ليس ثمة شك، في أن أهداف جماعة الاخوان الارهابية تتمثل في اسقاط الدولة بتدمير سلطاتها، وأجهزتها، ومرافقها الأساسية العامة، وذلك لأخونة هذه الأجهزة وإقامة دولة الخلافة بالارهاب، وقد تبين بيقين خلال الفترة منذ 30 يونيو 2012، من الجرائم الارهابية التي ارتكبها أفراد هذه الجماعة الارهابية أنهم يركزون على القوات المسلحة، والشرطة، والقضاء والاعلام والمواطنين المدنيين بصفة اساسية، وقد قام الارهابيون بالفعل بقتل ضباط وأفراد القوات المسلحة وأفراد وضباط الشرطة وكذلك القضاة واسرهم ومحاكمهم، والإعلاميين ووسائل منشآت الاعلام المختلفة، وتمثلت الجنايات الارهابية التي ارتكبوها في القتل والتخريب والتدمير والحريق للمنشآت والمعدات والمركبات والأسلحة كما اشتملت الاعتداءات التخريبية على تدمير ابراج الكهرباء للضغط العالي وكذلك على محطات الكهرباء وخطوط الغاز ومحطات المياه وما يماثل ذلك من المرافق العامة الحيوية بما يشمل أيضاً خطوط وقطارات ومنشآت السكك الحديدية، وكذلك خطوط وقطارات ومحطات ومنشآت المترو وأنفاقه.. الخ، وتثير هذه الجرائم. السؤال عن تحديد الجهة القضائية والمحاكم التي تختص حسب احكام الدستور بالفصل والتحقيق في هذه الجنايات الارهابية، وقد ورد بالدستور نص المادة 184 في الأحكام العامة للسلطة القضائية وكذلك نص المادة 204 بشأن القضاء العسكري وتنص المادة 184 على «أن السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقا للقانون ويبين القانون صلاحياتها، والتدخل في شئون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم». وقد نصت المادة 188 على أنه «يختص القضاء بالفصل في كافة المنازعات والجرائم عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى، ويفصل دون غيره في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائه»!! وبناء على ذلك فإن القضاء الجنائي يختص بالفصل عموماً في الجرائم الجنائية التي لا تدخل في اختصاص القضاء العسكري حيث نصت المادة 204 من الدستور على أن «القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة ويختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وافرادها ومن في حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة، ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري الا في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة وما في حكمها أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة، وكذلك معداتها ومركباتها وأسلحتها وذخائرها، أو وثائقها أو اسرارها العسكرية، أو أموالها العامة أو المصانع الحربية أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشراً على ضباطها، أو أفرادها بسبب تأدية اعمال وظائفهم ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكري الاخرى وأعضاء القضاء العسكري مستقلين وغير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية» ويثير هذا النص السؤال: هل يدخل في اختصاص القضاء العسكري جرائم الاعتداء على المرافق العامة المختلفة ومنشآتها ومحطاتها مثل مرافق الكهرباء سواء محطاتها أو أبراج وخطوط نقل الطاقة أو ما يملكها من محطات المياه وشبكاتها!! والرد على هذا السؤال يقوم على أساس المعيار الذي حدد بمقتضاه النص الدستوري على اختصاص القضاء العسكري حيث أورد ذكر الجرائم العسكرية على سبيل التمثيل لهذه الجرائم بصفة مباشرة كما يشمل ايضاً الاختصاص بما يماثل ما تضمن صريح النص من منشآت أو معدات أو اجهزة وأدوات خاصة بالقوات المسلحة مثل الطائرات والمطارات، وكذلك المستشفيات العسكرية ومحطات الوقود العسكرية.. الخ، ولما كانت القوات المسلحة تشغل معسكرات ومنشآت ومصانع ووسائل نقل ومعدات وأسلحة وذخائر وكذلك تستخدم هذه القوات الطاقة الكهربائية والمياه بالنسبة للقوات وغيرها داخل المدن والقرى وخارجها، كما تستخدم هذه القوات وسائل الاتصال المختلفة ومنها التليفوني وما يماثله وبالتالي فإن الاعتداء الارهابي على كل من هذه المرافق العامة ومنشآتها ومعداتها وأدواتها والعاملين فيها يكون اعتداء في ذات الوقت على القوات المسلحة المصرية لحتمية وضرورة استخدام القوات المسلحة لهذه المرافق العامة الأساسية، ومن ثم فإن الاعتداء عليها من أي ارهابي مدني يمثل اعتداء مباشرا علي القوات المسلحة لأنه يعوق المجهود العسكري والحربي من أي نوع وفي أي مستوى، وبالتالي فإن هذه الجرائم الخطيرة التي تدمر وتعطل المرافق العامة الحيوية في البلاد والتي تستخدمها القوات المسلحة مثل أفراد الشعب وتكون هذه الجرائم الارهابية من اختصاص القضاء العسكري، وبالتالي فانه يتعين أن تتولى النيابة العسكرية التحقيق في هذه الجرائم كما تتولى احالتها الى المحاكم العسكرية للفصل فيها طبقاً لأحكام الدستور والقانون ويجب فوراً لذلك الالتزام باجراء التحقيقات في هذه الجرائم الشديدة الخطورة على الأمن القومي المصري، مع احالة هذه التحقيقات الى المحاكم العسكرية ويتعين على النيابة العامة أن تراعي أن ولاية المحاكم العسكرية لا يجوز المساس بها. ولا شك أن الالتزام بتوزيع الاختصاص الصحيح طبقاً لنص الدستور سوف يحقق السرعة في الفصل في هذه القضايا من جهة وردع الارهابيين المجرمين من جهة أخرى. ويحقق ذلك أيضاً حماية المرافق العامة الحيوية بالبلاد من العدوان الارهابي المتكرر عليها والذي يهدد حتما وبلا شك الأمن القومي المصري تهديداً خطيراً!! رئيس مجلس الدولة الأسبق