هى بالفعل سيدة مصر وهو لقب تستحقه بجدارة فائقة ، إنها زينب الوكيل كما عنون الصديق الزميل مصطفى عبيد كتابه الذى صدر مؤخراً بعنوان «زينب الوكيل سيدة مصر - سيرة حياة حرم مصطفى النحاس باشا».. لقد غذى مصطفى عبيد المكتبة العربية بمؤلفه عن زينب الوكيل وهو يكاد الكتاب الوحيد عن هذه السيدة العظيمة زوجة عظيم وطني عرفته البلاد. الكتاب فيه جهد شاق وعمل مضنٍ، وأعتقد أن مصطفى عبيد عكف عليه كثيراً لسببين، الأول هو ندرة المادة التى تؤرخ لهذه السيدة الجليلة بالإضافة إلى عدم وجود دراسات تحدثت عنها. والسبب الثانى أن مصطفى عبيد بحث كثيراً عن أية معلومات عن هذه السيدة، وعلى حد علمى أنه توجه إلى عدة محافظات للبحث عن أحفاد وأقارب للسيدة زينب الوكيل حتى يحصل على معلومات.. وقد تعلمنا فى مناهج البحث العلمى كما درسناها بشأن العلوم النظرية أن البحث عن المعلومات أو المواد التى تتعلق بالدراسة المقترح تنفيذها تشمل الرحلات وجمع القصاصات وسماع الروايات ، وهذا ما قام به مصطفى عبيد لفترة طويلة حتى انتهى من هذا البحث الرائع عن السيدة زينب الوكيل. الحديث عن زينب الوكيل لا يمكن أن ينفصل بأى حال من الأحوال عن سيرة زعيم الأمة خالد الذكر مصطفى النحاس ، لكن براعة مصطفى عبيد فى مؤلفه كانت تتجاوز ذلك وتسلط الأضواء فقط على سيدة مصر. ويحكى مصطفى عبيد فى كتابه حكايات كثيرة نقلاً عن زينب الوكيل انفرد هو فقط بروايتها. خاصة فيما يتعلق بنسبها وأسرتها وأجدادها الذين قدموا إلى مصر من الجزيرة العربية خلال العهد العثمانى واستقروا بدلتا مصر وتولى أفرادها الإشراف على حج المصريين إلى الأراضى المقدسة ، لذا فقد أطلق على كبير العائلة لقب الوكيل . ويروى مصطفى عبيد عن نشأة زينب الوكيل ومكان ميلادها فى قرية «سمخراط» بمركز الرحمانية بمحافظة البحيرة ، أن نفس عام ميلادها سنة 1912 شهد ميلاد سيدات عظيمات كان لهن أثر كبير فى الأحداث السياسية فى العالم ، من بينهن مثلاً إيفا بروان عشيقة وزوجة هتلر، والسيدة وسيلة بورقيبة زوجة الرئيس التونسى الحبيب بورقيبة، وهو نفس العام أيضاً الذى ولدت فيه المطربة الشهيرة أسمهان. الدراسة عن زينب الوكيل تعد الوحيدة كما قلت التى تخصصت فى سيرة حياتها وتعد بحق الوحيدة التى تضمها المكتبة العربية حالياً. وهو كتاب يحتوى على صور وحكايات وأسرار تنشر لأول مرة. والمعروف أن السيدة زينب الوكيل ظلمت حية وميتة ولم تذكرها كتب التاريخ إلا متهمة ، ولا تعرفها الأجيال كما يقول مصطفى عبيد إلا مروراً كريماً لا يناسب دورها أو عطاءها . رحم الله سيدة مصر خالدة الذكر ورحم الله الزعيم خالد الذكر زوجها مصطفى النحاس... وتحية خالصة لصديقى وزميلى مصطفى عبيد الذى أخرج للمكتبة العربية كتاباً كانت تنتظره منذ سنوات.