أثر الحادث المروري الأخير بدمنهور بالبحيرة الذي أسقط عشرات من التلاميذ بين قتلي وجرحي محروقين!!! وأعدت الحكومة علي عجل مشروع قرار بقانون، بتعديل بعض أحكام قانون المرور بما يحقق بصفة عامة تغليظ العقوبات الجنائية علي بعض الجرائم المرورية التي رأت الحكومة، أنها سوف تردع وتمنع قائدي السيارات والمركبات، من ارتكاب هذه الجرائم بما يحقق منع حدوث التصادمات، وما ينتج عنها من قتل وإصابات للمواطنين وتدمير للسيارات!! ويبين من الدراسة السريعة لهذه التعديلات انها بصفة عامة تحتاج إلي آلية فعالة وعملية قادرة علي تمكين رجال المرور من كشف هذه الجرائم وضبط مرتكبيها وتقديمهم إلي المحاكمة الجنائية، فالحقيقة ان الطرقات العامة والسريعة مكتظة بالسيارات من كل الأنواع وخاصة بالقاهرة والمدن الأخري، وان العوائق بالطرق والكباري والأنفاق المختلفة تتسبب في البطء الشديد والتوقف في السير بصفة عامة لكل المركبات مما يفرض التساؤل عن كيفية توقيف السيارات المخالفة وإثبات وقوع الجريمة المرورية وتحرير المحاضر الخاصة بذلك، وتقديمها إلي النيابة العامة لإحالتها إلي المحاكم الجنائية، ويضاف إلي ذلك التساؤل: هل سوف يترتب علي ضبط الجريمة المرورية توقيف السيارة أو المركبة المرتكبة للجريمة مع قائدها، دون تعطيل لحركة المرور، أو سوف تفرض شرطة المرور علي قائد المركبة قيادتها إلي أماكن معينة لاحتجازها أم انه لن يتم أساسا احتجاز أية سيارة اكتفاء بتحرير محضر المخالفة، بمجرد ضبط رجال المرور لها؟!!! وهل سوف يتم العقاب فى كل الجرائم المرورية علي قائد السيارة وحده أو سوف يخضع للعقاب «مالك السيارة» في حالة وقوع الجريمة لعيوب في السيارة ذاتها؟!! وهل سوف تفصل في هذه الجرائم محاكمة خاصة بجرائم المرور أم أنها سوف تنظر فيها المحاكم الجنائية المختصة بحسب الأوضاع الحالية، ورغم انه من المفيد في منع حوادث السيارات خطر السير بسرعة في الطرق السريعة غالباً نتيجة فرض المشروع تركيب جهاز للسرعات في مركبات السياحة ونقل الركاب، والنقل، محدد بنصف مقطورة، بما لا يسمح لقادة هذه المركبات، بتجاوز السرعات المقررة لها، ومنع الترخيص لها إلا بتركيب هذا الجهاز، ويثير ذلك التساؤل عن كيفية تركيب هذا الجهاز جبراً علي أصحاب المركبات وقادتها وهل يتم ذلك في إدارات المرور المختلفة، عند تجديد الترخيص أو خلال فترة معينة تحددها أحكام المشروع أو لائحته التنفيذية؟!! كما تثير هذه الأحكام، التساؤل عن السبب في عدم إلزام قادة السيارات الخاصة بتركيب هذا الجهاز بينما القيادة بسرعة غير قانونية يرتكبها أيضا بعض قادة هذه السيارات، وليس فقط قائدو المركبات التي حددها مشروع القانون؟!! وقد ألزم المشروع قائدي مركبات النقل والنقل العام للركاب والميكروباص بالسير أقصي يمين الطريق، وعلي ان يعاقب المخالف لمسار الطريق بغرامة لا تقل عن خمسائة جنيه ولا تزيد علي ألفي جنيه!! ويثير هذا النص في المشروع التساؤل عن أسباب عدم ذكر الموتوسيكلات ومركبات التوك توك بالسير في اليمين باعتبارها من المركبات التي تجري بأسلوب خطر بطريقة «الفرز» بين حارات السير المختلفة، وتتسبب بذلك في العديد من الحوادث، وقد نص المشروع علي عقوبة مشددة علي السير عكس الاتجاه في الطرق العام داخل وخارج المدن، وهي عقوبة الغرامة التي لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد علي ثلاثة آلاف جنيه، لعدم الالتزام بالجانب الأيمن من نهر الطريق المعد للسير في اتجاهين أو السير في اتجاه مخالف، وقرر المشروع ذات العقوبة لعدم اتباع إشارات المرور وعلاماته أو تعليمات رجال المرور الخاصة بتنظيم السير، وعلي تعمد التوقف أو السير ببطء شديد عمدا علي الكباري أو عند مطالعها أو منازلها، ويلاحظ علي هذه العقوبات جسامة الغرامة المقررة كما يلاحظ أيضا عن هذه الجرائم ما سبق ذكره من ملاحظات عن كيفية ضبط هذه الجرائم وما يتخذ من الإجراءات بالنسبة للمركبة وقائدها!! كذلك فقد نص المشروع علي خطر قيادة مركبة بلوحات معدنية غير المنصرفة من إدارة المرور أو غير ظاهرة أو بياناتها غير واضحة أو يصعب قراءتها من بعد مناسب، وان كان هذا الخطر مقبولا ولازما إلا أنه يثير كذلك كيفية ضبط السيارة أو المركبة التي ترتكب هذه الجريمة في الطرق المزدحمة بدون وجود الإمكان والقدرة لرجال المرور علي الرقابة وضبط الجريمة خلال سير المركبة، وتحديد الإجراءات التي تتخذ بالنسبة للتحفظ علي المركبة المخالفة وقائدها لحين إتمام الإجراءات الخاصة بالمحضر!!! إلخ كذلك فإن الملاحظات الخاصة بجهاز تحديد السرعة تسري بالنسبة للمركبات السياحية ونقل الركاب التي تعمل بالمخالفات والنقل بمقطورة التي ألزم المشروع قادتها بتركيب جهاز لتسجيل المعلومات بكل مركبة منها، وقد نص المشروع علي عقوبة الحبس لمدة لا تزيد علي سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد علي ستة آلاف جنيه، أو بإحدي هاتين العقوبتين بالنسبة لجريمة قيادة مركبة دون الحصول علي رخصة ويثير النص السؤال عما إذا كان يشمل من تأخر في تجديد الترخيص أم يسري بالنسبة لمن لم يرخص أساسا لقيادة المركبة؟!! وقد قرر المشروع عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنة بالنسبة لكل من قاد مركبة وهو تحت تأثير المخدر أو المقر مع عقوبة السجن مدة لا تقل عن سنتين وغرامة عشرة آلاف جنيه لكل من قاد مركبة وهو تحت تأثير المخدر أو المسكر إذا ترتب علي ذلك وفاة شخص أو إصابته بعجز كلي وتكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد علي سبع سنوات وغرامة عشرين ألف جنيه فضلاً عن إلغاء رخصة قيادة المركبة مع عدم الترخيص للمخالف إلا بعد رد اعتباره!!! وبصفة عامة فإنه يثير المعارضة جسامة عقوبة الحبس والغرامة في المشروع بالنسبة لجميع الجرائم والتي يجب ان تكون مناسبة ومراعية للتنسيق بين الجريمة المرورية وآثارها والعقوبة المقررة لها بما يتناسب مع السياسة العقابية سواء في قانون المرور وقانون العقوبات وبناء علي هذه الملاحظات علي أحكام المشروع فضلا عما أبداه قسم التشريع بمجلس الدولة من ملاحظات أخري فإن تعيين طرح مواد المشروع للمناقشة الجماهيرية العامة لمدة أسبوع علي الأقل لإظهار أية عيوب تتضمنها أحكام المشروع ومعالجتها في صياغة الأحكام وذلك قبل التسرع في اعتمادها من مجلس الوزراء وعرضها علي رئيس الجمهورية. رئيس مجلس الدولة الأسبق