على بعد خمسين مترا من نهر النيل تقع قرية الطفل أدهم محمد أحمد عبد العال ضحية سيارة التغذية المدرسية التى كانت تنقل المواد الغذائية لتلاميذ مدرسة امين النشرتى الابتدائية المشتركة بقرية «الكداية» بمركز الصف بمحافظة الجيزة والتى دهسته فلفظ انفاسه الاخيرة فى الحال أثناء جلوسه بجوار سور المدرسة لانتظار بدء اليوم الدراسي. انتقلت «الوفد» الى قرية البرغوتى للقاء اسرة التلميذ الضحية، حالة من اليأس والحزن تخيم على وجوه أهالى القرية علي وفاة ابنهم يقول أحمد محمد عبد العال والد الشهيد والدموع تسيل من عينيه. فقدت اغلى ما عندى أنا راجل على باب الله حاصل على ليسانس حقوق واذهب فى الصباح الباكر للعمل شيال طوب فى مصنع الطوب بالحوامدية واعول اسرة مكونة من اسماء وآسر وادهم «الشهيد» كنت يوم الحادث اعمل بالمصنع وفوجئت باتصال تليفونى من جارى الشيخ محمد عبد اللطيف يقول: تعالى فورا ابنك ادهم مصاب فى حادث بسيط ولعله خير أسرعت الى المدرسة للاطمئنان على ابني ورأيت مجموعة من اهالى القرية يلتفون حول زوجتى وهى فى حالة من الانهيار واخبرنى احد اقاربى بان ادهم دهسته سيارة تغذية المدارس اثناء رجوعها للخلف داخل حوش المدرسة. توجهنا إلى مستشفى أطفيح المركزى واثناء دخولنا المستشفى اوقفنى امين الشرطة المكلف بعمل المحاضر فى الاستقبال قائلا انت لم تر ادهم قبل ان توقع على المحضر وكنت فى دهشة لا اريد سوى رؤية ابني وذهبت إلى المشرحة ورأيت ادهم غارقا فى الدم ورأسه وصدره عبارة عن عظام مهشمة وملابسه الداخلية والخارجية ممزقة وملطخة بقطع الدم وحاول بعض الاهالى قتل ناظر المدرسة المتسبب فى الحادث والفتك به ولكننى رفضت متأكداً ان القضاء المصرى سوف يقتص لابنى الذى قتل غدراً. وواصل الأب المكلوم حديثه: فى صباح يوم الحادث واثناء خروجى للعمل فى مصنع الطوب قال لى ادهم «يا بابا هتدينى مصروفى انهاردة أنا يابابا بحوش من مصروفى كل يوم لشراء تيشرت احضر له فرح عمتى سلوى» وانهار والد الشهيد قائلاً كان ادهم فى الاسابيع الاخيرة قبل مقتله يقول: يابابا انا كبرت عايز اروح اشتغل معاك فى مصنع الطوب كان متفوقاً فى دراسته اخذ الدرجات النهائية فى جميع المواد الدراسية بالاضافة الى شهادات التقدير التى حصل عليها من المدرس لتفوقة فيها وكان دائما ما يظهر برغبته فى دخول كلية الهندسة. واضاف وليد احمد عبد العال «عم ادهم» كنت فى تمام الساعة الحادية عشرة ارتدى ملابسى للذهاب الى العمل وفوجئت بطفلة تنادى بأعلى صوت يا «ام ادهم ادهم عمل حادثة فى المدرسة». أسرعت انا ووالدة ادهم الى المدرسة ورأيت ادهم ملفوفاً ببطانية بجوار سور المدرسة واسرع احد الاهالى بسيارة وقمنا بحمل ادهم وهو غرقان فى دمائه وذهبنا الى مستشفى المدينةالمنورة بأطفيح والتى اكدا لنا الاطباء ان ادهم مات فور وقوع الحادث بعد أن صدمته السيارة وهشمت رأسه وصدره. وأنا اتهم ناظر المدرسة والقائمين على امن المدرسة ووزير التربية والتعليم لإهمالهم، ودخول السيارة داخل فناء المدرسة وفى صباح يوم الحادث سمعت ادهم يقول لوالده يا بابا انا مش هروح المدرسة النهاردة انا عايز اتنقل الى مدرسة اخرى انا امبارح قتلت ثعبان داخل الفصل . وقالت أم أدهم «ابنى قبل خروجه من المنزل قال لى يا ماما أنا مش عايز اروح المدرسة وكأنه عارف قدره وهذاكر فى المنزل واحضرت له الشنطة وكراساته وكتب واجب الحساب والعربى واعطيته نصف جنيه مصروفه وكأنه يودعنى حسبنا الله ونعم الوكيل فى الناظر المتسبب فى مقتل ابنى. وقال عماد محمد عبد القادر - تلميذ زميل ادهم فى فصله وشاهد عيان: اثناء الحادث كان ادهم وزميلاه ابراهيم ووليد صلاح يجلسون بجوار سور المدرسة فى انتظار الجرس لعمل طابور استعدادا لبدا الفترة الدراسية المسائية وفوجئنا بسيارة التغذية نصف نقل ترجع الى الخلف بسرعة ودهست ادهم وزملاءه فاصيب ابراهيم صلاح بكسر ووليد بكدمات فى جسده وقتل ادهم فى الحال وقام الاستاذ عبد الله مدرس اللغة العربية بحمل أدهم من على الأرض غارقاً في دمائه ولفه ببطانية بحوزة السائق مخصصة لتغطية البسكوت وتم نقله الى مستشفى اطفيح . وقال محمد سعودى وعلى عبد الطيف زملاء الشهيد ادهم وشهود عيان ان ادهم قبل مقتله بلحظات كان بيده كتاب مادة التربية الاسلامية يجلس مع زملائه بجوار سور المدرسة ويسمع لهم ايات من القرآن الكريم وبعد مقتله قام ناظر المدرسة برفع وازالة الدم من على الأرض من موقع الحادث الى خارج السور مردداً كلمات واحنا مالنا بكل ده هوا احنا الى قتلناه هو ده قدره ونصيبه مفيش حد عنده ذنب. وكشف أهالى المنطقة المحيطة بالمدرسة، أن المدرسة لها مدخلان أحدهما باب صغير والثانى بوابة تسع لدخول السيارات، موضحين أن مدير المدرسة هو من طلب من متعهد التغذية أن يدخل بالسيارة إلى المدرسة، مؤكدين أن مدير المدرسة فور وقوع الحادث أمر بنقل الدماء بعد اختلاطها بتراب فناء المدرسة خارجها، لإثبات أن الواقعة وقعت خارج المدرسة وفى السياق نفسه، أوضح أهالى المنطقة، أن المدرسة يحيط بها من الخلف نهر النيل، ورغم خطورة ذلك على الطلاب قامت المدرسة بفتح باب يطل على نهر النيل من الخارجى، مؤكدين أن الحادثة لم تكن هى الأولى بل لقى بعض الطلاب مصرعهم خلال سنوات الماضية.