن هل يستطيع أحد أن يقنع الشعب المصرى بهذا؟!.. لأن الرأي الأول سار وانتشر وأدخلوه في العقل الباطن للمصريين.
العبث بالعقول
إذن الخطاب الديني الخطأ يعبث بالعقول؟
- نعم.. لأن الخطاب الدينى الخطأ يعطى رأياً واحداً على أنه من المسلمات وغيره من الآراء خطأ، والخطاب الديني الصحيح لابد أن يظهر للمسلم الرأى والرأى الآخر ولا يعطيه رأياً واحداً فقط كما يحدث مع موضوع الخلافة، فالكل يؤمن بوجود خلافة إسلامية في عهد الرسول، ثم بعد وفاته جاء «أبو بكر» وأنشأ خلافة إسلامية نتباهى بها ونتمني أن نطبقها، وإحساس المسلمين سيكون جميلاً لو أعدناها، وهذا من أثر الخطاب الدينى الذي يعتمد على الحديث الذي قال: إن الخلافة من بعدى 40 سنة، ولو بحثنا فيه سنجد أن سيدنا «على بن أبى طالب» تولى الخلافة عام (36) هجرية، وقتل بعد (4) سنوات أى سنة (40) هجرية، أى بعد وفاة النبي بثلاثين سنة.. إذن مثل هذه الألفاظ تعبث بعقول الناس وكأنها من المسلمات بسبب الخطاب الدينى الخطأ.
ومتى نبدأ بلوغ الصفر فى الخطاب الدينى؟
- عندما نجعل كل مسلم لديه علم بكل الآراء الفقهية والاحتمالات مثل الإمام الشافعى عندما قال: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيى غيرى خطأ يحتمل الصواب، وحينها سيبلغ الخطاب الديني مستوي الصفر ثم نبدأ بتجديد الخطاب الديني بتطوير المناهج والخطبة الموحدة.
وما الخطاب الديني المطلوب لينسجم مع روح العصر ومتطلباته؟
- لو التزمنا بمنهج الخطاب الديني الصحيح لن نحتاج إلى ما يسمى بدعوة تطوير الخطاب الدينى لأنه سيكون خطاباً متطوراً من تلقاء نفسه.
وما هو هذا المنهج؟
- هو المنهج العلمى.. مثلاً إذا تحدث الإمام الأكبر أو «سعد الهلالى» أو أى من علماء الأزهر فى أى أمر فقهى من علوم الشريعة فما هى درجة صحته حتي يسلم له المسلم بالأمر طالما أنه من علماء الأزهر دون أن يبحث في تخصص المتحدث، وهذه هي أكبر خطيئة.. مثلاً أنا أستاذ في الفقه المقارن، والدكتور «فريد واصل» أستاذ في الفقه الشافعى، والدكتور «على جمعة» أستاذ في أصول الفقه، والدكتور «أحمد عمر هاشم» أستاذ حديث، والدكتور «أحمد الطيب» أستاذ عقيدة وفلسفة، والدكتور «عبدالله النجار» أستاذ قانون مدنى، والدكتور «محمد مهنى» أستاذ قانون دولى.. وهذه أسماء مختلفة بوظائف مختلفة. إذن نحن في الأزهر متخصصون، ولو طلبنا من هؤلاء خطاباً دينياً سليماً فلنجعل كل أستاذ يتحدث في مجاله ولو تحدث في مجال آخر سيكون كلامه ثقافة وليس علماً منهجياً ومعلوماته قد تؤدى إلى خطأ وإرباك، ولكن المعلومة من المتخصص ستكون بآرائها وعمقها وفقهها ومنهجها وبأوجهها.
ربما يعتبر البعض هذا تضييقاً من الأزهر على كل من يتحدث عن الإسلام وكأن الدين أصبح حرفة أو مهنة.
- لا.. بل الخوف أن يتحول الدين إلي مهنة، عندما يتم تسطيحه وجماعة الإخوان والسلفيون يريدون هذا.. وسيدنا «عيسى» عليه السلام حذرنا من هذا عندما قال: إن الله يحب العبد يتخذ المهنة ليستغنى بها عن الناس، ولا يحب العبد يتخذ الدين مهنة».. وهم يريدون أن يحولوا الدين إلي مهنة، وأنا أريد أن أجعل الدين علماً، لأنى أطالب بأن يصبح الخطاب الدينى علماً وهذا هو الصحيح، وهم يريدون تسطيح الخطاب الديني ليصبح مهنة ويروجون لها، وبالطبع هذه المهنة سيضعها وينسجها قيادات الإخوان والسلفيون وسيتحدثون عن الخلافة وتطبيق الحدود وربا البنوك، لكن لو الخطاب تحول إلى علم سيظهر الرأى الذي يقول إن البنوك حلال لأنها تعتبر ريعاً وتنمي الأموال، لكن عندما نفرض وصاية جماعة أو فصيل سيكون الدين مهنة وليس علماً.
مراعاة التخصص
طالما أن الأزهر يقوم على العلم والتخصص.. فلماذا يرفض الآراء الأخرى ولا يناقشها؟
- نعم الأزهر قائم على العلم والتخصص والدليل ما يقوم به أبناؤنا من الباحثين في درجة الدكتوراه بالطبع لديهم أمل في أن يقدموا جديداً ولا يكررون القديم، وهنا العلم يتطوير، وعندما ندعى إلى مؤتمر أو حلقات نقاشية، الكل يحاول أن يقدم الجديد في أبحاثه وهذا تطوير، إذن الأزهر يراعى التخصص والاهتمام به وهنا الخطاب الديني يصبح علمياً ومنهجياً وهذا بطبيعته متطور لكن لو تم تسطيح الخطاب الديني وترك للإخوان والسلفيين والممارس العام من خريج الأزهر غير المتخصص سيتم تحويله إلي مهنة وهذا ما نرفضه.
المؤسسة الدينية طارئة على الإسلام.. فهل يحتاج المجتمع الإسلامى لمؤسسة دينية؟
- يقاطعنى بشدة معترضاً ويقول: يجب سحب هذا السؤال لأن الأزهر مؤسسة علمية وليس مؤسسة دينية، وهناك فرق بين المؤسسة العلمية والمؤسسة الدينية التي حاولت الجماعات الدينية المجىء بدين يريدون أن يعلموه للناس، لكن الأزهر مؤسسة علمية تدرس مواد علمية.
ولماذا الاعتراض والكل يعلم أن الإسلام ليس به رجل دين أو مؤسسة دينية.. فما دور المؤسسة العلمية ومواصفاتها؟
- دورها العلم والشرح والبيان.. والقرآن الكريم (6636) آية مثلاً لو المطلوب شرح آية «اهدنا الصراط المستقيم» هو الطريق القويم و«صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين» مع وجود حديث رواه بعض أصحاب السنن يقول: «غير المغضوب عليهم ولا الضالين» هم اليهود والنصارى ولو حققنا سنجد أن الحديث لا ينص علي أن كل اليهود والنصارى مغضوب عليهم وضالين.. إنما يقصد الذين خانوا وغدروا هم الذين غضب الله عليهم.. ولهذا يقول لنا يا مسلمين لا تغدروا حتي لا تكونوا مثل اليهود الذين غدروا وغضب الله عليهم ولا تنحرفوا حتي لا تصبحوا مثل الذين انحرفوا من النصارى وضلوا، والعلم يفسر هكذا، ولكنهم اختصروا الكل وجعلوا الأطفال عندما يقرأون سورة الفاتحة يكرهون جميع اليهود والنصارى من «الفاتحة» التي تبدأ ب«الحمد لله رب العالمين» وهذه الآية التي تفتح القلوب تجاه الناس بالتفسير الخاطئ تقبض القلوب تجاههم في نهاية السورة بسبب الخطاب الديني الوصائى، والمطلوب خطاب ديني علمى به كل الآراء والاتجاهات والمذاهب وهذا ما تقدمه مؤسسة الأزهر.
وماذا عن الجدل الثائر حول قضية عذاب القبر؟
- البعض قال: لا يوجد عذاب القبر لأن وجود عذاب القبر لن توجد عدالة لأن فيه ناس تموت حرقاً ويفني جسدها أو غرقاً وتأكلها الأسماك، وهؤلاء لا يدفنون، وناس تدفن ولهذا لم يعترفوا بوجود عذاب القبر.. والرأى الآخر يعترف به من خلال الحديث الذي يقول إنهم يعذبان، ويعذبان لا فى كبير ويرون بأن الذين حرقوا أو غرقوا سيجعل الله لهم قبراً في علمه ويحاسبهم أيضاً.. فهذا رأى وذاك رأى آخر، وعندما نعلنهم علي الناس نخمد الفتنة، لأن الخطاب الوصائى يزيد الفتنة ويشعلها ويؤدى للخصومة والكراهية بين الناس، ويترتب عليه وجود وظيفة اسمها رجل دين لأنه سيكون حامياً لهذه الانتقاءات والوصاية عليها.. أما الخطاب العلمى متنامى بطبعه ومهدئ للأجواء ودارئ للفتن.
الحائط السد
لكن هذه الجماعات تري أن فكرها وأيديولوجيتها هي الدين الحق؟
- نعم.. وتعليمات ورسائل «حسن البنا» لن تتغير طالما بقيت جماعة الإخوان ولو تغيرت هذه التعليمات هدموا أصلهم وتفككت الجماعة، وكذلك السلفيون وإرشاداتهم لن يغيروا منهجها ولو طوروا أنفسهم ستتحول إلي علم وهي لا تريد أن تكون علماً، ونفس الأمر ينطبق علي الجمعية الشرعية، وأنصار السنة، هؤلاء جميعاً أسسوا جماعتهم ووضعوا منهجهم منذ بداية نشأتهم ولم يغيروا منه كلمة واحدة.. فكيف يتم تطوير الخطاب الديني وهؤلاء يقفون عقبة أمام التجديد كالحائط السد، عاقدون العزم والنية للترويج لأفكارهم لأنهم يعتقدون أنها الدين الخالص الحق، وما عداه دين باطل.
إذن ما الحل في مواجهة أفكار هذه الجماعات؟
- لا يوجد حل إلا بتفكيك هذه الجماعات وألا يكون لهم علاقة بالدعوة، وأن تتحول إلي جماعات خيرية للإنفاق على ذوى الحوائج ومساعدة أصحاب الاحتياجات الخاصة ولتقديم الرفاهية للمواطن من خلال المساعدات الاجتماعية الإنسانية وما يتعلق بأمور العلم يجب أن يترك لمؤسسة الأزهر.
كيف والدولة تطالبهم بالابتعاد عن السياسة والاستمرار في أمور الدعوة فقط؟
- هذا المطلب أكبر خطيئة في حق أولادنا وأحفادنا عندما نعطي أمر العلم والدعوة لغير علماء الأزهر، وأنا لا أعترف برجل الدين، ولكني أعترف برجل العلم بالدين.
ربما يتهم الأزهر هنا باحتكار الدين، وأن الفكر الإسلامي سيصبح أسيراً لرجال الأزهر؟
- لا.. الأزهر لا يحتكر الدين، وهذا الاتهام يدل على أنهم يتعمدون ترويج الدين علي أساس أنهم رجال دين طالما هذا تفكيرهم لأنهم لا يفهمون أن الأزهر علم.
بمعنى؟
- بمعني أن الأستاذ في الأزهر لا يجرؤ على أن يلغي قناعة دارس لديه في الماجستير أو الدكتوراه لو اختار رأياً معيناً بل يمكن الباحث بأن يختار رأيه بكل حرية والأستاذ لا يستطيع أن يفرض عليه رأياً آخر.
تقصد أن الأزهر يحافظ على التنوع بين المسلمين دون الحجر على رأى آخر؟!
- طبعاً.. يحافظ علي التنوع والتجديد، ولكن رجال الدين في الجماعات الأخرى يلتزمون بالتعليمات والإرشادات، ومن يخرج عنها يعتبرونه خروجاً على الدين، ولكن منهج الأزهر منهج علمي دولي ولو سألنا أكبر جامعات في أمريكا أو آسيا أو أفريقيا عن المنهج العلمي فلن يختلفوا عليه، باحترام الرأى الآخر، وفتح باب الاجتهاد والتفكير ومن حق الباحث أن يعرف تاريخ المعلومة، وهذا تدرج وارتقاء وهو أسلوب واحد على مستوي العالم، ولكن رجال الدين في الجامعات يريدون سرقة الدين من الناس والله يقول: «قاتلوهم حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله».
وهل يوجد اختلاف علي أن الدين كله لله؟
- نعم.. لأن التفسير السائد في المجتمع هو «اسألوا أهل الذكر» أي اسألوا رجال الدين وهذا خطأ، ولكن مادام الدين كله لله فلن يكون للمؤسسة أو لرجال العلم أو أي مخلوق أو جماعة، بل سيكون الدين لكل البشر لأن ما لدينا من الدين هو للبشرية جميعاً.
ما دور أهل الذكر؟
- أهل الذكر ليسوا أوصياء علي الناس، بل هم مسئولون عن البيان، وبيانهم ليس بالضرورة أن يكون ملزماً لأحد، لأن من الممكن ألا يفهم المتلقى شرح المرسل أو أن المرسل لا يقوم بالشرح الجيد، إذن أهل الذكر عليهم الشرح وليس الإقناع.
فرصة الوصاية
ولماذا يرفضون مبدأ الرأيين ويتمسكون بالرأى الانتقائى؟
- فوضى أوصياء الدين أنهم جعلوا الدين نموذجاً، ويريدون أن يفرضوا نموذجهم علي البشر، مثال ذلك «النقاب» فيه (3) آراء، جمهور الفقهاء قال: النقاب عادة وليس له علاقة بالعبادة، والرأي الثانى وقال به 10٪ من الفقهاء لدي «أحمد بن حنبل» وبعض المالكية: أن النقاب واجب ودليلهم الآية التي تقول: «ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها».. والرأى الثالث قال فيه كثير من فقهاء الملكية إن النقاب مكروه.. ولكن الإخوان والسلفيين والجمعية الشرعية تقوم بفرض وصاية علي الناس لأنهم أصحاب أجندات معينة، ولكنها توصف هذه الأجندات بالإسلامية وتريد تقديمها للمجتمع علي أنها الدين وما عداها ليس ديناً.. ولهذا ترفض الآراء الأخرى.. أما الأزهر قائم علي العلم الذي يؤمن بالتعددية والاحتمالات والتطوير التلقائى وتمكين الإنسان من حق الاختيار.
وماذا عن أزمة التراث وكيفية الحفاظ على الثوابت وفي ذات الوقت عدم الدوران فى دائرة القوالب الجامدة؟
- يجيب «بمنتهى الحدة والانفعال»: أكبر جريمة في حق التاريخ ما يقال عبر هذا السؤال(!!) لأن تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون» ومن يطالبون بهذا يريدون أن يجعلونا حالة على السلف السابقين وكان يجب أن يضعوا لنا الخطاب الديني المناسب لعصرنا، ونحن نعيش «تنابلة» وننفذ ما يقوله القدامى، مع أن هؤلاء قدموا ما يصلح لعصرهم وأهل عصرهم كانوا متصالحين معهم، وكنت أتمني أن تسألني سؤالاً آخر عن أساتذة الأزهر الفقهاء والمفسرين، وكم عددهم وستفاجأ بأن أساتذة الفقه في مصر أكثر من (600) فقيه منهم ذكور ومنهم إناث.
بل سأسألك عن أبحاثهم ومدي وصول فكرهم إلي رجل الشارع بدلاً من اللجوء إلي هذه الجماعات؟
- أقسم بالله لم يفشلوا ولكن حكم علي نجاحهم بالحبس في أروقة العلم، وحكم على نجاحهم بالتقزيم وعدم الخروج من أسوار الجامعة، ولكن مناهجهم في الأزهر مليئة بالتجديد والتطوير والخطاب الديني الصحيح، وأنا يتم لومى لأني أقول الآراء الفقهية للناس، وهم يتحججون أن مكانها في محراب العلم.
معني هذا أن الأزهر معوق لتطوير الخطاب الدينى.
- يجب أن يحاسب من في الأزهر على لماذا لم يقدموا خطاباً دينياً فى الفقه والتفسير والحديث وفي علم العقيدة لأهل العصر ويقتنعوا به، وإذا عجز الأساتذة الحاصلون عن تقديم خطاب ديني يقنع أهل العصر سنقول إنهم فشلوا مع أنهم والله لم يفشلوا، بل محبوسون داخل جدران الأزهر.
إذن جرى على الأزهر ما جرى علي مؤسسات الدولة من تهميش وتقزيم.
- علماء الأزهر لهم كتب وآراء فقهية متطورة جداً ويكفي مادة تسمي مادة القضايا الفقهية المعاصرة التي تعالج كل الآراء الفقهية في مأساة واحدة، لأنه لا توجد مسألة فقهية تدرس الآن إلا في إطار رأيين، ولا يوجد حديث إلا يفسر برأيين أو آية دون رأيين أو ثلاثة أو أكثر لأن منهج الأزهر قائم علي التعددية.
هل نرى أن المجتمع المصري أسير للتراث؟
- التراث به جميع الآراء، ولكن المشكلة تكمن في الذي اختار رأياً معيناً وروج له من خلال الخطاب الوصائى للإخوان والسلفيين والجمعية الشرعية وأنصار السنة.
ولماذا تنهل جماعة الإخوان من فكر ابن تيمية؟
- هذه انتقاءات فقط لا غير لأن «ابن تيمية» لا يفرض رأياً واحداً مثلاً آية «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين». «ابن تيمية». قال: جمهور المفسرين قالوا إن هذه الآية نسخت آية السيف، وهناك من يري أن آية السيف هي الناسخة.. وذكر الرأيين، ولكن هذه الجماعات تركوا رأى مذهب الجمهور وأخذوا رأى البعض.
كيف يتم الفوز في الصراع مع أوصياء الدين؟
- بأن تمنع من يسحبون الخطاب الديني ويرفضون أن يقدم كعلم وهم الأوصياء علي الدين وليبتعدوا عن الدعوة وخطبة الجمعة والثقافة والمحاضرات، لأن الخطاب العلمى متطور بطبيعته، والخطاب الوصائى قزم، واللوائح التي تأسست عليها تلك الجماعات ورسائل «حسن البنا» هي أكبر فضيحة لحقت بالخطاب الديني، لأن هذه الجماعات لن تقبل بتجديد الخطاب الدينى.. ولهذا يجب نقل ما يدور من علم داخل الأزهر إلى الناس، وخروج أساتذة الأزهر من محاريب العلم إلي المجتمع ليقولوا للناس ما يقال للطلبة، وحينها سنفوز في صراعنا مع هؤلاء الأوصياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.