دور الاعلام انه وسيلة مشروعة للمعرفة ومن حق المتلقي ان يعرف ويعلم ويتفاعل مع الاحداث لكن هناك مساحة رمادية بين النور والظلام بين المعرفة والجهل بين الحق والباطل يحاول البعض جر الإعلام اليها للخروج عن مساره في محاولة لتجميل الواقع على اساس انه ليس في الامكان افضل مما كان او دعنا نقول تسجيل حالة من (اللا موقف) وتوصيفها بالحيادية. واذا كان هذا مقبولا في ظل مجتمع أحادي الرأي فان الأمر مختلف في ظل التعددية السياسية والاجتماعية و في ظل التنافس بين الفضائيات وفي إطار ما يسمى عولمة الاعلام ومن ثم لامكان لكلمة التعتيم في الرسالة الاعلامية وإذا كان القصد بالتعتيم عدم إلقاء الضوء على حدث ما قد يكشف فساد شخص أو مؤسسة فإني أقول إن مثل هذا الفعل يعتبر جريمة في حق جماهير المتلقين وحق المجتمع لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس وما لا شك فيه ان الإعلام خاصة المرئي والمقروء يؤدي دورا مهما لمساندة الحق بغض النظر عمن هم أصحاب هذا الحق. وفي السياق نفسه في ظل تعدد مصادر الأخبار ووجود مصادر غير موثوق منها من الاهمية بمكان التريث وتدقيق الخبر وإعمال قاعدة في مدرسة ال BBC (من الأفضل ان اكون الثاني واقدم خبرا صحيحا على أن أكون الأول وأقدم خبرا كاذبا) وقد تعلمنا أيضا أنه من الأفضل عدم اذاعة الخبر الذي تجلب اذاعته المشكلات أو بعبارة أخرى المشكلات المترتبة على عدم اذاعة خبر غير موثوق منه أقل من المشكلات المترتبة على اذاعته دون تدقيق وهنا تأتي مهمة المحرر المسئول ويقاس نجاحة بقدرته على التمييز والاختيار بين مئات القصص الاخبارية يوميا ويقوم بترتيبها حسب سلم أولوية خضوع الخبر للمعايير المهنية وهي ان يكون الخبر جديدا وغير عادي ومثيرا وضخما ويهم المتلقي. بعد ذلك يلتزم المحرر بقاعدة أو قيمة المحاسبة بسؤال نفسه هل الحدث الذي يخضع للمعايير الاخبارية يفيد بأن يقدم قدرا واضحا من المعرفة والحقائق يصبح من الصعب تجنب هذا الحدث او التعتيم عليه؟ من هنا يمكن القول: إن المكاشفة وتقديم الحقائق للمتلقي تساعد متخذ القرار على التعامل مع الواقع ودراسة خيارات مطروحة من الجانب الاعلامي لكن ليس معنى ان كشف مشكلة أو بؤرة فساد اننا وصلنا آخر المطاف بل العكس ان مثل هذا العمل يساعد المسئول على تصحيح مساره طالما انه ليس طرفا في هذه المشكلة او متورطا في ذلك الفساد وفي الوقت نفسه يجب ألا يستخدم الإعلام لتصفية الحسابات بين الأشخاص فقد اصبح المتلقي من الذكاء بحيث في امكانه التمييز بين المدافع عن الحقيقة والمدافع عن المواقف الشخصية الأول لا يخاف في قول الحق لومة لائم والثاني له مصالحه واهدافه الخاصة لقد اصبح لدى المتلقي القدرة على التمييز بين من يستخدم الوسيلة الاعلامية للهدم والآخر الذي يستخدمها للبناء ولابد أن نشير إلى أن محتوى البرامج في قنواتنا التليفزيونية وشبكاتنا الاذاعية تحتاج الى مراجعة واعادة نظر فهناك من يتعامل فقط مع النصف الفارغ من الكوب ويصر على النظر الى الواقع من خلال منظار اسود وفي اعتقادي ان هناك الكثير من القصص والاحداث في مجتمعنا التي تدعونا الى الفخر والالتفاف حول علم الوطن ليكون عاملا محفزا على العمل والانتاج بعبارة اخرى إن (التوازن) القاعدة الذهبية لانقاذ الرسالة الاعلامية والانتقال بها إلى آفاق التنوير وهو بيت القصيد حيث إن إعمال العقل في مواجهة الخرافات والتمسك بالعلم في مواجهة الجهل يحقق هدف الرسالة الاعلامية في بناء المجتمع.