لدينا الكثير من ابناء مصر المخلصين، قلقون علي بلدنا ومستقبل شعبنا . فكلما اقتربت الانتخابات البرلمانية ازداد القلق لدي الطبقة العريضة من ابناء الشعب المصري، خاصة نتيجة الإصرار الغربي الشديد علي ضرورة عودة تجار الدين الي الساحة السياسية مرة أخري، هذا فضلاً عن ظهور العديد من المحاولات لبعض رموز العهد الماضي من رجال الحزب الوطني للوثوب مرة أخري الي الساحة السياسية. فلا يغيب عن أحد أن الساحة السياسية في البلاد -نتيجة ممارسات رجال الحزب الوطني - ظلت خالية أكثر من أربعين عاما (سداح مداح) يرتعون فيها بصفتهم ممثلي الحزب الحاكم، هذا فضلا عن اخوان الشياطين، الذين تمكنوا نتيجة تلك الممارسات الخاطئة ان ينفذوا للشارع المصري ويعيثوا فيه الفساد. اربعون عاما مضت ظلت الساحة السياسية فيها مرتعا للدجل، إما تطبيلا وتهليلا للحاكم وإما باسم الدين. في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، تم القضاء علي كل الاحزاب المدنية، وعلي إخوان الشياطين أيضا، وظل حزب الحاكم متربعا وحده علي السلطة .وحين جاء عهد الرئيس انور السادات – رحمة الله عليه - إعاد مرة اخري اخوان الشياطين للساحة السياسية، املا في ان يكونوا عونا وسندا له، ولكنهم انقلبوا عليه بل وقتلوه. ومع الأسف الشديد، حينما اتي الرئيس السابق حسني مبارك للحكم لم يفطن لخطورة اخوان الشياطين، فترك لهم العنان الي جانب الحزب الحاكم، حتي وصلنا لهذه الحالة من التردي في كافة مناحي الحياة. قد يقول البعض أن الرئيس السابق حسني مبارك سمح ايضا للأحزاب السياسية المدنية بالعودة للساحة السياسية، ولكن تلك العودة كانت مقيدة مكبلة بالأغلال، فلم يسمح للأحزاب المدنية بالتواجد في الشارع المصري، أو حتي من خلال أجهزة الاعلام، فلم يكن مسموحا لهم إلا بالعمل داخل مقراتهم الحزبية، أما الشارع المصري فقد ترك تماما للحزب الحاكم بالإضافة لإخوان الشياطين، فقد ظلت الساحة السياسية مفتوحة لهما، سواء في الشارع ام في الجامعات ام في المصانع. أربعون عاما ظل خلالها الفريقان يرتعون في طول البلاد وعرضها. وللحق.. فان المال السياسي كان له الدور الأكبر في افساد الحياة السياسية طوال الاربعين عاما الماضية. عن طريق المال السياسي استطاع رجال الحزب الوطني وكذا اخوان الشياطين، السيطرة علي البسطاء والفقراء من أبناء الشعب المصري خاصة في المناطق الشعبية والريفية، حتي أصبح لهما تأثير ملحوظ في الشارع المصري، لقد استطاعا معا أحكام سيطرتهما علي الشارع المصري، فأصبحت لهما الهيمنة الفعلية علي الحياة السياسية في البلاد، اما الاحزاب المدنية الأخرى فكانت مغلولة الأيدي لا حول لها ولا قوة. وحين قامت ثورة 30 يونيو سنة 2013 وتم وضع دستور البلاد وأصبحت الانتخابات البرلمانية علي الابواب، ازداد القلق لدي الكثير من أبناء الشعب المخلصين الحريصين علي مستقبل البلاد وتحقيق آمال الشعب، نتيجة الخوف والخشية سواء ان يعود المال السياسي للسيطرة علي الحياة السياسية من جديد أو أن يعود مرة أخري الدجل باسم الدين. وبعد صدور أحكام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض مواد قانون مباشرة الحقوق السياسية، وجد بعض أبناء مصر في تلك الأحكام فرصة وأمل للمطالبة بإعادة ترتيب الأوراق من جديد. أعود فأقول.. إن ما أخشاه – ومع الكثير من أبناء مصر المخلصين - هو عودة المال السياسي من جديد للسيطرة علي الحياة السياسية، عن طريق بعض المفسدين من رجال الحزب الوطني، وكذا عودة الدجل السياسي باسم الدين. يجب إلا ننسي ان البسطاء من شعبنا ظلوا طوال الأربعين عاما الماضية متأثرين بتلك الصور الفاسدة. وفي تقديري، فان الفرصة مازالت سانحة أمام مثل هؤلاء لإفساد الحياة السياسية مرة أخري، لا سيما أن نظام الانتخاب بالطريق الفردي سيفتح المجال امامهم للسيطرة من جديد علي شعبنا الفقير المقهور. ومن هنا.. فإني انتهز فرصة اصدار المحكمة الدستورية العليا الحكم بعدم دستورية بعض مواد قانون مباشرة الحقوق السياسية، وأدعو أولي الأمر لضرورة العودة لنظام الانتخاب بطريقة القائمة النسبية، فهذا افضل بكثير نظرا للظروف والملابسات التي تعيشها مصر الآن، خاصة وان دستورنا الجديد قد منح البرلمان سلطات واسعة قد تصل لحد عزل رئيس الجمهورية، وهذا هو مبعث القلق. حفظ الله مصر وجنبها كيد الكائدين وحقد الكارهين.