تامر حسني يحيي حفلًا غنائيًا مميزًا بالجامعة البريطانية في مصر    مصر وقبرص تنفذان التدريب المشترك "بطليموس 2025".. صور    المجلس القومي لحقوق الإنسان يوافق على استقالة مشيرة خطاب ويكلف محمود كارم بالرئاسة    مدبولي: مواردنا الدولارية من السوق المحلية تغطي احتياجات الدولة للشهر الثالث على التوالي    50 منفذًا تموينيًا متنقلًا في دمياط خلال أيام عيد الأضحى    متحدث الوزراء: سنواجه أي زيادات غير مبررة بالأسعار.. ونستورد 400 ألف طن لحوم لتغطية احتياجاتنا    استشهاد معتقل من غزة في سجون الاحتلال الإسرائيلي    تعرف على تشكيل الإسماعيلي في مواجهة سيراميكا بنصف نهائي كأس عاصمة مصر    الوداد المغربى يستعجل رد الزمالك على عرض صلاح مصدق    حبس متهمين بسرقة المساكن بأسلوب كسر الباب في الأميرية    أهم أخبار الكويت اليوم الأربعاء.. الأمير يهنئ المواطنين والمقيمين بعيد الأضحى    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفياتها خلال عيد الأضحى    محمد بن رمضان يعيد أمجاد هانيبال مع الأهلي.. من هو وما قصته؟    بمناسبة عيد الأضحى، حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن 22 زميلًا محبوسًا    بوتين: لتحقيق أهداف العملية العسكرية يجب استخدام جميع الوسائل    الصور الأولى من كواليس فيلم السادة الأفاضل    «معنى الرجولة و الشهامة».. كريم محمود عبد العزيز يحتفي بميلاد والده    دعاء يوم التروية لغير الحجاج .. اللهم إنى أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل    مروان عثمان يقود هجوم سيراميكا أمام الإسماعيلي في نصف نهائي كأس الرابطة    وفد من الأزهر والأوقاف والكنائس يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد الأضحى    نجم الزمالك السابق: وسط الملعب كلمة السر في مواجهة بيراميدز    قرار عاجل من الزمالك بفسخ عقده لاعبه مقابل 20 ألف دولار    بعد اهتمام برشلونة والنصر.. ليفربول يحسم موقفه من بيع نجم الفريق    عودة خدمات تطبيق انستا باي بعد توقف مؤقت نتيجة عطل فنى    دى لا فوينتى قبل قمة إسبانيا ضد فرنسا: لا نمل من الفوز ولدينا دوافع كبيرة    جثة الخلابيصي تثير الذعر في قنا.. والأمن يتحرك لحل اللغز    بعد نشرأخبار كاذبة.. مها الصغير تتقدم ببلاغ رسمي ل«الأعلى للإعلام »    زوارق إسرائيلية تختطف صيادًا من المياه الإقليمية بجنوب لبنان    القاهرة تستضيف النسخة الرابعة من المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي «صحة إفريقياAfrica Health ExCon»    حنان مطاوع: يشرفني تقديم السيرة الذاتية ل سميحة أيوب    صعب عليهم نسيان الماضي.. 5 أبراج لا يمكنها «تموڤ أون» بسهولة    تأكيدا ل «المصري اليوم».. أيمن منصور بطل فيلم آخر رجل في العالم (البوستر الرسمي)    محمد رمضان يقترب من الانتهاء من تصوير «أسد»    اتفاق تعاون بين «مصر للمعلوماتية» و« لانكستر» البريطانية    برسالة باكية.. الشيخ يسري عزام يودع جامع عمرو بن العاص بعد قرار الأوقاف بنقله    خُطْبَةُ عِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ 1446ه    هل تُجزئ صلاة العيد عن صلاة الجمعة؟.. «الأزهر للفتوى» يرد    محافظ المنيا: جادون في استرداد الأراضي وتطبيق القانون بكل حسم    رئيس هيئة الاعتماد يعلن نجاح 17 منشأة صحية فى الحصول على اعتماد "جهار"    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ بجميع مستشفياتها    وزيرة خارجية لاتفيا: سنعمل في مجلس الأمن لتعزيز الأمن العالمي وحماية النظام الدولي    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    رئيس الوزراء: إزالة تداعيات ما حدث بالإسكندرية تمت فى أقل وقت ممكن    مدبولي: الإعلان عن إطلاق المنصة الرقمية لإصدار التراخيص خلال مؤتمر صحفي    إنتر ميلان يفتح قنوات الاتصال مع فابريجاس لتدريب الفريق    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    صلاح عبدالله يستعيد ذكرياته مع سميحة أيوب في مسرحية رابعة العدوية    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ لا يهدأ دون ممارسة هوايته الخبيثة فى إثارة الشكوك
خسئت يا هيكل بتطاولك على نصر أكتوبر لماذا يعيرنا بالثغرة رغم اعتراف شارون بتكبيد إسرائيل 500 قتيل
نشر في الوفد يوم 14 - 01 - 2015

لقد تأكد للجميع بعد حديث الصحفى حسنين هيكل الأخير، مع الإعلامية لميس الحديدى، أنه لا يستطيع أن يعيش أو أن يهدأ دون أن يمارس هوايته السيئة والخبيثة في إثارة الشكوك وبث روح التشاؤم واليأس والإحباط من كل شىء يمس واقع مصر ومستقبلها.
وهو في هذا إنما يُنفِّث عما في نفسه من غل وأحقاد دفينة ضد كل من تجاهله ماضيًا وحاضرًا، رفض أن يفرض هيكل نفسه عليه من رؤساء مصر الذين أعقبوا عبدالناصر وحتى اليوم.. سواء السادات أو مبارك وحتى السيسى.
يخرج علينا هيكل بين حين وآخر، وليلقى بعدة أحجار في المياه، ليس بهدف تحريكها وإنما بهدف تعكيرها وإثارة البلبلة والارتباك في جنبات المجتمع، ثم ينسحب من الساحة بهدوء تاركها تغلى بالاضطراب والقلق على الحاضر والمستقبل، فهذه هي رسالته ومهمته التي كرس لها نفسه وعمره منذ رحيل عبدالناصر الذي كان هيكل كاهنه الأكبر، وهو يعلم جيداً أن ما يفعله لا يخدم سوى أعداء مصر في الداخل والخارج.
وربما كان نظام حكم الإخوان الذي لم يستمر أكثر من عام استثناءً في هذا الصدد، حيث استدعاه محمد مرسي فذهب إليه هيكل مهرولًا، وحريصًا على التقاط الصور معه لتنشر في الصحف دليلا على حاجة نظام الإخوان لاستشاراته، كما جالس خيرت الشاطر وغيره من أقطاب الإخوان مستمعا وناصحا، ثم متحدثاً مطالباً بمنح الوقت للتجربة الإخوانية وإتاحة الفرصة للحكم الجديد والتعاون معه، ولم يذكر أو يشر من قريب أو بعيد إلى جرائم أو مساوئ حكم الإخوان خلال العام الأسود الذي حكموا فيه مصر، ثم عاد بعد ثورة 30 يونية ليبيع الإخوان ويهاجمهم، وداعمًا ومساندًا لثورة 30 يونية، ثم بعد أن استقر الأمر للدولة المصرية بتولى السيسى الحكم وما يلقاه من دعم ومساندة شعبية، عاد هيكل لهوايته القديمة في دق إسفين الفتنة وإشعالها تحت شعار النصيحة المخلصة، داعيا الرئيس السيسى لثورة على نظامه!!
هيكل يشكك في نصر أكتوبر رغم تحقيق الهدف السياسي من الحرب بتحرير سيناء بالكامل:
لم يكف هيكل عن التشكيك في نصر أكتوبر 1973 منذ إحراز هذا النصر لأول مرة في تاريخ حروب الصراع العربى الإسرائيلى، فبعد توقف إطلاق النار خرج علينا هيكل بمقاله المعتاد في الأهرام (بصراحة) بعنوان «لا هزيمة ولا نصر»، وهو ما أثار غضب جميع رجال الجيش آنذاك وعلى رأسهم المشير الراحل أحمد إسماعيل وزير الدفاع الذي ذهب للرئيس السادات غاضبا وشاكيا، فأزاح هيكل عن رئاسة الأهرام. ومنذ هذا التاريخ لا يكف هيكل في كل فرصة تتاح له عن إثارة الشكوك فيما أحرزه الجيش المصرى من انتصار في حرب أكتوبر، رغم التحديات والمصاعب والمشاكل العديدة التي واجهها الجيش، وتغلب عليها بفضل الله وإرادة الجيش الصلبة والإصرار على ضرورة تحرير سيناء بالقوة لاستعادة الثقة والكرامة مع استعادة الأرض، وهو ما تحقق فعلا بتحقيق الهدف السياسي من حرب أكتوبر، وهو تحرير سيناء بالكامل حتى آخر حبة رمل في طابا في إبريل 1982 من خلال عمل عسكري بطولى، ثم استثماره بمعركة دبلوماسية مشرفة. وإذا كانت هزيمة 1967 - التي ساهم فيها هيكل بما كان يعطيه من مشورات غبية ومهلكة لعبدالناصر - قد تسبب في احتلال إسرائيل مناطق في أربع دول عربية.. سيناء وغزة والجولان والضفة الغربية، فإن هيكل يتجاهل ويتغافل عن حقيقة مهمة وهى أن مصر هي الدولة الوحيدة بين هذه الدول الأربع التي استعادت أرضها بالكامل، محققة الهدف السياسي من الحرب. والسؤال هنا الذي يجب أن يوجه لهيكل: ألا يعد تحقيق هذا الهدف السياسي الغالى والثمين - ورغم ما صادفه من صعوبات - دليلا كافيا على نجاح قيادات الجيش في التخطيط الاستراتيجى السليم والدقيق للحرب، وما يعنيه هذا التخطيط من عمل تقدير سليم لموقف العدو (إسرائيل) والقوى التي تحميها والممكن أن تتدخل لصالحها أثناء الحرب (الولايات المتحدة)، ورسم كل السيناريوهات المتوقعة، بل أسوأها والتحسب لمواجهتها. ثم حشد كل الإمكانات المادية المتاحة والممكنة لتحقيق الهدف الاستراتيجى للحرب، ووضع الحلول لجميع المشاكل التي واجهتنا، ثم التنفيذ الدقيق من جانب جميع أفرع القوات المسلحة للمهام القتالية التي كلفت بها.. بدءًا باقتحام قناة السويس عنوة، ثم تدمير العدو في مواقع خط بارليف ثم صد هجماته المضادة، واحتلال خط دفاعى بعمق 20كم، وهو ما نجحت قواتنا في تحقيقه بامتياز، حتى إنه وحتى آخر لحظة قبل وقف إطلاق النار.. لم تستطع القوات الإسرائيلية أن تخترق رأس كوبرى أي من الفرق الخمسة التي احتلت رءوس الكبارى شرق القناة من بورسعيد شمالا وحتى ميناء الأدبية جنوبا.
- ومما يؤكد نوايا هيكل القديمة والحديثة في تضليل وتحطيم معنويات رجال القوات المسلحة والشعب، أنه نشر عقب هزيمة 1967 وفى عهد عبدالناصر مقالة تحت عنوان «تحية للرجال» أعرب فيها عن صعوبة عبور قناة السويس ومقاتلة الإسرائيليين شرقها وذلك بزعم تعدد مشاكل الحل العسكري، والبحث عن خيارات سياسية أخرى، هذا رغم الشعار الذي رفعه عبدالناصر آنذاك «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، إلا أن هدف هيكل كان تيئيس الشعب والجيش معا من الحل العسكري، ولكن الله تعالى أخاب فأله، وأمكن لرجال الجيش أن يقتحموا القناة، ويدمروا خط بارليف عليها، وذلك رغم كل المشاكل والعراقيل التي واجهتهم. لذلك فإن هيكل يرمى من وراء مقولته في حديثه الأخير عن حرب أكتوبر «لا نعرف كيف بدأنا ولا كيف انتهينا».. تشكيك شباب مصر الموجود اليوم ولم يعاصر هذه الحرب، في كل ما تحتفل به الدولة والشعب في ذكرى انتصار حرب أكتوبر، وتشتيت أذهانهم عن حقيقة هذا النصر والانتقاص من قيمة ما تم تحقيقه في هذه الحرب من إنجازات، وإثارة الشبهات حول العسكرية المصرية، وهو ما يجب أن يحاسبه عليه القضاء العسكري لما يسببه كلامه من بلبلة وتحطيم للروح المعنوية، ويدل في نفس الوقت عما في نفسه من أحقاد وكراهية ليس للرئيس الأسبق لمبارك فقط، ولكن لكل المؤسسة العسكرية المصرية، ناهيك عن عدم مبالاته بالأمن القومى المصرى.
هيكل يعيّرنا بالثغرة رغم اعتراف شارون بتكبده 500 قتيل فيها:
- ومما يثير الاشمئزاز من كلام هيكل أنه يعيرنا بالثغرة التي أحدثها العدو غرب القناة، والتي اعترف كيسنجر بقدرة قواتنا على تصفيتها، وحقيقة قصتها لمن لا يعرفها أن شارون حاول عدة مرات العبور بفرقته غربا مساء يوم 14 أكتوبر وطوال يوم 15 مستغلاً الفجوة التي لم تغطها قوات بين الجيشين الثانى والثالث شرق البحيرات، وبعد أن تدفقت أسلحة الجسر الجوى الأمريكى على القوات الإسرائيلية في العريش، وكانت تنقل فورًا إلى خطوط القتال الأمامية.. وكان أخطرها الصواريخ المضادة للدبابات من الجيل الثانى TOW، والتي تسببت في إيقاف تطوير هجوم قواتنا المدرعة شرقا، فضلاً عن وسائل الحرب الإلكترونية التي تسببت في تحييد وسائل دفاعنا الجوى الأرضية، بما أجرته من إعاقة إلكترونية مستمرة على محطات رادار الصواريخ أرض/جو سام 2، 3، 6. ويعترف شارون أمام لجنة تحقيق (أجرانات) عندما سألته عن سبب عدم انسحابه من الثغرة تنفيذا لأوامر القيادة الإسرائيلية في هذا الصدد، بعد أن تفاقم حجم الخسائر الإسرائيلية غرب القناة، أجاب شارون: «لقد تكبدت 500 قتيل، مما اضطرنى لتغيير قادة السرايا ثلاث مرات، والانسحاب تحت ضغط النيران المصرية كان يعنى مضاعفة حجم هذه الخسائر».
- وإذا كان هيكل في حديثه الأخير قد نقل عن كيسنجر تحذيره لوزير الخارجية المصرى من ضربات جوية مسبقة لإسرائيل قبل الحرب بساعات.. وهو ما كانت القيادة المصرية متحسبة له جيدا، فلماذا لم يشر إلى جانب مهم آخر من مذكرات كيسنجر.. قال فيها إن جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك أيقظته فجر يوم 10 أكتوبر بعد بدء الحرب بأربعة أيام وهى مذعورة وتصرخ «لقد فقدنا حتى الآن 450 دبابة و120 طائرة ونخشى أن نفقد سيناء»، فرد عليها كيسنجر «أنا أخشى أن تفقدوا إسرائيل نفسها». وأمرت جولدا مائير بنشر 13 صاروخ أريحا مسلحة برءوس نووية في النقب تحت سمع وبصر الأقمار الصناعية الأمريكية، في رسالة ابتزاز للرئيس الأمريكى نيكسون في حالة تأخره عن إقامة الجسر الجوى والبحرى الأمريكى لإنقاذ إسرائيل بعد استفحال خسائرها، وهو ما استجاب له نيكسون فعلا، وظهر في هبوط طائرات النقل الأمريكية في مطار العريش حاملة الأسلحة والمعدات والذخائر بعد إعادة تموينها بالوقود في جزر الآزور البرتغالية بالمحيط الأطلنطى؟! ولماذا لم يشر هيكل أيضا لحديث السادات مع كيسنجر في أسوان من أن القوات المصرية التي حاصرت القوات الإسرائيلية في الثغرة، من خلال الخطة (شامل)، وكانت قادرة على إبادة هذه القوات خلال بضع ساعات بعد أن تغلق شريان إمدادها من الشرق، فأجابه كيسنجر «نحن نعلم ذلك ولكن أمريكا لن تسمح به لأن ذلك يعنى هزيمة السلاح الأمريكى، ودعنا نحل المشكلة بفك الاشتباك بينكم على مراحل»، وهو ما حدث بالفعل، واستعادت مصر جزءًا غاليا من أراضيها وهو سيناء وبجهود أبنائها العسكريين والدبلوماسيين الشرفاء.
هيكل يتجاهل المصاعب العديدة التي واجهت قرار الحرب رغم اعتراف إسرائيل وأمريكا بها:
- لقد شنت مصر حربها في أكتوبر 1973 رغم إرادة الدولتين العظميين آنذاك.. الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، واللتين اتفقتا على عدم إمداد مصر بالأسلحة الهجومية التي تمكنها من تحرير كامل سيناء بالقوة العسكرية، مفضلين الحل الذي يلبى مطالب إسرائيل في استمرار احتلال أجزاء من سيناء أبرزها شرم الشيخ، وهو ما رفضته مصر، كما كان القرار بشن الحرب الهجومية شرق قناة السويس على عكس كل المقاييس والمعايير الاستراتيجية التي تلزم المهاجم بأن يحقق على الأقل ضعفى القوة العسكرية للعدو المدافع.. فقد كان الخلل في الميزان العسكري لصالح إسرائيل كبيرا (15 فرقة إسرائيلية مقابل 10 فرق مصرية، 450 طائرة إسرائيلية مقابل 200 طائرة مصرية)، فضلا عن الخلل النوعى في أنظمة التسليح.. فبينما كانت القوات الإسرائيلية تقاتل بنفس أسلحة القوات الأمريكية آنذاك (مقاتلات فانتوم وسكاى هوك ودبابات M60A3) تنتمى لجيل السبعينات، كانت القوات المصرية في مواجهتها تقاتل بأنظمة تسليح تنتمى لجيل الخمسينات (ميج-17، وسوخوى-7، وميج-21، ودبابات-ت54، 55، 62)، بل إن الفرقة 18 مشاة تحت قيادة اللواء فؤاد عزيز غالى استعادت القنطرة شرق بدبابات ت-34 من أيام الحرب العالمية الثانية!! ومن هنا يتضح لنا ألا وجه للمقارنة النوعية ولا الكمية بين الأسلحة المصرية والإسرائيلية في حرب أكتوبر، بل إن الملحق العسكري الأمريكى في الهند عام 1975 - وكان مسئولاً عن متابعة محور الجيش المصرى في البنتاجون أثناء الحرب - أخبرنى عندما لقيته في كشمير، «إننا في مصر عندما قاتلنا إسرائيل في هذه الحرب «كنا أشبه بمن يمسك بعصا في مواجهة من يحمل كلاشنكوف، ورغم فارق القوة بين السلاحين فإن حامل العصا انتصر على حامل الكلاشنكوف». ولقد تغلبت مصر على عناصر التفوق النوعى هذه في المقاتلات والدبابات بتفعيل شبكة الدفاع الجوى من غرب القناة لحماية قواتنا شرق القناة، وهو ما دفع قائد السلاح الجوى الإسرائيلى - الجنرال بنيامين بليد - إلى إصدار أوامره لطائراته الساعة الخامسة يوم 6 أكتوبر بألا يقتربوا من خط القناة لمسافة 15 كم، بعد أن تم إسقاط 12 طائرة إسرائيلية خلال ساعتين من بدء العبور، بما أطلق عليه بليد (الحائط الذرى) !! وهو ما يفسر فشل القوات الجوية الإسرائيلية في اعتراض موجات عبور قواتنا طوال يوم 6 أكتوبر. وفى مواجهة التفوق الإسرائيلى في الدبابات اعتمدت القوات المصرية على الصواريخ المضادة للدبابات وتحميلها في عربات نصف نقل لملاحقة الدبابات الإسرائيلية، وهو الأمر الذي أدى إلى تحطيم جميع الهجمات المضادة الإسرائيلية التي بدأت بعد بدء العبور بساعتين، ثم طوال أيام القتال بعد ذلك.
- ولم يكن الخلل في الميزان العسكري لصالح إسرائيل هو التحدى الوحيد الذي واجهته القوات المصرية في حرب أكتوبر، بل كانت هناك تحديات أخرى صعبة.. أبرزها التفوق المخابراتى الإسرائيلى المدعوم أمريكيا، والذي واجهته مصر بعملية خداع استراتيجى وتعبوى وتكتيكى رائعة اعترفت بقيمتها جميع مراكز الدراسات العالمية بما في ذلك الإسرائيلية، وجعلت موشى دايان وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك ينفى وجود نوايا مصرية لعبور القناة، بعد أن شاهد الجنود المصريين غرب بحيرة التمساح يقومون بلعب الكرة والسباحة ومص القصب قبل بدء الحرب بساعات قليلة، ورغم المعلومات التي قدمها أحد عملاء إسرائيل بنية مصر في الهجوم يوم 6 أكتوبر، والتي أشار إليها هيكل في حديثه.. ألا يعد ذلك أيضاً نجاحاً باهرًا لخطة الخداع المصرية.. وهو ما عبّر عنه دايان في قوله: «كنا شايفين ومش فاهمين»!! كذلك كان هناك تحدٍ آخر واجهته القوات المصرية بحلول مبتكرة رغم شدة صعوبته.. وهو خط بارليف الحصين الذي أقامته إسرائيل شرق القناة بارتفاع 20 مترًا، وقد اقتحمته قواتنا عنوة وقتلت وأسرت كل من كان فيه من الإسرائيليين، وهو ما جعل دايان يشبه حالة هذا الخط الدفاعى الحصين يوم 7 أكتوبر بأنه «مثل الجبنة الجاريير السويسرية» لما أحدثته قواتنا فيه من خروقات أجبرت دايان على أن يأمر قواته بالانسحاب منه يوم 8 أكتوبر، بعد أن فشلت الهجمات المضادة الإسرائيلية في الوصول إليه واستعادته.
هيكل يحصر الحرب في 20 يوماً ويتجاهل 500 يوم حرب استنزاف:
- والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا لم يشر هيكل في حديثه لكل هذه الإنجازات والانتصارات، واقتصر في حديثه الملىء بالشكوك والألغام على القول: «انتصار حرب أكتوبر.. لا نعرف كيف بدأنا ولا كيف انتهينا.. أمسكنا في العشرة أيام الأولى، بينما إسرائيل أمسكت بالعشرة أيام الأخيرة»، وكأننا كنا في مباراة كرة قدم مع إسرائيل استمرت 20 يوماً. متجاهلاً عن عمد الأعمال القتالية التي مارستها قواتنا طوال ست سنوات منذ هزيمة 67 وحتى انتصار 73، والتي بدأت فور توقف إطلاق النار عام 1967 بمعركة رأس العش التي نجحت قواتنا في التمسك بها وصدت هجوم القوات الإسرائيلية عليها، بل وشاركت فيها طائراتنا المتبقية بعد هزيمة 67. ثم استمر القتال بيننا وبين إسرائيل في حرب استنزاف استمرت 500 يوما تم خلالها تدمير قطع بحرية إسرائيلية وهجوم على ميناء إيلات ثلاث مرات، وشن هجمات داخل سيناء دمرنا أثناءها لإسرائيل أعدادًا من الدبابات والعربات المدرعة وقتل وأسر أعداد من ضباطها وجنودها، فضلاً عن إسقاط 12 طائرة إسرائيلية.. وغير ذلك من أعمال قتالية باهرة نفذتها قواتنا ضد القوات الإسرائيلية طوال السنوات الست التي سبقت حرب أكتوبر، في ذات الوقت الذي كانت تستعد فيه لشن حرب تحرير سيناء، وإعداد مسرح العمليات على كل أرض مصر، وما يعنيه ذلك من بناء شبكة الدفاع الجوى (130 كتيبة صواريخ أرض/جو) والتي وصف دايان دورها في الحرب قائلا: «إن البذرة الشريرة لهذه الحرب اللعينة وضعت في منتصف عام 1970 عندما وجّه المصريون صواريخهم ضدنا في حائط الصواريخ، ولم نقم بتدميرها في ذلك الوقت». وفى مجال القوات الجوية بُذلت جهود شاقة.. فبجانب إنشاء 20 مطاراً جديداً وأكثر من 50 أرض هبوط، وتجهيز جميع المطارات بأكثر من 500 حظيرة محصنة للطائرات والرادارات ومستودعات الذخيرة والوقود ومراكز العمليات، وممرات إقلاع وهبوط، فقد تم تخريج 600 طيار مقاتلات، وتضاعفت ساعات الطيران 2.5 مرة، وطلعات الرمى 20 مرة، ولأن إعداد طيار المقاتلات يحتاج عادة إلى نحو 5 سنوات، وكانت مصر في حاجة إلى وجود 800 طيار مقاتلات قبل بدء الحرب، فقد زاد معدل تخريج الطيارين في الكلية الجوية من 50 طياراً سنوياً قبل 1967 إلى 200-300 طيار سنوياً بعد ذلك، كما تم إرسال طيارين للتدريب في روسيا كل 3 شهور، بحيث يتم تغييرهم دوريا، وبذلك تحقق 75% من الهدف، هذا فضلاً عن تزويد المقاتلات بخزانات وقود إضافية لزيادة القدرة على البقاء في الجو، لذلك لم يتعطل أي مطار أثناء الحرب أكثر من 6 ساعات رغم شراسة الهجمات الجوية الإسرائيلية، وحيث حقق طيارونا أكبر معدل من الطلعات الجوية عالميا، وهو 6 طلعات/يوم، وبذلك خاضت وحداتنا الجوية 400 معركة جوية، نفذت أكثر 6500 طلعة جوية، وكان ذلك ضروريا لمواجهة التفوق الجوى الإسرائيلى. أما على صعيد الجهد الذي بذلته القوات البرية، فيكفى أن نعلم أن قواتنا زاد حجمها من 4 فرق فقط كانت موجودة قبل الحرب إلى 10 فرق منها 5 مشاة، 3 ميكانيكية، 2 مدرعة، فضلا عن 4 لواءات مستقلة، وفرقتين دفاع جوى، كما أدخلت قواتنا في إطار التجنيد الإلزامى جميع الشباب الحاصلين على المؤهلات العليا لرفع الكفاءة النوعية للقوات، كذلك قامت قواتنا ببناء خط تحصينات غرب القناه ليكون بمثابة مواقع هجوم عند عبور القناة واقتحام خط بارليف، ناهيك عن ابتكار المهندسين العسكريين لأسلوب استخدام طلمبات المياه لهدم الساتر الترابى في خط بارليف، وكان الخبراء الروس يقولون إن تدميره يحتاج إلى قنبلة ذرية!
- كل هذا الجهد وأكثر منه الكثير قد تجاهله هيكل عندما اعتبر حرب أكتوبر أشبه بمباراة كرة قدم.. عشرة أيام لنا وعشرة أيام للإسرائيليين، وهو تشبيه مُغرض لا يعبر عن أي إحساس وطنى لقائله، ولا حتى تقييم محايد، الأمر الذي يؤكد حرص هيكل على تشويه صورة قواتنا المسلحة، وهو في تخاريفه التي يلقيها من حين لآخر عبر وسائل الإعلام يتجاهل حقيقة استراتيجية مهمة، وهى أنه ما كان لإسرائيل أن تسحب قواتها من سيناء إلا بكسر إرادتها، وهو ما تحقق فعلاً بفضل الله وعلى أيدى أبناء مصر الشرفاء في معارك الحرب والدبلوماسية، وإلا فليفسر لنا استمرار احتلال الجولان والضفة الغربية حتى اليوم؟
مصر أعادت قبل الحرب علاقاتها مع العرب وكانت متوترة بفعل أسافين هيكل:
- فى إطار الإعداد السياسي للحرب أعادت مصر علاقاتها مع باقى الدول العربية، والتي كانت مقطوعة ومتوترة في عهد عبدالناصر بفعل أسافين هيكل وسمومه التي كانت ينفثها في مقالاته كل أسبوع ضدها - خاصة السعودية منذ حرب اليمن عام 1962. تلك الحرب التي ساهم هيكل في إضرامها بمقالاته التي كان يبرر فيها دخول مصر هذه الحرب العقيمة بدعوى الدفاع عن القومية العربية، ودعم الثورة اليمنية آنذاك. ففى مقال لهيكل آنذاك تحت عنوان «من فوق جبال صرواح» نجده يبرر توريط عبدالناصر للجيش المصرى، في مستنقع اليمن بقوله إن عبدالناصر كان أبعد نظرًا من بريطانيا وفرنسا وأمريكا الذين لم يفكروا في استعمار اليمن ولكنه -أي عبدالناصر- أدرك أهمية ما في بطون جبال اليمن من ذهب ونحاس ونفط سيستغلها لصالح مصر»!! وكانت النتيجة أن تكبدت قواتنا أكثر من 10.000 قتيل هناك، وكنا ننفق يوميا مليون جنيه مصرى -وقت أن كان الجنيه يساوى دولارين- مما اضطر عبدالناصر إلى الذهاب إلى الملك فيصل وتوقيع اتفاق جدة الذي نص على انسحاب القوات المصرية من اليمن، وكان ذلك من أسباب هزيمة 1967 في مواجهة إسرائيل، حيث نشبت هذه الحرب بينما ثلث الجيش المصرى كان متواجدًا في اليمن على مسافة أكثر من 1000 ميل من سيناء، ولم تحصل مصر على جرام واحد ذهب ولا فضة ولا نحاس من اليمن مما كان يعد به هيكل!!
- كما عززت مصر علاقاتها أيضا مع الدول الآسيوية والأفريقية، وشرحت قضيتها في المحافل الدولية مما أدى إلى قطع عدد كبير من هذه الدول علاقتها مع إسرائيل قبل بدء الحرب. كذلك قيام تحالف استراتيجى بين مصر وسوريا ومشاركة سوريا في الحرب مع مصر ضد إسرائيل، وإجبار الأخيرة على القتال على جبهتين كسرًا لنظرية الأمن الإسرائيلية التي تمنع إسرائيل من القتال على جبهتين. كذلك أدى التنسيق بين مصر واليمن إلى تمكين مصر من إغلاق مضيق باب المندب في وجه الملاحة الإسرائيلية. هذا إلى جانب الدور العظيم الذي قام به الملك فيصل -رحمه الله- باستخدام سلاح البترول في المعركة، ومنع أمريكا ودول أوربا منه حتى تنسحب إسرائيل من الأراضى العربية المحتلة، ناهيك عن الدعم المالى الذي حصلت عليه مصر من الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات، وأيضا من جانب رئيس الجزائر، الرئيس هوارى بومدين الذي دفع 200 مليون دولار لروسيا لاستعواض خسائر مصر وسوريا من السلاح، وأيضا إرسال الدول العربية أعدادًا من وحداتها العسكرية إلى مصر في أواخر أيام الحرب للحفاظ على الاتزان الاستراتيجى في مسرح العمليات. إلى جانب ما بذلته القيادة السياسية المصرية من جهود لتوحد الجبهة الداخلية خلف القوات المسلحة وتأمين مساندتها وهى تخوض الحرب، فضلا عن بناء احتياطى استراتيجى من الوقود والمواد الغذائية وأخرى استراتيجية يكفى خوض مصر حربا لمدة 45 يوماً.
- هذا قليل من جهود ضخمة وكثيرة بذلتها مصر إعدادًا لحرب أكتوبر في جميع المجالات، ثم يطلع علينا الموتور هيكل بعد ذلك ليفتئت علينا قائلاً: «مثلا (انتصار حرب أكتوبر 73) لا نعرف كيف بدأنا ولا كيف انتهينا»!! كل هذا الإعداد للحرب على مستوى القوات المسلحة والشعب والأرض والسياسة، والتحسب لسيناريوهات مختلفة لإدارة الحرب، ولا نعرف كيف بدأناها - على حد تعبير هيكل؟! وهذه النتيجة الباهرة باستعادة كامل أرض سيناء حتى آخر حبة رمل في طابا، في الوقت الذي لا تزال فيه باقى الأراضى العربية محتلة - ولا نعرف كيف انتهت الحرب - أيضا على حد تعبير هيكل؟! حقاً.. إن لم تستح فافعل ما شئت، أو قل ما شئت، وكما يقول المثل البلدى «اللى اختشوا ماتوا»!!
غداً الحلقة الثانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.