نولد أبرياء أنقياء.. ملمسنا كالحرير.. قلوبنا أصفي من السماء.. عيوننا تلمع بحب ونقاء.. لا نعرف إلا الحب، ونحاط برعاية الجميع، ونرد علي أي كلمة حتى لو لم نفهمها بضحكة بريئة مغلفة بخجل لم تلوثه الأيام.. لا يشغلنا كثير العالم وتقلباته.. حروبه وانكساراته.. صفقاته وانتصاراته.. لا نلقي بالا لمن يكرهنا بلا سبب.. فلا يحتل عيوننا إلا من نشعر بحبهم نجري ونلقي أنفسنا في أحضانهم بلا تردد أو خوف.. فلم نفعل بعد ما نستحق علية الحقد أو الكراهية.. لم نعلن بعد عن طموحنا فيغار منا الرفقاء.. ولم نتنافس بعد حتى يصبح لنا أعداء. مع مرور الأيام نبتت بذور الخير التي في داخلي سعيا نحو الكمال وبدأت شجرتها في الارتفاع جذورها رضا الله ومحبة أبي وأمي وجذعها أن أكون رجلاً صالحاً يفخر به جميع من يعرفه أو لا يعرفه وفروعها مرصعة بالطموح والأمل والرغبة في النجاح وأن أصبح رقماً إيجابياً مؤثراً وفاعلاً، ورغم إدراكي أن العالم خلقه الله ثنائي الأقطاب.. فيه الخير والشر.. الأرض والسماء.. الحب لوجه الله، والكراهية دون سبب منطقي سوي الحقد البغيض.. إلا أن التجارب علمتني أن الناس الوان وانواع ليس كما عهدتهم في طفولتي فلن تجد من يهبك الحلوي محباً متبرعاً متطوعاً.. ولن تجد من يعلمك آية من القرآن مخلصا عارفا لفضلها في إكسابك مكارم الأخلاق.. ولن تجد من يلاطفك ويضمك إلي صدره ماسحاً دمعتك ومهونا عليك الدنيا صدقا وإخلاصاً.. فالتنافس يفقد الناس أخلاقهم إذا لم تكن نفيسة وأصيلة.. والرغبة في النجاح والوصول إلى القمة والسلطة قد تشعل الحقد والغيرة في قلوب من لا يمتلكون الأدوات الحقيقة لتحقيق ذلك.. والصراع من أجل الوهم قد يدهس أصحاب الإيمان الضعيف.. لكن التجربة تثبت إن رجلاً فقيراً عابراً لسبيل الدنيا عارفاً لربه داعياً للخير سوف يعيش في جنة الخلد أفضل كثيراً من ملك ملوك الأرض لو كان فاسداً ومن رئيس العالم لو كان حاكما ظالما.. فلن يفيد صراع الأحزاب علي سلطة زائلة اذا لم يحركهم حب الوطن.. ولن يفيد تمسك غيرهم بالعودة إلى الحكم حتي لو رفعوا شعار القتل والدم والإرهاب خاصة لو عرفوا أن نهايتهم قادمة لا محالة، ولن يعيد فسدة النظام المباركي عهد أسقطه المصريون مهما استخدموا من أساليب مشبوهة فقد رفع لهم الشعب الكارت الأحمر ولم يعد يطيقهم وستكتب نهايتهم لا محالة، وكدابي الزفة لن يفوزوا بثقة الرئيس لانه يعرف غدرهم ونفاقهم، وانتخاب برلمان عبر قوانين غير دستورية كارثي لو تعلمون وينسف التجربة الديمقراطية نسفاً ويجعلنا أمام خلق نظام مريض، ووجود قوائم انتخابية مشبوهة وتضم مرشحين لا علاقة لهم بدوائرهم لن يجدي حتي لو ادعت أنها في حب مصر، فحب الوطن لا يتم في ظلام الليل ولا يتم باشتراط دفع ملايين للانضمام للقائمة في عودة سيئة السمعة للمال السياسي، فما علاقة شهد عفت السادات التي تعيش في مصر الجديدة وجذور والدها من المنوفية بالترشح علي محافظة الفيوم أليس ذلك نكته أم أن والدها لازم يكون له نصيب من التورتة، عماد جاد ومحمد العرابي أبناء وسكان القاهرة ما علاقتهم بالجيزة، ومصطفي بكري ابن قنا ما علاقته بالأقصر ولا الأقصر مفيهاش رجالة؟! وغيرهم كثيرين، وظهور سحر طلعت مصطفي من جديد أليس ذلك زواج للمال بالسلطة فهل استردت الثورة والدولة من أسرتها الأراضي التي نهبوها بتراب الفلوس وما علاقة قائمة تدعي أنها تؤمن بثورة يناير أغلب مرشحيها فلول أم أن الواقع يقول إن نظام مبارك للخلف در، والمضحك المبكي أن تجد قائمة الجبهة المصرية عائلية جداً وكأننا في رحلة وليس انتخابات لتحديد مستقبل الوطن فتجد فيها ناجي الشهابي وابنه إبراهيم وأسامة هارون وابنه محمد ويحيي قدري وزوج ابنته ياسر قورة، بل وصديقة ابنته وسلم ع الوطن، ويبقي المال السياسي خطر حقيقي لو تعلمون ينسف أحلامنا جميعا ببرلمان يرسخ لحياة ديمقراطية سليمة ويجعلنا أمام تجربة تخلق وطن بلا أمل عبر برلمان لا يمثلني ولا يمثل ملايين الشرفاء من أبناء مصر الذين سيكون خيارهم المقاطعة. والحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع وفي مقدمتهم الرئيس أن حب الناس مثل الشجرة تحتاج إلى من يرويها وإلا ذبلت وماتت.. ولن نشعر بالسعادة للفوز بمنصب أو سلطة عبر أساليب ملتوية ودنيئة، ولن يرتاح ضميرنا عندما نزيح ظلما وعدواناً من طريقنا كل من نقابله للوصول إلى غايتنا حتي لو كانت فاسدة.. فاذا لم تصلح أعمالنا سنكون خاسرين مهما ظننا أننا رابحون لأن مكسبنا مجرد سراب فالأهم أن ننال رضا الله ومحبته. فخلال طفولتي الأولي عشت في قريتي الريفية بأقصي صعيد مصر وسط مساحة تسع الدنيا وتملؤها حبا وكرما.. فالجميع واحد وإن مر بهم خلافات.. احترام الكبير واجب وتقديره أمر مقدس حتى لو لم يكن مكتمل الصفات.. أقل لعمي «أبويا فلان» دليل علي القرب والمحبة.. جميعنا تربطنا صلاة النسب والمصاهرة والصداقة فلم نعرف التعالي والكبرياء.. الجميع مهما اختلفت أسمائهم وانتماءاتهم تربطهم صلاة الإخاء.. لا فرق بين الغني والفقير إلا بحسن الأخلاق فقد كان معيار التقييم الوحيد. ورغم أنني لست ملاكاً منزهاً عن الهوى والخطأ، ولا ادعي أنني كنت أعيش في المدينة الفاضلة لكن عندما كبرت تمنيت أنني لم أكبر.. وعندما اشتد بي عراك الدنيا وشاهدت خداعها وسوء مشاعرها.. عندما عصرني ألم العاصمة وفجرها.. عندما شاهدت كفرها وغدرها.. عندما أيقنت لوعها في عشقها.. ونذالتها عندما تبدي صداقتها.. وخستها عندما لأسرارك تستودعها.. تمنيت لو عشت حياتي كلها في قريتي وسط أسرتي وأهلي ولم أعش الغربة ولم اشعر بفرقة الأحباب.. فالعبرة ليس بحسن بدايتك ولكن الأهم حسن مشوارك وحسن خاتمتك وأنك عندما تخطئ تعود سريعاً إلي رشدك مستغفرا ربك وما يصبرني أن جدتي أخبرتي ذات يوم أن محبة الناس مفتاحها محبة الله فادعوكم جميعا إلي نشر المحبة بينكم والتكاتف من أجل نهضة بلادنا ونجاح أعمالنا وفلاحها.