تلقيت هذه الرسالة من أحد القضاة، توضيحاً لما قمت بنشره بشأن سدنة العدالة خلال الأيام الماضية. أصدر رئيس محكمة اسئناف القاهرة السابق قراراً بسحب قضية تزوير الانتخابات الرئاسية قبل الأخيرة من قاضى التحقيق. فطعن القاضى على القرار امام الدائرة المختصة التى حكمت بإلغائه لمخالفته القانون فتنص المادة 65 من قانون الإجراءات الجنائية التى على انه. لوزير العدل أن يطلب من محكمة الاستئناف ندب قاضٍ لتحقيق جريمة معينة أو جرائم من نوع معين، ويكون الندب بقرار من الجمعية العامة. وفي هذه الحالة يكون القاضى المنتدب هو المختص دون غيره بإجراء التحقيق من وقت مباشرته العمل. فالنص السابق وما تبعه من نصوص احتوى على ضمانتين لا يجوز مخالفتهما الأولى قصر قرار الندب على الجمعية العمومية وحدها ولاتملك التفويض فيه، والضمانة الثانية عدم أحقية أحد فى سحب التحقيق. ورغم بشاعة الواقعة التى بينت هتك الشرعية الإجرائية فى حجر العدالة ووضوح النص لم يلتفت أحد؟ بل إن رئيس الاستئناف ذاته أصدر قرارين أولهما سحب التحقيق الخاص بالقاضى أحمد الزند بشان واقعة ارض الحمام من قاضٍ واسناده الى آخر اكمله وانتهى الى حفظه. وثانيهما واستنادا للمادة السابقة فقد ندب قاضٍ للتحقيق مع ال«75» قاضياً المتعطلين عن العمل الآن بالمخالفة للنص المذكور واغتصابا لسلطة الجمعية العمومية وهو مايوصم قراره بالانعدام الذى يستحيل رأب صدعه. وباشر القاضى المنتدب التحقيق رغم انعدام الولاية واعد مذكرة بالراى طالبا فيها من صاحب الاختصاص إحالة 60 قاضيا لمجلس التاديب والصلاحية والأغرب أن وزير العدل سايره واصدر قراراً باحالة 56 قاضياً منهم الى الصلاحية بناء على هذا التحقيق المنعدم، ولم يترك الوزير فرصة لتدبر ماحدث لكنه عاجل بما يؤكد انه اتخذ قراره المعدوم مع سبق الاصرار إذ تبين انه بالتزامن مع قرار الإحالة كان يعد مشروع قانون بتعديل المادة المذكورة وماارتبط بها وذلك ليسمح التعديل للجمعية العمومية بتفويض رئيس المحكمة فى ندب قاضٍ للتحقيق وبالحق فى سحب التحقيق منه فى حالات بينها التعديل اى لاباحة ماكان محظورا فى النص السابق «يد تعد المشروع وأخرى توقع القرار اللامشروع» واصدر رئيس الجمهورية قراراً بقانون رقم 138 لسنة 2014 بتعديل نص المادتين 64 و65 من قانون الاجراءات مع الاضافة وفق المشروع الذى اعده وزير العدل . وجاء التعديل على النحو التالى. (المادة65 لوزير العدل أن يطلب من محكمة الاستئناف ندب قاض لتحقيق جريمة معينة أو جرائم من نوع معين و يكون الندب بقرار من الجمعية العامة للمحكمة أو من تفوضه فى ذلك فى بداية كل عام قضائى وفى هذه الحالة يكون القاضى المنتدب هو المختص دون غيره بإجراء التحقيق من وقت مباشرته له). وتضاف إلى قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه مادة برقم( 66 )نصها الآتى :على القاضى المنتدب وفقاً لأحكام المادتين 64 و65 من هذا القرار بقانون أن ينجز التحقيق خلال مدة لاتجاوز ستة أشهر من وقت مباشرته إلا إذا حال دون ذلك مقتضى تسلتزمه ضرورات التحقيق. فإذا قام المقتضى وجب عليه العرض على الجمعية العامة أو من تفوضه فى إصدار قرار الندب بحسب الأحوال لتجديده لمدة لا تجاوز ستة أشهر. وإذا غاب المقتضى أو خالف قاضى التحقيق المنتدب إجراءات عرض الدعوى وفقا لأحكام الفقرة السابقة من هذه المادة ندبت الجمعية العامة أو من تفوضه قاضيا آخر لاستكمال التحقيق)). والتعديل السابق يعلن للكافة عن انعدام القرار الصادر من الوزير باحالة القضاة للصلاحية وهوالانعدام الذى كان مخفيا بين طيات الاوراق لا يعلمه الا الوزير والمتصلون بالواقعة. بل ويعلمون ايضا انه لاتستطيع بموجبه اية محكمة الاتصال بالدعوى. لان المعدوم لايرتب أثرا. وان التعديل لن يعيد قرارالاحالة للحياة, لان القانون الجديد سيطبق بأثر فورى إعمالا لقاعدة عدم رجعية القانون. ولن ينطبق على الوقائع التى سبقت صدوره، مثل قرار الاحالة الذى تحدثنا عنه. وكان على الوزير ان يتعرض للانعدام من تلقاء نفسه لتعلقه بالنظام العام . وهو مايدعو الى التساؤل لماذا فعل وزير العدل ذلك ؟ ان ماحدث مرعب وخطير لأن قانون الإجراءات الجنائية هو قانون الحريات وسياج الامان ومخالفته هتك للشرعية الاجرائية التى لا تقل عن الشرعية الدستورية والاكثر رعبا انه حدث داخل حصن العدالة مع أبنائها فمن يكون لبنى الوطن. كما انه اعتداء لا يجبره علاج وقد يستره سحب الوزير لقراره المنعدم والإعلان عن إنه لن ياتى ذلك مستقبلاً حتى وان تفاقمت المكارثية أو زال اجتياحها. ويقينى ان القائمين على الأمر وقد اقسموا على احترام الدستور والقانون حتما سيكون لهم كلمة فيما هو كائن صونا للشرعية الاجرائية درءاً للضرر وحفاظاً على الثقة العامة في المؤسسة القضائية التى نفاخر بها الأمم.