الكذب عند الأطفال من أهم المشكلات التي يعاني منها الوالدان، ولا يستطيعان معها صبرًا، فتكون ردود أفعالهم تجاه أبنائهم عنيفة وقاسية، بعقابهم ووصمهم بأنهم كاذبون. وتقول الدكتورة إيمان دويدار، استشاري الصحة النفسية للأطفال، إن الكذب عند الطفل، يبدأ بقوله كلام غير صحيح، مع إدراكه جيدًا لذلك، من أجل تجنب العقاب، أو الحصول على مكاسب مادية. وأكدت دويدار، في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، ضرورة التفرقة بين الكذب عند الطفل، أو مروره بمرحلة عمرية لا يستطيع معها التفرقة بين الواقع والخيال. وأوضحت استشاري الصحة النفسية للأطفال، أن الطفل منذ بداية الثلاث سنوات وحتى الرابعة من عمره يمكنه قول حكايات لم تحدث، أو أن بعضها قد حدث بالفعل دون البعض الآخر، مما يعني أنه قد وصل في هذه المرحلة إلى التفرقة بين الواقع والخيال، فيحكي مواقف ليست كما حدثت ولكنه يزيد عنها، أو يحذف منها. وطالبت استشاري الصحة النفسية للأطفال بسرعة التوجيه المناسب للطفل، من خلال التأكيد أمامه على الأحداث التي حدثت فقط مما حكى دون زيادة أو نقص، إذا استمر على هذا الأسلوب بعد تخطيه الرابعة من عمره، حتى لا تكبر وتتوطد فيه صفة الكذب. وكشفت استشاري الصحة النفسية للأطفال، أنه كلما كانت صورة الوالدين متناقضة لدى الطفل، كلما أدى ذلك إلى الكثير من الاضطراب الانفعالي لديه. وأشارت استشاري الصحة النفسية للأطفال إلى أن "سيكولوجية الكذب" توضح أن الشخص الكاذب يكون عُرضة للعديد من الأمراض النفسية، مثل "السيكوباتية، والخوف المرضي، والعدوان"، حيث توصلت دراسة الدكتور"ممدوح فؤاد" عام 1994 إلى أن الأشخاص الذين ترتفع لديهم الأعراض المرضية هم أكثر كذبًا من الذين تنخفض لديهم هذه الأعراض. أسباب الكذب لدى الأطفال: عدم إشباع حاجاتهم النفسية، والمادية، فيلجأون إلى إشباعها باختلاق المواقف الكاذبة، حيث يحاول الطفل عن طريقها الشعور بقيمته، والتغلب على مايشعر به من قصور نتيجة عدم إشباع حاجاته من قبل الوالدين، أو من يقوم برعايته. قد يكذب الطفل بسبب تقليده لشخصية أحد أبويه أو كلاهما، فإذا ما كان الأب يكذب، فإن هذا سيؤدي تباعًا إلى وجود صفة الكذب عند الطفل مع نمو علاقة حبه لأبيه، وهو ما يثير اعتقاد الأطفال بأن ما يفعله الوالدان من إتباع لسلوك الكذب هو الأسلوب الأمثل في التعامل مع من حوله. قد يضطر الوالدان إلى الكذب في بعض المواقف أمام الطفل، ويقولان عكس الحقيقة، وهذا الإسلوب يتنافى مع أساليب التربية السليمة، مما يغذي هذا المفهوم السلبي لدى الأطفال، ويؤدي إلى إصابتهم ببعض الأمراض العصبية مثل القلق والعدوان. كيفية الوقاية والعلاج من الكذب لدى الأطفال: عدم لجوء الوالدين للعقاب الشديد أو التهديد أو السخرية، حينما يصدر عن الطفل خطأ ما. يجب على الوالدين أن يغرسوا في داخل أطفالهم روح التسامح والحب، والابتعاد عن الكراهية والانتقام والحقد تجاه الآخرين. يجب أن يحرص الوالدان على عدم التفرقة فى معاملتهما بين الأبناء. يجب أن يحرص الوالدان على أن يكونا نموذجًا للقدوة الصادقة في كل المواقف أمام الطفل، حتى يتحلى بنفس صفاتهما. ضرورة حرص المنظومة التعليمية على وضع قصص توضح أهمية الصدق، داخل المناهج الدراسية، خاصة في المراحل الأولى من التعليم، حتى تثبت هذه القيمة لدى الطفل. ضرورة حرص وسائل الإعلام على بث برامج أطفال، يتحلى أبطالها من الأطفال بالصدق، لتبرز مدى أهميته، وتبين أن الصدق يؤدى إلى النجاة، بينما يؤدي الكذب للهلاك.