هل هى عودة لتمكين أهل الثقة والأصدقاء؟ هل تخلى رئيس الوزراء عن وعوده للإعلاميين؟ الجماعة الإعلامية تنجز عملاً رائعاً لتطوير منظومة الإعلام المصرى لا شك أن من حق المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، أن يستشير أصدقاءه فى أى قضايا أو موضوعات، غير أن مما لا شك فيه أيضاً أن هؤلاء الأصدقاء ليس من حقهم محاولة فرض رؤاهم وآرائهم فى موضوعات يثار حولها نقاش واسع بين المتخصصين والخبراء فى هذه الموضوعات، من خلال حملة صحفية تحاول تسويق آراء ومقترحات هؤلاء استناداً إلى أن رئيس الوزراء حاورهم بنفسه حول هذه الآراء والمقترحات، خاصة أن هذه الآراء والأفكار شديدة التواضع وأنها آراء متداولة منذ زمن بعيد ويعرفها كل من له علاقة هامشية بالإعلام. الإعلاميون هم أصحاب الحق الأصيل فى الفترة الأخيرة فرض الإعلام نفسه على ساحة النشاط والعمل الوطنى باعتباره أحد أهم عناصر التأثير فى تشكيل الاتجاهات الفكرية للجماهير، وجذبت هذه الأهمية أعداداً هائلة للمشاركة فى الحديث عن الإعلام سواء بالنقد أو بتقديم رؤى واقتراحات لتطوير منظومة الإعلام المصرى بشقيها الرسمى والخاص، وبعد صدور الدستور ووجود مواد هامة معنية بالإعلام وتنظيمه شهدت الساحة الإعلامية تيارين رئيسيين، أحدهما «هوجة إعلامية» يشارك فيها كثيرون وبعضهم لا تسعفه ثقافة أو خبرة ليقدم شيئاً له قيمة والثانية يضم عدداً كبيراً ممن تؤهلهم ثقافتهم وحصيلته من علوم وفنون الإعلام والممارسة، ليدلوا بدلوهم فى كل ما يتعلق بالشأن الإعلامى. وفوجئ الإعلاميون برئيس الوزراء يصدر قراراً بتشكيل لجنة لوضع مشروعات القوانين المكملة للدستور ومع كل الاحترام للشخصيات التى تضمها هذه اللجنة فقد هبت الجماعة الإعلامية بكل مكوناتها «الصحافة المطبوعة والإذاعة والتليفزيون والصحافة الإلكترونية»، هبت هذه الجماعة مدافعة - بحق - عن مبدأ «التنظيم الذاتى» للإعلام الذى يرفض بحسم تدخل «السلطة التنفيذية» فى هذا الشأن والذى يضع مسئولية هذا التنظيم على عاتق الجماعة الإعلامية. واستجاب رئيس الوزراء - مشكوراً - للمطلب المشروع للجماعة الإعلامية فى لقاء مع الأستاذ جلال عارف، رئيس المجلس الأعلى للصحافة، والأستاذ ضياء رشوان، نقيب الصحفيين، وصرح بوضوح بأن وضع مشروعات القوانين المكملة للدستور فى مجال الإعلام هو حق أصيل للجماعة الإعلامية دون غيرها. وبدأ الإعلاميون بكل انتماءاتهم فى تشكيل لجان تضم الزميلات والزملاء أصحاب المكانة العلمية وخبرة الممارسة فى مختلف وسائل الإعلام، وعكفت هذه اللجان على عملها بجدية وكفاءة عالية لإنجاز هذه المهمة الوطنية الجليلة، ولم يغب عن هؤلاء المتطوعين لأداء هذه المهمة أن يؤكدوا أنهم لن يعتمدوا فقط على رؤيتهم لكنهم سارعوا لتنظيم حوارات مع الكثيرين من زميلات وزملاء المهنة مؤكدين أن ثمرة جهدهم ستطرح بعد إتمام المهمة لحوار موسع مع الجماعة الإعلامية بكل مكوناتها. وبهذا الأسلوب العلمى والعملى نضمن أن تأتى مشروعات القوانين المكملة للدستور، فى صورة محكمة تصون بكفاءة عالية حرية التعبير، وحق المجتمع فى إعلام عصرى يعنى بالتنوير والتنمية. وحرية تدفق المعلومات وحماية المهنة - بكل تنوعاتها - من طغيان سلطة الحكم أو سطوة المال، وفى الوقت نفسه عنيت اللجان المختصة بالهيئة الوطنية للإعلام المرئى والمسموع، والهيئة الوطنية للصحافة، عنيت اللجنتان المعنيتان بهذه المواضيع بدراسة دقيقة وشاملة وعملية لإعادة هيكلة الإعلام المرئى والمسموع والصحافة المطبوعة المملوكتين للدولة، وحرصت اللجنتان على أن تكون الهيئتان قادرتين على التغلب على الأزمات الحادة التى تحاصرها الآن، وعلى تطوير هاتين الهيئتين الوطنيتين لتكونا قادرتين على المنافسة الجادة وعلى تحمل مسئولياتهما الوطنية بكفاءة. مغزى التصريحات فى هذا التوقيت بعد جهد شاق، ومتواصل لعدة شهور، أوشكت هذه اللجان على إنجاز مشروعات القوانين وسوف تطرحها لحوار موسع مع الجماعة الإعلامية قبل نهاية هذا الشهر إن شاء الله. وسط هذا المناخ الذى يشير إلى أن الأمور تسير فى مجراها الطبيعى، لاحظ الإعلاميون أن المهندس أسامة الشيخ يظهر بقوة على الساحة الصحفية لينشر ما أسماه «دراسة عن واقع الإعلام المصرى وخارطة طريق الإصلاح» وبشرنا سيادته بأن هذه الدراسة تنشر على ثمانى حلقات ب«أخبار اليوم»، ثم نشرت «المصرى اليوم» لقاء مع سيادته «الثلاثاء 30/12/2014» أكد فيه أن المهندس إبراهيم محلب قابله ليسمع معه رؤيته لقانون المجلس الأعلى للصحافة والإعلام المرئى والمسموع ورؤيته حول إصلاح إعلام الدولة المرئى والمسموع، وأكد سيادته أن مناقشة بناءة دارت بينه وبين رئيس الوزراء حول هذين الموضوعين. ولم يقتصر الأمر - حسب تصريحات المهندس أسامة الشيخ - على لقاءات رئيس الوزراء بل تجاوز الأمر مرحلة النقاش إلى تكليفه من الوزير أشرف العربى وزير التخطيط بتشكيل لجنة برئاسة المهندس أسامة يختار هو أعضاءها، وهى لجنة مكلفة بتطوير اتحاد الإذاعة والتليفزيون!! هذه الحوارات مع رئيس الوزراء والتكليفات من وزير التخطيط، استوقفنى حرص المهندس أسامة الشيخ على نشرها فى حوار صحفى مطول ومقالات متصلة فى هذا «التوقيت» بالذات، أى فى اللحظة التى أوشكت فيها اللجان التى شكلتها الجماعة الإعلامية من إنجاز المهمة التى أنيطت بها، وهى إعداد مشروعات القوانين المكملة للدستور والتى تنظم شئون الإعلام المصرى بكل تنويعاته سواء الإعلام الرسمى أو الخاص. تساؤلات مشروعة!! وتثير هذه التصريحات العديد من التساؤلات أهمها: هل تمت هذه اللقاءات برئيس الوزراء ووزير التخطيط قبل أن تبدأ لجان الإعلاميين عملها أم أن هذه اللقاءات تمت هذه الأيام؟ إذا كانت هذه اللقاءات والتكليفات قد تمت قبل أن تبدأ لجان الإعلاميين عملها فمعنى هذا أن تشكيل الإعلاميين للجانهم التى تتولى هذه الموضوعات تعنى ببساطة أن أية مشاريع وتكليفات سابقة لم يعد لها وجود فعلى إلا إذا رأى رئيس الوزراء ووزير التخطيط أن يرسلا أية أوراق ومقترحات للمهندس أسامة الشيخ أو غيره إلى اللجان المختصة التى شكلها الإعلاميون للنظر فيما يمكن أن تتضمنه من آراء ومقترحات تصلح لتضمينها مشاريع القوانين التى أعدتها هذه اللجان. وبهذا يكون حديث المهندس أسامة الشيخ على هذه اللقاءات والحوارات والتكليفات فى هذا التوقيت محاولة لإعطاء انطباع يوحى بأن رئيس الوزراء عندما صرح بكل الوضوح بأن الجماعة الإعلامية هى وحدها المنوط بها إعداد مشروعات القوانين هذه، لم يكن يعنى فعلاً ما يقول لكنه كان فقط يقدم وعوداً للإعلاميين يمتص بها غضبهم، بينما يضمر الرجل فى نفسه اعتماد مشروعات المهندس أسامة الشيخ باعتبارها المشروعات المشمولة برعاية الحكومة وموافقتها. أما إذا كانت هذه الحوارات والتكليفات قد تمت الآن فمعنى هذا أن لسان حال المهندس إبراهيم محلب والسيد وزير التخطيط يستهينان باللجان التى شكلتها الجماعة الإعلامية، ويذكرنى هذا - إن صح - بالمقولة الشهيرة للرئيس الأسبق حسنى مبارك عندما أخبروه بأن أعضاء مجلس الشعب الذين أسقطهم التزوير يعقدون اجتماعات تبحث مسمى المجلس البديل.. قال مبارك ساخراً خليهم يتسلوا؟!! وأحسب أن المهندس إبراهيم محلب لا يحب لنفسه أن يكون فى مثل هذا الموقف. مطلوب توضيح يبقى بعد ذلك أمراة: الأول: عتاب موجه للمهندس أسامة الشيخ على سخريته من خمسة وثلاثين ألفاً من العاملين فى ماسبيرو عندما وصفهم بأنهم لا بسين مزيكة؟! وذلك عندما أكد أن ماسبيرو يكفيه خمسة آلاف عامل والباقى لابسين مزيكة؟! وإذا كان قطاع الهندسة الإذاعية يضم وحده اثنى عشر ألفاً فهل معنى هذا أن هناك عشرة آلاف فى قطاع الهندسة من زملاء المهندس أسامة الشيخ لابسين مزيكة؟! لا أحد ينكر أن ماسبيرو به أعداد كبيرة تتجاوز أضعاف أضعاف العدد الذى تتطلبه حاجة العمل.. لكن ذلك لا يبرر بأن نسخر من الأعداد الزائدة هذه. ثانياً: مطلوب من المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء توضيح صريح وحاسم حول أحاديث وتصريحات المهندس أسامة الشيخ، فإذا كان هذا السيل من التصريحات الصحفية هو محاولة لإحياء مقابلات تمت فى زمن مضى ولا علاقة لها بنشاط اللجان التى شكلتها الجماعة الإعلامية، إذا كان ذلك كذلك يصبح تصريحاً واضحاً من رئيس الوزراء ضرورة لوضع الأمور فى نصابها الصحيح. أما إذا كان السيد رئيس الوزراء يوافق على ما جاء بتصريحات المهندس أسامة الشيخ ويرى أن حواراته معه وتكليفاته لم تزل محل اعتبار فليقلها رئيس الوزراء صراحة.. خاصة أن علاقة الصداقة التى تربط بين المهندس إبراهيم محلب والمهندس أسامة الشيخ يتردد الحديث عنها فى أوساط الجماعة الإعلامية.