مرور 41 عاما على انتصار اكتوبر جعلني أتساءل كم من شبابنا يعرف عن اكتوبر ما عرفناه عنه؟ لأنني أرى أنه من الضروري أن يتعرف شباب مصر على روح اكتوبر التي أدت الى تحقيق النصر حتى يشعروا بالفخر (إنهم مصريون) ويستشعرون الموقف الذي عشناه عندما تجاوزنا مرارة النكسة وعبرنا الهزيمة ولن يحدث هذا إلا اذا قرأوا بعناية هذه الفترة من تاريخ مصر وهنا لابد أن أشير إلى أن كتابة التاريخ تعتبر من أخطر المهام لأنها تشكل وجدان الأمة والخطورة تكمن في أن أي تزييف أو تسطيح أو تشويه للأحداث سيؤثر على الصورة الذهنية المتكونة في عقول الأجيال الجديدة التي لم تعاصر تلك الاحداث ولهذا تعد كتب التاريخ مدخلا لتعريف الشباب بهوية الوطن ودعونا نتحدث بصراحة حيث من الملاحظ ان الغالبية العظمى من أولادنا وبناتنا يفتقدون فكرة الانتماء لأنهم تربوا في ظل أجواء أو عصر ضعفت فيه محددات الهوية القومية بينما زاد الاهتمام بمكونات فكرة العولمة وساعد على ذلك نشوء ما يمكن تسميته العوالم الافتراضية التي جاءت مؤخرا مع أشكال الإعلام الجديد المرتبط بشبكة المعلومات الدولية او الشبكة العنكبوتية (الانترنت) ولهذا عندما نؤرخ يجب أن يقوم بهذه المهمة المتخصصون خاصة أنه لا مجاملة في سرد الأحداث التاريخية بل يجب ان يعطى كل ذي حق حقه بشكل مجرد ومحايد، وأعتقد أن هذه صفات أساسية لمن يتصدى لمهمة التأريخ وفي تصوري ان حرب اكتوبر كحدث تاريخي لم تكتب تاريخيا حتى الآن كما ينبغي وإلا لماذا الكثيرون من شباب الأمة لايعون أبعاد هذا الحدث الضخم وأتفق مع الرأي القائل إن الأحداث السلبية التي شهدتها المنطقة ومصر على وجه الخصوص هي محاولة لطمس معالم الانتصار في اكتوبر رغم مرور كل هذه السنين، على أي حال اذا كنا انتقلنا الى مرحلة جديدة بعد ثورة 30 يونية التي استردت ثورة يناير المختطفة فإنها خطوة ايضا على طريق استراد من نوع آخر للهوية وأرجو ان تكون القيادة الرشيدة لمصر الآن تدرك أهمية ذلك حتى تستعيد الشخصية المصرية ما افتقدته من معالم خلال الحقبة الأخيرة سواء في فترة حكم نظام مبارك أو في الفترة التي اختطفت فيها ثورة 25 يناير ونوضح ذلك بانه في عهد مبارك ضاع من مصر زمام المبادرة كلاعب إقليمي اساسي في المنطقة خاصة في السنوات الاخيرة من حكمه وان حافظت مصر على أمر واحد فقط انها الشقيقة الكبرى في العالم العربي لكن فقدت في الوقت نفسه دورها الريادي في قارة أفريقيا بشكل سمح للآخرين وفي مقدمتها اسرائيل ان تحتل مكانة مصر الافريقية وهو ما ندفع ثمنه اليوم ونحاول أن نستعيد دورنا في القارة السوداء وبشكل عام تخلي مصر عن دورها الاقليمي أعطى لدول مثل ايران وتركيا فرصة العمر لكي تحيي أوضاعاً لها كان قد عفى عليها الزمن وكذلك بعض الدول الأخرى المتقزمة تحاول أن تكبر على حساب مصر نقول هذا ما فعله نظام مبارك أما من اختطفوا ثورة يناير فقد ادخلوا مصر في نفق مظلم وأعادونا الى عصر الجاهلية الاولى وخلال عام واحد من حكم الاخوان تم القضاء على ما تبقى من هوية مصر القومية وزاد التباعد الداخلي بين فتن ومؤامرات وتنازلات للغير بشكل أثر في استقلال القرار الوطني نتيجة ارتباط الحكم بالتنظيم الدولي للإخوان.