استخدام أمريكا لحق الفيتو فى مجلس الأمن لإعاقة المشروع الفلسطينى فى اعلان الدولة وانهاء الاحتلال خلال عامين ليس الأول ولن يكون الأخير، فأمريكا دأبت على استخدام حق الفيتو بالمجلس لحماية اسرائيل من أى قرارات عقابية، ولاجهاض الحق الفلسطينى، وليس مفاجأة أن نقول: إن أمريكا استخدمت الفيتو 80 مرة منذ إنشاء الأممالمتحدة ومجلسها الأمنى عام 1945، منها 42 مرة لصالح اسرائيل أى أكثر من 50%، و31 مرة ضد الحق الفلسطينى، ومعلوم أن الفيتو فى مجلس الأمن يعنى النقض أو حق الاعتراض على أي قرار يقدم لمجلس الأمن دون إبداء أسباب، ويمنح هذا الحق للأعضاء الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن، وهم كل من روسياوالصين والمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة، ويكفي اعتراض أي من الدول الخمس ليتم رفض القرار وعدم تمريره نهائياً. حتى وإن كان مقبولاً للدول الأربعة عشرة الأخرى. «وكان حق الفيتو قد تم اعتماده في مجلس الأمن لتشجيع بعض الدول على المشاركة في الأممالمتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، بعد أن بدى لها أنها قد تخسر بعض الامتيازات في حال شاركت في منظمة تحترم الديمقراطية، ولكن أمريكا اساءت دوما استغلال هذا الفيتو، وحولته سلطة حق يراد بها باطل وطوعته لتقديم أفضل دعم سياسي للكيان الإسرائيلي، بافشال صدور اي قرار من مجلس الأمن يلزم «إسرائيل» بضرورة وقف احتلال الأراضي الفلسطينية وأعمال العنف ضد الشعب الفلسطيني، وكذلك افشال أي قرار يدين «إسرائيل» باستخدام القوة المفرطة خاصة فى قطاع غزة أدى ذلك إلى الشك بمصداقية الأممالمتحدة بسبب الفيتو الأمريكي. وتعالت اصوات سياسية دولية خاصة فى الدول العربية الإسلامية ومن خلفها صف من الدول الأخرى بالعالم للمناداة بإلغاء حق الفيتو، لأنه أصبح نظاما يكرس العنصرية ويدعم قوة الدول القوية بالمجلس على حساب باقى الدول، ويتيح لها الانفراد بالقرار، وضرب قرارات مجلس الأمن عرض الحائط دون إبداء اسباب، لأن هذا الفيتو أصبح يستخدم لخدمة مصالح خاصة لا عامة بالمجتمع الدولى، وأصبح الفيتو لا يتلاءم الآن أبداً مع القواعد الأساسية التي تشترطها النظم الديمقراطية. والفيتو الذى استخدمته أمريكا مساء الثلاثاء الماضى ضد المشروع الفلسطينى، هو الفيتو رقم 80 بالنسبة لأمريكا، منذ تأسيس الأممالمتحدة عام 1945، ضد مشروعات قرارات قدمت لمجلس الأمن، 42 منها كانت ضد إدانة ممارسات «إسرائيل» في المنطقة العربية، من بينها 31 ضد قرارات تخدم القضية الفلسطينية، وفى المقابل استخدمت بريطانيا حق الفيتو 32 مرة وفرنسا 18 مرة، بينما استخدمته الصين 8 مرات، بينما لم تلجأ اليه روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتى إلا 4 مرات فقط. ونستعرض الأحداث التي استخدمت فيها أمريكا حق الفيتو لصالح «إسرائيل»: فى 10 سبتمبر 1972 ضد مشروع قرار يتضمن شكوى بشأن عدوان إسرائيل على لبنان، ثم فى 26 يوليو 1973 ضد مشروع قرار يشجب استمرار إسرائيل في احتلال الأراضي الفلسطينية، وفى 8 ديسمبر 1975، ضد مشروع قرار يدين شن إسرائيل ضربات جوية على لبنان، 6 يناير 1976 ضد مشروع قرار ينص على حق الشعب الفلسطيني في ممارسة حق تقرير المصير ويدعو إسرائيل للانسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية، وفى نفس العام فى 25 مارس، ضد مشروع يدعو إسرائيل للالتزام بحماية الأماكن المقدسة، ثم ايضا فى عام 76 فى 29 يونيو استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار يؤكد حق الشعب الفلسطيني في عودة اللاجئين وحقه في تقرير المصير. وتوالى استخدام أمريكا لحق الفيتو فى 30 إبريل 1980 ضد مشروع قرار يدعو إلى ممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة من خلال إشراك منظمة التحرير الفلسطينية في المناقشات بنفس حقوق الدولة العضو في الأممالمتحدة، وفى 19 يناير 1982 ضد مشروع قرار يدعو إلى فرض عقوبات على إسرائيل بسبب ضمها مرتفعات الجولان السورية، 2 أبريل من نفس العام ضد مشروع قرار يشجب مخالفة إسرائيل لاتفاقيات جنيف الأربعة، ويدين محاولة إسرائيل اغتيال رئيس بلدية نابلس، بسام الشكعة، وفى نفس شهر ابريل من ذات العام ولكن يوم 20 استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار يدين العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، ويبدو أن عام 82 كان الأثمر لاسرائيل فى استخدام أمريكا للفيتو صالحها، ففى 8 يونيو كان الفيتو ضد مشروع قرار يدعو إسرائيل إلى سحب قواتها من لبنان، ثم 26 يونيو ضد مشروع قرار يطالب بوقف فوري لأعمال العنف في لبنان، وفى 6 أغسطس ضد مشروع قرار يدين عدم تنفيذ اسرائيل لقرارات مجلس الأمن 516 و 517. وفى 2 أغسطس 1983 استخدمت أمريكا الفيتو ضد مشروع قرار يعتبر بناء المستوطنات الإسرائيلية غير شرعي، وفى 6 سبتمبر 1984 ضد مشروع قرار يدعو إسرائيل إلى احترام سيادة واستقلال لبنان، وفى 12 مارس 1985 ضد مشروع قرار يدين الممارسات الاسرائيلية ضد المدنيين في جنوبلبنان، و13 سبتمبر 198 ضد مشروع قرار يستهجن الاجراءات القمعية لإسرائيل ضد السكان العرب، و17 يناير 1986 ضد مشروع قرار يدين الممارسات الإسرائيلية ضد المدنيين في جنوبلبنان، وفى 30 يناير من نفس العام ضد مشروع قرار يدين الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، ورفض اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ويدعوها للالتزام بحماية المقدسات الإسلامية، ثم فى فبراير ضد مشروع قرار يدين اعتراض إسرائيلي لطائرة ليبية. وفى 18 يناير 1988 استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار يدين الهجمات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي اللبنانية.، فى 1 فبراير من نفس العام استخدمته ضد مشروع قرار يدعو إسرائيل للموافقة على تطبيق اتفاقيات جنيف الأربعة، ويطالب بالحد من عمليات الانتقام الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، ثم فى 15 أبريل ضد مشروع قرار يحث إسرائيل على الالتزام باتفاقيات جنيف الاربعة، ويدين الاحتلال لاستخدامه سياسة القبضة الحديدية تجاه الانتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة في أعقاب طردها ثمانية فلسطينيين، وفى 10 مايو ضد مشروع قرار يدين غزو القوات الإسرائيلية لجنوبلبنان، و14 ديسمبر 1988 أيضا عام ضد مشروع قرار يدين الهجوم الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية الذى قامت به اسرائيل في 9 ديسمبر . وفى 17 فبراير من 1989 كان الفيتو الامريكى ضد مشروع قرار يدين السياسات الإسرائيلية والممارسات في الأراضي المحتلة، وفى 9 يونيو من نفس العام ضد مشروع يدين السياسات الإسرائيلية والممارسات في الأراضي المحتلة، ثم فى 7 نوفمبر ضد مشروع قرار يدين السياسات الإسرائيلية والممارسات في الأراضي المحتلة. وفى 31 مايو 1990 كان الفيتو الأمريكى ضد مشروع قرار يدعو لإرسال لجنة دولية تقوم بالتحقيق مع شخص قام بقتل 7 عمال فلسطينيين.،وتوقف الفيتو الامريكى بضعة اعوام لأنه لم تعرض غليه تقريبا مشروعات لقرارات ضد اسرائيل، وعاد الفيتو الأمريكى فى 17 مارس 1995 ضد مشروع قرار يطالب إسرائيل بوقف قرار مصادرة أراضي في القدسالشرقية، ثم فى 7 مارس 1997 ضد مشروع قرار يطالب السلطات الإسرائيلية بوقف جميع أنشطة الاستيطان، وفى 27 مارس 2001 ضد مشروع قرار يسمح بإنشاء قوة مراقبين من الأممالمتحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفى 14 ديسمبر 2001 ضد مشروع قرار يطالب بالوقف الفوري لأحداث العنف الإسرائيلية الفلسطينية. وفى 20 ديسمبر 2002 كان الفيتو الامريكى ضد مشروع قرار يدين إسرائيل لقتلها موظفين من برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، فضلا عن تدميرها المتعمد لمستودع تابع لبرنامج الأغذية العالمي في الأراضي الفلسطينية، و16 سبتمبر 2003 ضد مشروع قرار يطالب إسرائيل بوقف التهديدات بشأن التخلص من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، بعد قرار الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وفى 24 أكتوبر من نفس العام ضد مشروع قرار يمنع إسرائيل من توسيع سياج الأمن وهو الجدار الذي أقامته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، ثم فى 25 مارس 2004 ضد مشروع قرار يدين إسرائيل لاغتيالها مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، وفى 5 أكتوبر 2004 ضد مشروع قرار يطالب الاحتلال بوقف عمليات الاستيطان والانسحاب من قطاع غزة، و13 يوليو 2006 ضد مشروع قرار يطالب بوقف عمليات الاستيطان في قطاع غزة، وإطلاق سراح جلعاد شاليط الجندي الأسير لدى (حماس) مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، و11 نوفمبر 2006 ضد مشروع قرار يدين المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل في بيت حانون بقطاع غزة وأسفرت عن استشهاد 20 وإصابة العشرات. وفى 18 فبراير 2011 واصلت أمريكا استخدام الفيتو وكان ضد مشروع قرار يدين عمليات الاستيطان منذ عام 1967 في الضفة الغربيةوالقدس ويعتبرها «غير شرعية»، وفى 30 ديسمبر أمس الأول اختتمت أمريكا عام 2014 بهذا الفيتو المتوقع ولكنه ايضا الصادم لفلسطين والعالم العربى ضد مشروع قرار فلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي واقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو، خلال عامين. ولأجل كل هذا الفيتو الامريكى الحامى لاسرائيل، وأيضا للفيتو الذى يستخدم لحماية مصالح الدول الكبرى والضغط على دول أقل قوة، ظهرت في السنوات العشر الأخيرة أصوات تطالب بتعديل نظام الأممالمتحدة تارة بإلغاء نظام الفيتو، وتارة اخرى بتوسيع مجلس الأمن، وإضافة دول أخرى مقترحة كاليابان وألمانيا والبرازيل، وأصوات أخرى اقترحت صوتا لأفريقيا وأمريكاالجنوبية، ودعاوى التوسيع ترى انه يمكن تنفيذها دون المساس بمبدأ (الفيتو)، فيما تتفق الدول العربية و الاسلامية ومن خلفها دول اخرى بالعالم فى الدعوة إلى إلغاء نظام التصويت بالفيتو نهائياً واعتماد نظام أكثر شفافية وديمقراطية وتوازن، لأن خضوع قرارات مجلس الأمن للفيتو تضعف من النزاهة وتفقد موضوعية القرارات لحل أهم النزاعات الدولية.