كتبت من قبل مرتين علي هذه الصفحة أبدي معارضتي لبيع شركة «بسكو مصر» التي يملكها قطاع الأعمال العام، وهو «الاختراع» الذي أسفرت عنه سياسة «خصخصة» كل ما تملكه الدولة- نيابة عن الشعب- في مؤسسات وشركات القطاع العام!، وأياً ما كانت التعلات والحجج التي ساقها الذين تحمسوا لتصفية قطاع عام الدولة فإن ما جنيناه من هذه «الخصخصة» العامة مجرد خسائر فادحة ينوء بها كاهلنا حتي الآن ومنذ بزوغ هذه السياسة التي انتهجها المتحمسون لها والتي انتفع بها من انتفع!، وقد جاء شاهد علي ذلك من رجال القانون المخضرمين هو المستشار سعيد الجمل الذي سألته زميلتنا فكرية أحمد في حوار لها نشرته جريدة «الوفد» يوم السبت الماضي، فسألت الزميلة ضمن أسئلتها للمستشار سعيد الجمل في حوارها معه، سألته الزميلة: رفضت في عهد المرحوم عاطف صدقي رئيس الوزراء قانون قطاع الأعمال، وأن ترأس قسم التشريع الذي يراجعه في مجلس الدولة، لماذا؟، وإذا بالمستشار سعيد الجمل يجيب بقوله: «رفضي لهذا القانون لأنه لم يتضمن في جوهره سوي تغيير أسماء منظمات القطاع العام» إلي «قطاع الأعمال العام» وإلي «الشركة القابضة»!، وغيرها من المصطلحات الرأسمالية، ووجدت أنا والقسم التشريعي الذي كنت أرأسه أن هذا القانون لا يحمل إلا مصائب دفعت مصر ولا تزال تدفع ثمنها، إذ لم تضمن تحديد نوعية الشركات التي يجوز خصخصتها، وكيف يتم تقييم رؤوس أموال هذه الشركات لتحديد ثمنها، وكيفية التصرف في مصير العمال مع الخصخصة، ولا كيفية التصرف في الانتاج، هل نلغيه كلية أم نلغي جزءاً منه، أو نغيره إلي انتاج آخر، ولم يحدد كيفية حماية قيمة الأراضي الفضاء التي تم بيعها تبع الشركة، وبالتالي صدر القانون ناقصاً ولا يكفل الحماية الوطنية للشركات الوطنية، ولا تميز الجانب الوطني في عملية البيع للجانب الأجنبي، فرفضته، وتسبب رفضي له في أزمة بيني وبين عاطف صدقي لأنني قد أرسلت إلي رئيس الجمهورية مذكرة الرفض، ولكن الحكومة لم تعتد بما قلته أنا والقسم التشريعي، وبموجب هذا القانون تم بيع العديد من شركات القطاع العام وتخصيصها، ودفعت مصر وعمالها وإنتاجها الثمن ولا نزال ندفعه لأنه لم يتم تعديل هذا القانون للآن! وفي حديث للصحفيين مع نائب رئيس شركة «كيلوج» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ووسط وشرق أوروبا، وهي الشركة التي تنافس شركة «أبراج» الإماراتية علي شراء «بسكو مصر»، وقد أعلن نائب رئيس «كيلوج» ان شركته في حالة استحواذها علي «بسكو مصر» لن تسرح العمال!، وأن عرضها المقدم للشراء يضمن حقوق العمال لمدة 12 شهراً، وأن الشركة تستهدف التوسع في نشاط «بسكو مصر» وعدم استغلال أصولها من الأراضي في النشاط العقاري، وسوف تستفيد بسكو مصر من شبكة الموزعين القوية في شركتنا، وأن شركة بسكو مصر قد حققت أرباحاً صافية خلال التسعة أشهر الأولي من العام الجاري بلغت 37.4 مليون جنيه، وأن البيانات المالية للشركة «هائلة» علي حد قوله، وأضاف نائب رئيس «كيلوج» حول ما يتردد عن استخدام الشركة الهندسة الوراثية ان شركته تحترم القواعد التي تعمل بها الدولة ورغبة المستهلك بها، وسنعمل طبقاً للقواعد والتقاليد التي تحكم السوق المصرية!، وقد جاء ذلك في حديثه لجريدة الشروق في 8 من الشهر الجاري. ويكشف كل ما ذكره نائب رئيس الشركة الأمريكية عن أن «بسكو مصر» شركة مصرية رابحة!، وأن شركته مفتوحة الشهية للاستحواذ علي «بسكو مصر»!، ويبذل وعوداً لا أظن انه يستطيع الوفاء بها، ولكن مصر تعرض الشركة للبيع لأعلي سعر، فهي تعمل وتربح، لكنها «خسارة فينا»!