يعجبني استبسال البدري فرغلي دفاعاً عن أموال اليتامي والأرامل والعواجيز.. أقصد أموال المعاشات والتأمينات الاجتماعية. وقد أحسن هذا السياسي البارع في اختيار القضية التي يدافع عنها.. وهي قضية 9 ملايين شخص هم أصحاب المعاشات، وهم الذين يطلق عليهم «أصحاب القهر الاجتماعي» وليس العدالة الاجتماعية خصوصاً وأن أموالهم تصل إلي 540 مليار جنيه منها 236 ملياراً عبارة عن صكوك لدي الخزانة العامة و69 ملياراً لدي بنك الاستثمار القومي وحوالي 73 ملياراً لدي بنك الاستثمار القومي وحوالي 73 ملياراً استثمارات حرة وكذلك 161 مليار جنيه هي مديونيته لدي الخزانة العامة. وبسبب استبسال البدري فرغلي تم الاتفاق مع وزير التخطيط علي رفع قيمة الفوائد لدي بنك الاستثمار إلي 9٪، وكشف «فرغلي» بصفته رئيساً لاتحاد أصحاب المعاشات ان هناك حوالي خمسة ملايين مصري من بين 9 ملايين يحصلون علي 400 جنيه فقط كمعاش شهري.. فهل هذا يكفي لنفقات مواطن يصرف منها علي طعامه وشرابه وملبسه.. أم يغطي هذا المبلغ تكاليف علاجه؟! كل ذلك- ورغم زيادات مبالغ المعاشات في السنوات الأخيرة- إلا أن هذا المناضل السياسي الشرس- ابن بورسعيد- يقولها صراحة ان قيمة المعاشات انخفضت واقعياً بنسبة 400٪ بسبب زيادات الأسعار. ورغم الحقوق الضائعة من هذه الأموال لأن الحكومة لا تعترف بكل ما استولت عليه منها.. فهي لا تعترف إلا بمبلغ 162 مليار جنيه كديوان في الخزانة العامة.. ولكن البدري فرغلي يطرح السؤال الأكثر إثارة وهو «أين ذهبت فوائد هذه الأموال».. وهل هي جريمة الحكومات المتتابعة التي استولت علي كل هذه الأصول.. وبالذات منذ فكر أشطر وزير مالية مصري- هو د.بطرس غالي- في أفكاره الجهنمية لدعم موازنة الحكومة.. بالاستيلاء علي أموال المعاشات والتأمينات. وهنا تعلن الدكتورة غادة والي وزيرة التأمينات الاجتماعية، أو التضامن الاجتماعي، بأنه تم الاتفاق علي سداد مديونية التأمينات البالغة من وجهة نظرها 162 ملياراً.. مع الاستمرار في سداد المديونيات المختلفة بحصص سنوية حتي عام 2021 وبفائدة 9٪ سنوياً.. علي أن تسدد الفوائد شهرياً لتوفير السيولة اللازمة للصناديق.. وهذا كلام جيد. ولكن هناك قضية أخري- تتفرع من قضية المعاشات- يطرحها الحاج عبدالسلام الطرابيلي عميد فرع العائلة في السويس هي أحوال المسنين والمرضي من مستحقي هذه المعاشات.. يقول ان نسبة كبيرة من أصحاب المعاشات يتخطي عمرهم السبعين عاماً، وإن نسبة عالية منهم يعانون كثيراً من الأمراض: السكر والضغط والقلب والكُلي.. وأمراض الشيخوخة.. وكل هؤلاء يعانون من طرق صرفهم لمعاشهم الشهري.. حقيقة توسعت الحكومة في صرف ذلك من خلال مكاتب البريد.. وأيضاً من البنوك.. إلا أن الزحام يكون رهيباً هنا وهناك.. فهل يتحمل كبير السن والمريض الخروج من بيته.. والوقوف في الطوابير طويلاً، حتي يتسلم معاشه الشهري. هنا يطرح الحاج عبدالسلام الطرابيلي فكرة: لماذا لا يتم توصيل المعاش الشهري لهؤلاء بالذات.. حتي بيوتهم.. خصوصاً أصحاب المبالغ الصغيرة التي يذهب بعضها تكاليف الانتقال لهذا الصرف. يعني: مادامت أموال التأمينات بالمليارات، هي وفوائدها، فلماذا لا يتم انشاء جهاز من الشباب- وهم عاطلون بالملايين ليتولي هذا الشباب- من خلال هذا الجهاز- تسليم المعاش شهرياً لكل مستحق.. فنوفر لهم متاعب مغادرة فراش المرض أو البيت ليصرفوا معاشهم- وهو قليل- من مكاتب البريد. ونحن بذلك نفتح أمام عدد كبير من الشباب فرصة عمل شريف ويحصلون علي مرتباتهم- مقابل هذا العمل- من فوائد أموال المعاشات لدي الدولة، وبذلك وبانشاء هذا الجهاز نفتح بيوت ألوف الشباب.. ولنا عبرة في عدد الذين تقدموا لشغل وظيفة معلم وقد تجاوز عددهم المليون ونصف المليون شاب.. بينما كل المطلوب 30 ألف شاب فقط. ونلاحظ هنا انه تم استبعاد أكثر من مليون شاب من هؤلاء لأنه لا تنطبق عليهم شروط التعيين كمدرسين. أما من يمكن عملهم في جهاز تسليم المعاشات في بيوتهم فليس هناك أي شروط، بل يمكن أن يكونوا من حملة المؤهلات المتوسطة، أي الدبلومات.. وهم يمثلون النسبة الأكبر بين العاطلين.. وكله «من دقنه» يعني من أموال التأمينات يصرفون رواتبهم. ما رأي وزيرة التأمينات «التضامن الاجتماعي».. وما رأي البدري فرغلي بصفته رئيس اتحاد أصحاب المعاشات.. لأننا بذلك نضرب عصفورين بحجر واحد: الأول هو إراحة العواجيز والمرضي من مستحقي المعاشات من معاناة الذهاب والعودة.. وأيضاً فتح الآلاف من فرص العمل أمام الشباب. نريد حلاً.. ورداً.. وإيجابية!