أدمت قلوبنا جميعاً تلك المأساة التى أودت بحياة العديد من أبنائنا الشباب من مشجعى كرة القدم، خاصة أن جميع الضحايا فى عمر الزهور.. ولكن ما حدث عقب تلك الواقعة على شاشة الفضائيات وصفحات الجرائد يؤكد المثل الشائع (عاوزين جنازة يشبعوا فيها لطم). حيث لوحظ أن غالبية السادة الإعلاميين قد تناولوا تلك المأساة كل وفقاً لرؤيته ووجهة نظره، وتبارى الجميع فى توجيه الاتهامات والانتقادات لهذا وذاك، ونصبوا أنفسهم كقضاة ومحققين يكيلون الاتهامات لهذا، ويستجوبون هؤلاء وتحولت المأساة إلى ملهاة كبرى. ونحن نسلم بأنه لا يوجد عاقل ينكر حق الإعلام والإعلاميين فى إيضاح الحقائق وتسليط الأضواء على الوقائع وإيضاحها للمواطنين، إلا أن ذلك يجب أن يتم بحيادية تامة وموضوعية كاملة دون تحيز أو إبداء وجهة نظر فى أمر لايزال قيد التحقيق وتتولاه سلطة مسئولة ومختصة، كما أعتقد أن القانون يجرم تناول الموضوعات العامة خلال وسائل الإعلام بعيداً عن الضوابط المشار إليها. والمتابع للشأن العام يلاحظ أن كثيراً من الأصوات ارتفعت فى الآونة الأخيرة موجهة سهام النقد للإعلام والإعلاميين لقيامهم بتناول الأمور المتعلقة بالشأن العام بغير حيادية وبلا موضوعية وتبنيهم لوجهة نظر خاصة بهم استناداً إلى رؤية لم تثبت صحتها بعد، ومازالت الوقائع برمتها قيد التحقيق. وحتى لا ننزلق إلى ذلك المنحدر نكتفى هنا بوضع بعض علامات الاستفهام أمام الجميع لكى نشارك فى الإجابة عليها للوصول إلى الحقائق المجردة وهى: هل يوجد شك فى أننا دولة وشعب نمر بمرحلة استثنائية من تاريخ وطننا حيث تحيط بنا الأخطار من كل جانب وتهدد وجودنا جميعاً.. بل تهدد وجود الدولة أيضاً؟ هل يوجد شك فى أن هناك من يحيك المؤامرات ضدنا، ويتحالف مع آخرين من ذوى المصلحة لتحقيق أهداف خاصة بكل منهما؟ ألا نلاحظ تلك الخيوط التى يتم نسجها حولنا لدفعنا إلى الوقوع فى دائرة المصالحة مع تلك الجماعة الإرهابية التى استحلت دماءنا وأزهقت أرواح الآلاف من أبناء شعبنا؟ ألم ندرك بعد أن تلك الجماعة الإرهابية لا يعنيها من أمر مصر وشعبها إلا أن تحكمها وتحكمه وصولاً للأهداف التى تأمل فى الوصول إليها؟ ألم نلاحظ أن تناول أجهزة وسلطات الدولة لكثير من الأمور خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المنتمين لتلك الجماعة الإرهابية يتسم بالبطء... وأحياناً كثيرة بالتردد؟ ألا نؤمن جميعاً بأن الأمر يقتضى أن نكون أكثر حسماً وحزماً فى العديد من المسائل المتعلقة بالشأن العام خاصة فى الجرائم التى تروع المواطنين وتسلب أرواح العديد منهم؟ ألا يقتضى الأمر منا جميعاً أن نكون أكثر تأملاً فيما يدور ويجرى حولنا وأن نحاول الوصول إلى الحقائق التى لا تقبل الشك وذلك من خلال سلطات الدولة المنوط بها إقرار القانون وتحقيق العدالة وفقاً لما يحدده الدستور والقانون؟ أليس من الحكمة أن نضع فى حساباتنا احتمال أن تكون الواقعة قد تم التخطيط لها بقصد استغلال الحدث وتداعياته فى إحداث الفرقة والانقسام، وتأجيج حالة الغضب وفقدان الثقة بين المواطنين وأجهزة الدولة؟ أعتقد أن تلك التساؤلات تفرض علينا جميعاً التريث وانتظار نتيجة التحقيقات الجارية وما سوف تنتهى إليه.. بدلاً من الانزلاق إلى هاوية كيل الاتهامات لهذا وذاك دون أن نفطن إلى أننا بذلك نساعد على شيوع الفوضى، وعدم الالتزام فى تصرفاتنا وردود أفعالنا، أما إذا كان البعض يدرك مغبة تصرفه وما قد يترتب عليه من نتائج وخيمة على وطننا وبرغم ذلك يتصرف على النحو الذى نتابعه..فإن لذلك حديثاً آخر! مساعد وزير الداخلية الأسبق