جميع السيناريوهات متوقعة من المحكمة الدستورية العليا وهى تتأهب لإصدار قرارها غدًا فى الطعون الأربعة التى تشكك فى دستورية بعض مواد قوانين انتخابات مجلس النواب والمؤيدة من هيئة المفوضين بالمحكمة، طبعًا لا تملك اللجنة العليا للانتخابات المهيمنة على العملية الانتخابية إلا الالتزام بحكم المحكمة احترامًا للقانون وأحكام القضاء، والدستورية لن تصدر حكمًا بالدستورية أو عدم الدستورية وما يصدر عنها هو قرار يحال إلى محكمة القضاء الإدارى صاحبة الولاية الأصلية على الدعاوى أو الطعون وتصدر حكمها مؤيدًا لقرار المحكمة الدستورية العليا. الطعون أصابت المرشحين بالارتباك بعد أن رصدوا أموال الدعاية فى البنوك ودفعوا تأمين خوض الانتخابات وتكاليف الكشف الطبى، وبعضهم اتفق مع مسئولى الدعاية وأصحاب محلات الفراشة لإقامة السرادقات ودفعوا مقدمات وبعض الموظفين من المرشحين حصلوا علي إجازات وضباط فى الشرطة قدموا استقالاتهم للترشح، إلا أن كل ذلك إذا كان يمثل ارتباكًا وإهدارا للمال العام تم تقديره بحوالى 44 مليون جنيه إلا أنه أقل مما كان سيحدث لو قدمت الطعون بعد تشكيل البرلمان وقضى بعدم دستوريته فإذا كان جزء من المال الخاص قد أهدر حاليًا فإن أموالاً عامة كثيرة تبلغ المليارات تخسرها الدولة إذا قضى بعدم دستورية البرلمان بعدم انعقاده، وجربنا ذلك مرتين فى السابق عندما تم حل برلمان 84 عام 87 وبرلمان 87 تم حله عام 90. كل مصرى مخلص لهذا البلد يود أن تنتقل مصر إلي الخطوة الأخيرة من خارطة المستقبل وهى تشكيل مجلس نواب يمارس دوره الذى حدده الدستور وهو دور مهم فى الرقابة والتشريع وإقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة، ولكن لابد أن يأتى هذا المجلس استنادًا إلي قوانين لا يشوبها عوار دستورى، ولا يمكن بناء برلمان آيل للسقوط وهو ما كان سيحدث لو لم يتم تدارك العيوب فى قوانين الانتخابات الثلاثة قبل ما تقع الفاس فى الراس على رأي المثل. ورب ضارة قد نستفيد منها بشكل عام عندما يصدر قرار المحكمة الدستورية العليا وحكم محكمة القضاء الإدارى، وهى دراسة جعل رقابة المحكمة الدستورية العليا سابقة علي قوانين الانتخابات بدءًا من قانون انتخاب رئيس الجمهورية والبرلمان والمحليات حتى نجنبها الطعن عليها باعتبارها قوانين سياسية مصيرية هامة، والنقطة الأخرى هى إعادة النظر فى آلية إصدار القوانين فى غيبة البرلمان، والتي كشفت ضعف مستوى الذين يعدون هذه القوانين، مما يتطلب استبعاد كل من شاركوا فى إعداد وصياغة القوانين الثلاثة وهى الدوائر والحقوق السياسية ومجلس النواب حتي لو وصل الأمر إلي حل لجنة لإصلاح التشريعى الحالية بعد أن تحولت إلي لجنة للعك التشريعي وعدم التوسع فى إصدار قوانين فى الوقت الحالى انتظارًا لتشكيل مجلس النواب صاحب الحق الأصيل فى مناقشة القوانين، وعلي مستوى الأحزاب والقوى السياسية فإن الحكم يعتبر فرصة لها لإعادة ترتيب أوراقها بعد أن كشفت عملية فتح باب الترشح للانتخابات عدم وجود كوادر حقيقية فى معظم هذه الأحزاب تقدمها للانتخابات، أمام المحكمة الدستورية العليا عدة سيناريوهات فى التعامل مع الطعون، إما ترفضها وتسير اللجنة العليا فى الطريق الذى حدده لإجراء الانتخابات وإما أن تقبلها وتقرر عدم دستورية المواد المطعون فيها، وفى هذه الحالة تصدر محكمة القضاء الإدارى حكمًا بوقف الانتخابات لحين اصلاح العوار الدستورى ومهما كان هذا العوار خفيفاً أو معقدًا فلابد أن يترتب علي الحكم فتح باب الترشح من جديد وقد يمنح التأجيل الفرصة للأحزاب السياسية فى قراءة خريطة الانتخابات بطريقة جديدة تعدل فيها من أوضاعها، كما يساعد المرشحين الذين استبعدوا بسبب عدم استكمال أوراقهم من استكمالها، وقد يدفع بمرشحين جدد، ومهما كان قرار المحكمة الدستورية العليا فهو نافذ ولا يمكن الاعتراض عليه من أية جهة.