«السادات» أشعل حريقاً فى الشرق الأوسط لاسترداد سيناء خسرنا حرب يونية 1967 لأن قواتنا لم تكن تعرف هل هى هجومية أم دفاعية «الشاذلى» وزع منشوراً بمهام الجنود والضباط قبل حرب أكتوبر.. وترك سير المعارك للقادة إذا كانت إسرائيل فتحت ثغرة فى الحرب فإن قواتنا فتحت 50 ثغرة قوات الصاعقة قامت ببطولات خارقة لوقف تقدم «شارون» غرب القناة قادة الفرق «حافظ» و«أبوسعدة» و«غالى» عبروا القناة فى قوارب «يضم القاموس العسكرى كلمات عسكرية شهيرة مثل الهجوم والدفاع والتقدم والانسحاب والكر والفر، ولكن قواتنا المسلحة فى 6 أكتوبر 1973 أسقطت كلمات الانسحاب والفر من القاموس العسكرى، حتى وإن كان ذلك ليس فى صالح الموقف، فقد كانوا ضباطاً وجنوداً يحاربون فى سبيل الله، وأصبحوا أكثر حرصاً على الموت فوهبت لهم الحياة مكللة بالنصر»، هكذا استهل اللواء محمد مختار قنديل، مسئول عبور القوات فى حرب أكتوبر، حواره ل«الوفد»، وأكد أن حرب أكتوبر استردت للقوات المسلحة هيبتها وعزتها وكرامتها بعد هزيمة لم تكن مسئولة عنها، وبدأ الهجوم المصرى كاسحاً غامراً وشاملاً من البحر والجو والبر وعلى طول خط المواجهة، مقتحماً النقاط الإسرائيلية الحصينة التى كانت تحتاج إلى تدفق نيران مدفعية ودبابات فرقة كاملة ولمدة أسابيع حتى يتم تدميرها، مضيفاً أن الغرور الإسرائيلى ساعد القوات المصرية على تحقيق المفاجأة، كما سهلت خطة الخداع والتمويه الكثير من الأمور بعد أن اعتقد الإسرائيليون أن المصريين أصبحوا جثة هامدة، ولن يفكروا فى الحرب إلا بعد 50 عاماً. بعد مرور 41 عاماً على انتصار أكتوبر، كيف تنظر إلى هذا النصر الآن؟ - حرب أكتوبر هى انتصار نفخر به على إسرائيل لأنها حرب مجيدة ردت للجيش المصرى كرامته وعزته وهيبته التى اغتصبت منه، رغماً عنه فى يونية 67 بنكسة أو هزيمة لم يكن مسئولاً عنها، وأعادت لنا قيمتنا واحترامنا وثأرت حرب أكتوبر لشهداء 67 لأنهم اعتقدوا أننا أصبحنا جثة هامدة لا نستطيع محاربتهم، ولهذا كان الهدف فى أكتوبر هو هزيمة العدو فى إرادته وفى ميدان القتال وتدميره، ثم تحرير الأرض وكان ما يسعدنى طوال فترة العمليات ليس كم شبراً حررنا من الأرض، وإنما كم إسرائيلياً قتلنا، وكم دبابة دمرنا، وكم كأساً من الذل والمهانة شربها كل إسرائيلى فى كل يوم من أيام الحرب، وكم من قصص المرارة ذاقوا وهم يشاهدون أسراهم بين أيدينا وقتلاهم تحت أقدامنا. كيف اشترك سلاح المهندسين فى خطة الخداع؟ - كتيبة الكبارى كانت تتكون من (300) سيارة والفاصل بين السيارة والأخرى 50 متراً، إذن الكتيبة الواحدة تشكل طابوراً بطول 15 كم، وقبل فترة طويلة من حرب أكتوبر كانت هذه الطوابير تذهب ليلاً إلى الجبهة، ولا يراها العدو ثم تعود نهاراً حتى يرى هذه الطوابير عائدة، ويعتقد أننا لن نحارب، وهذه كانت جزءاً من خطة الخداع التى نفذها المهندسون العسكريون ضمن خطة الخداع الاستراتيجى للدولة، بالإضافة إلى إقامة ستائر بالخيش والأتربة على الضفة الغربية للقناة حتى لا يرى اليهود تحركاتنا. ولكنهم كانوا يزيدون من ارتفاع الساتر الترابى حتى يكشفوا الضفة الغربية؟ - نعم ونحن رفعنا ارتفاعات المصاطب لدينا لدرجة أن «موشى دايان» قال: المصريون يهوون بناء الأهرامات، وهذه المصاطب كانت للدبابات وقواعد صواريخ الدفاع الجوى. تجهيزات هندسية الإسرائيليون كانوا يقيمون فى حصون خط بارليف فكيف كانت معيشة الجنود المصريين على الضفة الغربية؟ - بعد يونية 1967 بدأنا نجهز تجهيزات هندسية قوية جداً غرب القناة، وجميع الجنود والضباط كانوا فى خنادق قوية تحت الأرض أما المدفعية والدبابات، وقواعد الصواريخ والطائرات فقد أصبحت محمية داخل الدشم وممرات الانطلاق، وتم تجهيز مسرح العمليات داخل الجبهة بتجهيزات هندسية ودفاع حصين. وكيف تم بناء حائط الصواريخ خلال قذف الطائرات المستمر؟ - المهندسون العسكريون بالتعاون مع الشركات المدنية وعلى رأسها شركة «المقاولون العرب» كانوا يبنون القواعد ليل نهار، والعدو كان يقذفها ليل نهار أيضاً، ولكن بحمد الله تم بناء حائط الصواريخ والانتهاء منه بعدما اختلطت دماء المدنيين بدماء العسكريين فى موقع واحد. ولماذا لم يكن يوجد دشم للطائرات وحصون للقوات فى 1967؟ - السبب لم يكن عسكرياً بل كان سبباً سياسياً لأن «عبدالناصر» كان يعتمد على شعبيته فى الداخل وزعامته للأمة العربية، ويعتمد على صديق عمره «عبدالحكيم عامر»، نائب القائد الأعلى والقائد العام للقوات المسلحة، ولم يكن يتخيل «ناصر» أن إسرائيل ستقوم بعدوان علينا فى يونية 1967، والاتحاد السوفيتى طمأنه فى هذا، ثم اتخذ «عبدالناصر» قراره بإغلاق خليج العقبة وهذا قرار حرب لأنه يخنق إسرائيل، وبالطبع لم نكن مستعدين للدخول فى حرب، واللواء كأفراد ولم يكن يطبق خطة عسكرية لأن كتائبه كانت موزعة على أماكن مختلفة، والإدارة لم تكن جيدة لأنها وزعت القوات فى عمليات عاجلة متفرقة وطبيعة اللواء وحدة تقاتل كوحدة مجمعة وليست كتائب منفصلة. مظاهرة عسكرية كيف اختلف سلاح المهندسين فى يونية 67 عنه فى أكتوبر 1973؟ - سلاح المهندسين وجميع أفرع القوات المسلحة كانوا مدربين جيداً ولكن أسيىء استخدامهم، مثلاً اللواء الرابع من اللواءات العريقة وكان تدريبه جيداً جداً، وكنت أعمل به وجاء من اليمن وتدرب ورفعت كفاءته، ولكنهم أرسلوه إلى سيناء ككتائب متفرقة، وليس كوحدة واحدة فأصبحنا مثل الرجل الذى معه أموال ويبعثرها ويسيىء استخدامها نتيجة تسرع أو غباء، وقائد الجبهة الفريق أول عبدالمحسن مرتجى قال: لم أكن أعرف مهمتى الاستراتيجية هل هى هجومية أم دفاعية؟ لأن عبدالناصر قلبها مظاهرة عسكرية والنتيجة تلقينا الصفعة الرهيبة فى يونية. وماذا عن شكل النقطة الحصينة وتحصيناتها التى أقامها العدو؟ - النقطة القوية هى قلعة حصينة جداً مساحتها لا تقل عن فدان، ومكونة من ستة طوابق حصينة، بها فتحات للرماية والقتال، وتتحمل الحصار لأكثر من شهر ومحاطة بكل أنواع الألغام والأسلاك المستحيلة، وبها من وسائل الإعاشة كل ما يخطر على البال، وبنيت من الحجارة وقضبان سكة حديد الشط التى نزعوها شرق القناة، وتدميرها يحتاج إلى نيران مدفعية ودبابات فرقة كاملة وأن يستمر القصف خلال أيام أو أسابيع أو تحتاج إلى قنبلة ذرية تكتيكية، ولو وضعنا الهدف من البداية تدمير هذه النقاط بأعمال القتال لتوقفنا كثيراً عند الشاطئ الشرقى للقناة، وهو ما كان يستحيل بكل ما يدور من رغبة فى هزيمة العدو وتحرير سيناء. ولماذا تم تدمير هذه الحصون بعد الاستيلاء عليها وما هى أشهر هذه الحصون؟ - كان الفرع الهندسى ينفذ تعليمات القيادة العامة بنسف الحصون العامة المعادية التى سقطت فى نطاق الجيش على أن يتم النسف يومياً اعتباراً من الساعة الخامسة، وتم إبلاغ هذه التعليمات أيضاً إلى الوحدات المقاتلة حتى لا يُساء فهم عمل الوحدات الهندسية التى ستنفذ عمليات التدمير واعتبارها وحدات معادية، وكانت الحصون والقلاع المدمرة جنوب بورسعيد، وحصن الفردان الأول والثانى، وحصن القنطرة الثانى والثالث ثم حصن القنطرة الأول والرابع ثم قلعة فى الكيلو 51 للقناة وقلعة نمرة 6 بالإسماعيلية الأول والثانى ثم قلعة فى الكيلو 19 ترقيم القناة فى نطاق الفرقة 18 ثم قلعة فى الدفرسوار أقصى جنوب البحيرات ثم قلعة تل سلام جنوب الدفرسوار، وتم تشكيل لجنة جرد من الجيش لمعاينة الحصون قبل نسفها وحصر ما فيها من وثائق ومتروكات كثيرة كان منها ثلاجات وتليفزيونات ومولدات وطعام ومشروبات وأثاثات وأدوات رياضية.. إلخ. ماذا عن دوركم خلال حرب الاستنزاف والاستعداد لمعركة التحرير؟ - كان التجهيز المستمر بزيادة الدفاعات الهندسية من الملاجئ والخنادق والتحصينات وزرع الألغام على القناة، وعندما جاء وقت العبور أزلناها ثم بدأ تدريب الدبابات على ركوب المعديات والعبور إلى الشاطئ الآخر، وأثناء هذا التدريب وقعت بعض الدبابات فى قاع الرياح، إما لخوف سائق الدبابة أو بسبب ميل المعدية للداخل عندما تعبر الدبابة خط المنتصف، ويمكن القول إن وقوع بعض الدبابات فى الرياحات أو النيل قد منع وقوعها فى قناة السويس فيما بعد، وكان تحميل دبابة على معدية ونزولها على الشاطئ البعيد ثم عودتها إلى الشاطئ القريب حدثاً مهماً استدعى حضور وزير الحربية الفريق محمد فوزى وكبار القادة لمشاهدته ومكافأة القائمين به وكان ذلك فى منطقة الخطاطبة عام 1968. أساليب شيطانية ماذا تركت هزيمة يونية 1967 من آثارها عليكم؟ - كنا نشعر أن القوات المسلحة ظلمت، ولم تحصل على فرصتها فى القتال، ولهذا لم تقم بواجبها مع أن هذا كان نتيجة أسباب سياسية أكثر منها عسكرية، وكنت أستمع إلى إذاعة إسرائيل وقال المذيع: إذا فكر «السادات» فى محاربة إسرائيل فكأنه يلقى بشعبه من الدور العشرين فحزنت وقلت فى نفسى إن أى رئيس لن يلقى بشعبه إلى التهلكة وإنما قد يضحى لضمان وجود عزيز وكريم لهذا الشعب، ومازلت أذكر زملائى الذين فقدوا أو استشهدوا، أو عادوا مشياً أو بالبحر متنكرين فى زى الصيادين والبدو خلال هذه الكارثة، والمفقودون وصف مهذب للأسرى الذين قتلهم العدو ولم يسجلهم كأسرى حرب، لقد تفنن العدو فى قتل رجالنا بكل سلاح ممكن حتى لا يتحمل مشقة أسرهم، وإذا أسرهم تفنن فى أساليب شيطانية لتعذيبهم ثم قتلهم. وما هو المنشور (41) العسكرى؟ - القوات المسلحة وضعت عهداً أو ميثاقاً لحفظه وتنفيذه بكل دقة وصرامة لبدء حرب التحرير، وهو توجيه رئيس الأركان الفريق سعد الشاذلى الشهير بمنشور (41) وبه كان كل ضابط وجندى يعرف أين وماذا سيعمل على مسرح العمليات خاصة فى بداية المعركة، أما باقى سير المعركة فقد كان يتوقف على قرارات القادة أثناء المعركة. ما القنابل المعادية للطائرات أو القنابل المغناطيسية؟ - من أفضل عناصر المهندسين عناصر إزالة القنابل المعادية للطائرات، لأن القنبلة المغناطيسية الإسرائيلية كانت تنفجر عند اقتراب أى معدن منها، ولكنها أصبحت لعبة للجندى المصرى الذى كان يصل إليها وهو يرتدى السروال فقط خالعاً كل شىء الساعات والخواتم والأسنان المعدنية من الفم حتى لا تنفجر القنبلة عند إبطالها. هل كانت هناك شواهد على اقتراب موعد الحرب؟ - من الشواهد المهمة على اقتراب الهجوم والتى كنا نراها ولا يراها العدو تراكم وصول وحدات الكبارى واستمرار عمليات إزالة الألغام على ساحات العبور، ثم قابلت زميلى الرائد أحمد تحسين من الضباط المهندسين بالجيش الثالث فى آخر إجازة ميدانية لى قبل انتقالى إلى الجيش الثانى، وأخبرنى بأنه عبر القناة سباحة ليلاً هو وجندى من رجاله وقاما بقطع خرطوم يصل بين خزان النابالم والماسورة التى ستصب فى القناة وبعد أن نفذ المهمة أصبحت مشكلته أن الخنجر الذى استعمله فى العملية ضاع منه أو ربما سقط فى القناة وهو يعود سباحة إلى غرب القناة، وفى يوم 30 سبتمبر 1973 وصلت إلى قيادة اللواء (122) كبارى كانت ستدير معابر الفرقة (2) والفرقة (18) شمال الإسماعيلية كما وصلت مجموعة عمليات من اللواء (44) لتدير معابر الفرقة (16) جنوبالإسماعيلية، ثم أخطرتنا قيادة الجيش يوم 3 أكتوبر بإعداد مهمات الوقاية الكيماوية لجميع الأفراد، ما قد يعنى احتمال أن يقوم العدو بعمل مفاجئ لإفساد ما قد يكون رآه أو فهمه. مجلس الأمن صف لنا الساعات التى عشتها قبل العبور؟ - كنا جميعاً فى حالة من الفرح والخوف والترقب والحذر، وكنت مثل الطالب الذى سيدخل الامتحان وهو يعتقد أنه نسى كل ما ذاكره أو أن الامتحان سوف يحمل مفاجآت وألغازاً، لا يستطيع حلها، أو أن الوقت سينتهى قبل استكمال الإجابة أو أن مجلس الأمن الدولى سيسحب أوراق الإجابة منا قبل أن نستكمل تحرير سيناء بقراراته الشهيرة بوقف إطلاق النار، وأعطينا تعليمات بضبط الساعات على دقات إذاعة البرنامج العام فى نشراتها الإخبارية الرئيسية طوال اليوم، المهم فتحنا مراكز القيادة فى الجيش على أساس أننا سنقوم بمشروع تدريبى ولم يقل لنا أحد من قاداتنا إنها الحرب ثم بدأت الحرب فعلياً بانقلاب المشروع التدريبى إلى حرب لتحرير الأرض. كيف تم إغلاق مدخلى ترعتى السويس وبورسعيد؟ - تم هذا بناء على أوامر قائد الجيش، فقام اثنان من الضباط المهندسين ومجموعة من الأفراد ومهندسو الرى بإغلاق مدخلى ترعة السويس وترعة بورسعيد فجر يوم 6 أكتوبر، خوفاً من ضرب العدو لهما لأن قطع جسور ترعة السويس سيغرق مدقات التحرك للقناة وهى أماكن قوات الفرقة 16، أما قطع ترعة بورسعيد فكان سيغرق القوات المتواجدة فى القنطرة وإعاقتها أيضاً عن العبور، ثم تم فتحهما بعد ذلك بعد أن تأكدنا من عدم قدرة العدو على التفكير فى ضربهما. ماذا عن عنصر المفاجأة فى العبور على القوات الإسرائيلية؟ - الحقيقة، إن الغرور الإسرائيلى ساعدنا كثيراً على استخدام عنصر المفاجأة لأنهم اعتقدوا أن المصريين لن يهجموا عليهم لتحرير أرضهم وليست فى استطاعتهم محاربة إسرائيل، بالإضافة إلى أن خطة الخداع والتمويه سهلت المفاجأة بالإعلان عن تسريح دفعات الرديف وفتح السفر لأداء العمرة ويوم 6 أكتوبر كان يوجد جنود تسبح فى القناة، ثم الأهم هو اختيار يوم الهجوم وساعة العبور بقيام الضربة الجوية الأولى وإمكانية تكرارها لو لم تحقق أهدافها وكان يوم عيد الغفران اليهودى ويوم 10 رمضان حتى يكون ضوء القمر كافياً لجنودنا ولهذا أقول الحرب بدأت بعيد الغفران وانتهت بعيد الفطر المبارك، ونكدنا عليهم واحتفلنا بعيدنا مع يوم وقف إطلاق النار. وكيف كان شكل الهجوم؟ - كان الهجوم كاسحاً وغامراً وشاملاً وعلى طول خط المواجهة، وكان كالسيل الذى لا يوقفه شىء، وكانت النقاط الحصينة على الساتر الترابى تباباً أو تلالاً يحاصرها المقاتلون ويكتمونها ولكن إلى حين.. وقاتل العدو وقاوم فى بعض النقاط وفر من البعض الآخر، ولكن ظلت منشآت هذه النقاط كما هى تتحدى كل هجوم ويمكن إصلاحها بسرعة وإعادة استخدامها. وحدات الكبارى وكيف كانت مهمتك؟ - كنت مسئولاً عن قطاع العبور وقبل العبور طلبونى وقالوا الرائد «مختار» ينقل من الإسماعيلية إلى منطقة الدفرسوار التى تتبع قطاع الفرقة 16 وتمر منه وبعدها الفرقة 21 وكنا نختار الساحات التى ستدخل منها السيارات لتلقى وحدات الكبارى على المياه لأنها تحتاج إلى أراض ممهدة ومهدناها أمام اليهود، ولكنهم لم يتصوروا أننا سنعبر وجهزنا ساحات إسقاط للجيش الثانى، وكان يتم اختيار الساحات أمام طريق الأسفلت خلف الساتر الترابى، داخل سيناء وبالفعل فتحنا 16 ساحة وكل فرقة كان لها كوبريان، ولكن الفرقة 18 عبرت من خلال المعديات وقوات المشاة عبرت فى القوارب قبل المغرب، وقادة الفرق مثل العميد عبدرب النبى حافظ والعميد حسن أبوسعدة واللواء فؤاد عزيز غالى والعقيد شفيق مترى سيدراك عبروا فى قوارب وفى المساء تم الانتهاء من الكبارى وبدأ عبور الدبابات والمدفعية والعربات المدرعة فوق الكبارى. ومتى تم الانتهاء من تركيب أول كوبرى يصل بالقوات إلى الضفة الشرقية؟ - الفرقة الثانية انتهت من تركيب أول كوبرى للعبور بعد 4 ساعات والفرقة 16 أيضاً أنهت أول كوبرى لديها فى الزمن نفسه تقريباً. كم ثغرة تم فتحها فى الساتر الترابى؟ - أفراد سلاح المهندسين فتحوا 50 ثغرة فى الساتر الترابى الذى قالت عنه أكبر قوات العالم شرقاً وغرباً إنه يحتاج إلى قنبلة ذرية لاقتحامه، وبدأ التوسيع فى ثغرات الساتر الرئيسية واستمرت العملية بنجاح. وكيف تمت مراحل العبور؟ - مراحل العبور تمت منذ اليوم الأول وحتى يوم 16 أكتوبر عندما حدثت «الثغرة» وحينها طالب الفريق سعد الشاذلى بسحب 4 لواءات من الشرق إلى الغرب لمقابلة العدو فى الغرب والإجهاز عليه، لكن الرئيس السادات رفض هذا الاقتراح وكان له وجهة نظر جيدة ورؤية ثاقبة لأن الجنود لم تكن تعرف لماذا تم سحب 4 ألوية وسيعتقدون أن الجيش المصرى انسحب مرة أخرى إلى غرب القناة، كما حدث فى يونية 67، وستقع البلبلة وتشيع الفوضى وسط الجنود، وربما يتسلل اليأس والإحباط إليهم، ولن يصدقوا أنه انسحاب تكتيكى للمعركة وقد ينسحب باقى الجنود من تلقاء أنفسهم معتقدين صدور أمر جماعى للانسحاب، ومع هذا أمر السادات بتشكيل قوات حاصرت القوات الإسرائيلية فى الثغرة لتدميرها بقيادة الفريق سعد مأمون بعد شفائه من الأزمة الصحية، وكانت قوات الصاعقة المصرية قامت ببطولات خارقة لوقف تقدم القوات الإسرائيلية فى الثغرة قبل قبول وقف إطلاق النار فى 22 أكتوبر 1973. وكيف ترى آثار الثغرة على سير المعركة؟ - إسرائيل لا تعتمد على نفسها بل على دعم أمريكا التى أغدقت عليها السلاح والمتطوعين وعبأت نفسها لمساعدة إسرائيل التى عبرت لغرب القناة لا لتهزم قواتنا أو تحتل أرضنا بل لتخفيف الضغط على قواتها فى الشرق ولتشتت جهود قياداتنا ولتقلل من قيمة النصر، الذى حصلنا عليه، ولتساوم عند أى مفاوضات بعد الحرب، وتم تنفيذ الثغرة طبقاً لنظرية القائد الأمريكى «تيلور» الذى حارب فى فيتنام، ومنطقة الثغرة كانت خالية وعبارة عن مدن متباعدة والأرض فيها مفتوحة ومنبسطة، وقد اتبع العدو أسلوب حرب العصابات بدباباته مستغلاً منطقة الزراعات والحدائق بالمنطقة. كيف عبر شارون بقواته؟ - بعد الحرب قابلت ضابطاً إسرائيلياً برتبة رائد فى أمريكا أثناء حصولى على فرقة عام 1979 وسألته كيف عبروا ولم يكن لديهم كبارى أو سيارات تحمل الكبارى فقال: إنهم صنعوا وحدات عبور بسرعة وربطوها على بعضها وجروها على الأرض مثل الدودة، وفى البداية عبر «شارون» بدبابات برمائية ثم أقام رأس جسر وضرب كل شىء أمامه سواء مدنيين أو مبانى ووسع مكانه غرب القناة وأمن لنفسه رأس كوبرى ونصب عليه الكوبرى، ولكن القوات المصرية دمرته بصواريخ من طائرات ال«تى يو» من التل الكبير وضربت عليه مدفعية يوسف عفيفى ومدفعية أبوغزالة فدمرته تماماً وأصبح شارون محاصراً غرب القناة فألقى بإحدى المصاطب التابعة لنا فى القناة وكانت تحوى 180 ألف متر من الرمال والحجارة والتراب، وأقام فوقها طريقاً للعبور، وخلال مفاوضات الكيلو 101 قال الفريق الجمسى ل«شارون» إن مصر ستفتح القناة وستزيل الممر الذى عمله فوقها، ووافق شارون ولكن بعد انسحاب كل قواته، وقال: حتى لا تحاصرونى مرة أخرى. ولماذا لم يفكر المهندسون المصريون فى إلغاء إحدى المصاطب فى القناة للعبور عليها كما فعل شارون أفضل من الكبارى التى كان يتم تدميرها؟ - فكرنا فى هذا ولكننا لم ننفذ لأن القناة ملكنا وتخصنا والآلاف من أجدادنا استشهدوا فى حفرها ولهذا استحرمنا ردم جزء منها لتعبر عليه قواتنا، وبعد نصر أكتوبر أقامت هيئة قناة السويس وصلة ثانية للقناة فى منطقة الدفرسوار خلال السبعينيات حتى تعوق الإسرائيليين لو عادوا، وهذه الوصلة هى التى أمر الرئيس «السيسى» بمدها فى الضفة الشرقية. وماذا عن منظومة التعاون بين المهندسين العسكريين وباقى أفرع القوات المسلحة؟ - المهندسون تعاونوا بالكامل مع جميع أفرع القوات المسلحة وكانت لهم قوات من جميع الأسلحة مثل القوات الجوية، والدفاع الجوى والقوات البحرية والقوات البرية، كل لواء به سرية مهندسين، وكل فرقة بها كتيبة مهندسين والجيش الثانى كان به لواء مهندسين وأيضاً الجيش الثالث به لواء مهندسين، كما كانت لواءات مهندسين فى القيادة العامة.. إلخ. تأخر العطل كيف استشهد العميد مهندس أحمد حمدى؟ - العميد أحمد حمدى كان قائداً ممتازاً يشعر بالمسئولية تجاه وطنه لدرجة أته كان يعمل بيديه وهو قائد لواء ومسئول المهندسين فى الجيش الثالث، وعندما تعطل الكوبرى والدبابات معطلة عن العبور والقوات فى سيناء وفى احتياج لعبور الدبابات وتأخر العطل نزل بنفسه ليصلح هذا العطل حتى لا يتأخر العبور، وتحدث خسائر فى القوات التى عبرت بدون دبابات أو مدافع، فأصابته شظية كانت سبباً فى استشهاده. ماذا عن الدور الأمريكى فى حرب أكتوبر؟ - أمريكا كانت حزينة وأصابتها صدمة كبرى لما حدث لسلاحها من هزيمة والدبابات الإسرائيلية كانت بها خسائر كبيرة جداً فأرسلوا إليهم دبابات بالطائرة (سى 140) كانت تحمل دبابتين وتهبط بهما فى مطار العريش وتتجهان إلى الجبهة على الفور، هذا بخلاف الطائرات والصواريخ وجميع الأسلحة التى كانت تحتاجها إسرائيل، كما قامت القوات الأمريكية فى الثغرة بتصوير مواقع القوات المصرية شرق وغرب القناة، والفواصل بين الجيشين الثانى والثالث. ما المشهد الذى مازال عالقاً فى مخيلتك؟ - أثناء العبور كان يوجد جدول زمنى لعبور القوات بترتيب محدد ولكن بعد اكتمال الكوبرى وجدنا صفوف القوات المصرية ولم نجد طابوراً والكل يريد أن يعبر ونطالبهم بالانتظام والالتزام بالدور لكونهم كانوا يتحججون بكل الطرق والحجج حتى يعبروا إلى الجبهة بحماس كبير جداً، وفى هذه الحرب لم أشاهد جندياً يهرب أو يتقهقر للخلف أو يدعى المرض أو الإصابة وفى الحروب لا يوجد أسوار أو بوابات. كيف ترى صاحب قرار العبور؟ - الرئيس «السادات» جاء قبل الحرب بشهرين إلى قيادة الجيش الثانى وتقابل مع القادة والجنود وقال: يا ولاد أنا سأولع لهم حريقة فى الشرق الأوسط لكى أحرر سيناء والأرض المحتلة وسأحارب بما فى أيدينا ولن أنتظر الدعم الروسى، وقرار السادات صعب ولكنه رجل وطنى وذكى وقد فكر فى كل الاحتمالات والسيناريوهات، وهذه هى طباع رؤساء مصر غالباً يكونون أقوياء أذكياء، وهنا أستثنى «مرسى» ولا أضعه فى هذه المنظومة لأن المصريين لا يحسبونه ضمن الرؤساء الذين حكموا مصر. بطاقة شخصية هندسة عين شمس 1964 التحق بالقوات المسلحة 1964 عمل ضابطاً فى اللواء الرابع مهندسين عمل فى شرم الشيخ فى 1967 تدريب القوات على العبور بالمعدات التحق باللواء الثالث مشاة مسئول المعابر فى قيادة الجيش الثانى دورة كلية أركان حرب بامتياز بعثة عسكرية إلى أمريكا رئيس مهندسى الفرقة 16 المسئولة عن خط الدفاع (أ) فى وسط سيناء حسب معاهدة السلام ملحق عسكرى مقيم فى براغ ملحق عسكرى غير مقيم فى فيينا، وارسر، برلين مساعد مدير أكاديمية ناصر العسكرية للدراسات العليا أشرف على بعض رسائل الدكتوراه رئيس جهاز تعمير الساحل الشمالى الغربى (5) سنوات رئيس جهاز تعمير البحر الأحمر رئيس جهاز تعمير الصعيد رئيس جهاز تعمير سيناء