فى ظل زيادة معدل التطرف فى الدول العربية فى الآونة الأخيرة جاءت وزارة الأوقاف لتقدم الاقتراح على الساحة بتوحيد الخطابة فى الدول العربية فى محاولة منها للقضاء على التطرف والإرهاب. ورأت الوزارة أن توحيد الخطاب يُساهم فى إعادة هيكيلة ثقافة الشعوب الإسلامية مرة أخرى بطريقة صحيحة، بحيث تتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي. رصدت "بوابة الوفد" آراء مشايخ الأزهر حول مدى فعالية تلك المقترح وإمكانية توحيد الثقافة الإسلامية. فأوضح الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى السابق، أن توحيد الخطبة فى الدول العربية ليس الحل الأمثل لعلاج المشكلات التى تواجه الدول العربية، مضيفًا أن الخطبة يجب أن تتوافق مع مشكلات المجتمع الذى تقام فيه الخطبة. وأضاف الأطرش أن الخطاب الدينى تُعد علاجًا للأمراض المجتمعية ولا يمكن توحيد الخطابة فى الدول العربية؛ نظرًا لاختلاف القضايا التى تعانى منها كل دولة، مشيرًا إلى أن الخطابات التى تتناولها مصر لحل مشكلاتها الخاصة لا تتناسب مع الخطابات التى تتناولها الدول الأخرى. وقال الأطرش إن الدين الإسلامى دين وسطي ولا يمكن التشدد فى إلقاء الخطابات إلى هذا الحد، موضحًا أن النبى - صلى الله عليه وسلم- نهانا عن التشدد، مستدلًا بحديث النبى صلى الله عليه وسلم"هلك المتنطعون - أى المتشددون". وأشار الدكتور محمد الشحات الجندى، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إلى أن التطرف والإرهاب أصبح مشتركًا بين معظم الدول العربية ولابد من مواجهته والقضاء عليه ولكن دون اللجوء إلى توحيد الخطابة. وأكد الشحات أن هناك فكرًا مشتركًا للتطرف بين معظم الدول العربية ولكنه ليس موحدًا على جميع الدول، مشيرًا إلى أنه يمكن معالجة هذا الفكر بكثرة التوعية والتثقيف نحو خطورة التطرف وليس بتوحيد الخطابة. وأضاف الشحات أنه لابد من ترك الفرصة لكل دولة للتصرف فى هذا الشأن حسب الظروف الاجتماعية المسيطرة عليها، مؤكدًا أن المشاركة فى القضاء على التطرف مطلوبة ولكن التوحد مرفوض. وقال الدكتور سعد الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن وزارة الأوقاف المصرية ليست لها وصاية على الدول العربية الأخرى كى تقترح توحيد الخطابة الدينية لمواجهة التطرف. وأوضح الهلالى أن ظروف المجتمعات متفاوتة وأن الخطبة الدينية لابد أن تتلاءم مع المجتمع وظروفه، مؤكدًا أنه من الأفضل حل مشكلة التطرف باعتماد كل دولة على الخطاب الدينى العلمى وليس الخطاب الوصائى كى تكون الخطبة تسير على منهجية العلم الصحيح. وأضاف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أنه على الرغم من معاناة مصر من التطرف والإرهاب ألا أنه هناك دولًا أخرى لا تعانى من ذلك الإرهاب، متسائلا:" كيف نوحد الخطابة دون إعارة الانتباه لهذه الدول؟". فيما، أيد الدكتور أحمد محمد، أستاذ بكلية أصول الدين بجامعة القاهرة، فكرة توحيد الخطابة فى الوقت الراهن فقط؛ نظرًا لزيادة معدلات التطرف والإرهاب فى الدول العربية، مؤكدًا أنه من الأفضل ألا يستمر هذا الوضع لفترات طويلة. وأضاف محمد أن ذلك سيساعد على الحد من الإرهاب والتطرف المنتشر فى البلدان العربية فى الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى وجود علماء متخصصين ستقوم بالإشراف على نموذج الخطبة ووضع الأدلة الصحيحة وإبراز عناصر الوسطية.