دستور «71» كان يترك لرئيس الجمهورية حرية تعيين ثلث مجلس الشورى، أى 88 عضوًا، وتعيين 10 أعضاء فى مجلس الشعب. لم يضع الدستور أى معايير لتعيين هؤلاء، ولم يتدخل القانون لوضع شروط لاختيارهم، وترك المهمة لذوق رئيس الجمهورية، وحصل عن طريق هذه التسهيلات أعضاء حزب «أمة نعيمة نعمين» على عضوية مجلس الشورى مدى الحياة أو لحين حل المجلس بعد ثورة 25 يناير، بعض هؤلاء لم يدخل المجلس إلا عند تجديد التعيين لاستخراج بطاقة العضوية الجديدة، ثم يزور مكتب رئيس المجلس لتوجيه الشكر له، وبالمرة يخطف رجله إلى العيادة الخاصة للتوصية على زيادة كمية الفيتامينات والمنشطات فى شنطة الأدوية التى ترسل إلى منزله شهريًا على حساب صاحب المحل، وللحقيقة فقد كان جميع المعينين فى الشورى يحضرون جلسة افتتاح الدورة البرلمانية المشتركة مع مجلس الشعب والتى كان يلقى أمامها السيد الرئيس خطاب افتتاح الدورة البرلمانية، وكان نواب الشورى معينين ومنتخبين يسيطرون على القاعة التى كانت تستضيف هذا الاجتماع المهم، ويحرصون على الجلوس فى الصفوف الأولى حتى يراهم الرئيس، ويبذلوا قدرًا كبيرًا من الجهد فى التصفيق الجاد، معظمهم مش سامع ما يقال إما لعيب عنده فى الجهاز السمعى أو بسبب الضجة فى القاعة ولكنهم كانوا دائمًا فى وضع الاستعداد للتصفيق عندما تبدأ الاشارة، ويا ولداه كان نواب مجلس الشعب اصحاب البيت يهاجرون إلى الشرفات العلوية للاستماع إلى الخطاب الرئاسى وترك مقاعدهم لزملائهم نواب الشورى برضه هم ضيوف ولازم يأخدوا واجبهم. فى الحقيقة وللإنصاف النواب المعينون فى الشورى أو الشعب لم يزاحموا زملاءهم المنتخبين أمام الخزنة لصرف المكافأة الشهرية أو بدلات الجلسات واجتماعات اللجان ليس لأنهم لا يحضرون هذه الاجتماعات، فيتعففون عن الحصول على المال العام بدون وجه حق لا الكلام ده غير موجود فى البرلمان، لأن خير ربنا كثير، وهناك الغائب يقبض مثل الحاضر، ولكنهم كانوا يرسلون مندوبين عنهم لصرف المكافآت والبدلات، وبعضهم كان يحول مستحقاته إلى حسابه فى البنك. بدون ما أحلف لم أشاهد جلسة قانونية فى مجلسى الشعب والشورى، حضور النواب على الورق فقط، مش فاضيين يا عم، لا يوجد غياب، السادة النواب مزورون، الحاضر يوقع للغائب فى الكشوف الملزوقة فى مدخل قاعة الجلسات، وكان هناك اتفاق جنتل مان بين نواب المحافظات بأن يحضر أحدهم فى موعد الجلسات الاسبوعية ويوقع للآخرين سواء المزوغون لبعض الوقت أو كل الوقت أو المقاطعون نهائيًا، وكله بيلهف المكافأة والبدلات من ميزانيات مفتوحة لا تخضع لأى نوع من الرقابة باعتبار أن البرلمان بغرفتيه يضع كل منهما ميزانيته بنفسه ولا يحاسبه أحد، وترتب على هذه الطريقة تورط المجلسين فى عقد جلسات باطلة غير دستورية لأن الجلسة الدستورية يجب أن يكون عدد النواب الحاضرين فى القاعة قبل أن يضرب رئيس المجلس بالشاكوش على المنضدة إيذانا بفتح المزاد، قصدى بدء الجلسة هو أغلبية عدد نواب المجلس أى نصف الاعضاء زائد عضو، فمن أين يأتى بهم يا ولداه والوضع سداح مداح. مبارك اكتشف أنه مفيش فايدة من نواب الشورى، حضورهم لا يختلف عن غيابهم، وصب غضبه على المعنيين فى الشعب، ورفض تجديد تعيينهم وقال من يرغب فى عضوية المجلس عليه خوض الانتخابات والنجاح بمجهوده، كما وحرمهم من حق التصويت على التعديلات الدستورية عام 2005 والتى جلعت لأول مرة اختيار رئيس الجمهورية بالانتخاب بدلا من الاستفتاء، البعض من المعينين جلس فى بيته، ورجل أعمال منهم اشترى الدايرة بفلوسه وأصبح نائبًا منتخبا.