اندهشت جدا لإصدار المهندس إبراهيم محلب رئيس الحكومة قراراً بتشكيل لجنة التشريعات الصحفية والإعلامية، وقد قرأت أسماء أعضاء اللجنة واحدا تلو الآخر، واكتشفت أن اللجنة الموقرة تخلو من تمثيل نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة، فهل الأجهزة الأمنية هى التى شكلت هذه اللجنة وقام المهندس محلب بالتوقيع واصدار القرار؟، ولماذا تجاهلت الأجهزة الأمنية ضم ممثلين عن نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة؟. بداية نشير إلى أن قرار تشكيل هذه اللجنة يخالف المادة 77 من الدستور، والمادة 70 من قانون تنظيم الصحافة(96لسنة 1996)، فقد أكدت المادتان على مشاركة النقابة والمجلس الأعلى للصحافة بالرأى فى القوانين التى تخص الصحفيين ونقابتهم، فقد جاء فى المادة 77 من الدستور، والتى تتحدث عن إنشاء النقابات، فى الفقرة الأخيرة ما نصه: «ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بها»، ونصت الفقرة الأولى من المادة 70 من قانون تنظيم الصحافة(96 لسنة 1996) على التالى: «..يتولى المجلس الأعلى للصحافة الاختصاصات الآتية: ابدا الرأي في كافة المشروعات المتعلقة بقوانين الصحافة». وإبداء وأخذ الرأي فى المادتين الدستورية والقانونية، قد يفسرها البعض، خاصة فى الحكومة، بعرض مشروعات القوانين الخاصة بالصحافة على النقابة والمجلس الأعلى للصحافة قبل إجازته، وهذا التفسير أخذت به الحكومة وتجاهلت أصحاب الشأن، وقد يفهم من صياغة المادتين الدستورية والقانونية، أن الحكومة غير ملزمة برأى النقابة والمجلس الأعلى للصحافة، نعم النص ألزم ان تستمع إلى رأيهما، لكنه لم يلزم المشرع بأن ينفذ ملاحظاتهما. التفسير الآخر والأقرب لنص المادة ولثقافة الفترة وثوريتها، هو مشاركة ممثلى اللجنة والمجلس الأعلى للصحافة فى إعداد المواد وصياغتها بشكل مفصل وليس بأخذ رأيهم فى مشروع القانون بشكل إجمالي، وحتى لو كانت الفقرة حمالة للتفاسير، وأن من وضعوها قصدوا بهذه الصياغة أن يجعلوا الحكومة تتحكم فى كل شىء، فهذا التفسير لن نأخذ به، وجماعة الصحفيين لن تعمل بأى قانون تعده الأجهزة الأمنية ورجالها، فقد قمنا بثورة لكى نتحرر من قيود النظام السابق، ولكى نضع قوانيننا التى تتوافق والقوانين فى البلدان المتقدمة، أما أن تأتوا بلجنة لكى تعيدنا إلى عصر مبارك وعصر الأجهزة الأمنية، وتحكم وديكتاتورية الفرد، فهذا ما نرفضه ولن نقبله. لذا أخاطب المهندس محلب أن يعيد النظر فى لجنة صندوق مبارك الأسود، وأن يتم دعمها بشخصيات من خارج الصندوق المباركى الأمني، وان يكون على رأس اللجنة ممثلو نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة، وهما الجهتان الوحيدتان اللتان تمثلان الصحفيين المصريين، قد نختلف معهما فى الرأى وفى الاتجاه، لكنهما فى النهاية الجهتان اللتان تمثلان الصحفيين. كما أخاطب جموع الصحفيين أن نصطف جميعا ونستعد لمعركة قد تفرضها علينا الحكومة وأجهزتها الأمنية خلال الفترة القادمة، فلن نتنازل أبدا بعد ثورتين عن حرية التعبير، ولن نسمح مرة أخرى للأجهزة الأمنية أن تضع لنا قوانيننا.