منذ انطلاق عملية عاصفة الحزم لقوات التحالف العربي علي الأراضي اليمنية، بدأت عمليات التنسيق مع البعثات الدبلوماسية لجميع الدول لإجلاء رعاياها- وفقاً للظروف التي فرضتها الأحداث. غادر البعض عبر البحر من ميناء عدن، والبعض الآخر غادر "جواً" إما من مطار صنعاء قبل الاعتداءات عليه، أو عبر الحدود اليمنية مع السعودية وعمان. وما بين هذا وذاك، يظل المواطن المصري بين مطرقة الغربة، وسندان المسئولين عن إدارة الأزمة والذين- وفقًا للمصريين العائدين من اليمن- لا يدركون الواقع الذي عاشه المصريون قبل عودتهم مما رسخ مشاعر الغربة لديهم داخل الوطن وخارجه. التقت "بوابة الوفد" مع خالد جابر، المدير المالي لفندق مركير في عدن، أحد المصريين العائدين من اليمن، واصفا عودته بأنها كانت "رحلة عذاب" استغرقت عدة أيام ما بين محاولتهم التواصل مع مسئولي السفارة المصرية باليمن، وغرفة الأزمات التي تم تشكيلها عقب بدء العمليات، وعادوا الي الوطن بمجهود شخصي ومساعدة بعض اليمنيين. وقال إنه في لقاء مع السفير المصري، حاول توضيح الموقف خاصة بعد تصاعد الأحداث داخل صنعاء، مشيراً له بأن هناك عددا كبيرا من المصريين المقيمين في اليمن قاموا بحجز تذاكر سفر للعودة في حالة تصاعد الأزمة، إلا أن السفير نفي وجود أي تطورات وأكد عدم وجود أي تعليمات من الخارجية المصرية تفيد بوجود عمليات إجلاء للمصريين الموجودين في اليمن. وقال جابر، إنه تم إجلاء البعثات الدبلوماسية السعودية والقطرية والإماراتية، ظهر الثلاثاء الماضي، قبل بدء عمليات عاصفة الحزم، وكان بصحبتهم أطقم الإعلام التابعة لقنوات العربية الحدث وسكاي نيوز والجزيرة، وتركوا بعض المعدات الثقيلة بداخل الغرف، وبدأ القلق يتسرب إلينا وقمت بالتواصل مع القنصل المصري في عدن وطمأنني على هدوء الأوضاع . ولفت إلى أن قنصل مصر في صنعاء، أكد للمصريين أن خروجهم منها "سياسي" للضغط على الحوثيين وأنصار علي عبدالله صالح، وأنهم سيظلوا متواجدين في عدن. وتابع: "فوجئت صباح اليوم الثاني، بمغادرة البعثة المصرية فجر الأربعاء علي متن طائرة الخطوط التركية متوجهة إلي أسطنبول، تاركين مفتاح القنصلية مع السائق". وأكد أن المعاناة بدأت منذ اللحظة الأولي لبدء العمليات، خاصة وأن الجميع فشل في التواصل مع أي مسئول مصري بعد مغادرة البعثة، وبدأت الاجتهادات الشخصية من جانب المصريين، وأصبح التواصل بيننا عبر جروب المصريين في اليمن، والكل يعرض محاولاته للخروج، بعد أن اشتدت الأزمة والاشتباكات المسلحة بين الحوثيين والمدنيين المؤيدين لعملية عاصفة الحزم وامتلأت شوارع عدن بالقتلي والجرحى. وأوضح أنه بعد مرور أيام من بدء المصادمات؛ تم التواصل مع السفير المصري يوسف الشرقاوي لإيجاد حل، والتنسيق لاجلائهم خاصة بعد ضرب مطار صنعاء وفشل سفرهم جوًا، وما كان من السفير إلا أن قال لهم "بنحاول وجاري التنسيق". وتابع: "الأغرب من ذلك، طلب السفير المصري منهم إرسال فاكس بالموقف، لتصعيد الأمر للسلطات المصرية، وتمسك بذلك رغم الظروف الصعبة التي تحيط بنا، ورغم ذلك أرسلنا الفاكس بمعاونة أحد اليمنيين، الذي كان يقوم بشحن كروت المحمول للمصريين- على نفقته الخاصة- من مدينة تعز، لكي نتواصل مع السلطات المصرية . وقال، طوال فترة تواجدنا في اليمن؛ لم يكلف السفير المصري نفسه بالاتصال بنا، ولم نتلق منه سوى رسالتين علي الهاتف، الأولي: "ضرورة ارسال الفاكس" والثانية: "كلمني شكراً". وأوضح أنه خلال هذه الفترة، كانت البعثات الدبلوماسية تُجلي رعاياها يوميًا عبر السفن البحرية من ميناء عدن، ونجحنا في التواصل مع السفير الهندي- من خلال بعض أصدقائنا الهنود- لمحاولة مغادرة البلاد، إلا أنه أكد لنا أن التعليمات الصادرة له ولقبطان المركب بعدم صعود أي شخص غير هندي¬- بما فيهم أعضاء البعثة الدبلوماسية وأفراد أسرهم- قبل مغادرة آخر هندي في اليمن، واعتذر عن اصطحاب أي مصري لاتاحة الفرصة أمام الرعايا الهنود. وعن طريقة إجلائهم، أوضح أنهم تواصلوا مع الشيخ أحمد العيسي، وهو رئيس اتحاد الكرة اليمني، وصاحب شركة ملاحة لنقل النفط، ووافق علي اجلائنا إلي جيبوتي، ولم يتقاض منا أي مبالغ مالية، كما وفر لنا الاطعمة والمشروبات على متن السفينة طوال فترة الرحلة التي استغرقت 18 ساعة. وقال: "بعد مغادرتنا ميناء عدن بساعتين؛ تلقي الدكتور مجدي وهبة- أحد المغادرين معنا- اتصالاً من وزير الخارجية سامح شكري، وعلم وقتها بمغادرتنا الميناء، فطلب منه اصطحاب أربعة بحارة مصريبن محتجزين في ميناء مصافي بعدن، وتم التواصل مع قبطان السفينة وتحددت نقطة الالتقاء عبر المياة الدولية، وبعد صعودهم السفينة تبين عدم وجود جوازات مصرية بصحبتهم فرفض القبطان بقاءهم، الا أن وزير الخارجية تواصل معه وأكد وجود السفير المصري في جيبوتي لتسلمهم مع باقي المصريين على متن السفينة". واستكمل جابر، رصد رحلة العذاب التي اكتملت فور وصولهم إلى ميناء جيبوتي، حيث كان السفير المصري في استقبالهم، حيث بدت ملامح الانزعاج على وجه السفير؛ فور علمه بعدد المصريين، وقال: "إن الاخطار الذي تلقته السفارة؛ ضم 11مصريا فقط وليس 39، وأن ذلك سيتسبب في أزمة بالنسبة للإقامة والاعاشة". وتابع: "وبعد حديث طويل؛ اصطحب 4 أسر إلى أحد الفنادق- بدعوة حجز 4 غرف فقط، حسب الاخطار-، ثم تم اصطحاب باقي المصريين إلى مركز الرحمة التابع للحكومة الكويتية، وهو يضم مستشفي وغرف إقامة"، لافتًا إلى انهم عندما طالبوا بتوفير غرف في أحد الفنادق- نظرا لصعوبة التعامل مع دورات المياه في مقر الاقامة-؛ أكد مندوب السفارة بعدم وجود غرف بسبب التكدس. • المفاجأة الأخرى.. اشار جابر، إلى أنه بسبب صعوبة الاقامة؛ توجه بعض المصريين الي الفندق- الذي تم تسكين الأسر المصرية الأربعة به- وكانت المفاجأة باكتشافهم وجود غرف خالية، وأن السفارة طلبت حجز 4 غرف فقط. وتابع، تم الحجز لنا، وفي اليوم التاني ووقت تسوية الحساب؛ طلبن إدارة الفندق منهم التوقيع علي الشيك، وبعد قليل تواجد السفير المصري بالفندق، وطلب من الجميع سداد قيمة الاقامة، بما فيهم ال 4 أسر- التي قال إن غرفهم محجوزة طبقا للأخطار-. وتوالت المفاجآت، بعد اصطحابهم إلى مطار جيبوتي، ومغادرتهم على متن طائرة الخطوط القطرية، حيث قام مندوب السفارة المصرية هناك بتوزيع إقرار، وقع عليه جميع المصريين قبل مغادرتهم يتضمن"تعهدهم بسداد قيمة الرحلة؛ عقب وصولهم إلى القاهرة"- على الرغم من إعلان وزارة الخارجية، إجلاء المصريين على نفقة الدولة- وغادروا بعد توقيع الإقرار مطار جيبوتي، متوجهين إلى الدوحة ومنها للقاهرة. وطالب جابر، بتدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومتابعة إجلاء المصريين شخصياً، نظرا للظروف الصعبة التي يعانون منها، ولا يجدون أي تواصل من البعثة الدبلوماسية التي غادرت اليمن، وكذلك غرفة متابعة الأزمة التي تتجاهل الكثير من الاتصالات. وناشد جابر الرئيس، بالنظر في أمر الأطفال الذين غادروا مع أسرهم بدون أي أوراق تفيد موقفهم الدراسي، مما يترتب على ذلك ضياع العام الدراسي بسبب الظروف الراهنة. وأعلن "جابر" أسماء ستة مصريين عائدين معه من اليمن وهم.. 1- باسم محمد ذكي - مدير تسويق مجموعة مستشفيات البريهي في عدن. 2- الدكتور مجدي جابر وهبي - المدير الطبي لمجموعة مستشفيات البريهي. 3- تامر إبراهيم مدير مصنع كوكاكولا بعدن. 4- نشأت الجندي مدير مبيعات كوكاكولا بعدن. 5- علي محمود محاسب في القنصلية السعودية بعدن. 6- مهندس محمد مدير مصنع الوحدة للأسمنت بعدن.