في ظل الاحتفال بإعادة تجديد والانتهاء من تكريم الكنيسة المعلقة، ذلك الاحتفال الرسمي الذي حضره رئيس الوزراء وأثبت أن الدولة رسميا لا تفرق بين مسجد وكنيسة، خاصة أن تكاليف ترميم الكنيسة، المعلقة وهي من أقدم الكنائس في مصر والعالم، قد زاد علي مائة مليون جنيه واستغرق ما يقارب العشرين عاما، بعد أن كانت الكنيسة المعلقة المقامة بشكل هندسي فريد توشك علي الغرق في المياه الجوفية، وهو أمر تحمد عليه الدولة والسيد رئيس الوزراء الذي أصر علي حضور احتفال الكنيسة بإعادة ترميمها. ولكن وفي نفس الوقت وقبلها بأسابيع قليلة وكانت جحافل التتار من مقاتلي «داعش» ينتسبون للإسلام زورا وهو منهم بريء. كان مقاتلو «داعش» يستولون علي مدن وقري عديدة غالبيتها من المسيحيين واليزيديين، وقام «داعش» أولا بقطع الكثير من رؤوس المسيحيين واليزيديين قبل أن يتمكن من إحكام قبضتها في المدن والمناطق ذات الغالبية المسيحية واليزيديين، فيعلن أن من شاء من أهالي تلك المناطق أن يسلم فهو آمن، وإما أن يدفع الجزية ويصير مواطنا من الدرجة العاشرة، وإما أن يرحل عن البلاد، تاركا خلفه منزله وأرضه وتجارته. وبسبب الرعب من «داعش» فضل مئات الآلاف من المسيحيين واليزيديين الهرب من تلك المناطق ولجأوا الي الجبال والمناطق الوعرة بلا زاد أو ماء.. فمات الآلاف منهم تحت وطأة الجوع والمرض ولولا أن سارعت الأممالمتحدة من خلال بعض الدول الغربية بإلقاء الأطعمة والمياه لأولئك الهاربين لماتوا جوعا وعطشا.. ثم أقامت لهم بعض الخيام ليعيشوا في ظل ظروف صعبة وقاسية حتي تلك اللحظة. ولكن تنظيم «داعش» في نفس الوقت تمكن من أسر الآلاف من النساء والأطفال من المسيحيين واليزيديين وقام ببيع البعض منهم كعبيد وجوار لمن يدفع الثمن، فتصوروا أن تباع امرأة أو طفل ونحن في القرن العشرين وأن تتحول الحرائر الي سبايا وعبيد، أما الأطفال فيجبرون قسرا علي دخول الإسلام بعد انتزاعهم من أمهاتهم. أما أملاك الهاربين من المسيحيين واليزيديين فقد استولي عليها «داعش» وصارت من أملاكه ومن اعترض كان مصيره قطع رقبته. كل ذلك جري تحت سمع وبصر العالم كله، الذي لم يرسل طائرة واحدة لقتال «داعش» ومنعهم من قتل وتهجير السكان الأصليين عكس ما يحدث الآن في مدينة عين العرب السورية الكردية! ودعك من العالم الغربي وحساباته وطريقة تعامله مع «داعش» التي أوجدها الأمريكان من الأصل ودعموها لتجتاح سوريا ومنها دخلوا الي العراق وكان ما كان. وأتساءل: أليس هؤلاء المسيحيون واليزيديون مواطنين عربا كان يجب أن يجدوا المعونة والمساعدة، من إخوانهم العرب، وأن تسعي الدول العربية لمعونة هؤلاء المنكوبين باعتبارهم - حتي بالنسبة للدول الإسلامية - أهل ذمة يجب عليهم حمايتهم ورعايتهم؟ ولكن جامعة الدول العربية المجيدة لم تحرك ساكنا، ولم نسمع عن دولة عربية واحدة وقفت بجانب هؤلاء أو قدمت لهم أي يد للمساعدة.. علي الأقل كما حدث مع غزة التي أقيم مؤتمر خصيصا لإعادة إعمارها وتبرعت بعض الدول العربية لغزة بالمليارات؟ وكأن الدول العربية وقبلها جامعة الدول العربية تتنصل من مسيحيي العراق واليزيديين.. وكأنهم من الهنود الحمر لا يحملون جنسيات عربية ويقيمون في العراق منذ مئات وآلاف السنين وكأن الجامعة العربية تقدم رسالة صريحة لغير المسلمين في الوطن العربي بأنهم ليسوا مواطنين ولا هم عربا. وحتي الكنيسة المصرية وأقصد بها الكنيسة الأرثوذكسية قد وقفت موقف المتفرج مما يحدث لمسيحيي العراق من قتل وتشريد وتنكيل، ولم يهتم بهؤلاء المسيحيين سوي الڤاتيكان، في جمع بعض التبرعات لهم في حين ان الكنيسة المصرية الأرثوذكسية أدارت ظهرها لمسيحيي العراق حتي إن اختلفت ملتهم عن الملة الأرثوذكسية، ولم تعلن حتي تضامنها ولا قدمت أي نوع من المساعدات عكس ما فعلته الكنيسة الإنجيلية التي جمعت بعض التبرعات لهؤلاء المنكوبين.. وللحديث بقية.