قبل ان تقرأ: خطت مصر خطوة جديدة في طريقها نحو المستقبل .. المصريون الذين أذهلوا انفسهم قبل غيرهم ، عندما اودعوا في البنوك 64 مليارا من الجنيهات ،لصالح مشروع محور قناة السويس الجديد، وأول من أمس تسلموا اول دفعة من الارباح، من حقهم ايضا ان يسعدوا اليوم بتراجع مصر حوالي 20 نقطة في مؤشر مدركات الفساد.. وفي رأيي ان هذا حدث لو تعلمون عظيم! من ذا الذي يصدق ان يحدث هذا في مصر؟! مصر الدولة العاتية في الفساد الغارقة فيه حتي آذانها، حتي اننا بتنا لا نصدق ان هناك امكانية للافلات من هذه الشبكة العنكبوتية، التي تحيط بنا وتجثم علي انفاسنا وتخنق آمالنا وأحلامنا! لم أصدق بريدي الاليكتروني حينما حمل الي تقريرا صادرا للتو من مركز بصيرة، وهو مركز بحثي موثوق، نبأ تراجع مصر بهذا العدد من النقاط في مؤشر مدركات الفساد ،و مؤشر مدركات الفساد هو مؤشر للشفافية بين 175 دولة، بحيث تعتبر الدولة التي تحتل المركز الأول هي أفضل الدول من حيث الشفافية والدولة ذات المركز الأخير هي أسوأ الدول من حيث الشفافية ومن حيث ادراك الفساد. لقد أصبحت مصر تحتل الترتيب رقم 94 في مؤشر مدركات الفساد من بين 175 دولة لعام 2014، في حين كانت في المركز 114 في 2013.(المصدر: منظمة الشفافية الدولية.. والحقيقة ان هذا لم يكن الخبر الوحيد الذي اسعدني، فقد تلقيته عبر خدمة معرفية يقدمها للمهتمين مركز «بصيرة، عنوانها:» رقم فى حياتنا»..وهى خدمة معلوماتية يومية متاحة لجميع المواطنين بالمجان، وتهدف إلى سد الفجوة المعرفية ذات الصلة بالعديد من قضايا السياسات العامة، كما تهدف الي ان تصبح الحوارات المجتمعية قائمة علي الادلة الموضوعية وليس علي الانطباعات.وذلك أجل معلومات للجميع. - والذي يلفت النظر ان الخدمة المعلوماتية هذه والتي يقدمها مركز «بصيرة» ، تأتي في ظل غياب المعلومات وخدمة توافر واتاحة المعلومات علي مستوي الدولة . المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) هو مركز مستقل، ولا يوجد له أية انتماءات حزبية أو سياسية، لإجراء بحوث الرأي العام بحيادية ومهنية. تأسس المركز في إبريل 2012 في أعقاب ثورة 25 يناير، ويلتزم بتزويد الباحثين، وواضعي السياسات، وقادة الأعمال، وعامة الناس بمعلومات موثوق بها عن مستوى واتجاهات الرأي العام بخصوص الموضوعات والسياسات ذات الاهتمام العام. الخبر الذي تلقيته ونقلته لكم الآن له اوجه عديدة، فنحن في امس الحاجة الي كل طاقة نور وكل بصيص امل وكل فكرة صائبة، واظن ان هذا التراجع غير المقدر والمتوقع ، يعيد الينا الامل في امكانية ان نصنع المستقبل رغم كل الاحباطات التي تحيط بنا من كل جانب! مازال الطريق طويلا وبعيدا عما نصبو اليه .. نعم نعرف ذلك وكلنا يرصد ماجري في السنوات الماضية من سلب ونهب لمقدرات الوطن علي ايدي ثلة من الفاسدين من أسف أن أيدي القضاء لم تطلهم بعد لكننا نأمل أن نتمكن ولو خطوهةخطوة من تجفيف ينابيع الفساد. ما الذي نحتاج اليه من أجل هذا الهدف النبيل ؟ نحتاج الي ارادة صلبة وعزيمة فولاذية، ووعي مجتمعي ،فضلا عن تطبيق القوانين والتشريعات بقوة وبردع وبصرامة . نحتاج اكثر الي وضع الرجل المناسب في المكان المناسب .. وهذا يقتضي ان نبحث عن الكفاءات المدفونة في البلاد .. بعضها ظهر علي السطح ،مثل هاني عازر ، وبعضها لايزال بعيدا عن دائرة المسئولية والقرار .. مصر تحتاج الي سواعد الشباب وحكمة الشيوخ ، وفض الاشتباك الجنائزي بين الشيوخ والشباب والذي تفجر بقوة عقب ثورة 25 يناير ، وهو صراع مازلنا نعيشه وتناقض لم نتمكن من حله ، لاننا نعتبر ان دولة العواجيز هي السائدة وفي الحقيقة ان الدولة الفاسدة هي التي يجب ان تسأل عن هذا فهي ماتزال تحكم وان كنا بدأنا خطوة مهمة علي طريق اجتثاث الفساد كما ينبئنا تقرير مؤشر مدركات الفساد العالمي. اخطر ما يواجهنا هو الفساد المتفشي في قطاعات الاغذية والادوية.. فقد آن الاوان ان نضع حدا لهذا النوع من الفساد الذي يفترس صحة المصريين الذين هم يعانون ضعفا عاما في الدخل ، لايرجي حله إلا بقدرات جبارة ومذهلة تستطيع ابتكار الحلول وتمتلك الارادة و» تعطي العيش لخبازة ....» وليس قطاعا الاغذية والادوية فقط ، ولكن هناك فسادا اخر .. سمح في يوم من الايام بان تسقط اعرق شركات القطاع كالأزهار الندية، والدجاجات التي تبيض ذهبا في « حجر» رجال الاعمال ، وبينهم كثر فاسدون ، اشعر انهم لو وجدوا المواطن نفسه « جنيه» لماترددوا في عمل اي شيء للاستيلاء عليه مع انه « مجرد جنيه». الفساد غول ينهش الاوطان ، ويحبط الانسان، ويغلق الآفاق امام المواطنين، ومن المهم اننا بعد ان نرتفع درجات في معدلات الشفافية ونتراجع في معدلات الفساد ، ان نلتفت الي ضرورة بناء الانسان .. نعم نحتاج كثيرا الي اعادة الاعتبار للضمير ، فقد امتناه وكفناه وذهبنا لندفنه غير آسفين عليه .. واليوم إن الاوان قد آن لاعادة بناء الضمير بعد ان اصبح متوحدا مع الثري . بعد أن قرأت: تجتاز بلادنا فترة عصيبة مافي ذلك شك، وأسوأ ماتمر به هو أزمة اليقين، ففي ظل غياب المعلومات، وفي ظل نزيف العقل والوجدان بفعل الحرب الدائرة الآن مع جماعات الارهاب، والجبهات المفتوحة علي مصر من الخارج، كل هذا لاينبغي ان يحبط عزمنا أو ينسينا اننا ضاربون بجذورنا في أعماق حضارات العالم واننا رغم كل الجراح التي اثخنتنا في الآونة الاخيرة ، ، نستطيع ان نعرف موقعنا علي خارطة العالم .. وموقعنا في التأثير في الحضارة الانسانية .. كل ما هنالك اننا نحتاج الي مزيد من الوطنية، مزيد من الحرية والديمقراطية، مزيد من التخطيط من اجل المستقبل.